الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا [سورة الإسراء 17/ 1] .
وقوله تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى. فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى. ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى [سورة النّجم 53/ 8- 11]، إلى قوله: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [سورة النّجم 53/ 17- 18] .
[حديث الإسراء والمعراج]
ولا خلاف بين أئمة المسلمين وعلماء الدّين في صحّة الإسراء به صلى الله عليه وسلم، إذ هو نصّ القرآن العظيم. ورواه جماعة من الصّحابة، كما أخرجه الحفّاظ في أصول الإسلام المشهورة، ولكنّ أكملها ترتيبا ووضعا ما رواه مسلم في «صحيحه» من حديث ثابت البناني.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(1) قلت: قال أبو شهبة- رحمه الله: عبّر عن اللّبن بالفطرة؛ لأنّه أوّل ما يدخل بطن المولود ويشقّ أمعاءه، وهو الغذاء الّذي لم يكن يصنعه غير الله، والغذاء الكامل المستوفي للعناصر الّتي يحتاج إليها الجسم في بنائه ونموه، مع كونه طيّبا سائغا للشّاربين. وقد تكرّر هذا العرض مرّتين، مرّة بعد الصّلاة في بيت المقدس- كما في صحيح مسلم- ومرّة في السّماء- كما في الحديث المتّفق عليه- (انظر السّيرة النّبويّة، ج 1/ 426) .
ثمّ عرج بي إلى السّماء، فاستفتح «1» جبريل، فقيل: من أنت؟، قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟، قال: محمّد، قيل: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا. فإذا أنا بادم- عليه السلام فرحّب بي ودعا لي بخير.
ثمّ عرج بنا إلى السّماء الثّانية، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محّمد، قيل:
وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا. فإذا أنا بابني الخالة «2» : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريّا- عليهما السلام فرحّبا بي ودعوا لي بخير.
ثمّ عرج بنا إلى السّماء الثّالثة- فذكر مثل الأوّل- ففتح لنا. فإذا أنا بيوسف- عليه السلام وإذا هو قد أعطي شطر الحسن- أي:
نصفه، ومن النّاس من يعطى عشره أو دونه أو فوقه، وفيه إشارة إلى أنّ منهم من أكمل له الحسن، ويتعيّن أنّه محمّد صلى الله عليه وسلم قال:
فرحّب بي ودعا لي بخير.
ثمّ عرج بنا إلى السّماء الرّابعة- وذكر مثله- فإذا أنا بإدريس- عليه السلام فرحّب بي ودعا لي بخير- قال الله تعالى:
وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [سورة مريم 19/ 57]-.
(1) استفتح: طلب فتح الباب. ولله ملائكة موكّلون بكلّ ما خلق، وله الحكمة البالغة.
(2)
قلت: قال أبو شهبة- رحمه الله: وهذا على أنّ مريم وإيشاع أم يحيى ابن زكريا أختان، وقيل: إنّ إيشاع خالة مريم، فيكون في العبارة تسامح. ولا يزال هذا الأمر عرفا في بعض البلاد العربيّة تعدّ خالة الأمّ خالة للابن. (انظر السّيرة النّبويّة، ج 1/ 424) .
ثمّ عرج بنا إلى السّماء الخامسة- فذكر مثله- فإذا أنا بهارون- عليه السلام فرحّب بي ودعا لي بخير.
ثمّ عرج بنا إلى السّماء السّادسة- فذكر مثله- فإذا أنا بموسى- عليه السلام فرحّب بي ودعا لي بخير.
ثمّ عرج بنا إلى السّماء السّابعة- فذكر مثله- فإذا أنا بإبراهيم- عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.
ثمّ ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها/ كاذان الفيلة «1» ، وإذا ثمرها كالقلال «2» .
فلمّا غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت- أي: تلوّنت بألوان مختلفة- فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها.
قال: فأوحى الله إليّ ما أوحى. ففرض عليّ خمسين صلاة في كلّ يوم وليلة، فنزلت إلى موسى- عليه السلام، فقال: ما فرض ربّك على أمّتك؟، قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربّك واسأله التّخفيف، فإنّ أمّتك لا يطيقون ذلك، فإنّي قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربّي، فقلت: يا ربّ، خفّف على أمّتي. فحطّ عنّي خمسا، فرجعت إلى موسى، فقلت: حطّ عنّي خمسا، فقال: إنّ أمّتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربّك فاسأله التّخفيف، قال: فلم أزل أرجع بين ربّي عز وجل وبين موسى، حتّى قال: يا محمّد، إنّهنّ خمس صلوات كلّ يوم
(1) يعني في الشّكل والكبر.
(2)
القلال: آنية من الفخّار يشرب منها. مفردها: قلّة.