الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ، وكانوا قالوا: لن نغلب اليوم من قلّة فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ/ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ- أي: مع سعتها- ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها [سورة التّوبة 9/ 25- 26]- أي: جبريل: بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ- أي: معلّمين-.
[شماتة أهل مكّة بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه]
ولمّا انهزم المسلمون شمت بهم كثير من مسلمي الفتح «1» ، فقال أخ لصفوان بن أميّة من أمّه «2» : اليوم بطل سحر محمّد، فقال له صفوان: اسكت، فضّ الله فاك- أي: كسره الله- فو الله لأن يربّني- أي: يسودني- رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن.
[محاولة شيبة قتل النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ إسلامه]
وعن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدريّ رضي الله عنه قال:
استدبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم (حنين) لأقتله، فأطلعه الله على ما في نفسي، فالتفت إليّ، فضرب بيده على صدري، وقال:«أعيذك بالله يا شيبة» «3» .
فارتعدت فرائصي، فرفع يده، وهو أحبّ إليّ من سمعي وبصري، وقلت: أشهد أنّك رسول الله، وأنّ الله قد أطلعك على ما في نفسي.
[سريّة أوطاس]
وأمّا بعث أبي عامر الأشعريّ إلى (أوطاس) ، وكانت هوازن قد خرجت معها بأهليها وأموالها، فلمّا انهزموا انحاز منهم طائفة
(1) كانوا حديثي عهد بالإسلام.
(2)
وهو: كلدة بن الحنبل.
(3)
أخرجه البيهقيّ في «الدّلائل» ، ج 5/ 145. بنحوه.
بالأهل والمال إلى ناحية (أوطاس) ، عليهم دريد بن الصّمّة، فبعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبا عامر الأشعريّ في جيش من المسلمين في آثارهم، فأدركوهم، فناوشوهم القتال، فاستشهد أبو عامر بعد أن قتل تسعة إخوة، فقتله عاشرهم، فأخذ الرّاية منه ابن أخيه أبو موسى الأشعريّ باستخلاف منه، ففتح الله على يديه، وقتل قاتل أبي عامر، وهزمهم، وغنم أموالهم، وكانت سباياهم من النّساء والصّبيان نحو ستّة آلاف، وأمّا الإبل والغنم فلا تحصر عددا، فأمر بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحبست له ب (الجعرانة) .
وفي «صحيحي البخاريّ ومسلم» ، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لمّا فرغ النّبيّ صلى الله عليه وسلم من (حنين) بعث أبا عامر على جيش إلى (أوطاس)، فلقي دريد- أي: مصغّرا- ابن الصّمّة، فقتل/ دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته بسهم، فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت:
يا عمّ، من رماك؟، فقال: ذاك قاتلي، فقصدت إليه، فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر: قد قتل الله صاحبك، فقال: فانزع هذا السّهم، وأقرىء النّبيّ صلى الله عليه وسلم عنّي السّلام، وقل له يستغفر لي، واستخلفني أبو عامر على النّاس، ثمّ مات، فرجعت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فدعا بماء فتوضّأ، ثمّ رفع يديه حتّى رأيت بياض إبطيه، فقال:«اللهمّ اغفر لعبيد أبي عامر، اللهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من النّاس» ، فقلت: ولي يا رسول الله فاستغفر، فقال:«اللهمّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» «1» .
(1) أخرجه البخاريّ، برقم (4068) . ومسلم برقم (2498/ 165) .