الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتّى قدمت العير، بعد أن دعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم ربّه أن يحبسها له «1» .
وأمّا النّوع الثّاني: وهو نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
،
فالأحاديث فيه كثيرة.
ففي «الصّحيحين» ، عن أنس رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حانت صلاة العصر، فالتمس النّاس الوضوء «2» ، فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء- وفي رواية: بإناء لا يكاد يغمر أصابعه- فوضع [رسول الله صلى الله عليه وسلم] يده في ذلك الإناء، وأمر النّاس أن يتوضّؤوا منه.
قال: فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه، حتّى توضّؤوا عن آخرهم «3» .
وفي «الصّحيحين» أيضا، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا ماء، فقال [لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم] :«اطلبوا من معه فضل ماء» ، فأتي بقليل ماء فصبّه في إناء، ثمّ وضع كفّه فيه، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم «4» .
فائدة [: في طلبه صلى الله عليه وسلم فضل ماء]
قال العلماء: وإنّما طلب فضل الماء ليكون من باب تكثير القليل، لا من باب الإيجاد من العدم، لئلّا يتوهّم أحد أنّه الموجد للماء.
(1) ذكره الزبيدي في «الإتحاف» ، ج 7/ 192، وعزاه لابن بكير في «زيادة المغازي» ، عن ابن إسحاق.
(2)
الوضوء: (بفتح الواو) : الماء الّذي يتوضّأ به (أنصاريّ) .
(3)
أخرجه البخاريّ، برقم (3380) .
(4)
أخرجه البخاريّ، برقم (3386) .
وفي «الصّحيحين» أيضا، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: عطش النّاس يوم (الحديبية) ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة، فتوضّأ منها، وأقبل النّاس نحوه، فقالوا: ليس لنا ماء إلّا ما في ركوتك هذه، فوضع يده في الرّكوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، كأمثال العيون «1» .
وفي «الصّحيحين» عن البراء بن عازب، وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهما، أنّهم نزحوا بئر (الحديبية) فلم يتركوا فيها قطرة، وكانت قليلة الماء، لا تروي خمسين شاة، فنزح صلى الله عليه وسلم منها دلوا وبصق فيه، وأعاده إليها/، فجاشت بالماء الغزير، حتّى أروى الجيش أنفسهم وركابهم «2» .
وفي «الصّحيحين» عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: أصاب النّاس عطش شديد، وهم مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فوجّه رجلين من أصحابه، وهما: عمران بن حصين، وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأعلمهما أنّهما يجدان امرأة بمكان كذا، معها بعير عليه مزادتان، فوجداها، فأتيا بها إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، [فجعل في إناء من مزادتيها، وقال فيه ما شاء الله أن يقول، ثمّ أعاد الماء في المزادتين، ثمّ فتحت عزاليهما]«3» فأمر النّاس أن يستقوا من مزادتيها، فملؤوا أسقيتهم حتّى لم يدعوا سقاء إلّا ملؤوه، قال عمران بن حصين: ثمّ أوكيتهما] ، وتخيّل لي أنّهما لم يزدادا إلّا امتلاء، ثمّ أمر فجمع لها من الأزواد حتّى ملأ ثوبها،
(1) أخرجه البخاريّ برقم (3921) . ومسلم برقم (1856) . الرّكوة: إناء من جلد.
(2)
أخرجه البخاريّ برقم (3920) .
(3)
العزالى- مفردها عزلاء- وهي: مصب الماء من القربة ونحوها. [الأنصاري] .
وقال: «اذهبي فإنّا لم نأخذ من مائك شيئا- أي: لم ننقصه- ولكنّ الله سقانا» «1» .
وفي «الصّحيحين» ، عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة، فعطش النّاس عطشا شديدا، حتّى إنّ الرّجل منّا لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، فرغب أبو بكر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الدّعاء، فرفع يديه، فلم يرجعهما حتّى قالت السّماء، فانسكبت، فملؤوا ما معهم من الأسقية، ولم يجاوز المطر العسكر «2» .
وفي «صحيح مسلم» عن جابر رضي الله عنه، قال: كنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في غزوة، فقال:«يا جابر ناد الوضوء» ، فلم يجدوا ماء إلّا قطرة في فم مزادة، فقال:«ائتني بجفنة الرّاكب» ، فأتيته بها، فوضع النّبيّ صلى الله عليه وسلم كفّه فيها، وصبّ عليه ذلك الماء، فقال:
«باسم الله» ، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، حتّى امتلأت الجفنة، واستدارت، فأمر النّاس بالاستقاء منها، فاستقوا، وأسقوا ركابهم، فرفع يده من الجفنة، وإنّها لملأى «3» .
(1) أخرجه البخاريّ، برقم (337) و (3378) . ومسلم برقم (682/ 312) . المزادة: إناء من جلد كالرّاوية لها فم، تملأ ماء للشّرب، فالمزادة والرّاوية والقربة كلّها تصنع من الجلد، لكنّ بعضها أكبر من بعض، وأكبرها الرّاوية. العزلاء: مصبّ الماء من القربة ونحوها. أوكأ: ربط. أو شدّ بالوكاء، وهو ما يشدّ به رأس القربة ونحوها.
(2)
أخرجه البزّار في «المسند» ، ج 6/ 195. فرثه: ما في كرشه. قالت السّماء: غيّمت وظهر فيها سحاب. الأسقية: مفردها: سقاء؛ وعاء من جلد يكون للماء واللّبن.
(3)
أخرجه مسلم، برقم (3013) . الجفنة: الإناء للماء والطّعام.