الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في حسن عشرته صلى الله عليه وسلم
وأمّا حسن عشرته صلى الله عليه وسلم ووفور شفقته ورحمته: فقد قال الله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [سورة التّوبة 9/ 128] .
وفي «الصّحيحين» ، أنّه صلى الله عليه وسلم كان أوسع النّاس صدرا، وأكرمهم عشرة، وألينهم عريكة- أي: خبرة- «1»
قد وسع النّاس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحقّ سواء «2» .
يؤلّفهم ولا ينفّرهم، ويكرم كريم كلّ قوم ويولّيه عليهم، ويحذر النّاس، ويحترس منهم، من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره، ويتعهّد أصحابه، ويعطي كلّ جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أنّ أحدا أكرم عليه منه، ومن جالسه صابره حتّى ينصرف، ومن سأله حاجة لم يردّه إلّا بها، أو بميسور من القول «3» .
وما أخذ أحد بيده فأرسلها حتّى يرسلها الآخذ «4» .
(1) أخرجه التّرمذيّ، برقم (3718) . عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. والحديث ليس في الصحيحين.
(2)
الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 246.
(3)
الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 245- 246.
(4)
الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 248.
وكان يجيب من دعاه من حرّ أو عبد، أو غنيّ أو فقير، وما دعاه أحد إلّا قال:«لبّيك» «1» .
ويعود المرضى، ويقبل عذر المعتذر، ويقبل الهديّة ويكافئ عليها، ويمازح أصحابه. ولكن لا يقول إلّا حقّا، ويخالطهم ويحادثهم، ويضع أطفالهم في حجره/، ويداعب صبيانهم، ويدعوهم بأحبّ أسمائهم «2» .
ويبدأ من لقيه بالسّلام والمصافحة، ولا يقطع على أحد حديثه حتّى ينتهي «3» .
وكان مجلسه مجلس حلم وحياء، وصدق وأمانة، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطّير.
(1) الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 247- 248.
(2)
الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 248.
(3)
الشّفا، للقاضي عياض، ج 1/ 249.