الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حمّى المدينة]
قال أهل السّير: وكانت (المدينة) كثيرة الوباء، فتضرّر بذلك أصحابه المهاجرون، وشقّ ذلك عليه صلى الله عليه وسلم، وخاف أن يكرهوها، فدعا الله أن يرفع الوباء عنها، فرفعه.
وفي «الصّحيحين» ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدمنا (المدينة) وهي أوبأ أرض الله، فوعك أبو بكر، ووعك بلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول، [من الرّجز] :
كلّ امرىء مصبح في أهله
…
والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمّى يرفع عقيرته- أي: صوته- يقول/، [من الطّويل] «1» :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة
…
بواد وحولي إذخر وجليل «2»
وهل أردن يوما مياه مجنّة
…
وهل يبدون لي شامة وطفيل «3»
وهما جبلان ب (مكّة) -[أي: شامة وطفيل] .
قالت: فأخبرت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهمّ حبّب إلينا (المدينة) ، كحبّنا (مكّة) ، أو أشدّ، وصحّحها لنا، وانقل حمّاها فاجعلها ب (الجحفة) ، وبارك لنا في صاعنا ومدّنا» «4» .
(1) ابن هشام، ج 2/ 589.
(2)
الإذخر والجليل: تسقّف بهما البيوت فوق الخشب.
(3)
مجنّة: اسم سوق للعرب كان في الجاهليّة.
(4)
أخرجه البخاريّ، برقم (1790) . ومسلم برقم (1376/ 480) .
فبعد دعوته صلى الله عليه وسلم طاب لهم المقام، وانصرفت عنهم الأسقام، عند قوم كرام.
وفي ذلك يقول أبو قيس صرمة بن أبي أنس، أحد بني النّجّار رضي الله عنه، [من الطّويل] «1» :
ثوى في قريش بضع عشرة حجّة
…
يذكّر لو يلقى صديقا مواتيا «2»
ويعرض في أهل المواسم نفسه
…
فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلمّا أتانا أظهر الله دينه
…
فأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وألفى صديقا واطمأنّت به النّوى
…
وكنّا له عونا من الله باديا
يقصّ لنا ما قال نوح لقومه
…
وما قال موسى إذ أجاب المناديا
فأصبح لا يخشى من النّاس واحدا
…
قريبا ولا يخشى من النّاس نائيا «3»
بذلنا له الأموال من كلّ مالنا
…
وأنفسنا عند الوغى والتّاسيا «4»
(1) ابن هشام، ج 2/ 512.
(2)
ثوى: أقام. مواتيا: موافقا.
(3)
نائيا: بعيدا.
(4)
الوغى: الحرب. التّاسي: التّعاون.