الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليلة، لكلّ صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، ومن همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا، ومن همّ بسيّئة فلم يعملها لم تكتب شيئا- وفي رواية: كتبت حسنة- فإن عملها كتبت سيّئة واحدة، قال: فنزلت حتّى انتهيت إلى موسى- عليه السلام فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربّك فاسأله التّخفيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قد رجعت إلى ربّي حتّى استحييت منه» «1» .
قلت: هذا مع ما قد أفهمه صلى الله عليه وسلم من الإلزام له بقوله: «إنّهنّ خمس» وفي رواية أيضا: «لا يبدّل القول لديّ» .
قال القاضي عياض- رحمه الله: (جوّد ثابت- رحمه الله هذا الحديث عن أنس ما شاء، ولم يأت عنه أحد بأصوب من هذا.
وقد خلّط فيه غيره عن أنس تخليطا كثيرا، لا سيّما من رواية شريك بن أبي نمر) «2» . انتهى.
قلت: وحديث شريك ممّا اتّفق عليه الشّيخان، وإنّما لم يورد البخاريّ حديث ثابت هذا لأنّ مسلما إنّما رواه من طريق حمّاد بن سلمة، وهو متروك عند البخاريّ، لم يرو له إلّا تعليقا.
واتّفق عليه الشّيخان أيضا من حديث أبي/ ذرّ وغيره.
فائدة [: في بعض دقائق الإسراء]
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «بالحلقة الّتي تربط به الأنبياء» إشارة إلى أنّ ركوب البراق للإسراء غير مختصّ بمحمّد صلى الله عليه وسلم، ويشير إلى ذلك
(1) أخرجه مسلم، برقم (162/ 259) .
(2)
الشّفا، ج 1/ 347.
قوله في الرّواية الآتية: «فما ركبك عبد أكرم على الله من محمّد» ، لكن في ظاهر قول أهل كلّ سماء:(وقد بعث إليه) ، إشكال لعدم علمهم ببعثه إلّا بعد مضيّ هذه المدّة، مع كثرة تردّد جبريل فيها، وانتشارها عند أهل الأرض، فضلا عن أهل السّماء. وأجاب بعضهم: بأنّه سؤال عن البعث إليه للعروج المتوقّع عندهم لقوله:
(إليه) ، وهو جواب حسن.
وإنّما لم يفتح له قبل مجيئه ليعلم أنّه إنّما فتح من أجله، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:«أنا أوّل من يقرع باب الجنّة» «1» .
والحكمة في الإسراء به إلى (بيت المقدس) ما ذكره كعب الأحبار: أنّ باب السّماء الّذي يسمّى (مصعد الملائكة) يقابله (بيت المقدس) ، كما أنّ (البيت المعمور) مقابل (الكعبة) .
وأيضا ليحوز صلى الله عليه وسلم فضل شدّ الرّحال إلى المساجد الثّلاثة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه» يحتمل أيضا أنّهم لا يخرجون منه، فيكون في ذلك دلالة على سعته، وعلى كثرة جنود الله تعالى، والله أعلم بالصّواب.
وعندهما-[أي: البخاريّ ومسلم]- أنّ كلّ نبيّ قال: مرحبا بالنّبيّ الصّالح والأخ الصّالح، إلّا آدم وإبراهيم- عليهما السلام فقالا له: والابن الصّالح «2» .
(1) أخرجه مسلم، برقم (196/ 331) . عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
وهذه رواية البخاريّ ومسلم من طريق ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه. قلت: لقد اقتصر الأنبياء الّذين لقيهم صلى الله عليه وسلم في السّماء على وصفه بصفة الصّلاح، لأنّ فيها جماع الخير كلّه، والصّالح هو الطّيّب في نفسه، الّذي يقوم بما عليه من حقوق الله وحقوق العباد.