الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(الفصل الثالث: في الاشتقاق
.
(وهو رد لفظ إلى آخر لموافقته)
(1)
في حروف الأصلية، ومناسبته في المعنى).
الاشتقاق في اللغة:
الاقتطاع
(2)
، وفي الاصطلاح ما ذكره. فقوله:"رد لفظ" جنس، وقوله:"لموافقته في حروفه الأصلية" فصل احترز به عن الألفاظ المترادفة، كالإنسان والبشر؛ إذ لا اشتراك فيها
(3)
في الحروف، كذا ذكره الشراح
(4)
. ولقائل أن يقول: الألفاظ المترادفة لم تدخل في الكلام قبل ذلك حتى تُخْرج بهذا القيد؛ فإن أحد المترادفين ليس مردودَ اللفظ إلى الآخر.
وقوله: "الأصلية" إشارة إلى أن الاعتبار في موافقة الحروف إنما هو بالحروف الأصلية فقط، ولا عبرة بالحروف الزائدة
(5)
.
(1)
في (ت): "رد اللفظ إلى لفظ آخر".
(2)
انظر: لسان العرب 10/ 184، الصحاح 4/ 1503، مادة (شقق)، نفائس الأصول 2/ 655، نهاية السول 2/ 67، شرح الكوكب 1/ 204، التعريفات للجرجاني ص 21.
(3)
أي: في الألفاظ المترادفة.
(4)
كالجاربردي 1/ 277، والأصفهاني 1/ 189، والإسنوي 2/ 69، والبدخشي 1/ 196.
(5)
ولذلك قال الجاربردي: فيكون "دخل" مشتقًا من "الدخول" وإن لم يوافقه في الحرف الزائد وهو الواو، وكذا "يدخل" وإن لم يوافقه في الياء. اهـ. انظر: =
وقوله: "ومناسبته في المعنى" احتراز عن المعدول؛ لأن المناسبة تقتضي المغايرة
(1)
، ولا مغايرة بين المعدول والمعدول عنه في المعنى
(2)
.
وهذا الحد الذي ذكره أسدّ من تعريف الميداني
(3)
الذي ارتضاه الإمام وهو قوله: أن تجد بين اللفظين تناسبًا في المعنى والتركيب فترد أحدهما إلى الآخر
(4)
؛ إذ يُعترض على هذا بأن الاشتقاق ليس هو نفسُ الوجدان، بل الرد عند الوجدان.
واعلم أن للاشتقاق أربعة أركان ذَكَرها في الكتاب: المشتق، والمشتق منه، والموافقة في الحروف الأصلية مع المناسبة في المعنى، والرابع: التغيير.
= السراج الوهاج 1/ 277.
(1)
أي: لأن المناسبة تعني التشابه في بعض الوجوه، وهذا يفيد التغاير في باقيها. فالمشتق والمشتق منه يتغايران في المعنى الطارئ على المشتق دون المعنى الأصلي الذي يشتركان فيه، فضارب يشترك مع الضرب في الحدوث، ويختلفان في كون ضارب يدل على فاعل الحدث.
(2)
فالمعدول والمعدول عنه شيء واحد، مثل عامر وعمر، وزافر وزفر. والعَدْل: هو تحويل الاسم من حالةٍ إلى حالة أخرى مع بقاء المعنى الأصلي. انظر قطر الندى ص 314 في موانع الصرف، والعدل هو العلة الخامسة.
(3)
هو أحمد بن محمد بن أحمد الميدَانيّ النيسابوريّ - والمَيْدَان مَحِلَّة مِن مَحَال نَيْسابُور، كان يسكنها فَنُسِب إليها - أبو الفضل الإمام الفاضل الأديب النحويّ اللغويّ. من مصنفاته:"الأمثال" جيد بالغ، السَّامي في الأسامي، نزهة الطَّرْف في علم الصَّرْف، وغيرها. توفي في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة 518 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/ 356، معجم الأدباء 5/ 45.
(4)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 325.
فقوله: "رد لفظ" هو الركن الأول، ودخل فيه
(1)
الاسم والفعل.
وقوله: "إلى فظ آخر" هو الركن الثاني: وهو المشتق منه. ويؤخذ منه الركن الرابع: وهو التغيير؛ لأنه لو انتفى التغيير (بينهما لم يصدق عليه أنه لفظ آخر بل هو هو، ودخل فيه أيضًا الاسم والفعل)
(2)
.
وقوله: "لموافقته في حروفه الأصلية" هو الركن الثالث، واحترز به
(3)
عما عَرَفْتَ أَوَّلًا
(4)
.
قال: (ولا بد من تغييرٍ بزيادةٍ أو نقصانِ حرفٍ، أو حركةٍ، أو كليهما. أو بزيادة
(5)
أحدهما ونقصانه، أو نقصان
(6)
الآخر. أو بزيادته أو نقصانه بزيادة الآخر ونقصانه. أو بزيادتهما ونقصانهما. نحو: كاذبٌ، ونَصَر، وضاربٌ، وخَفَّ، وضَرَب، على مذهب الكوفيين. وغلا، ومسلماتٍ، وحذِر، وعادّ، ونَبَت
(7)
، واضْربْ، وخافَ، وعِدْ، وكالٍّ، وَارْم).
(1)
أي: في اللفظ.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
سقطت من (غ).
(4)
أي: للاحتراز عن الأحرف الزوائد، فإن الاختلاف فيها لا يضر كضرب وضارب. قال الإسنوي رحمه الله تعالى:"ولم يشترط في الحروف الأصلية أن تكون موجودة؛ لأنه ربما حُذف بعضها لمانع كخف من الخوف". نهاية السول 2/ 69.
(5)
في (ص): "أو زيادة".
(6)
في (غ)، (ك):"ونقصان". وهو خطأ.
(7)
في (ت): "وثبت".
لا بُدَّ مِنْ تغييرٍ بين اللفظين
(1)
، والتغيير المعنوي إنما يحصل بطريق التبع، والإمام لم يذكر من أقسام التغيير غير تسع، وليست الأقسام منحصرة في تلك، وقد زاد المصنف عليه ستة أقسام فجعلها خمسة عشر وأوْرَدَ لكلٍّ منها مثالًا، وفي أكثر أمثلته نظر. وقد وضع والدي - (أطال الله بقاه)
(2)
- في هذا الفصل أرجوزة حسنة.
قوله: "بزيادةِ أو نقصانِ حرفٍ أو حركةٍ أو كليهما" دخل
(3)
فيه ستة أقسام: أربعة تغييرها فرادى، واثنان ثنائيان. فإن قوله:"بزيادة" ليس مُنَونًا بل هو مضاف إلى حرفٍ وحركةٍ وكليهما. وكذا: "نقصان" مضاف إلى الثلاثة، فكانت ستة أقسام:
(زيادة الحرف، وزيادة
(4)
الحركة، و
(5)
زيادتهما معًا. وهكذا النقصان
(6)
.
وقوله: "أو بزيادة أحدهما ونقصانه، أو نقصان
(1)
وهما المُشْتَق والمُشْتق منه.
(2)
في (ت)، و (غ):"أثابه الله". وقد سبق أن بينا في أول الكتاب أن نسخة (ص) قد كُتب فيها في مثل هذا الموطن: رحمه الله. لكن في هذا الموطن من (ص) كُتب فيها: أطال الله بقاه، وهذا يؤيد ما ذكرته هناك بأن استبدال هذا بالدعاء بالرحمة مِنْ فعل الناسخ؛ لأن المؤلف أتم شرح والده في حياته.
(3)
في (ت)، و (ك):"داخل".
(4)
في (غ)، و (ك):"زيادة".
(5)
سقطت الواو من (ص)، و (غ)، و (ك).
(6)
يعني: نقصان حرف، ونقصان حركة، ونقصانهما.
الآخر
(1)
" يدخل فيه أربعة أقسام)
(2)
ثنائيةٌ أيضًا، إذْ زيادة أحدهما ونقصانُه يدخل فيه: زيادة الحرف ونقصانه، وزيادة الحركة ونقصانها. ويدخل في زيادة أحدهما ونقصانِ الآخر قسمان: زيادة الحرف ونقصان الحركة، وعكسه.
وقوله: "أو بزيادته أو نقصانه بزيادة الآخر ونقصانه"(تقديره: أو بزيادة أحدهما مع زيادة الآخر ونقصانه أو نقصان أحدهما مع زيادة الآخر ونقصانه فيدخل فيه أربعة أقسام ثلاثية التغيير؛ لأن زيادة أحدهما مع زيادة الآخر ونقصانه يدخل فيه صورتان: زيادة الحرف مع زيادة الحركة ونقصانها. والثانية: زيادة الحركة مع زيادة الحرف ونقصانه)
(3)
. (ويدخل في نقصان أحدهما مع زيادة الآخر ونقصانه صورتان أيضًا)
(4)
:
إحداهما: نقصان الحرف مع زيادة الحركة ونقصانها.
والثانية: نقصان الحركة مع زيادة الحرف ونقصانه.
وقوله: "أو بزيادتهما ونقصانهما". أي: بزيادة الحرف والحركة معًا ونقصانهما معًا، وهو قسم واحدٌ رباعي التغيير، وبه تكملت الأقسامُ خمسةَ عشرَ.
(1)
في (غ)، و (ك):"آخر".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
سقطت من (ت).
(4)
في (ت): "يدخل فيه صورتان أيضًا". وهذا سقط وتحريف.
قوله: "نحو كاذب" شرع في المُثُل للأقسام المذكورة:
الأول: زيادة الحرف فقط، نحو: كاذب من الكذب، زيدت الألف.
الثاني: زيادة الحركة، نحو: نَصَر الماضي من النَّصْر، زيدت حركة الصاد.
الثالث: زيادة الحرف والحركة معًا، مثل: ضَارِب من الضَّرْب زيدت
(1)
الألف وحركة الراء.
الرابع: نقصان الحرف، نحو: خِفْ فِعْلُ أمرٍ من الخَوْف نقصت الواو.
وقد اعتُرض على المصنف بأن الفاء صارت في هذا ساكنة بعد أن كانت متحركة، فاجتمع في هذا المثال نقصان الحرف والحركة معًا.
فإن اعتذر بأن مثل هذا لا يُعْتبر؛ لكونه نقصانًا لحركة الإعراب.
قلنا: سيأتي إن شاء الله تعالى في القسم العاشر ما يخالفه
(2)
، فالأَوْلى تمثيله بذَهَبَ من الذَّهَاب أو حَسَبَ، من الحِسَاب
(3)
.
(1)
في (ص): "زيد".
(2)
لم يعتبر المصنف الحركة الإعرابية في القسم العاشر، فهذا سهو من الشارح رحمه الله تعالى.
(3)
وفي كلا المثالين نقصت الألف. انظر: لسان العرب 1/ 393، مادة (ذهب) 1/ 313، مادة (حسب).
الخامس: نقصان الحركة، نحو: ضَرْبٌ المصدر مِنْ ضَرَب القاضي، نقصت حركة الراء. قال في الكتاب: وهذا لا يتأتى إلا على مذهب الكوفيين. يعني: في اشتقاقهم المصدر من الفعل، عكس مذهب البصريين. وذهب أبو بكر بن أبي طلحة
(1)
إلى مذهب ثالث: وهو أن كلًا من المصدر والفعل أصل بنفسه، ليس أحدهما مشتقًا من الآخر. حكاه شيخنا أبو حيان في "الارتشاف"
(2)
.
السادس: نقصان (الحرف والحركة)
(3)
معًا، نحو: غَلَا ماضِي غَلَيَان، نقصت الألف والنون ونقصت فتحة الياء
(4)
. ومِنْ أمثلته أيضًا: سِرْ من السَّيَرِ نقصت الياء وحركة الراء، وبِعْ من البَيْع نقصت الياء وحركة العين.
السابع: زيادة الحرف ونقصانه، أي: نقصان حرف
(1)
هو محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك الأُمويّ الإشبيليّ، أبو بكر المعروف بابن طلحة. ولد سنة 545 هـ. كان إمامًا في صناعة العربية، نظّارًا عارفًا بعلم الكلام وغير ذلك، ودرَّس العربية والآداب بإشبيلية أكثر من خمسين سنة. مات بإشبيلية سنة 618 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/ 121. وعليه فإنَّ زيادة "أبي" - كما في الشرح - في اسمه خطأ، ولعلها سهو من الشارح أو من الناسخ، فهو معروف بابن طلحة كما ورد في المراجع في الهامش التالي.
(2)
انظر: ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب 3/ 1353، الأشموني على الألفية 2/ 112، شرح ابن عقيل 1/ 559.
(3)
في (ص): "الحركة والحرف".
(4)
لأن الياء في "غليان" انقلبت إلى ألف في "غلا"، وهي ساكنة.
آخر. (ومَثَّل له في الكتاب)
(1)
: بمسلمات زِيدت الألف والتاء للجمع، ونقصت منه تاء كانت في المفرد في قولك: مسلمة
(2)
.
ولك أن تقول: الجمع غير مشتق من مفرده فلا يصح ما ذكره مثالًا، فالأولى التمثيل بقولك: مُدَحْرَج من الدَّحْرجة نقصت هاء التأنيث وزادت الميم، وكذا مُزَخْرَفٌ من الزَّخْرَفَة نقصت التاء وزادت الميم.
الثامن: زيادة الحركة ونقصانها، أي:(ونقصان)
(3)
حركة أخرى. نحو: حَذِرَ من الحَذَر، زيدت فيه كسرة الذَّال الْمُعْجَمة ونقصت منه فتحته. وكذلك رَمَى من الرَّمْيِ نقصت حركة الياء من الرَّمْي، وزيدت حَرَكة الميم، وسَعَى من السَعْي.
التاسع: زيادة الحرف ونقصان الحركة، نحو: عَادّ بالتشديد من العَدَدِ زيدت الألف بَعْدَ العين، ونقصت حركة الدال الأولى
(4)
.
العاشر: زيادة الحركة ونقصان الحرف، نحو:(نَبَت من النَّبَات)
(5)
(1)
في (ص)، و (غ)، (ك):"ومَثَّل في الكتاب له".
(2)
وهذا المثال يدل على أن الجمع مشتق من المفرد.
(3)
في (ص): "نقصان".
(4)
لأن أصل عادَّ: عادْدَ، فَأُدغمت الدال الساكنة الأولى في الثانية المتحركة، فأصبحت دالًا مشددة، فنقصت حركة الدال الأولى في عادَّ؛ لأنها ساكنة مدغمة في الثانية - عن الدال المحركة الأولى في العَدَد.
(5)
في (ت): "ثبت من الثبات".
زيدت فيه فتحة التاء ونقصت منه الألف كذا ذكره في الكتاب.
ولك أن تقول: فتحة التاء جاءت عِوَضَ الكسرةِ فليس ثَمَّ غيرَ نقصانِ الألف، وليس له أن يقول: لا يُعْتَد بالحركة الإعرابية؛ إذ سبق منه في القسم الرابع ما يخالف ذلك
(1)
(2)
.
الحادي عشر: زيادة الحرف والحركة جميعًا مع نقصان حركة أخرى، مثل: اضْرِبْ من الضَّرْب، زيدت فيه ألف الوصل وكسرة الراء، ونقصت منه حركة الضاد.
الثاني عشر: زيادة الحركة مع زيادة الحرف ونقصانه، مثل: خاف ماضي
(3)
من الخَوْفِ زيدت الألف وحركة الفاء
(4)
وحذفت
(5)
الواو.
(1)
الظاهر في القسم الرابع أن المصنف لم يعتد بالحركة الإعرابية، فهذا مِنْ سهو الشارح رحمه الله تعالى.
(2)
مُثِّل في شرح الكوكب 1/ 209، لزيادة الحركة ونقصان الحرف بـ: رُجِع من الرُّجْعَى. نقصت الألف، وزيدت حركة الجيم. ومَثَّل الزركشي في البحر 2/ 324 بـ: قَدَر من القُدْرة. زيدت حركة الدال ونقصت التاء، وكذا رَحِم من الرحْمَة.
(3)
في (غ)، و (ك):"ماض".
(4)
في هذا نظر، لأن الفاء في الخوف متحركة حركة إعرابية، وهو قد سبق منه بيان الاعتداد بالحركة الإعرابية، فكان الأولى بالشارح التمثيل بمثال آخر بعد التنبيه على ذلك.
(5)
في (ت): "وحذف".
الثالث عشر: نقصان الحرف مع زيادة الحركة ونقصانها، مثل: عِدْ فِعْل أمر من الوَعْد زيدت كسرة العين ونقصت الواو وحركة الدال.
الرابع عشر: نقصان الحركة مع زيادة الحرف ونقصانه، نحو: كالٍّ بتشديد اللام، وهو اسم فاعل من الكلال، نقصت حركة اللام الأولى
(1)
وكذلك الألف التي بين اللامين
(2)
وزيدت ألفٌ قبل اللامين
(3)
.
الخامس عشر: زيادة الحرف والحركة معًا ونقصانهما معًا، نحو: اِرْمِ من الرَّمْي زيدت الهمزة
(4)
وحركة الميم، ونقصت الياء وحركة الراء. والله أعلم
(5)
.
قال: (وأحكامه في مسائل: الأولى: شَرْط المشتق
(6)
صِدْقُ أصلِه خلافًا لأبي علي وابنه فإنهما قالا: بعالمية الله تعالى دون
(1)
في: "الكلال". فاللام الأولى في الكلال مفتوحة، فنقصت في كالّ، إذ اللام الأولى فيها ساكنة؛ إذ أصلها: كاللَ، فأدغمت الساكنة في المتحركة فأصبحت مشددة.
(2)
نفس التعليق السابق.
(3)
في: "كالٍّ".
(4)
أي: التي للوصل في: ارْمِ.
(5)
انظر البحوث السابقة في: المحصول 1/ ق 1/ 325، التحصيل 1/ 204، الحاصل 1/ 308، نهاية السول 1/ 67، السراج الوهاج 1/ 277، البحر المحيط 2/ 311، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 280، بيان المختصر 1/ 240، شرح العضد على ابن الحاجب 1/ 171، فواتح الرحموت 1/ 191، تيسير التحرير 1/ 66، شرح الكوكب 1/ 204.
(6)
كاسم الفاعل، واسم المفعول، والماضي، والمضارع، والأمر، وغير ذلك.
عِلْمه
(1)
وعَلَّلاها فينا به
(2)
. لنا: أن الأصل جزؤه
(3)
فلا يوجد دونه).
شرط صِدْقِ المشتق اسمًا
(4)
كان أو فعلًا - صِدْق أصْله المشتق منه، فلا يصدق قائم على ذاتٍ إلا إذا صَدَق القيام على تلك الذات، وسواء أكان
(5)
الصدق في الماضي أم في الحال أم في الاستقبال، والكلام في أنَّ صِدْق ذلك
(6)
هل هو بطريق الحقيقة أو المجاز من وظائف المسألة التالية لهذه. وهذا هو السر في قول المصنف: "صدق أصله"(دون وجود أصْله)
(7)
كما قال غيره، إذ لو قال: وجود أصله - لورد عليه إطلاقه باعتبار المستقبل؛ إذ هو جائزٌ مع عدم وجوده حالة الإطلاق. والكلام في المسألة مع أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم وهما لم يصرحا بالمخالفة في ذلك، ولكن وقع ذلك منهما ضمنًا حيث ذهبا هما ومَنْ تبعهما مِنَ المعتزلة إلى القول: بعالمية الله تعالى دون علمه، أي قالا: إن الله تعالى عالِم، ولم
(1)
أي: يثبتون المشتق، وينفون المشتق منه، فينفون الصدر الذي هو الأصل، ويثبتون المشتق الذي هو الفرع.
(2)
أي: علَّل أبو علي وابنُه العالِمِيَّةَ في المخلوقات بالعِلْم، والتعليل به لعالمية الله تعالى لا يجوز، بناءً على قولهم بأن عالميته واجبة، وهي لا تقبل التعليل.
(3)
أي: جزء المشتق. مثاله: عالم، معناه: ذات مَنْ له العِلْم، والضارب: ذات مَنْ له الضَّرْب، فالمصدر جزء من معنى المشتق، فالمشتق كلٌّ، ولا يوجد الكل بدون جزئه.
(4)
كاسم الفاعل، أو اسم المفعول، أو الصفة المشبهة، ونحوها.
(5)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"كان".
(6)
أي: صِدْق ذلك الصدر على تلك لذات.
(7)
سقطت من (غ).
يقولا بحصول العِلْم - الذي اشتق منه العالِم له، والحاصل أن هذه الطائفة ينفون عن الله تعالى الصفات الحقيقية الزائدة على الذات: كالعلم، والقدرة، والحياة، ويجمعها قول الشاطبي رحمه الله:
حيٌّ عليمٌ قديرٌ والكلام لَهُ
…
باقٍ سميعٌ بصيرٌ ما أرادَ جَرَى
فرارًا من أن تكون الذات قابلًا وفاعلًا، ومِنْ أشياء زعموها لازمة
(1)
.
ويقولون: بثبوت العالِمية والقادرية والحيية له
(2)
بناءً على أنها نِسَب وإضافات لا وجود لها في الخارج
(3)
، بخلاف العلم والقدرة والحياة فإنها صفات حقيقية.
ويقولون: عالمية الله غير مُعَلَّلة بالعِلْم؛ لأن العالِمية له واجبة، والواجب لا يُعَلَّل بالغير، بخلاف عالميتنا فإنها معلَّلة بالعلم؛ إذ هي غير واجبة.
وقال أهل السنة وقوم من المعتزلة: إن لله سبحانه وتعالى صفات مغايرة لذاته تعالى: وهي العلم، والقدرة، والحياة، وغيرها من الصفات
(1)
أي: فرارًا من القول بأن الله تعالى قابلٌ للكلام، والقدرة، والعلم، والسمع، والبصر، وفاعلٌ لذلك، وغيرها من الصفات، وكأنهم يرون أن إثبات ذلك يستلزم التشبيه؛ إذ القبول والفِعْل مِنْ صفات الحوادث، هكذا زعموا، وتعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
(2)
وهي ليست مصادر، بل العالمية والقادرية اسم فاعل، والحيية صفة مشبهة. والصفة المشبهة: هي لفظ مصوغ من مصدر اللازم للدلالة على الثبوت. فَحَيٌّ صفة مشبهة مشتقة من الفعل اللازم حَيَّ. انظر: شذا العرف ص 79.
(3)
أي: وجودها ذهني.
الثبوتية
(1)
.
ثم قال الذين نفوا الحال
(2)
: العالِمية والقادرية والحيية نفسُ العلم والقدرة والحياة
(3)
.
وقال مثبتو الحال: عالمية الله: حالةٌ معلَّلة بمعنى قائمٍ به (وهو العلم)
(4)
، وكذا القادرية بالقدرة، والحيية بالحياة
(5)
.
وإذا عرفت هذا ظهر أن الأشاعرة ومَنْ وافقهم قالوا: إن الله تعالى عالم بالعلم، قادر بالقدرة، حي بالحياة. والجبائيان
(6)
قالا: إنه
(1)
تنقسم الصفات عند الأشاعرة إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية. فالثبوتية قسمان: منها ما يدل على نفس الذات دون معنى زائد عليها وهي الوجود. ومنها ما يدل على معنى زائد على الذات وهي صفات المعاني والمعنوية، إلا أن هذا المعنى الزائد وجودي في المعاني، وثبوتي في المعنوية. فصفات المعاني دلَّت على معنى زائد على الذات، وكذلك المعنوية؛ إذ هي عبارة عن قيام المعاني بالذات. وقد سبق في أول الكتاب الكلام عن صفات المعاني والمعنوية. أما الصفات السلبية فهي عند الأشاعرة خمس صفات: وهي القدم، والبقاء، والقيام بالنفس، والمخالفة للحوادث، والوَحْدانية. والصفات السلبية: هي التي دلَّت على سلب ما لا يليق به سبحانه. أي: تسلب من الذهن أضدادها. انظر: شرح جوهرة التوحيد ص 85، 88.
(2)
وهم المعتزلة، ويريدون بنفي الحال: نفي المصادر التي اشتقت منها تلك الصفات.
(3)
أي: يريدون بهذا عدم إثبات المصادر، فلا يقولون عالِمٌ بِعِلْم، وقادِرٌ بقدرة، بل تلك المشتقات هي نفس المشتق منه، فلا يُرجعون عالمِيَته إلى العلم، وقادريته إلى القدرة.
(4)
سقطت من (ت)، و (غ).
(5)
فالصفات موجودة مع مصادرها.
(6)
هما أبو علي وابنه أبو هاشم الجبائيان، وقد سبقت ترجمة أبي هاشم. أما أبو علي =
تعالى عالم بالذات لا بالعلم، قادر بالذات لا بالقدرة، حي بالذات لا بالحياة. فقد جوزوا صدق المشتق الذي هو العالِم بدون صدق المشتق منه (الذي هو العلم.
واستدل في الكتاب على امتناع إطلاق المشتق بدون المشتق منه)
(1)
: بأنه لو صح المشتق بدون صدق أصله للزم وجود الكل بدون الجزء؛ لأن الأصل الذي هو المشتق منه جزء للمشتق؛ لأن المشتق يدل على الأصل وعلى ذاتٍ متصفة به كالعالِم مثلًا فإنَّ مدلولَهُ ذاتٌ متصفة بالعلم
(2)
، فالعلم الذي هو أصل العالِم جزء من مجموع معناه، فلو صح العالِم بدون العلم للزم ما ذكرناه
(3)
. ولا يُنْقض هذا بصحة إطلاق اسم الكل على الجزء؛ لأن ذلك من باب المجاز، والكلام في صحة الإطلاق الحقيقي
(4)
.
= فهو محمد بن عبد الوهاب البصريّ، شيخ المعتزلة وصاحب التصانيف. ولد سنة 235 هـ. كان على بدعته متوسِّعًا في العلم، سَيَّال الذهن، وهو الذي ذلّل الكلام وسَهَّله، ويسَّر ما صعب منه. من مصنفاته: الأصول، النهي عن المنكر، الأسماء والصفات، وغيرها. تُوفي رحمه الله سنة 303 هـ. انظر: وفيات 4/ 267، سير 14/ 183.
(1)
سقطت من (ت).
(2)
سقطت من (ت).
(3)
وهو وجود الكل بدون وجود الجزء، وهو مستحيل.
(4)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 1/ 327، التحصيل 1/ 204، الحاصل 1/ 310، نهاية السول 1/ 72، السراج الوهاج 1/ 282، البحر المحيط 2/ 335، فواتح الرحموت 1/ 192، شرح الكوكب 1/ 219.
قال: (الثانية: شَرْط كونه حقيقة دوامُ أصله، خلافًا لابن سينا وأبي هاشم؛ لأنه يصدق نفيه عند زواله فلا يصدق إيجابه. قيل: مطلقتان فلا يتناقضان. قك: مؤقتتان بالحال فإنَّ أهل العرف تَرْفع أحدهما بالآخر).
المسألة السابقة في اشتراط صِدْق المشتق منه في كون المشتق حقيقة، سواء أدام
(1)
معنى المشتق منه إلى حالة الإطلاق أم لم يدم. وهذه في اشتراط دوام معنى المشتقِ منه إلى حالة إطلاق المشتق، فهي أخص من تلك.
فنقول: إطلاق الاسم المشتق باعتبار الحال
(2)
حقيقةٌ بالإجاع، وباعتبار المستقبل مجازٌ بالإجماع
(3)
، وأما إطلاقهُ باعتبار القاضي كإطلاق الضارب على مَنْ صدر منه الضرب وانتهى:
فقال الجمهور: إنه (غير حقيقة)
(4)
. قال
(5)
الإمام: "وهو الأقرب"
(6)
واختاره في الكتاب.
(1)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"دام".
(2)
أي: باعتبار كون معناه متحققًا حال النطق والتكلم.
(3)
قال القرافي: "إطلاقُ اللفظ المشتق ومسمى المشتق منه مقارِن - حقيقةٌ إجماعًا، كتسمية الخمر خمرًا. وإطلاقُه وهو مستقبَلٌ مجازٌ إجماعًا، كتسمية العنب خمرًا". نفائس الأصول 2/ 664.
(4)
في (ك): "مجاز".
(5)
في (غ): "وقال".
(6)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 329.
وقال ابن سينا وأبو هاشم ووالده أبو علي: إنه حقيقة
(1)
.
وفي المسألة مذهبٌ ثالث: أن معنى المشتق منه إنْ كان مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود
(2)
- اشترط بقاؤه
(3)
في كون المشتق حقيقةً وإلا
(4)
فلا. حكاه الآمدي
(5)
، والإمام ذكره بحثًا من جهة الخصم ثم أجاب عنه: بأن أحدًا من الأمة لم يقل بهذا الفرق
(6)
فيكون باطلًا
(7)
.
واعلم أنَّ محل الخلاف في المسألة إنما هو في صِدْق الاسم فقط، أعني: هل يسمى مَنْ ضَرَبَ أمسِ الآن بضارب؟ وهو أمر راجع إلى اللغة، وليس النزاع في نسبة المعنى، أعني: في أن زيدًا الضارب أمس هل هو الآن ضارب؟ فإن ذلك لا يقوله عاقل
(8)
.
وإذا تبين أن محل النزاع إنما هو في صدق الاسم - فاعلم
(1)
انظر: نهاية السول 2/ 82، الحاصل 1/ 311، 312.
(2)
وكالضرب والأكل. انظر: أصول الفقه لأبي النور زهير 2/ 221.
(3)
أي: بقاؤه إلى حالة الإطلاق.
(4)
أي: وإن لم يمكن بقاؤه كالكلام والخبر والقول، وهي من المصادر السَّيَّالة التي لا تجتمع أجزاؤها في الوجود. انظر أصول الفقه لأبي النور زهير 2/ 221، وشرح الكوكب 1/ 217.
(5)
انظر: الإحكام 1/ 54، وشرح الكوكب 1/ 217.
(6)
وهو أنه إن كان معنى المشتق منه يمكن بقاؤه فيشترط، وإلا فلا.
(7)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 334، 335.
(8)
يعني: ليس النزاع في نسبة المعنى، وهو نسبة الفعل الماضي إليه في الحاضر، بل في التسمية له بما صدر منه سابقًا.
أيضًا أن الذي يتجه أن الخلاف أيضًا ليس في الصفات القارة المحسوسة كالبياض والسواد؛ لأنا على قَطْعٍ بأن اللغوي لا يطلق على الأبيض بعد اسوداده أنه أبيض، وقد قال الإمام في آخر المسألة: لا يصح أن يقال لليقظان
(1)
إنه نائم، اعتبارًا بالنوم السابق
(2)
. وادعى الآمدي في ذلك الإجماع فقال: "لا يجوز تسمية النائم قاعدًا، والقاعدِ نائمًا
(3)
بإجماع المسلمين وأهل اللسان"
(4)
. وهذا واضح من اللغة، وإنما الخلاف في الضرب ونحوه من الأفعال المُتَقَضِّية
(5)
، فإطلاق
(6)
المشتق
(7)
على محلِّها
(8)
(9)
من باب الأحكام
(10)
، فلا يبعد إطلاقه
(11)
حال خلوه
(12)
(1)
سقطت من (ت).
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 340.
(3)
عبارة الإحكام: ". . القائم قاعدًا، والقاعد قائمًا".
(4)
انظر: الإحكام 1/ 56، والنقل بتصرف كما هو الغالب في نقل الشارح رحمه الله تعالى. وانظر: شرح الكوكب 1/ 218.
(5)
أي: التي تقع وتنقضي كالضرب والكلام والجلوس والقعود والضحك والبكاء، ونحو ذلك.
(6)
في (ك): "وإطلاق".
(7)
وهو الضارب ونحوه.
(8)
سقطت من (ت).
(9)
وهي الذات التي صدر منها الضرب ونحوه. وأهل الفلسفة يسمون الموصوف محلًا.
(10)
أي: الحكم بصدور الضرب.
(11)
أي: المشتق.
(12)
أي: خلو المحل، وهي الذات الموصوفة بالضرب.
عن
(1)
مفهومه
(2)
؛ لأنه أمرٌ حُكْمي.
ويتبين
(3)
من هنا وجه انفصال الماضي عن المستقبل حيث كان إطلاقه باعتبار الماضي أولى لأن مَنْ حصل منه الضَّرْب في القاضي قد يُسْتصحب حكمه، وأما المستقبل فلم يثبت له حكمٌ حتى يُستصحب.
إذا عرفتَ ذلك فنقول: استدل الصنف على ما اختاره من أنه ليس بحقيقة: بأنه يصدق نَفْي المشتق عند زوال المشتق منه، فنقول: زيد ليس بضارب. فلو صدق الإيجابُ حقيقةً
(4)
: وهو زيد ضارب - للزم اجتماع النقيضين، أعني: صدق
(5)
نَفْيِ الضرب وإثباتِهِ. فتقرر أنه إنما يصدق مجازًا
(6)
؛ لأن صحة النفي من أمارات المجاز
(7)
.
واعْتُرِض على هذا: بأن قولنا: ضاربٌ وليس بضارب - قضيتان مُطْلَقتان
(8)
لم يتحد وقتُ الحكم فيهما فلا يتناقضان؛ لجواز أن يكون وقت
(1)
في (ص): "من".
(2)
أي: مفهوم المشتق. والمعنى: فلا يبعد إطلاق المشتق حال خلو الذات من مفهوم المشتق، وهو المصدر.
(3)
في (ص): "وتبين".
(4)
: في حال زوال المشتق منه.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
أي: إنما يصدق إطلاق المشتق عند زوال المشتق منه مجازًا.
(7)
سقطت من (ت).
(8)
أي: غير مُوَجَّهتين، يعني: لم تُقَيَّد بجهة معينة، مثل التقييد بالوقت، أو بالضرورة أو بالإمكان، كما هو الحال في القضايا الموجهة. انظر: شرح التهذيب ص 26، =
السلب غيرَ وقت الإثبات.
وأجاب في الكتاب: بأنهما مؤقتتان بحال التكلم
(1)
، وأغنى عن هذا التقييد فَهْمُ أهلِ العُرْف؛ إذ لو لم يكن كذلك لما جاز استعمال كل واحد منهما في تكذيب الآخر ورفعه، لكن أهل العرف يستعملون ذلك فيكونان متناقضين
(2)
، وهو المطلوب.
فإن قلت: سَلَّمنا أنهما مؤقتتان بالحال، وأنهما متناقضتان، ولكن لا
= والمنهج القويم في المنطق الحديث والقديم ص 116.
(1)
أي: زيد ضارب في وقت التكلم. وزيد ليس بضارب في وقت التكلم. فهنا يحصل التناقض؛ لأن الوقت صار متحدًا. أي: هاتان القضيتان من قبيل القضية الوقتية المطلقة: وهي التي حُكِم فيها بضرورة المحمول للموضوع في وقت معين من أوقات الموضوع. مثاله: كل قمرٍ منخسف بالضرورة وقت حيلولة الأرض بينه وبين الشمس. فالانخساف ضروري الثبوت للقمر في وقت خاص: وهو حيلولة الأرض بينه وبين الشمس. وكذا في مثالنا هنا، فالضرب موقت بالضرورة في وقت التكلم، وعدمُه مؤقت بالضرورة في وقت التكلم. والقضية الوقتية المطلقة هي من أقسام القضايا الموجهة: وهي التي صُرِّح فيها بكيفية النسبة بين الموضوع والمحمول. مثلًا: كل إنسان حيوان. قضية مطلقة؛ لأنه لم يُصَرَّح فيها بكيفية النسبة، هل نسبة المحمول إلى الموضوع ضرورية، أو دائمة، أو ممكنة، هل في وقت خاص، أو في وقت غير معين. والذي يكون به بيان النسبة بين الموضوع والمحمول يسمى جهة. فمثلًا لو قلنا: كل إنسان حيوان بالضرورة. فقولنا: بالضرورة هي جهة جَعَلت القضية موجهة، أي: النسبة بين الموضوع والمحمول ضرورية، فالحيوانية ثابتة بالضرورة، أي: ما دامت ذاته موجودة، فالانفكاك ممتنع، فلا يجوز لك أن تقول: الإنسان ليس بحيوان. انظر: القضايا الموجهة وأقسامها في: شرح التهذيب ص 26، المنهج القويم ص 116.
(2)
لأن نقيضَ كلِّ شيءٍ رفعه.
نسلم أنه حينئذ يصح إطلاقُهما؛ لأنه لا يصح: ليس بضارب في الحال، وهل قولكم: إن ذلك يصح، إلا مصادرة على المطلوب!
قلت: صِدْق "ليس بضارب في الحال" لا يَقْبل المنازعة، إلا ممن لم يفهم معنى هذا الكلام، وذلك لأنا لم نعن بذلك سلب إطلاق الاسم حتى يقال: إنه مصادرة على المطلوب، بل إنَّ المَعْنى غير ثابت في الحال؛ وقد قدمنا أنه لا ينازع في ذلك عاقل. ويقرر عندك أنَّ المَعْنِيَّ بقولنا: يصدق "ليس بضارب في الحال "تحققُ المعنى لا صِدْق الإطلاق أن الخصوم
(1)
سلَّموا هذه المقدمة لَمَّا ذكرها الإمام وغيره، وما اعترض أحدٌ بهذا السؤال
(2)
.
فإن قلت: سَلَّمنا أنه يصح "ليس بضارب في الحال"
(3)
ولكن لا نسلم استلزامها صحة "ليس بضارب"
(4)
.
قلت: لأن ليس بضارب مطلقة، وليس بضارب في الحال مؤقتة، والمطلقة جزء من المؤقتة. ولتوضيح ذلك فنقول: إذا قَيَّدت في الإيجاب أو
(1)
جملة "أن الخصوم" فاعل "يقرر".
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 329.
(3)
لأن المراد بها: أن معنى الضرب غير متحقق الآن.
(4)
أي: من غير تقييد بالحال، لأن سلب الضرب عن زيد في الحال لا يستلزم سلب الضرب عنه في جميع الأحوال، لأنه لا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم. كقولنا: الحمار ليس بحيوان ناطق، فإنه صادق، مع أنه لا يصدق قولنا: إنه ليس بحيوان. انظر: نهاية السول 2/ 94.
في السلب بزمان، ولم تَجْعل الزمان جزءًا من المحمول - كانت القضية مُوَجَّهةً مؤقتة. وإن لم تُقَيِّد
(1)
كانت القضية مطلقة، وهي جزء من المؤقتة. والقيد المذكور في المؤقتة كقولنا: زيد ضارب الآن (أو ليس بضارب الآن - إذا جعلناه جهةً معناه: تقييدُ نسبةِ المحمول الذي هو "ضارب" إلى الموضوع الذي هو "زيد" إيجابًا أو سلبًا
(2)
. فإذا قلت: زيدٌ ضاربٌ الآن - فمعناه
(3)
أن نسبة ضارب إلى زيد ثابتة الآن. وإذا قلت: زيد ليس بضارب الآن)
(4)
فمعناه
(5)
: أن نسبة ضارب إلى زيد منتفية
(6)
الآن، والآن ظرف للانتفاء
(7)
لا للنفي، فإن النفي هو الحكم وهو حاصل الآن
(8)
، والانتفاء: مَدْلُولُه
(9)
، وهو بحسبه قد يكون الآن كما في هذا المثال، وقد يكون أمسِ أو
(10)
غدًا على حسب ما تأتي المؤقتة
(11)
.
(1)
يعني: إن لم تقيد الإيجاب أو السلب بزمان.
(2)
قوله: "إيجابًا أو سلبًا" حال من: "تقييد". يعني: الضرب ثابت لزيد الآن، أو ليس بثابت لزيد الآن.
(3)
في (غ): "معناه".
(4)
سقطت من (ت).
(5)
في (ت)، و (غ):"معناه".
(6)
في (ص): "ممتنعة".
(7)
في (غ): "الانتفاء".
(8)
أي: حال التكلم، فالمتكلم نفى الضرب الآن في حال التكلم، لا في الزمان الماضي.
(9)
فالنفي: هو الحكم بالانتفاء. والانتفاء (أي: انتفاء مدلول هذا الكلام) هو مدلول النفي.
(10)
سقطت من (غ).
(11)
يعني: أن الحكم بالنفي يكون الآن، لكن مدلوله وهو الانتفاء قد يكون الآن، =
وقد يأتي الظرف جزءًا من المحمول كقولك: زيد ضارب الآن، تريد أن ضَرْبَه الآن ثابت، أو ليس بضارب الآن، تريد ضربه الآن منفي
(1)
. فهذه ليست موجهة والمنفي فيها أخص من المنفي في الموجهة والمُثْبَت أخص من المثبت.
ولنزد ذلك إيضاحًا فنقول: إذا قلت: ليس زيدٌ ضاربًا الآن أو
(2)
يوم الجمعة - فلا يجوز أن يكون الآن أو يوم الجمعة ظرفًا لحكمك
(3)
، ألا ترى أنك تقول: يوم الجمعة - وأنت غير حاكم فيه. وبقي بعد هذا أن يوم الجمعة إما أن يكون ظرفًا لانتفاء الضرب المقيَّد بذلك الوقت أو المطلق. و
(4)
المعنى: أن زيدًا يصدق يومَ الجمعة أنه ليس بضارب، ومن ضرورة انتفائه انتفاء المقيد. وإذا وضح أن المطلقة جزء من المؤقتة
(5)
صح تعبير الإمام في "المحصول" بالكل والجزء، ودعواه استلزام الكُلِّ الجزءَ، وليس
(6)
مراده الجزء من حيث اللفظ بل من حيث المعنى.
= وقد يكون في الماضي، وقد يكون في المستقبل، فلا يلزم من كون النفي الآن أن يكون الانتفاء الآن، بل قد يكون قبله، وقد يكون بعده.
(1)
في (ص): "منتف".
(2)
سقطت من (ت).
(3)
وهو النفي بليس؛ لأن الظرف وهو "الآن" أو "يوم الجمعة" ليس ظرفًا للنفي، بل ظرفًا للمحمول، فالنفي للمحمول عن الموضوع حالة كون المحمول مقيدًا بذلك الظرف، فالحكم بالنفي وارد على المحمول وهو مقيد، فلا يجوز جعل القيد للحكم بالنفي.
(4)
في (ت): "أو". وهو خطأ.
(5)
في (غ): "المقيَّدة".
(6)
في (ص): "ليس".
فإن قلت: المطلقة أعم من المؤقتة فكيف تستلزمها المؤقتة؟
قلت: أصل المطلقة كذلك، ولكن قد يعرض لها ما يقيدها لغة أو عرفًا وقد ادعيناه هنا حيث قلنا: إن العرف يؤقتها
(1)
بحال التكلم ودلَّلنا عليه. فالمطلقة
(2)
وإن كانت مطلقة في اللفظ فهي مقيدة بحسب العرف؛ فكأن
(3)
ذلك منطوقًا به فساوت المؤقتة، وإنما دلالة المؤقتة صريحة في الوقت، ودلالة المطلقة ظاهرة، ولهذا المعنى لم يأت الإمام في "المحصول" بلفظ الأعم والأخص؛ لأنه يضره، فإنه يدعي تساويهما عرفًا ولغة، فكيف يقول: إن أحدهما أعم من الآخر، بل تَرَك ذلك وعدل إلى الكل والجزء فإنه صحيح على التقديرين، أعني: من حيث العقل والأصل، ومن حيث الاستعمال، والجزء قد يكون مساويًا في الوجود: كالناطق فإنه جزء الإنسان ومساوٍ له بخلاف الأعم، فإنه قد يوجد بدون الأخص.
فإن قلت: قد فهم أصحاب الإمام أن مراده الأعم والأخص ومنهم صاحب "التحصيل"، فقال: يصدق: ليس بضارب؛ لصدق الأخص منه: وهو ليس بضارب في الحال
(4)
.
(1)
في (ص): "يؤقتهما". وضمير التثنية يعود على القضيتين المطلقتين السابقتين الموجبة والسالبة: زيد ضارب، وزيد ليس بضارب. لكن المثبت أحسن؛ لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور وهي القضية المطلقة.
(2)
في (ت): "بالمطلقة". وهو خطأ.
(3)
في (ك): "وكأن".
(4)
انظر: التحصيل 1/ 206.
قلت: قال والدي رضي الله عنه في كتابه "الاتساق في بقاء وجه الاشتقاق" وهو مختصر وضعه في هذه المسألة: "إنهم ما فهموا جيدًا". وأطال النَّفَس في ذلك، وأجاب عن سؤال لصاحب "التحصيل" ذَكَره على هذا وعَظُم خطبه ونحن لم نذكر السؤال، لكونه مبنيًا على ما
(1)
فهمه صاحب "التحصيل" من أن الكل أعم والجزء أخص
(2)
. وقد بَيَّنا أنَّ الإمام لم يُرِد بالكل والجزء الأعمَّ والأخصَّ، وأن الجزء قد يكون مساويًا.
قال: (وعُورض بوجوه:
الأول: أن الضارب مَنْ له الضَّرْب وهو أعم (من الماضي)
(3)
. وَرُدَّ: بأنه أعم من
(4)
المستقبل أيضًا وهو مجاز اتفاقًا.
الثاني: أن النحاة منعوا عمل النعت للماضي
(5)
. ونوقض: بأنهم أعملوا المستقبل.
الثالث: أنه لو شُرِط لم يكن المتكلم ونحوه حقيقة. وأجيب: بأنه لما تعذر استعمال أجزائه اكْتُفِي بآخر جزء.
الرابع: أن المؤمن يُطْلَق
(6)
حالة الخلو عن مفهومه. وأجيب: بأنه
(1)
سقطت من (ت).
(2)
انظر: التحصيل 1/ 204.
(3)
سقطت من (ص)، و (غ)، و (ك).
(4)
في (ص)، و (ك):"في". وهو خطأ.
(5)
في (غ): "الماضي".
(6)
في (ت)، (غ)، و (ك):"يصدق".
مجاز، وإلا لأُطْلق الكافر على أكابر الصحابة حقيقة).
عارض الخصمُ دليلَنا بأوجهٍ زعم أنها تدل على مطلوبه:
الأول: أن الضارب عبارة عمن ثبت له الضرب، وهو أعم من أن يكون دائمًا أوْ لا
(1)
؛ فيكون إطلاقه على أفراده على سبيل الحقيقة، كإطلاق العام على أفراده.
وأجاب: بأن ذلك منقوضٌ بأنه أعم من المستقبل أيضًا؛ فيلزم أن يكون حقيقة فيه، ولا قائل به.
ولقائل أن
(2)
يقول: إذا كان الضارب مَنْ ثبت له الضرب - فهو غير صادق باعتبار المستقبل؛ لأنه ما ثبت له فلا يتجه قولكم
(3)
: إنه أعم من المستقبل أيضًا.
الثاني: أن جمهور النحاة قالوا: النعت أي: المشتق
(4)
، كاسم الفاعل
(1)
يعني: أن الضارب هو مَن ثبت له الضَّرْب سواءٌ كان ذلك دائمًا أو منقطعًا.
(2)
سقطت من (ص).
(3)
أي: جوابكم عن دليلنا.
(4)
قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: "لا يُنْعت إلا بمشتق لفظًا أو تأويلًا. والمراد بالمشتق هنا (أي: في باب النعت): ما أُخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه: كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة باسم الفاعل، وأفعل التفضيل. والمؤول بالمشتق: كاسم الإشارة نحو: مررت بزيدٍ هذا. أي: المشار إليه وكاسم الموصول، وذو التي بمعنى صاحب، وأسماء النسب". شرح ابن عقيل 2/ 195، مع اختصار وتصرف.
واسم المفعول إذا كان بمعنى الماضي وليس معه "أل"(فهو لا)
(1)
يَنْصِب مفعوله
(2)
، بل يتعيَّن أن يُجَر بالإضافة إليه تقول: مررت برجلٍ ضاربِ زيدٍ أمسٍ. وهذا يدل على جواز استعماله بمعنى الماضي، والأصل في الاستعمال الحقيقة.
وأجاب: بأن هذا منتقض بإجماعهم على إعماله إذا كان بمعنى الاستقبال؛ لأن ما قلتموه في الماضي يأتي بعينه في المستقبل مع أنه مجاز اتفاقًا
(3)
.
(1)
سقطت من (غ).
(2)
اسم الفاعل يعمل عمل فِعْله فيرفع الفاعل، وينصب المفعول، واسم المفعول يعمل عمل فِعْله المبني للمجهول، فيرفع المفعول، وإن كان له مفعولان رفع أحدهما ونصب الآخر، وهما يعملان عمل فعلهما إن كانا مجردين عن "أل" بشرط أن يكونا بمعنى الحال أو الاستقبال، وأن يعتمدا على شيء قبلهما كأن يقعا خبرين نحو: هذا ضاربٌ زيدًا الآن، أو غدًا. الزيدان مضروبان الآن، أو غدًا. وإن كانا بمعنى الماضي وهما مجردان لم يعملا، فلا تقول: هذا ضاربٌ زيدًا أمسِ. بل يجب إضافته، فتقول: هذا ضاربُ زيدٍ أمسِ. انظر: شرح ابن عقيل على الألفية 2/ 106، 118، 121، جامع الدروس العربية للغلاييني 3/ 282. فائدة: وينبغي أن يُعْلم أن اسم الفاعل العامل عمل فعله يجوز في مفعوله وجهان: الجر بالإضافة، والنصب على المفعولية، فتقول: هذا ضاربُ زيدٍ الآن أو غدًا. وهذا ضاربٌ زيدًا الآن أو غدًا. وفائدة الإضافة التخفيف في اللفظ؛ ولذلك يقال لها الإضافة اللفظية، أي: لا تفيد تخصيصًا ولا تعريفًا. وكذلك اسم المفعول يجوز في معموله الجر والرفع على النيابة عن الفاعل. فتقول: هذا مضروبُ الولدِ. بالجر. وهذا مضروبٌ الولدُ. بالرفع. والإضافة لفظية كما تقدم.
(3)
أي: مع أن إطلاق اسم الفاعل واسم المفعول في المستقبل مجاز اتفاقًا، فلزم أن يكونا في الماضي كذلك.
الثالث: لو كان بقاء
(1)
"المشتق منه" شرطًا في صحة إطلاق "المشتق" حقيقة
(2)
- لاستحال إطلاق المتكلم والمخبِر بطريق الحقيقة على شيءٍ أصلًا
(3)
؛ لأن المُشْتق منه
(4)
وهو الكلام والخبر لا يمكن بقاؤهما؛ لأنهما من الموجودات التي هي غير قارة الذات
(5)
.
وأجاب بمنع الملازمة؛ وذلك لأن الشرط أحد الأمرين: إما بقاء المشتق منه وذلك فيما يمكن بقاؤه، أو بقاء آخر جزءٍ من أجزائه، إن لم يُمكن بقاؤه بالكلية، لأن وضع اللغة غير مبني على المضايقة في مثل هذه الأمور
(6)
، وهذا كإطلاقهم الحال على الزمان المعيَّن مع أن الموجود منه
(1)
سقطت من (ت).
(2)
قوله: لو كان بقاء. . . إلخ هذا مقدم.
(3)
قوله: لاستحال إطلاق. . . إلخ هذا تالي.
(4)
سقطت من (ت)، و (ص)، و (غ).
(5)
فالمتكلم إذا أطلق عليه هذا اللفظ يكون باعتبار ما مضى من كلامه الذي فني وانتهى؛ لأن الكلام لا يبقى. قال الإسنوى: ". . . لأن الكلام ونحوه اسمٌ لمجموع الحروف، ويستحيل اجتماع تلك الحروف في وقت واحد؛ لأنها أعراض سيالة لا يوجد منها حرف إلا بعد انقضاء الآخر". نهاية السول 2/ 96.
(6)
فإطلاق الكلام حقيقة على المتكلم لا بد وأن يكون في أخر جزء من أجزاء الكلام، أما إذا انتهى المتكلم من كلامه - فإطلاق المتكلم عليه مجاز لا حقيقة. قال الإسنوي رحمه الله تعالى:". . . لما تعذر اجتماع أجزاء الكلام وشبهه اكتفينا في الإطلاق الحقيقي بمقارنته لآخر جزء؛ لصدق وجود المشتق منه مع مقارنته لشيء منه. فمن قال: قام زيد مثلًا، إنما يصدق عليه متكلم حقيقة عند مقارنة الدال فقط، لا قبلها ولا بعدها". نهاية السول 2/ 96. ومن الأمثلة أيضًا على الوجود غير القار =
ليس إلا جزءًا واحدًا
(1)
.
الرابع: أنه لو اشترط بقاء "المشتق منه" في صحة إطلاق "المشتق" حقيقةً - للزم أن لا يصح إطلاق المؤمن بطريق الحقيقة على مَنْ خلا عن مفهومه بالنوم مثلًا، ولكن ذلك باطل؛ لأنهم يطلقونه عليه، والأصل في الإطلاق الحقيقة
(2)
.
وأجاب: بأن إطلاقه ليس على سبيل الحقيقة، بل هو مجاز، وإلا لصح إطلاق الكافر على أكابر الصحابة حقيقة بسببِ كفرٍ تَقَدّمَ إذِ الاطراد
(3)
من لوازم الحقيقة.
= الحركة، فلا يوصف الجسم بأنه متحرك حقيقة إلا في حال التحرك، أي: في آخر جزء من أجزاء الحركة.
(1)
أي: مع أن الموجود من الزمان المعيَّن ليس إلا جزءًا واحدًا حال التكلم، وأما قبل التكلم فتلك الأجزاء من الزمان معدومة فانية، فالزمان غير قار الذات، ومع ذلك أطلقنا الحال على الزمان المعيَّن.
(2)
قال الإسنوي رحمه الله تعالى: "بيانه: أن الواحد منا إذا نام يصدق عليه أنه مؤمن، ولا يصدق عليه الإيمان في تلك الحالة؛ لأنه إما عبارة عن التصديق كما هو مذهب الأشعري، أو عن العمل كما هو مذهب المعتزلة، وكلٌ منهما ليس بحاصلٍ في حال نومه". نهاية السول 2/ 96.
(3)
والاطراد: هو الانطباق على جميع الصور. وهو المعبر عنه بالتلازم في الثبوت، فكلما وجدت العلة وجد الحكم، فالحكم مطرد مع العلة، أي: جار معها حيث تجري، وموجود معها حيث وجدت. فحيث وجدت الحقيقة وجدت أفرادها، ولا تتخلف الحقيقة عن أفرادها، وإلا لم يكن ذلك الفرد حقيقة. انظر: التعريفات للجرجاني ص 123، والمصباح المنير 2/ 17، مادة (طرد).