الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصادر هذا الموضوع وتتبعه لشوارده وغرائبه، ويعجب كذلك بجمال أسلوبه، ورشاقة ألفاظه، كان كان يغلب على أسلوبه الطابع الخطابي، ولا عجب فإنه واعظ وخطيب، وقد اقتصر عبد الحق في مادته على الأحاديث المرفوعة والأخبار الموقوفة والآثار المقطوعة وكلمات الصالحين وأقاصيصهم، وفي غضون ذلك أنشد أشعاراً مليحة لم يعز أغلبها إلى شاعر، وبالتتبع وُجد أن كثيراً منها من كيسه.
وأخيراً: الأدب والشعر:
وصف ابن الأبار أبا محمد أنه كان مشاركاً في الأدب وقول الشعر (1)، ووصفه ابن الزبير بأنه شاعر مطبوع يزاحم فحول الشعراء، قال: لكنه لم يطلق عنانه في نظمه.
- الشعر: وغالب شعر أبي محمد وأجمعه في الزهد والوعظ والحكمة، ولا غرابة في ذلك من بعد ما وُصف بأنه كان "موصوفاً بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا"(2).
قال الغبريني: ورأيت كتاباً مجموعاً من شعره كله في الزهد. وفي أمور الآخرة رضي الله عنه (3).
وشعر عبد الحقّ مطبوع، ليس فيه تكلف، أو ألفاظ مصنوعة، بل توخى جَزْل الألفاظ ورقيقها، وتحامى غليظها وفظها، وجمع إلىْ ذلك محاسن الصور وأطرفها.
وقد نقل العلماء الذين ترجموا لعبد الحق كثيراً من شعره وأبدوا استحسانهم وإعجابهم به، فهذا الذهبي يَقول: ما أحلى قوله وأوعظه إذ قال:
إن في الموت والمعاد لشغلا
…
وادكاراً لذي النهي وبلاغا
(1) سير أعلام النبلاء: (21/ 199).
(2)
سير أعلام النبلاء: (21/ 199)، والواصف: ابن الأبار.
(3)
عنوان الدراية: (43).
فاغتنم خطتين قبل المنايا
…
صحة الجسم يا أخي - والفراغا (1)
وقال أبو الحجاج البلوي: وأنشدني الفقيه المحدث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإِشبيلي رحمه الله ببجاية -حماها الله- لنفسه قطعة حسنة أولها:
- لا تبكِ خلَّا ولا انقطاعه
…
ولا لأسرارك المذاعة
وابكِ زماناً مضى وولَّى
…
عنك وأيَّامك المضاعة
وارجع إلى الله من قريب
…
واخش تجليه واطلاعه
إلى آخره (2).
وذكر البلوي أيضا أن أبا محمد أنشده لنفسه:
ضحك الشَّيبُ فوق رأسي وأغْرَب
…
إذ رآني ذهبت في غير مذهب
وهو ينعي إليَّ في الحال نفسي
…
وأنا جانباً أخوض وألعب
ونقل الغبريني عن أيى الفضل القيسي (3) أن أبا محمد أنشده لنفسه:
قالوا: صف الموت يا هذا وشدته
…
فقلت وامتد منِّي عندها الصوتُ
(1) سير أعلام النبلاء: (21/ 201). تذكره الحفاظ: (4/ 1352) وأورد هذين البيتين أيضا ابن شاكر فى فوات الوفيات: (2/ 257)، والمقري التلمساني في نفح الطيب (4/ 329)، وصديق بن حسن القنوجي في التاج المكلل:(116).
وذكر البيتين أبو محمد عبد الحق في كتابه "العاقبة"(ص: 103)، فقال: قال القائل
إن فى الموت العاد لشغلاً
…
وإن كان الذي ألهاني وبلاغا
فاغتنم نعمتين قبل المنايا
…
صحة الجسم يا أخي والفراغا
(2)
ألف باء: (1/ 152).
(3)
انظر ترجمته: عنوان الدراية: (53).