الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحمد الله وسمّى وشرب. متّفق عليه «1» /.
وأمّا النّوع الرّابع: وهو كلام الشّجر والحجر، وشهادتهما له بالنّبوّة صلى الله عليه وسلم
.
فمن ذلك:
حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فدنا منه أعرابيّ، فقال [له رسول الله] :«يا أعرابيّ، أين تريد» ؟، قال: إلى أهلي، قال صلى الله عليه وسلم:«هل لك إلى خير؟» ، قال: وما هو؟ قال: «تشهد أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله» قال: من يشهد لك على ما تقول؟ قال: «هذه السّمرة» وهي بشاطئ الوادي، فأقبلت تخدّ الأرض حتّى قامت بين يديه، فاستشهدها، فشهدت الشّهادتين، ثمّ أمرها فرجعت إلى مكانها «2» .
وفي «الصّحيحين» ، عن جابر رضي الله عنه، قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي حاجته، فلم ير شيئا يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي متباعدتين، فأخذ بغصن من أغصان أحدهما، فانقادت له كالبعير المخشوش- أي: المجعول في أنفه حلقة فيها الخطام- حتّى إذا كانت بالمنصف «3» ، وفعل بالآخرى كذلك، فالتأمتا بإذن الله تعالى، فلمّا قضى حاجته افترقتا، وعادت كلّ واحدة منهما إلى منبتها «4» .
وعن بريدة بن الحصيب- مصغّرين- رضي الله عنه، قال:
(1) أخرجه البخاريّ، برقم (6087) .
(2)
أخرجه الدّارميّ، برقم (16) . تخدّ الأرض: تشقّها.
(3)
المنصف: نصف المسافة أو نصف الطّريق.
(4)
أخرجه مسلم برقم (3012) .
سأل أعرابيّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم آية- أي: علامة على نبوّته- فقال له: «قل لتلك الشّجرة؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك» ففعل، فمالت الشّجرة يمينا وشمالا، فتقطّعت عروقها، ثمّ جاءت تجرّ عروقها، حتّى وقفت بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقالت: السّلام عليك يا رسول الله، فقال له الأعرابيّ: ائذن لي أسجد لك، قال:«لا ينبغي السّجود إلّا لله» قال: ائذن لي أقبّل يديك ورجليك، فأذن له «1» .
وعن يعلى بن مرّة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا/، فأتت شجرة عظيمة، فأطافت به، ثمّ رجعت إلى منبتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنّها استأذنت ربّها أن تسلّم عليّ» «2» .
وذكر الإمام أبو بكر بن فورك- رحمه الله تعالى-: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسير ليلا في غزوة (الطّائف) وهو وسن- أي: به سنة نوم- فاعترضته شجرة سدر، فانفرجت له نصفين حتّى مرّ بينهما، قال:
وبقيت على ساقين إلى وقتنا هذا، قال: وهي هناك معروفة معظّمة «3» .
ومن ذلك: حديث الجذع المشهور في «الصّحيحين» ، عن جماعة من الصّحابة رضي الله عنهم، قالوا: كان المسجد مسقوفا بجذوع النّخل، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلمّا صنع له المنبر سمعنا له صوتا كصوت العشار من الإبل «4» - وفي
(1) أخرجه البزار، انظر «كشف الأستار» ، رقم (2409) .
(2)
أخرجه البغويّ في «شرح السّنّة» ، برقم (3718) . وأبو نعيم في «الدّلائل» ، (136- 139) .
(3)
الشّفا، ج 1/ 578.
(4)
أخرجه البخاريّ، برقم (876) . عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. العشار: النّاقة الّتي أتى عليها الفحل عشرة أشهر وزال عنها اسم
رواية: حتّى ارتجّ المسجد لشدّة خواره «1» -.
وفي رواية سهل بن سعد: وكثر بكاء النّاس «2» .
وفي رواية المطّلب بن أبي وداعة: حتّى انشقّ الجذع وجاءه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فسكت «3» .
زاد غيره: فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ هذا بكى لما فقده من ذكر الله تعالى» «4» ، وقال:«والّذي نفسي بيده، لو لم ألتزمه لم يزل هكذا إلى يوم القيامة» . ثمّ أمر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم فدفن تحت المنبر «5» .
وفي رواية بريدة: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: «إن شئت أن أردّك إلى البستان الّذي كنت فيه، تنبت لك عروقك، ويكمل خلقك، ويجدّد لك خوص وثمر، وإن شئت أن أغرسك في الجنّة ليأكل أولياء الله من ثمرك» ، فقال: بل تغرسني في الجنّة، لأكون في مكان لا أبلى فيه، فسمعه الحاضرون، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«قد فعلت» ثمّ قال: «إنّه اختار دار البقاء على دار الفناء» «6» .
وكان الحسن البصريّ- رحمه الله إذا حدّث بهذا الحديث
المخاض، ثمّ لا يزال ذلك اسمها حتّى تضع، وبعد وضعها أيضا. والمراد هنا: خوارها عند وضعها أو عقبه.
(1)
أخرجه الدّارميّ، برقم (41) . الخوار: صوت البقر، ثمّ توسّعت العرب فيه على أصوات جميع البهائم.
(2)
الشّفا، ج 1/ 583.
(3)
أخرجه ابن ماجه، برقم (1414) .
(4)
أخرجه أحمد، برقم (13794) . عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(5)
أخرجه الدّارميّ، برقم (41) .
(6)
أخرجه الدّارميّ، برقم (32) . بنحوه. الخوص: واحده خوصة؛ وهي ورق النّخل.