الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى البخاريّ في «صحيحه» ، عن عمرو بن أميّة الضّمريّ أنّ عامر بن الطّفيل قال له: من هذا؟ - وأشار له إلى عامر بن فهيرة- فقال له عمرو: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته رفع بعد ما قتل إلى السّماء، حتّى إنّي أنظر إلى السّماء بينه وبين الأرض «1» .
[غزوة بني النّضير]
وفي هذه السّنة أو في الرّابعة «2» : كانت غزوة بني النّضير.
وسببها: ما رواه البخاريّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم يستعينهم في دية الرّجلين اللّذين قتلهما عمرو بن أميّة الضّمريّ خطأ «3» - فهي على الصّواب كما قال ابن إسحاق: بعد (أحد) وبعد (بئر معونة) - فاستند إلى جدار حصن لهم من حصونهم، فأمروا رجلا بطرح حجر على رأسه من الحصن، فأخبره جبريل عليه السلام بذلك، فقام موهما لهم وترك أصحابه ورجع إلى (المدينة) .
فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [سورة المائدة 5/ 11] وقيل: إنّها نزلت في قصّة غورث بن الحارث الّذي همّ بقتل النّبيّ صلى الله عليه وسلم «4» .
[حصار بني النّضير]
ثمّ أصبح غازيا عليهم، فحصرهم وقطع نخيلهم وحرّقها،
(1) أخرجه البخاريّ، برقم (3867) .
(2)
قلت: إنّما وقعت في السّنة الرّابعة في شهر ربيع الأوّل، على رأس سبعة وثلاثين للهجرة. والله أعلم. (انظر: ابن هشام، ج 3/ 192. والبخاريّ، ج 2/ 112. وابن سعد ج 2/ 57) .
(3)
قلت: حيث ذكر البخاريّ أنّها كانت على رأس ستّة أشهر من وقعة بدر قبل أحد، وهو من قول الزّهريّ.
(4)
أسباب النّزول، للواحدي، ص 162.
فدسّ إليهم المنافقون ما حكى الله عنهم من قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ/ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ الآيات [سورة الحشر 59/ 11] .
فلمّا اشتدّ الحصار على أعداء الله، وأيسوا من نصرة المنافقين، قذف الله في قلوبهم الرّعب، فطلبوا الصّلح، فصالحهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم على الجلاء- أي: الإخراج من أرض إلى أرض- وأنّ لهم ما أقلّت الإبل إلّا السّلاح، فجلوا إلى (الشّام) إلّا آل حييّ بن أخطب وآل أبي الحقيق، فإنّهم جلوا إلى (خيبر) .
وأنزل الله فيهم سورة الحشر، وكانت أموالهم ممّا أفاء الله على رسوله، خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها بين المهاجرين خاصّة لشدّة حاجتهم، ولم يعط الأنصار منها شيئا، إلّا لثلاثة نفر بهم حاجة «1» ، وطابت بذلك نفوس الأنصار، كما أثنى الله عليهم بقوله: وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [سورة الحشر 59/ 9] .
وفي «صحيح البخاريّ» ، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عبّاس رضي الله عنهما: سورة الحشر، قال: قل سورة النّضير «2» .
وفيه-[أي: صحيح البخاريّ]- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النّضير وقطّع، وهي البويرة،
(1) وهم: سهل بن حنيف، وأبو دجانة سماك بن خرشة، أعطاهم صلى الله عليه وسلم مالا، وأعطى سعد بن معاذ سيف ابن أبي الحقيق.
(2)
أخرجه البخاريّ، برقم (3805) .