الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ليلة الإسراء بمدّة عشر سنين وأكثر، وسبق أنّ أختها رقيّة رضي الله عنها من مهاجرة (الحبشة) ، فلعلّ زينب وأمّ كلثوم كذلك، أو منعهنّ الحياء من الخروج. والله أعلم.
[إسلام أبي ذرّ الغفاريّ رضي الله عنه وقومه]
وفي «الصّحيحين» أيضا، أنّ أبا ذرّ الغفاريّ رضي الله عنه، قال لأخيه أنيس: اركب إلى هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ، يأتيه الخبر من السّماء، واسمع من قوله، ثمّ ائتني، فانطلق الأخ حتّى قدم (مكّة) ، وسمع من قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ رجع، فقال لأبي ذرّ:
رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلاما ما هو بالشّعر، فقال:
ما شفيتني ممّا أردت، فتزوّد وحمل شنّة «1» له، فيها ماء حتّى قدم (مكّة) ، فأتى المسجد، فالتمس النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه، فلمّا أدركه اللّيل اضطجع في المسجد، فرآه عليّ فعرف أنّه غريب فأضافه، فتبعه ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتّى أصبح، ثمّ احتمل زاده وقربته إلى المسجد، وظلّ ذلك اليوم ولم يره النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى أمسى، فعاد إلى مضجعه، فمرّ عليه عليّ فقال: أما آن للرّجل أن يعرف منزله؟ فأقامه فذهب به معه، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتّى إذا كان يوم الثّالث [فعل] عليّ مثل ذلك، فأقامه عليّ معه، ثمّ قال له: ألا تحدّثني ما الّذي أقدمك؟ قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدنّني فعلت، ففعل، فأخبره. قال عليّ: فإنّه حقّ، وإنّه رسول الله، فإذا أصبحت فاتّبعني، فإنّي إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأنّي/ أريق الماء، وإن مضيت فاتّبعني حتّى تدخل مدخلي ففعل، فانطلق يقفوه حتّى دخل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدخل معه، وسمع من
(1) الشّنّة: قربة من جلد، يكون الماء فيها أبرد.
قوله، وأسلم مكانه، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«ارجع إلى قومك فأخبرهم حتّى يأتيك أمري» .
وفي رواية مسلم: فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّي قد وجّهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلّا يثرب» .
فقال: والّذي بعثك بالحقّ، لأصرخنّ بها بين أظهرهم، فخرج حتّى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله، فقام القوم فضربوه حتّى أضجعوه، فأتى العبّاس فأكبّ عليه، ثمّ قال: ويحكم: ألستم تعلمون أنّه من غفار، وأنّ طريق تجاركم عليهم، فأنقذه منهم، ثمّ عاد لمثلها من الغد، فبادروا إليه فضربوه، فأكبّ عليه العبّاس فأنقذه منهم. هذا لفظ البخاريّ «1» .
زاد مسلم في روايته عنه: قال: فأتيت أخي أنيسا فقال:
ما صنعت؟ قلت: إنّي قد أسلمت وصدّقت، فقال: ما بي رغبة عن دينك، فإنّي أيضا أسلمت وصدّقت. قال: فأتينا أمّنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإنّي قد أسلمت وصدّقت، فأتينا قومنا غفارا، فأسلم نصفهم، وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم (المدينة) قدمنا إليه فأسلمنا، فلمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم (المدينة) أسلم نصفهم الباقي، وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله، إنّا أسلمنا على ما أسلم عليه إخواننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله» «2» .
(1) أخرجه البخاريّ، برقم (3648) .
(2)
أخرجه مسلم، برقم (2473/ 132) .