المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب أبو داود (1)، عن ابن عباسٍ قال: لما نزلت هذه - الأحكام الصغرى - جـ ١

[عبد الحق الإشبيلي]

فهرس الكتاب

- ‌موضوع الكتاب

- ‌طريقته في عرض الأحاديث

- ‌طريقته في التبويب

- ‌طريقته في شرح غريب الحديث وبيان معانيه

- ‌(التعريف بمؤلف الكتاب)

- ‌1 - اسمه ونسبه:

- ‌2 - مولده:

- ‌3 - نشأته ومعالم حياته:

- ‌4 - علومه ومعارفه:

- ‌علوم الحديث:

- ‌أ - علم الحديث رواية

- ‌ب - علم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال

- ‌ج - علم نقد الحديث وعلله:

- ‌د - علم مصطلح الحديث:

- ‌ثانيا: الفقه:

- ‌ثالثا: اللغة:

- ‌رابعاً: الأنساب:

- ‌خامساً: الوعظ والرقائق:

- ‌وأخيراً: الأدب والشعر:

- ‌النثر:

- ‌6 - (*) ثناء العلماء عليه:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مصنفاته:

- ‌باب في الإِيمان

- ‌بابُ انقطاعِ النبوةِ بعدَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌بابُ طلبِ العلم وفضله

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب الوضوء للصلاة وما يوجبه

- ‌باب ما جاء في الوضوء من النوم ومما مست النار

- ‌باب إذا توضأ ثم شك في الحديث

- ‌باب الوضوء لكل صلاة ومن صلى الصلوات بوضوء واحد، والوضوء عند كل حدث، والصلاة عند كل وضوء

- ‌باب المضمضة من اللبن وغيره ومن ترك ذلك

- ‌باب في السِّوَاك لكل صلاة ولكل وضوء

- ‌باب ذكر المياه وبئر بضاعة

- ‌باب وضوء الرجل والمرأة معًا من إناء واحد وما جاء في الوضوء بفضل المرأة، والوضوء في آنية الصفر والنية للوضوء والتسمية والتيمن

- ‌باب غسل اليد عند القيام من النوم ثلاتًا قبل إدخالها في الإِناء، وصفة الوضوء والإِسباغ، والمسح على العمامة والناصية والمسح على الخفين في السفر والحضر والتوقيت فيه

- ‌باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، ونوم الجنب إذا توضأ وأكله ومشيه ومجالسته، وكم يكفي من الماء واغتسال الرجل والمرأة في إناء واحد، وما نُهي أن يغتسل فيه الجنب، وتأخير الغسل وتعجيله وصفته والتستر

- ‌بابٌ في الجنب يذكر الله تعالى وهل يقرأ القرآن ويمس المصحف، والكافر يغتسل إذا أسلم

- ‌باب في الحائض وما يحل منها، وحكمها، وفي المستحاضة والنفساء

- ‌باب التيمم

- ‌باب في قص الشارب، وإعفاء اللحية، والإستحداد، وتقليم الأظافر ونتف الإِبط، والختان، ودخول الحمام، والنهي أن ينظر أحدٌ إلى عورة أحد

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب فرض الصلوات والمحافظة عليها وفضلها ومن صلاها في أول وقتها

- ‌بابُ وقوتِ الصَّلاةِ وما يتعلق بها

- ‌باب فيمن أدرك ركعة مع الإِمام، وفيمن نام عن صلاة أو نسيها، ومن فاتته صلوات كيف يؤديها، وفي الإِمام إذا أخر الصلاة عن وقتها

- ‌باب صلاة الجماعة وما يبيحُ التخلف عنها وما يمنع من إتيانها وفضلها وفضل المشي إليها وانتظارها وكيف يمشي إليها ومن خرج إلى الصلاة فوجد الناس وقد صلّوا، أو صلى في بيته ثم وجد صلاة جماعة وفي خروج النساء إلى المسجد وما يفعلن

- ‌باب في المساجد

- ‌باب في الأذان والإِقامةِ

- ‌باب فيما يصلي به وعليه وما يكره من ذلك

- ‌باب في الإِمامة وما يتعلق بها

- ‌باب في سترة المصلي وما يصلي إليه وما نُهي عنه من ذلك

- ‌باب في الصفوف وما يتعلق بها

- ‌باب ما جاء لا نافلة إذا أقيمت المكتوبةُ وما جاء أن كل مصلٍ فإنما يصلي لنفسه وفى الخشوع وحضور القلب وقول النبي صلى الله عليه وسلم إن فى الصلاة شغلاً

- ‌باب فى القبلة

- ‌باب تكبيرة الإِحرام وهيئةِ الصلاة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليم وما يقال بعدها

- ‌باب النهي عن رفع البصر إلى السماء وعن الكلام فيها

- ‌بابٌ في مسح الحصباء في الصلاة وأين يبزق المصلي وفي الإِقعاء وفيمن صلى مُختصِرًا ومعقوص الشعر وفي الصلاة بحفرة الطعام وقول النبي صلى لله عليه وسلم - لا غِرَارَ في الصلاة وما يفعل من أحدث فيها

- ‌باب الإلتفات في الصلاة، وما يفعل المصلي إذا سُلِّم عليه، ومن تفكَّرَ في شيء وهو في الصلاة، ومن صلى وهو حامل شيئًا، وما يجوز من العمل فيها، وما يقتل فيها من الدواب وما جاء في العطاس فيها والتثاؤب، وفي صلاة الريض، وفي الصحيح يصلي قاعدًا في النافلة، وفي الصلاة على الدابة

- ‌باب السّهو في الصّلاة

- ‌باب في الجمع والقصر

- ‌باب ذكر صلاة الخوف

- ‌باب في الوتر وصلاة الليل

- ‌باب في ركعتي الفجر وصلاة الضحى والتنفل في الظهر والعصر والمغرب والعشاء

- ‌باب في العيدين

- ‌باب في صلاة الإستسقاء

- ‌باب في صلاة الكسوف

- ‌باب

- ‌باب سجود القرآن

- ‌بابٌ في الجمعة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌بابُ زكاةِ الحبوب وما سقته السماء وما سقي بالنضح

- ‌باب زكاة الإبل والغنم

- ‌ باب تفسير أسنان الإبل

- ‌باب ما لا يؤخذ في الصدقة

- ‌باب زكاة الذهب والورق

- ‌ باب زكاة الفطر

- ‌باب المكيال والميزان

- ‌باب في الخرص وفيمن لم يُؤدِ زكاة ماله

- ‌باب

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب فضل الصيام، والنهي أن يقال قمت رمضان كله وصمته، وقول الله عز وجل {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} - وفيمن له الفدية

- ‌باب الصوم والفطر للرؤية أو للعدة وفي الهلال يُرى كبيراً أو الشهادة على الرؤية وقوله عليه السلام: شهران لا ينقصان

- ‌باب متى يحرم الأكل وفي السحور وصفة الفجر، وتبييتِ الصيام ووقت الفطر وتعجيله والإفطار على التمر أو الماء

- ‌باب في صيام يوم الشك والنهي أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين والنهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القُبلة والمباشرة للصائم، وفي الصائم يصبح جنباً

- ‌باب الحجامة للصائم، وفيمن ذرعه القيء ومن نسيَ فأكل أو شرب وهو صائم، وفيمن جهده الصوم

- ‌باب حفظ اللسان وغيره في الصوم وذكر الأيام التي نُهِيَ عن صيامها

- ‌باب فيمن دُعِيَ إلى طعام وهو صائم والصائم المتطوع يفطر، وفيمن ينوي الصيام من النهار

- ‌باب النبي أن تصوم المرأة متطوعة بغير إذن زوجها، وكفارة من وطئ في رمضان، وفي الصيام في السفر

- ‌‌‌بابفيمن مات وعليه صيام

- ‌باب

- ‌بابٌ

- ‌باب في الاعتكاف وليلة القدر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب

- ‌باب القران والإِفراد

- ‌باب حجَّة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب

- ‌باب سقاية الحاج

- ‌باب في الاشتراط في الحج وفي المحصر والمريض ومن فاته الحج

- ‌باب

- ‌باب في لحم الصيد للمحرم وما يقتل من الدواب وفي الحجامة وغسله رأسه وما يفعل إذا اشتكى عينيه

- ‌باب دخول مكة بغير إحرام، وفي بيع دورها وتوريثها، ونقض الكعبة وبنيانها وما جاء في مالها

- ‌باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وفي تحريم المدينة وفضلها وفضل مسجده وفي بيت المقدس وفي مسجد قباء

الفصل: ‌ ‌باب أبو داود (1)، عن ابن عباسٍ قال: لما نزلت هذه

‌باب

أبو داود (1)، عن ابن عباسٍ قال: لما نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كبُر ذلك على المسلمين، فقالَ عمر: أنا أُفرج عنكم فانطلق، فقال: يا نبي الله إنه كبرُ على أصحابك هذه الآية، فقال:"إنَّ الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرضَ المواريث -وذكر كلمةً (2) - لتكون لمن بعدكم، لتطيب لمن بعدكم"(3) قال: فكبَّر عمر، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذانظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته".

مسلم (4)، عن أبي هريرةَ قال: بعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمر عَلى الصدَقةِ فقيل: مَنَعَ ابن جميل وخالدُ بن الوليدِ والعباس عَمُّ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقاَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "ما يَنْقِمُ ابن جميل إلا انهُ كان فقيرًا فأغْنَاهُ اللهُ، وأما خَالِدٌ فأنكُمْ تظلمُون خالداً

قد احتبس أذراعَهُ وأعتَاَدهُ في سبيل الله. وأما العَبَّاسُ فهي عَليَّ ومثُلها مَعَهَا".

ثم قال: "يا عُمَرُ! أما شَعَرْتَ أن عَمَّ الرجل صِنْوُ أبيه".

وقال البخاري (5)، "وأما العباسُ بن عبد المطلب عَمُّ (6) رسولِ الله فهي عليه صدقة ومثلُها معَها".

(1) أبو داود: (2/ 305، 306)(3) كتاب الزكاة (32) باب في حقوق المال - رقم (1664).

(2)

(وذكر كلمة): ليست في أبي داود.

(3)

(لتطيب لمن بعدكم). ليست في أبي داود، وغير ثابتة في الأحكام الوسطى نسخة الظاهرية!

(4)

سلم: (2/ 676 و 677)(12) كتاب الزكاة (3) باب في تقديم الزكاة ومنعها - رقم (11).

(5)

البخاري: (3/ 388)(49) باب قول الله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} - رقم (1462).

(6)

في البخاري: (فعم).

ص: 360

أبو داود (1)، عن جريرٍ قال: جاء ناسٌ -يعني من الأعراب- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنَّ ناساً من المُصدقين يأتوننا، فيظلموننا (2)، قال:"أرضوا مصدِّقيكم" قالوا: يا رسول الله! وإن ظلمونا؟ قال: "أرضوا مُصدقيكم وإن ظلمتم".

[خرَّجه مسلم (3) ولم يقل وإن ظُلِمتُمْ](4).

البزار، عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من استعملناه على عمل فرزقناه عليه رزقاً، فما أصاب سوى رزقه فهو غلول".

أبو داود (5)، عن أبي مسعود قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً ثم قال "انْطلق أبا مسعود لا ألْفِينَّك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعيرٌ من إبل الصَّدقة، له رغاءُ، قد أغللتَهُ قال إذًا لا أَنْطَلِقُ، قال:-"إذًا لا أُكْرِهَك".

مسلم (6)، عن جويرية بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال:"هل من طعام؟ " قالت: لا والله يا رسول الله ما عندنا طعَامٌ إلا عَظْم من شاةٍ أُعْطتْهُ مولاتي من الصَّدَقَةِ فقال: "قرّبِيِه فقد بلغَتْ مَحِلَّها"(7).

ومن كتاب أبي داود (8)، عن عبيد الله بن عديّ بن الخيار، قال:

(1) أبو داود: (2/ 246)(3) كتاب الزكاة (5) باب رضا المصدق - رقم (1589).

(2)

في أبي داود: (يأتونَّا، فيظلمونَّا).

(3)

مسلم: (2/ 685)(12) كسَاب الزكاة (7) باب إرضاء السعاة - رقم (231).

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ومن (ب).

(5)

أبو داود: (3/ 356)(14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (12) باب في غلول الصدقة - رقم (2947).

(6)

مسلم: (2/ 756،754)(12) كتاب الزكاة (52) باب إباحة الهدية للنبى صلى الله عليه وسلم رقم (1659).

(7)

فقد بلغت محلها: أي زال عنها حكم الصدقة وصارت حلالًا لنا.

(8)

أبو داود: (2/ 285)(3) كتاب الزكاة (23) باب من يعطى من الصدقة، وحد الغني - رقم =

ص: 361

أخبرني رجلان أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوداع. وهو يُقسم الصدقة فسألاه منها، فرفع فينا النظر (1) وخفضَه، فرآنا جَلدَيْن فقال:"إن شئتما أعطتكما، ولا حظّ فيها لغنى ولا لقويّ مُكْتَسِبٍ".

رواه الطحاوي، وقال: رجلان من قومي.

مسلم (2)، عن قَبيصةَ بن مُخَارقٍ قال: تَحَمَّلْتُ حَمالةً (3) فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أسألهُ فيها، فقال:"أقم حتى تأتينا الصَّدقَةَ، فنأمُرَ لك بها"، قال: ثم قال "يا قَبيصةُ! إن الصدقة (4) لا تحل إلَّا لِأحَدِ ثلاثةٍ: رُجل تحمَّلَ حمالةً فحلَّتْ لَهُ المسْألةُ حتى يُصيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، ورجُل أصابتهُ جائحَة اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحلّتْ لَهُ المَسْألةُ حتىْ يُصيِبَ قِوَاماً من -عيش- (أو قال: سِدَاداً من عيش) ورجلٌ أصابتهُ فاقَةٌ حتى يَقُومَ ثلاثةٌ من ذَوِي الحجا مِنْ قومِهِ: لقد أصَابَتْ فُلاناً فاقةٌ فحلت لَهُ المسأَلَةُ حتى يُصيبَ قِواماً من عيشِ (أو قال سِدادًا من عيش)، فما سِوَاهُنَّ من المَسْأَلَةِ يا قَبيصَةُ! سُحْتًا يأكُلُها صَاحِبُهَا سُحْتاً".

خرَّجه أبو داود (5)، وقال:"يقول ثلاثة".

مسلم (6)، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: اجتمع ربيعةُ بن الحارث والعباس بنُ عبْدِ المطلب، فقالا: والله! لو بَعَثْناَ هذين الغلامين (لي

= (1633).

(1)

في أبي داود: (البصر).

(2)

مسلم: (2/ 722)(12) كتاب الزكاة (36) باب من تحل له المسألة - رقم (109).

(3)

تحملت حمالة: الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان، أي يستدينهُ ويدفعه في إصلاح ذات البين، كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك.

(4)

مسلم: (إن المسألة). وكذا (د).

(5)

أبو داود: (29012، 291)(3) كتاب الزكاة (26) باب ما تجوز في المسألة - رقم (1640).

(6)

مسلم: (2/ 752، 753)(12) كتاب الزكاة (51) باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة - رقم (167).

ص: 362

وللفضل بن عباس) (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمَاهُ، فأمرهُمَا على هذه الصَّدتَات، فأديا ما يِؤَدِّي النَّاسُ، أَصابا مما يُصيِبه (2) النَّاسُ، قال: فبينمَا هُمَا على ذلك (3)، جاء عليُّ بن أبي طالبٍ، فوقَفَ عليهما، فذكر لَهُ ذلك، فقال عليُّ: لا تَفْعَلَا، فواللهِ ما هُو بفاعِلٍ، فانتَحاهُ ربيعةُ بن الحارث، فقال: واللهِ ما تَصْنعُ هذا إلا نفاسَةً مِنْك علينا (4)، فوَالله لقد نِلْتَ صِهْرَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فما نَفِسْنَاهُ عليك، قال عليُّ: أرْسِلْوهُمَا. فانطلقا. واضطجع عليّ. قال: فلما صلَّى رسُول الله صلى الله عليه وسلم -لظُّهْرَ سبقنَاهُ إلى الحُجْرَةِ، فقُمْنَا عِنْدَهَا، حتى جاء فأخذَ بآذانِنَا ثم قال:"أخرجا ما تُصرِّرانِ (5) " ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذٍ عند زينب بنت جحش قال: فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدُنا فقال: يا رسول الله! أنت أُبرُّ النَّاس وأوصلُ النَّاس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لِتأَمِّرنا على بعض هذه الصدقات فنُؤَدِّى إليكَ كما يُؤَدِّي الناسُ ونُصيب كما يُصيبُون، قال: فسكت طويلاً حتى أردنا أن نُكلِّمَهُ قال: وجعلت زينبُ تُلْمِعُ إلينا (6) من وَرَاءِ الحِجابِ. ألا تُكَلِّمَاهُ، قال: ثم قال: "إنَّ الصَّدقَةَ لا تنْبغِي لِآل محمَّدٍ إنَّما هي أوساخُ النَّاس ادُعوا لي محمِيَةَ (وكان على الخُمُسِ)، ونَوفْلَ بن الحارثِ بن عبد المطلب" قال: فجاءَاهُ فقال لِمَحْمِية "أَنكِح هذا الغُلامَ ابنتَكَ"(للفضل بن عباس)، فأنْكَحَهُ، وقال لِنَوْفَلِ بن الحارث "انكح هذا الغُلَامَ ابنتَك"(لي) فأنْكَحَني، وقال لمحمية "أصدِقْ عنْهُمَا مِنَ الخُمُس كذا وكذا".

(1) مسلم: (قالا لي وللفضل بن عباس).

(2)

مسلم: (وأصابا مما يصيب).

(3)

مسلم: (فبينما هما في ذلك).

(4)

إلا نفاسة منك علينا: معناه حسدًا منك علينا.

(5)

أي ما تجمعانه في صدوركما من الكلام.

(6)

في مسلم: (تلمع علينا).

ص: 363

وفي لفظ آخر (1)، "إنَّ هذه الصَّدقاتِ إنَّمَا هِيَ أوسَاخُ النَّاسِ وإنَّها لا تَحِل لمُحَمدٍ ولا لآلِ مُحَمَّدٍ".

وعن أبي هريرة (2) قال: أخَذَ الحَسنُ تمرةً من تمر الصَّدقةِ، فجعلها في فِيهِ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كَخْ كَخْ، ارْمِ بها أما علمت أنَّا لانأكُلُ الصَّدقَة".

البخاري (3)، عن أبي هريرة، قال: كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطَعَام سألَ عنه: أصدقة أم هديةٌ (4)؟ فإنْ قيل صدقَةٌ قالَ لأصحابه: كُلُوا ولم يأكل معهم، وإن قيل هدية ضَرَبَ بيده (5) فأكلَ معهم".

النسائي (6)، عن أبي رافع أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استَعْمَلَ رجُلاً من بني مخروم على الصدقَةِ، فأراد أبو رافع أن يَتْبَعَهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ الصدقَةَ لا تَحلُّ لنَا، وإنَّ موالي (7) القومَ منهم".

مسلم (8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ماَ مِنْ يَوْم يصبح فيه العبادُ (9) إلا ملكان ينزلانِ، فيقُولُ أحَدُهُمَا: اللُهَّم!

(1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (168).

(2)

مسلم: (2/ 751)(12) كتاب الزكاة (50) باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم - رقم (161).

(3)

البخاري: (5/ 240، 241)(51) كتاب الهبة (7) باب قبول الهدية - رقم (2576).

(4)

في البخاري: (أهدية أم صدقة).

(5)

في البخاري: (ضرب بيده صلى الله عليه وسلم).

(6)

النسائي: (5/ 107)(23) كتاب الزكاة (97) باب مولى القوم منهم - رقم (2612).

(7)

في النسائي: (وإن مولى).

(8)

مسلم: (2/ 700)(12) كتاب الزكاة (17) باب في المنفق والممسك رقم (57).

(9)

في مسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه).

ص: 364

أعطِ مُنْفِقاً خلفاً، ويقولُ الآخَرُ: اللُهمَّ! أعطِ مُمْسِكاً تلفاً".

وعنه (1)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللهَ عز وجل (2) - قال لي: أَنْفِقْ أُنفِقْ عليك" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يَمِينُ الله مَلْآى. لا يغيِضُها سَحَّاءُ الليلَ والنهارُ، أرأيتُمْ ما أنفق مُنذ (3) خلق السماوات والأرض، فإِنَّهُ لم يَغِضْ ما في يمييهِ" قال "وعرشُهُ على الماء، وبيدِهِ الأخرى القبضُ يخفض ويرفع (4) ".

وعن حارثة بن وهب (5) قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "تصدَّقُوا فيوُشِكُ الرجُلُ يمشي بصدقَتِهِ، فيقولُ الَّذي أُعْطِيهَا: لو جئتنا بها بالأمس قَبِلْتُهَا، فأما الآن فلا حاجةِ لي بِها، فلا يجدُ من يقبَلُهَا".

مسلم (6)، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَيأتِينَّ على النَّاس زمان يُطوف الرَّجُلُ فيهِ بالصَّدقَةِ من الذَّهَبِ، ثم لا يَجِدُ أحدًا يأخُذُهَا مِنْهُ، وترى (7) الرجلَ الواحدَ يتبعة أربعون امرأةً يَلُذْنَ بهِ من قِلَّةِ الرجالِ وكثرَةِ النِّساءِ".

الترمذي (8)، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ الصَّدقةَ لَتُطفئُ غضَب الرَّبِّ، وتدفَعُ عن ميْتَةِ السُّوءِ".

(1) مسلم: (2/ 691)(12) كتاب الزكاة (11) باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف - رقم (37).

(2)

عز وجل: ليست في مسلم.

(3)

في مسلم. (مُذْ).

(4)

في مسلم: (يرفع ويخفض).

(5)

مسلم: (2/ 700)(13) كتاب الزكاة (18) باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها رقم (58).

(6)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (59).

(7)

في مسلم: (ويرى).

(8)

الترمذي: (3/ 52)(5) كتاب الزكاة (28) باب ما جاء في فضل الصدقة - رقم (664).

ص: 365

قال: هذا حديث حسنٌ غريب.

مسلم (1)، عن جرير بن عبد الله قال: كُنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صَدْرِ النَّهَارِ، فجاءَهُ قومٌ حُفاة عراة مُجْتَابي النِمِّارِ (2) أو العبَاءِ، متقلدين (3) السيوف، عامَّتُهُمْ من مُضَرَ، بل كُلُّهُمْ من مُضَرَ، فتمعَّرَ وجْهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَا رأى بهم من الفَاقَةِ، فدخل ثمَّ خرجَ، فأمر بِلالاً فَأذَّنَ وأقامَ، فصلَّى بهم (4) ثم خطب، فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخر الآية {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} والآية التي في الحشر {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (5) ، تصدق رُجلٌ، من دينارِهِ، من دِرهمِهِ من ثوبِه، من صاع بُرِّهِ، من صَاعِ تَمْرِهِ، (حتى قال)، ولو بشق تمرةٍ"، قال: فجَاءَ رجلٌ من الأنصار بِصُرّةٍ كادت كفُّةُ تعْجِزُ عنها، بل قد عجزت. قال: ثم تتابع النَّاسُ حتى رأيتُ كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وَجْهَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلَّلُ كأنه مُذْهَبَةٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سنَّ في الاسلَامِ سُنَّةً حسنةً فَلَهُ أجرها وأجْرُ من عمل بها من (6) بعده، من غير أن ينتقص (7) من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإِسلام سُنَة سيئة كان عليه وزرها ووزْرُ من عَمِلَ بها من بعده، من غير أن ينتقص (7) من أوزارهم شيءٌ".

وعن أبي هريرة (8)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) مسلم: (2/ 704 - 705)(12) كتاب الزكاة (20) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة - رقم (69).

(2)

مجتابي الثمار: أي قوم لابسي أزر مخططة من صوف.

(3)

في مسلم: (متقلدي السيوف).

(4)

(بهم): ليست في مسلم.

(5)

في مسلم: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} .

(6)

(من): ليست في مسلم.

(7)

في مسلم: (أن ينقص). وكذاب.

(8)

مسلم: (2/ 692)(12) كتاب الزكاة (12) باب فضل النفقة على العيال والمملوك - رقم (39).

ص: 366

"دينارٌ أنفقتَهُ في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقبةٍ، ودينارٌ تصدَّقْتَ بِهِ على مِسْكين، ودينَار أنفقتَهُ على أهلِك، أعظَمُهَا أجراً الذي أنفقتَهُ على أهلِكَ".

الترمذي (1)، عن سلمان بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصدقةُ على المسكين صدقة (2)، وعلى ذي الرَّحِم ثْنتَانِ: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ".

مسلم (3)، عن بلال، عن النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن صدقة المرأةِ على زوجها، وعلى أيتام في حجرها. فقال:"هي (4) أجران أجْرُ القرابَةِ وأجْرُ الصَّدقَةِ".

هذا مختصر.

وعن أم سلمة (5) قالت: قلتُ يا رسول الله - هل لي أجرٌ في بَني أبي سلمةَ؟ أنْفِقُ عليهم، ولستُ بتاركتِهِمْ هكذا وهكذا، إنما هُمْ بَنِيَّ، فقال:"نعم لك فيهم أجرٌ ما أنفقتِ عليهم".

وعن أبي مسعود البدري (6)، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ المسلِمَ إذا أنفق على أهله نفقةً، وهو يحتسِبُهَا، كانت له صدقة".

وعن حذيفة (7)، قال: قال نبيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم "كُلُّ

(1) الترمذي: (3/ 46، 47)(5) كتاب الزكاة (26) باب ما جاء في الصدقة على ذى القرابة - رقم (658).

(2)

(ب، د): صلة. وهو خطأ.

(3)

مسلم: (2/ 694 - 695)(12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين - رقم (45).

(4)

مسلم: (لهما).

(5)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (47).

(6)

مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (48).

(7)

مسلم: (2/ 617)(12) كتاب الزكاة (16) باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف رقم (52).

ص: 367

معروفٍ (1) صدقَةٌ".

وعن ميمونة بنت الحارث (2)، انها أعتقت وليدةً في زمنِ (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"لو أعْطيتِهَا أخوَالكِ كان أعظَمَ لأجرك".

وعن عائشة (4)، أَنَّ رجلاً أَتَى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنَّ أمِّي افْتُلِتَتْ نفسُها (5)، ولم تُوصِ، وأظُنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ، أَفَلَهَا أجْرٌ إن تصدَّقْتُ عنها؟ قال:"نعم".

وفي طريق آخر (6): فَلِيَ أجرٌ إن تصدقتُ عنها (7)؟ قال: "نعم".

وعن أنس (8) قال: كان أبو طلحَةَ أكثرَ أنصاريَّ بالمدينة مَالاً، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَى، وكانت مستقبلة المسجدِ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخُلُهَا ويشربُ من ماء فيها طيِّب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحَةَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ الله عز وجل يقول في كتابهِ {لَنْ

(1) كل معروف: أي ما عرضيه رضاء الله فثوابه كثواب الصدقة.

(2)

مسلم: (2/ 694)(12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين - رقم (44).

(3)

مسلم: (في زمان).

(4)

مسلم: (2/ 696)(12) كتاب الزكاة (15) باب وصول ثواب الصدقة على االميت إليه - رقم (51).

(5)

افتلتت نفسها: أي ماتت فجأة.

(6)

مسلم: (3/ 1254)(25) كتاب الوصية (2) باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت - رقم (12).

(7)

في مسلم: (فلي أجر أن أتصدق عنها).

(8)

مسلم: (2/ 693، 694)(12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين - رقم (42).

ص: 368

تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإنَّ أحبَّ أموالي إليّ بَيْرَحَى، وإنَّها صدقة لله أرجو بِرَّهَا وذخرها عند الله، فضعْها يا رسول الله حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بَخ (1)، ذلك مالٌ رابِحٌ، ذلك مالٌ رابح، قد سمعتُ ما قلتَ فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين" فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عَمِّهِ.

زاد الترمذي (2)، "ولو اسْتَطَعْتُ أن أُسِرّهُ لم أعْلِنْهُ".

البخاري (3)، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أنفقَ زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دُعِيَ من أبوابِ -يعني الجنة-، يا عبد الله هذا خيرٌ، فمن كان من أهل الصَّلاةِ دُعِيَ من بابِ الصَّلاةِ، ومن كان من أهل الجِهادِ، دُعِيَ من باب الجهادِ، ومن كان من أهل الصَّدقةِ دُعِيَ من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصَّيامِ دعى من باب الصَّيام باب الريان (4) " فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يُدْعَى من تلك الأبواب من ضَرورَةٍ، وقال: هل يدُعى منها كُلِّها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر".

مسلم (5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما تصدَّقَ أحدٌ بصدقةٍ من طيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللهُ إلا الطيبَ، إلَّا أخذهَا الرحمنُ

(1) بخ: قال ابن دريد: معاه تعظيم الأمر وتفخيمه.

(2)

الترمذي: (5/ 209)(48) كتاب تفسير القرآن (4) باب "ومن سورة آل عمران - رقم (2997).

(3)

البخاري: (7/ 23)(62) كتاب فضائل الصحابة (5) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لو كنت متخذاً خليلاً" - رقم (3666).

(4)

في البخاري: (وباب الريان).

(5)

مسلم: (2/ 702)(12) كتاب الزكاة (19) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها - رقم (63).

ص: 369

بيمينِهِ، وانْ كان (1) تَمْرةً فتربُو في كف الرحمن حتى تكونَ أعظمَ من الجَبَلِ كما يُرَبِّي أحدُكُم فَلُوَّهُ أو فَصِيلَهُ".

البخاري (2)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"سبعة يظِلُّهُم الله (3) في ظله يوم لا ظِلّ إلا ظِلّهُ. إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌ نشأ في

عبادةِ الله عز وجل ورجلٌ مُعلَّق قلبه بالمساجد (4)، ورجلان تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امراة ذات منصبٍ وجمالٍ، فقال: إنِّي أخاف الله، ورجُلُ تصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تَعلَم شمِالُه ما تُنفِقُ يمينهُ ورجُلٌ ذكر الله خاليًا ففاضَتْ عيناهُ".

مسلم (5)، عن أبي هريرة، قال: جَاءَ رجُل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أيُّ الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: "أمَا وأبيكَ لتنبأنهُ: أنْ تصدَّق وأنت صحيحٌ شَحِيحٌ، تخشى الفقر وتأمُل البَقَاءَ، ولا تُمْهل حتى إذا بلغتِ الحُلقومَ قُلتَ: لِفلانٍ كذا وكذا (6)، وقد كان لفُلانٍ".

النسائي (7)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبقَ دِرهمٌ مائَةَ ألف"، قالوا: يا رسول الله: وكيف؟ قال: "رجلٌ له دِرْهَمَانِ فأخذ أحَدَهُمَا فتصدَّقَ به، ورجُلٌ له مالٌ كثير، فأخذَ من عُرْضِ ماله مِائَةَ ألف فتصدَّق بها".

(1) مسلم: (كانت) وكذا (ب، د، ف).

(2)

البخاري: (3/ 344)(24) كتاب الزكاة (16) باب الصدقة باليمين - رقم (1423).

(3)

في البخاري: (يظلهم الله تعالى).

(4)

في البخاري: (ورجل قلبه معلق في المساجد).

(5)

مسلم: (2/ 716)(12) كتاب الزكاة (31) باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح - رقم (93).

(6)

في مسلم: (لفلان كذا ولفلان كذا).

(7)

النسائي: (4/ 59)(23) كتاب الزكاة (49) جهد المقل - رقم (2528).

ص: 370

البخاري (1)، عن كعب بن مالك، في حديثه قال: إنَّ من توبَتِي أن انخَلِع من مَالي صَدَقَةً إلى اللهِ ورسُولِهِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أمْسِك عليكَ بعض مالِكَ فهو خير لك".

البخاري (2)، عن حكيم بن حِزام، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اليدُ العُليا خيرٌ من اليدِ إلسُّفلى وابدأ بمن تعولُ، وخَيرُ الصَدقةِ عن ظهرِ غنىً، ومن يستعِففْ يُعِفّه اللهُ، ومن يستغن يغنِهِ اللهُ".

مسلم (3)، عن ابن عمر، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"وهو على المنبرِ، وهو يذكُرُ الصدقَةَ والتَّعفُّفَ عن المسألَةِ: "اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى: واليد العُليا المنفقَةُ، والسفلى السَّائِلَةُ".

وفي بعض الروايات في هذا الحديث: اليد العليا المتعففة.

ذكر هذا أبو داود قال (4): وقال أكثرهم "اليد العليا المنفقة".

وذكر أبو داود أيضًا (5) عن مالك بن نضْلة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأيدي ثلاثٌ: فيد الله العليا، ويد المعْطى التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضْلَ، ولا تعجز عن نفسك".

البخاري (6)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نَفسي بيدهِ، لأَنْ يأْخُذَ أحدُكم حبلَهُ فيحتطِب على ظهره، خيرٌ

(1) البخاري: (5/ 454)(55) كتاب الوصايا (16) باب إذا تصدق أو وقف بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز - رقم 27571).

(2)

البخاري: (3/ 345)(24) كتاب الزكاة (18) باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى - رقم (1427).

(3)

مسلم: (2/ 717)(12) كتاب الزكاة (32) باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى رقم (94).

(4)

أبو داود: (2/ 297)(3) كتاب الزكاة (28) باب في الإستعفاف - رقم (1648).

(5)

أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1649).

(6)

البخاري: (3/ 392)(24) كتاب الزكاة (، 5) باب الإستعفاف عن المسألة - رقم (1470).

ص: 371

لهُ من أن يأْتي رجُلاً فيسأَله أعطاه أو منعَهُ".

مسلم (1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سألَ النَّاسَ أموالَهُمْ تكَثُّراً (2)، فإنما يسْأَلُ جَمْراً، فليَسْتَقِلَّ أو ليسْتَكْثِرْ".

النسائي (3)، عن عائذِ بن عمرو، أَنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) فأعطاهُ، فلما وضع رِجْلهُ في أسكُفَّةِ (5) الباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو يعلمون (6) ما في المسألةِ، ما مشى أحدٌ إلى أحَدٍ يسأَلُهُ شيئًا".

أبو داود (7)، عن سَمُرةَ بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسائل كُدُوحٍ يَكْدَحُ بها الرجلُ وجهه، فمن شاءَ أبقى على وجهه ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بداً".

مسلم (8)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعْطى عمر بن الخطَّاب العطاءَ، فيقول (9) أعطهِ يا رسول الله! أفْقَرَ إليه منِّي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذه فَتَموَّلْهُ أو تصدَّقْ بهِ،

(1) مسلم: (2/ 720)(12) كتاب الزكاة (35) باب كراهة المسألة للناس - رقم (105).

(2)

تكثراً: أي ليكثر ماله، لا للاحتياج.

(3)

النسائي: (5/ 94، 95)(23) كتاب الزكاة (83) المسألة - رقم (2586).

(4)

في النسائي: (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه ويلم فسأله).

(5)

في النسائي: (على أسكفة الباب) ومعناها: عتبة الباب.

(6)

في النسائي: (لو تعدمون).

(7)

أبو داود: (2/ 289، 290)(3) كتاب الزكاة (26) باب ما تجوز فيه المسألة - رقم (1639).

(8)

مسلم: (2/ 723)(12) كتاب الزكاة (37) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير مسألة ولا إشراف - رقم (111).

(9)

في مسلم: (فيقول له عمر).

ص: 372

وما جَاءَكَ من هذا المَالِ وأنت غيرُ مشرفٍ ولا سائلٍ فخُذْهُ، ومَالَا، فلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ"، قال سالِمٌ: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسألُ أحدًا شيئًا ولا يَرُدُّ شيئاً أعْطِيهُ.

وروَيْتُ بالإِسناد المتصل الصحيح إلى خالد بن عَديّ الجهني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جاءه من أخيه معروفٌ من غير إشرافٍ ولا مسألةٍ فليقبله ولا يردَّهُ، فإنما هو رزقٌ ساقه الله إليه.

ذكره أبو عمر بن عبد البر وغيره.

مسلم (1)، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس المسكينُ بهذا الطوَّافِ الذي يطُوفُ على النَّاس، فتُردُّه اللقمة واللقمتانِ، والتمرةُ والتمرتانِ" قالوا: وما (2) المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غِنىً يغنيهِ ولا يُفْطنُ له فيُتَصدَّقَ عليه، ولا يَسْأَلُ النَّاسَ شيئًا".

وعنه (3)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا نِسَاءَ المؤمنات (4)، لا تَحْقِرَنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسِنَ شاةٍ"(5).

وعن عائشة (6)، قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أنفَقَتِ المرأة من طعام بيتها غْيرَ مُفْسِدَةٍ، كان لها أجرُها بما أنفقَتْ، ولزوجِهَا أجرُهُ بما كَسَبَ، وللخازِنِ مثلُ ذلك لا ينقُصُ بعضُهمْ أجْرَ بعضٍ شيئًا".

(1) مسلم: (2/ 719)(12) كتاب الزكاة (34) باب المسكين الذي لا يجد غنىً - رقم (101).

(2)

في مسلم: (فما).

(3)

مسلم: (2/ 714)(12) كقال الزكاة (29) باب الحث على الصدقة ولو بالقليل - رقم (90).

(4)

في مسلم: (يانساء المسلمات).

(5)

فرسن شاة: أي لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها، بل تجود ولو كان قليلاً كظلف الإبل أو قدم شاة.

(6)

مسلم: (2/ 710)(12) كتاب الزكاة (25) باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة - رقم (80).

ص: 373

وفي رواية (1)"من بيت زوجها".

وفي أخرى (2)، في حديث أبي هريرة "من غير أمْرِهِ فلها نصف أجره"(3)

مسلم (4)، عن عُمْير مولى أبي الَّلحْمِ قال: أمَرَني مولَايَ أن أُقَدِّدَ لحمًا، فجاءني مسكين فأطعمتُهُ مِنْهُ، فعلم بذلك مولاي فضربَنِي، فأتيتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فذكرتُ ذلك لهُ، فدعَاهُ فقال له:"لما ضَرَبْتَهُ؟ ".

فقال: يُعْطِي طعامِى بغير أمري (5)، فقال:"الأجر بينكُمَا".

وعن أبي هريرة (6) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله عز وجل يقُولُ يوم القيامِة: يا ابن آدَمَ! مَرِضْتُ فلم تعُدْنِي، قال: يارَبِّ كيف أعُوُدكَ؟ وأنت ربُّ العالَمِينَ، قال: أما عَلِمْتَ أَنَّ عبْدِى فُلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ أما عَلِمْتَ أنَكَ لو عُدْتَهُ لوجدتَنِي عندهُ؟ يا ابن آدم! استطعمتُكَ فلم تُطْعِمْنِي، قال: يا ربِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ؟ وأنت ربُّ العالمِينَ، قال أَمَا علمت أنه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ (7) فلم تُطْعِمْهٌ، أما عَلِمْتَ أنك لو أطعمتَهُ لوجدْتَ ذلك عندي؟ يا ابن آدَمَ استسقيتُكَ فلم تسقِنِي، قال: يا رَبِّ كيف أسْقِيكَ؟

وأنت ربُّ العالمين. قال استسقاك عبْدِي فلانٌ فلم تسقِهِ، أمَا إِنَّكَ لو سقيتَهُ وجدْتَ ذلك عِنْدِي".

(1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81).

(2)

مسلم: (2/ 711)(12) كتاب الزكاة (26) باب ما أنفق العبد من مال مولاه - رقم (84).

(3)

في مسلم: (فإن نصف أجره له).

(4)

مسلم: (2/ 711)(12) كتاب الزكاة (26) باب ما أنفق العبد من مال مولاه - رقم (83).

(5)

في مسلم: (بغير أن آمره).

(6)

مسلم: (4/ 1990)(45) كتاب البر والصلة والآداب (13) باب فضل عيادة المريض - رقم (43).

(7)

ب: أما علمت أن عبدي فلانًا استطعمك.

ص: 374

البخاري (1)، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُكوا العَانِي -أي الأسير- وأطْعِمُوا الجائِع، وعُودُوا المَرِيضَ".

وعن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (2)، أنَّ أصحابَ الصُّفَةِ كانوا أُنَاساً فقراء، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان عِنْدَهُ طعامُ اثنين فليذهب بثالثٍ، وإنْ أربعٌ فخامسٌ أو سادس" وأَنَّ أبا بكرٍ جاءَ بثلاثةٍ وذكر الحديث.

مالك (3)، عن أم بُجَيْدٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رُدُّوا السائل ولو بظِلْفٍ مُحرِقٍ".

مسلم (4)، عن أبي سعيد الخدْري قال: بينما نحنُ في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:- إذ جاءَ رجلٌ على ناقةٍ (5) له، فجعل يصرِفُ (6) يمينًا وشمالاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كان مَعَهُ فَضْلُ ظهْير فليَعُدْ بهِ على منْ لا ظهر له، ومن كان مَعَهُ فضلُ زادٍ فليعُدْ به على من لا زادَ له" قال: فذكر من أصناف المَاِل ما ذكر حتى رأَيْنَا أنه لا حَقَّ لأحدٍ منا في فضلٍ.

أبو داود (7)، عن عبد الله بن عمرو قال: خطبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إياكم والشُّحَّ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح: أمرهم بالبخل فَبَخِلوا، وأمرهم بالقطعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا".

(1) البخاري: (6/ 193)(56) كتاب الجهاد والسير (171) باب فكاك الأسير - رقم (3046).

(2)

البخاري: (2/ 90)(9) كتاب مواتيت الصلاة (41) باب السمر بيع الضيف والأهل - رقم (602).

(3)

الموطأ: (2/ 923)(49) كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (5) باب ما جاء في المساكين - رقم (8). وانظر خربجه مفصلاً في شرح مجلس البطاقة صحيفة (136).

(4)

مسلم: (3/ 1354)(31) كتاب اللقطة (4) باب استحباب المواساة بفضول المال - رقم (18).

(5)

في مسلم: (على راحلة).

(6)

في مسلم: (يصرف بصره).

(7)

أبو داود: (2/ 324)(3) كتاب الزكاة (46) باب في الشح - رقم (1698).

ص: 375