الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال العلماء: وأمّا ما تدّعيه الشّيعة أنّ عليّا رضي الله عنه قد أظهر النّصّ فلم يقبل منه، فمن أكاذيبهم الشّنيعة الّتي ظاهرها الرّفض، وباطنها الكفر المحض، لإزرائهم «1» بذلك على الصّحابة، الّذين نقلوا هذا الدّين وحملوه، إذ لو أجمعوا على نبذ وصيّة نبيّهم بعد موته وقبل دفنه، لردّت روايتهم وبطلت عدالتهم، وبطل حينئذ هذا الدّين من أصله، الّذي وعد الله أن يظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون.
[مبايعة عليّ أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم]
وقد اجتمعت الأمّة على أنّ عليّا رضي الله عنه لم ينازع أبا بكر ولا عمر، وبايع أبا بكر وترضّى عنه وعن عمر، وأثنى عليهما بعد موتهما، وأنّه عقد الخلافة لعثمان بعد أن خلا دست الخلافة «2» وشغر، فلو كان عنده نصّ، أو كان رضي الله عنه يرى أنّه يتعيّن للخلافة، لنازعهم كما نازع الفئة الباغية في أيّام معاوية.
وما يزعمه المبطلون من مداهنته رضي الله عنه في دين الله، يتحاشى عنه منصب عليّ العليّ رضي الله عنه، كيف وهو الّذي تضرب بشجاعته الأمثال، وتبطل عنده الأبطال؟ مع ما هو فيه من عزّة العشيرة نخبة بني/ هاشم، وبين الصّحابة الّذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، يشهد لهم القرآن بهجرهم في سبيل الله الأهل والأوطان.
وإذا كان أبو طالب قاوم قريشا كلّها، كما سبق عنه من قوله، [من الكامل] «3» :
(1) أزرى: عابه وأدخل عليه أمرا يريد أن يلبّس عليه به.
(2)
دست الخلافة: منصب الخلافة.
(3)
دلائل النّبوّة، ج 2/ 188.
والله لن يصلوا إليك بجمعهم
…
حتّى أوسّد في التّراب دفينا
فكيف يجوز لمن يدّعي الإسلام أن ينسب إلى أخي الرّسول، وبعل البتول، الأسد المواثب، ليث بني غالب؛ أنّه نبذ وصيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو داهن في دين الله؟
ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ [سورة النّور 24/ 16] .
قال العلماء: وما يتمسّك به الشّيعة من الظّواهر الّتي توهم كون عليّ رضي الله عنه متعيّنا للإمامة، معارض بنصوص كثيرة، تشير إلى تعيّن الصّدّيق تلويحا، بل تصريحا، يجب تقريرها، وتأويل ما عارضها، لانعقاد الإجماع على مقتضاها.
وقد قام الدّليل المتواتر القطعيّ على عصمة الصّحابة، فمن بعدهم من القرون؛ من أن يجتمعوا على الضّلال، وقد سمّاهم الله: خير أمّة، فلو تعاونوا على الإثم والعدوان- كما يزعم أهل الباطل والبهتان- لكانوا شرّ أمّة، كيف وقد وعد الله من اتّبع غير سبيلهم؟ فقال تعالى: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً [سورة النّساء 4/ 115] .