المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الخامسة: الباء تعدي اللازم - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٣

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الأول: في الكتاب

- ‌(الباب الأول: في اللغات

- ‌الفصل الأول: في الوضع)

- ‌أحدها: سببه:

- ‌الأمر الثاني: في الموضوع:

- ‌الأمر الثالث: الموضوع له:

- ‌الأمر الرابع: في فائدة الوضع:

- ‌الأمر الخامس:

- ‌(الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ

- ‌تنبيهات:

- ‌(فائدة):

- ‌خاتمة:

- ‌(الفصل الثالث: في الاشتقاق

- ‌الاشتقاق في اللغة:

- ‌فوائد:

- ‌فروع يتجه بناؤها على الأصل المذكور:

- ‌فروع يتجه بناؤها على الأصل المذكور:

- ‌(الفصل الرابع: في الترادف

- ‌ توالي الألفاظ

- ‌الأول: اللفظي:

- ‌الثاني(1): التأكيد المعنوي:

- ‌فائدتان:

- ‌(الفصل الخامس: في الاشتراك)

- ‌المشترك:

- ‌ الأولى: في إثباته

- ‌(الثانية: إنه خلاف(3)الأصل وإلا لم يُفْهم ما لم يُسْتَفْسَر

- ‌(الثالثة: مفهوما المشترك إما أن يتباينا كالقرء للطهر والحيض

- ‌(الرابعة: جَوَّز الشافعي رحمه الله، والقاضيان، وأبو علي - إعمالَ المشترك في جميع مفهوماته الغير المتضادة

- ‌(الخامسة: المشترك إنْ تَجَرَّدَ عن القرينة فمجمل

- ‌(الفصل السادس: في الحقيقة والمجاز

- ‌الحقيقة الشرعية:

- ‌والمنقولة الشرعية:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فائدتان:

- ‌خاتمة:

- ‌ المجاز إما أن يقع في مفرداتِ الألفاظ فقط، أو في تركيبها فقط(3)أو فيهما جميعًا:

- ‌(الثالثة: شَرْط المجاز العلاقة المعتبرُ نوعُها

- ‌الجهة الأولى: السببية:

- ‌العلاقة الثانية: المسببية:

- ‌العلاقة الثالثة: المشابهة:

- ‌العلاقة الرابعة: المضادة:

- ‌العلاقة الخامسة: الكلية:

- ‌العلاقة السادسة: الجزئية:

- ‌العلاقة السابعة: الاستعداد

- ‌العلاقة الثامنة: المجاورة:

- ‌العلاقة العاشرة: الزيادة

- ‌العلاقة الحادية عشر: النقصان:

- ‌العلاقة الثانية عشر: التعلق:

- ‌(الرابعة: المجاز بالذات لا يكون في الحرف

- ‌(الخامسة: المجاز خلاف الأصل

- ‌خاتمة:

- ‌(السادسة: يُعدل إلى المجاز لثِقَل لفظ الحقيقة:

- ‌(السابعة: اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازًا:

- ‌(الثامنة: علامة الحقيقة سبق الفهم، والعراء عن القرينة)

- ‌(الفصل السابع: في تعارض ما يخل بالفهم

- ‌الأحوال اللفظية المخلة بالإفهام:

- ‌ التعارض بين هذه الاحتمالات الخمسة يقع على عشرة أوجه

- ‌(الأول: النقل أولى من الاشتراك لإفراده

- ‌(الثاني: المجاز خير منه

- ‌(الثالث: الإضمار خيرٌ منه

- ‌(الرابع: التخصيص خيرٌ

- ‌(الخامس: المجاز خير من النقل

- ‌(السادس: الإضمار خير منه

- ‌(السابع: التخصيص أولى لما تقدم

- ‌(الثامن: الإضمار مثل المجاز

- ‌(التاسع: التخصيص خير

- ‌(العاشر: التخصيص خير من الإضمار

- ‌(الفصل الثامن(1): في تفسير حروف يُحتاج إليها

- ‌ الأولى: الواو للجمع المطلق بإجماع النحاة

- ‌خاتمة:

- ‌(الثانية: الفاء للتعقيب إجماعًا

- ‌فرع:

- ‌(الثالثة: "في" للظرفية ولو تقديرًا

- ‌(الرابعة: "مِنْ" لابتداء الغاية

- ‌(الخامسة: الباء تُعَدِّي اللازم

- ‌(السادسة: إنما للحصر؛ لأنَّ "إنَّ" للإثبات، و"ما" للنفي

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل التاسع: في كيفية الاستدلال بالألفاظ

- ‌ الأولى: لا يخاطبنا الله بالمهمل؛ لأنه هذيان

- ‌(الثانية: لا يُعْنَى خلاف الظاهر من غير بيان

- ‌(الثالثة: الخطاب إما أن يدل على الحكم بمنطوقه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: تعليق الحكم بالاسم لا يدل على نفيه عن غيره

- ‌فائدة:

- ‌قاعدة:

- ‌(الخامسة: التخصيص بالشرط مثل: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}

- ‌(السادسة: التخصيص بالعدد لا يدل على الزائد والناقص)

- ‌خاتمة:

- ‌(السابعة: النص إما أن يستقل ىإفادة الحكم أوْ لا

الفصل: ‌(الخامسة: الباء تعدي اللازم

منه

(1)

، وقد ذكروا لمِنْ

(2)

موارد أخرى لا نطيل بتَعدادها

(3)

.

قال: ‌

‌(الخامسة: الباء تُعَدِّي اللازم

، وتُجَزِّئ المتعدي؛ لما نعلم من الفرق بين: مَسَحْتُ المنديل وبالمنديل. ونُقِل إنكاره عن ابن جني، ورُدَّ: بأنه شهادةُ نفي).

للباء حالتان:

إحداهما: أن تدخل على فعل لا يتعدى بنفسه، كقولك: كتبت بالقلم، ومررت بزيد. فلا تقتضي إلا مجرد الإلصاق.

وهذه الحالة هي التي عَبَّر عنها في الكتاب بقوله: "الباء تُعَدِّي اللازم" والتعبير بالإلصاق أحسن

(4)

، ولم يذكر لها سيبويه معنىً غيرَه

(5)

، وأما التعبير بتعدية اللازم فليس بجيد؛ فإنها قد لا تكون كذلك كما في المثالين المذكورين، وقد تكون كذلك كما في قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ

(1)

أي: لم يذكر احتمال المجاز في بعض المعاني دون بعض إذا لم نَقُل بالتواطؤ، فكان الأولى به أن يقول: دفعًا للاشتراك والمجاز. انظر: نهاية السول 2/ 188.

(2)

سقطت من (ت).

(3)

انظر معاني "مِنْ" في: المحصول 1/ ق 1/ 529، التحصيل 1/ 251، الحاصل 1/ 377، نهاية الوصول 2/ 432، نهاية السول 2/ 188، السراج الوهاج 1/ 396، جمع الجوامع مع المحلي 1/ 362، فواتح الرحموت 1/ 244، كشف الأسرار 2/ 176، شرح الكوكب 1/ 241، مغني اللبيب 1/ 349، أوضح المسالك 2/ 128.

(4)

يعني: لو قال: تُلْصِق اللازم - لكان أحسن. والمعنى أنها تصل المفعول بالفعل اللازم وتُلْصِقه به.

(5)

غير الإلصاق. انظر: مغني اللبيب 1/ 118، المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 261.

ص: 901

بِنُورِهِمْ}

(1)

وكـ "ذهب بسمعهم وأبصارهم" فيصير الفاعل به مفعولًا

(2)

، فتكون الباء بمعنى الهمزة في قولك: أذهَبَ.

الثانية: أن تدخل على فعل يتعدَّى بنفسه، وهو مراد المصنف بقوله:"تُجَزِّئ المتعدي" أي: تقتضي التبعيض، كقوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}

(3)

(4)

، وخالفت

(5)

الحنفية في ذلك.

لنا: أنا نعلم بالضرورة الفرق بين أن يقال: مسحت يدي بالمنديل، ومسحت المنديل بيدي، فإن الأول يفيد التبعيض، والثاني يفيد الشمول.

وهذا الاستدلال ضعيف:

أما أوَّلًا: فلأنه مناقض لما ذكره في المجمل والمبين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما ثانيًا: فلأن "مَسَحَ" يتعدى إلى المفعول بنفسه، وإلى ما يُمْسَح به

(6)

بالباء، فتقدير مسحتُ المنديل: مسحت المنديلَ بيدي، فالمنديل فيه

(1)

سورة البقرة: الآية 17.

(2)

أي: فيصير الفاعل الذي هو "نورهم"، و"سمعهم وأبصارهم" بالباء مفعولًا؛ لأن الأصل: ذهب نورهم، وذهب سمعهم وأبصارهم، فأصبح الفاعل بالباء مفعولًا به للفظ الجلالة؛ لأن ذهب لازم غير متعدي، فعُدِّي بالباء. انظر: نهاية السول 2/ 189.

(3)

سورة المائدة: الآية 6.

(4)

الأصل: وامسحوا رؤوسكم، فدخلت الباء على الرؤوس، فَجَزَّأته، فجعلت المراد البعض، أي: وامسحوا ببعض رؤوسكم.

(5)

في (ت)، و (غ)، و (ك):"وخالف".

(6)

وهي آلة المسح، أي: ويتعدى إلى ما يُمسح به بالباء.

ص: 902

ممسوح، واليد آلة. وتقدير مسحت بالمنديل: مسحت وجهي بالمنديل، فالوجه ممسوح والمنديل آلة، فلا تكون الباء فيه للتبعيض، وإنما هي للتعدية

(1)

، وفَهْمُ التبعيض منه إنْ سُلِّم إنما هو لكون المنديل فيه آلة، والعمل في جاري العوائد إنما يكون ببعض الآلة، كما تقول: أخذت بثوب زيد. وإنما أخذت ببعض ثوبه، ومنه: {وَأَخَذَ

(2)

بِرَأْسِ أَخِيهِ}

(3)

(4)

، وقد ذكرنا أن سيبويه لم يذكر لها معنى غير الإلصاق.

قال البصريون: لا تكون إلا بمعنى الإلصاق والاختلاط حقيقةً أو مجازًا إذا لم تكن زائدة، وقد تتجرد للإلصاق، وقد ينجر معها معانٍ أُخَر، فالإلصاق حقيقة: وَصَلْتُ

(5)

هذا بهذا ومجازًا: مررتُ بزيد. والتصق المرور بمكانٍ بقرب زيد.

وذكروا أن المعاني التي تنجر مع الإلصاق ستةُ أنواع:

النقل: ويُعَبَّر عنه بالتعدية، كما سبق في قوله:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}

(6)

، ويكون الفعل قبلها

(7)

لازمًا ومتعديًا نحو:

(1)

أي: تَعَدَّى الفعل "مَسَحَ" بواسطتها إلى نَصْب: "بيدي"، و"بالمنديل"، على المفعولية.

(2)

في (غ)، و (ك):"فأخذ".

(3)

أي: ببعض رأسه.

(4)

سورة الأعراف: الآية 150.

(5)

في (ت)، و (ص)، و (ك)، و (غ):"وصله". وهو خطأ، والصواب ما أثبته، وهو الموجود في المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 261، والشارح ناقلٌ كلامه منه.

(6)

سورة البقرة: الآية 17.

(7)

أي: قبل الباء التي للإلصاق.

ص: 903

صككتُ الحجرَ بالحجرِ. أصله: صك الحجرُ الحجرَ، والإلصاق في هذا واضح

(1)

.

والسببية: نحو: مات زيد بالجوع.

والاستعانة: نحو: كتبت بالقلم. وأدرج ابن مالك هذا

(2)

في السببية

(3)

.

والمصاحبة: ويصلح معها "مع" نحو: {جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ}

(4)

(5)

. والحال: نحو: وهبتك الفرس بسَرْجه. أي: مُسْرجًا.

والظرفية: وهي التي يصلح مكانها "في" نحو: زيد بالبصرة.

والقَسَمية: نحو: بالله لأقومَنَّ. ألْصَقَتْ فعلَ القسمِ المحذوفَ بالمُقْسم به

(6)

.

هذا كلام شيخنا في "الارتشاف".

وهذه الأقسام سبعة وقد ذكر أنها ستة فما أدري ما أراد؟

وذكر ابن مالك أنها تأتي للتعليل، قال: "وهو يَحْسُن غالبًا في موضع

(1)

أي: هذا إلصاق حقيقي.

(2)

أي: الاستعانة.

(3)

انظر: المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 262.

(4)

أي: مع الحق، أو محقًا. المساعد 2/ 262.

(5)

سورة النساء: الآية 170.

(6)

المعنى: أن الباء ألْصَقَت فعلَ القسم المحذوف بلفظ الجلالة المُقْسم به، فتقدير الكلام: أقسم بالله، أو أحلف بالله.

ص: 904

اللام، كقوله تعالى:{إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ}

(1)

(2)

.

قال شيخنا أبو حيان: "ولم يذكر أصحابنا هذا

(3)

، وكأنَّ السبب والتعليل عندهم واحد"

(4)

.

وذكر ابن مالك أيضًا: أنها تكون للبدل، قال:"وهي التي يصلح مكانها "بدل" نحو قوله:

فليتَ لي بِهِمُ قومًا إذا رَكِبُوا

شَنُّوا الإغارَةَ فُرْسَانًا ورُكْبَانا"

(5)

أي: بدلهم

(6)

.

وللمقابلة: وهي الداخلة على الأثمان والأعواض، نحو: اشتريت الفرس بألف. وقد تُسَمَّى باء العِوَض.

وذهب الكوفيون إلى أن "الباء" قد تأتي بمعنى "عن" وذلك بعد السؤال نحو:

فإنْ تسألوني بالنساء

فإنني خبيرٌ بأحوال النساء طبيب

(7)

(1)

سورة البقرة: الآية 54.

(2)

الآية في المساعد على التسهيل 2/ 262: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} .

(3)

أي: التعليل.

(4)

انظر: الارتشاف 4/ 1696.

(5)

انظر: المساعد 2/ 263، والبيت عزاه المحقق إلى قُرَيْط بن أنيف من شعراء بَلْعَنْبر، والإغارة مفعول لأجله. انظر: مغني اللبيب 1/ 121، شرح شواهد المغني للسيوطي 1/ 69، 316، شرح ابن عقيل على الألفية 1/ 577.

(6)

يعني: فليت لي بدلهم. فالشاهد في قوله: "بهم".

(7)

البيت لعلقمة بن عبدة التميميّ، شاعرٌ جاهليَّ يقال له: علقمةُ الفَحْلُ، قال هذا =

ص: 905

أي: عن النساء

(1)

. وقال الأخفش: ومِثْلُه قوله تعالى

(2)

: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا}

(3)

. واستدل ابن مالك لهذا القول بقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}

(4)

أي: عن الغمام

(5)

. وكان الأستاذ أبو علي يقول: اسأل بسببه خبيرًا، وبسبب النساء، أي: لتعلموا حالهن.

وذهب الكوفيون أيضًا إلى أن "الباء" تكون بمعنى "على"

(6)

، وهو الذي عزاه إمام الحرمين إلى الشافعي رضي الله عنه، واستدل عليه بقوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}

(7)

أي: علي دينار

(8)

.

وزعم بعض النحاة أن "الباء" تدخل على الاسم حيث يراد

= البيت من قصيدة يمدح فيها الحارث بن أبي شمر الغساني، ولفظه كما في ديوانه ص 131:

. . . . . . . . . . . . .

خبير بأدواء النساء طبيب

وقال بعده:

إذا شاب رأسُ المرءِ أو قَلَّ مالُه

فليس له في وُدِّهِنَّ نَصِيبُ

يُرِدْنَ ثَرَاءَ المالِ حَيْثُ عَلِمْنَهُ

وشَرْخُ الشبابِ عِنْدَهُنَّ عَجيبُ

وانظر: الشعر والشعراء 1/ 219.

(1)

فالشاهد في قوله: "بالنساء" ومجيء الباء بمعنى عن.

(2)

سقطت من (ت)، و (ص)، و (ك).

(3)

سورة الفرقان: الآية 59.

(4)

سورة الفرقان: الآية 25.

(5)

انظر: المساعد 2/ 263.

(6)

انظر: المساعد 2/ 264.

(7)

سورة آل عمران: الآية 75.

(8)

انظر: البرهان 1/ 180.

ص: 906

الشبيه

(1)

، نحو: لقيت بزيدٍ الأسد، ورأيت به القمر. أي: لقيت بلقائي إياه الأسدَ أي: شِبْهه. والصحيح أنها للسبب، أي: بسبب لقائه، وبسبب رؤيته. وزعم أيضًا أنها تدخل على ما ظاهره أن المرادَ به غيرُ ذاتِ الفاعل

(2)

، أو ما أُضيف إلى ذاتِ الفاعل، نحو: قول طفيل الغنوي

(3)

:

إذا ما غزا لم يُسْقِطُ الروعُ رمحَه

ولم يَشْهدِ الهَيْجَا بأَلْوَثَ مُعْصِمِ

الألوث: الضعيف

(4)

. ويقال للرجل الذي يمسك بعُرْف فَرَسه خوفَ السقوط: مُعْصِم، بضم الميم بَعْدَها عينٌ مهملةٌ ساكنةٌ ثم صاد مهملة مكسورة

(5)

. وقيل: المعصم: الذي يتحصن بالجبال فيمتنع فيها، فظاهره

(6)

أن فاعل يشهد غير ألوث معصم، والفاعل في الحقيقة هو ألوث معصم.

(1)

في (ت): "التشبيه".

(2)

وفي الحقيقة هو الفاعل.

(3)

هو طُفَيْل بن كعب الغَنَوِيّ: شاعرٌ جاهليّ، كان يُقال له في الجاهلية المُحَبِّر لحُسْن شِعْره، وكان مِنْ أوصف الناس للخيل. قال عبد الملك بن مروان:"مَنْ أراد أن يتعلَّم ركوبَ الخيل فلْيَرْوِ شعرَ طُفَيْل". وقال معاوية: "دَعُوا لي طُفَيْلًا، وسائرُ الشعراءِ لكم". انظر: الشعر والشعراء 1/ 453.

(4)

في اللسان 2/ 185: والألْوث: الأحمق، كالأثْوَل، قال طفيل الغنوي: إذا ما غزا لم يُسْقِطِ الخوفُ رُمحَهُ ولم يشهد الهيجا بألْوَثَ مُعْصِمِ وانظر: ارتشاف الضَّرَب 4/ 1699.

(5)

قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة 4/ 331: "والمُعْصِم من الفرسان: السَّيِّئ الحال في فُرُوسَتِه، تراه يَمْتَسِك بُعْرف فرسِه أو غير ذلك" ثم ذكر البيت. وفي اللسان 12/ 404: "وأعْصَمَ بالفرس: امتسك بعُرْفِه، وكذلك البعير إذا امْتَسَكَ بحبل من حباله. . . . وأعصمَ الرجلُ: لم يثبُت على الخيل".

(6)

في (ت): "وظاهره".

ص: 907

وتكون الباء زائدة، كما في قوله تعالى:{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}

(1)

، {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

(2)

، {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ}

(3)

، {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}

(4)

، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ}

(5)

(6)

. فهذا مِنْ أجمع ما ذكره النحاة في موارد الباء.

وأما وُرودها للتبعيض فقد ذكره ابن مالك

(7)

، ومِنْ شواهده:

شُرْبَ النَّزِيفِ ببَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِ

(8)

(1)

سورة مريم: الآية 25.

(2)

سورة البقرة: الآية 195.

(3)

سورة الحج: الآية 15.

(4)

سورة المؤمنون: الآية 20.

(5)

سورة الحج: الآية 25.

(6)

انظر: مغني اللبيب 1/ 126، المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 264.

(7)

انظر: المساعد 2/ 264.

(8)

هذا عجز بيت، صدره:

فَلَثَمْتُ فاها آخِذًا بقُرُونها

. . . . . . . . . . . .

وعزا البيت ابن منظور إلى عمر بن أبي ربيعة، ثم نقل عن ابن بري أن البيت لجميل بن معمر. والنزيف: المحموم الذي مُنِع من الماء. ولثمت فاها: قبلته. ونصب "شُرْبَ" على المصدر المشبه به؛ لأنه لما قبَّلها امتص ريقها، فكأنه قال: شربت ريقها كشرب النزيف للماء البارد. ثم نقل عن الأزهري: الحَشْرَجُ الماء العذب من ماء الحِسْيِ، قال: والحَشْرج الماء الذي تحت الأرض لا يفطن له في أباطح الأرض، فإذا حُفِر عنه ذِراعٌ جاش بالماء، تسميها العرب الأحْساءَ والكِرارَ والحَشَارِجَ. انظر: لسان العرب 2/ 237، مادة (حشرج). وانظر: ارتشاف الضرب 4/ 1697.

ص: 908

أي: مِنْ بَرْد.

وقال ذلك في "التذكرة" الفارسيُّ، وهو مذهب الكوفيين تبعهم فيه الأصمعي والقُتَبيُّ

(1)

(2)

في قوله: شَرِبْن بماء البحر

(3)

. وتأوله ابن مالك على التضمين: أي رَوِين بماء البحر. وقال إمام الحرمين: ذهب بعض فقهائنا إلى أن "الباء" إذا اتصل بالكلام مع الاستغناء عنه اقتضى تبعيضًا، وزعموا أنه في قوله تعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}

(4)

يتضمن ذلك. وهذا خَلْف

(5)

(1)

في (ت): "القتيبي". والظاهر أنه خطأ من الناسخ، فإن الشارح ناقل عن "المساعد"، وفيه: القُتَبي.

(2)

انظر: المساعد 2/ 264.

(3)

البيت:

شَرِبْن بماء البحر ثم تَرَفَّعتْ

متى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نئيجُ

والبيت لأبي ذؤيب الهذلي يصف به السحاب، والضمير في "شربن" يرجع إلى السحب، وضُمِّن معنى رَوِين؛ فلذلك وصلت بالباء، وقيل: شاذ. فموضع الشاهد هنا موافقة الباء لمِنْ التبعيضية في قول: "بماء البحر" أي: من ماء البحر. وترفعت أي: تَوَسَّعت. و"لجج" جمع لجة وهي معظم الماء. و"نئيج" مبتدأ، و"لهن" خبره: من نأجت الريح تنأج نئيجًا تحركت ولها نئيج، أي: مَرٌّ سريع مع صوت. انظر: شرح الشواهد للعيني 2/ 205، مغني اللبيب 1/ 123، 367، 129، المساعد 2/ 264.

(4)

سورة المائدة: الآية 6.

(5)

في اللسان 9/ 85، مادة (خلف): "ابن السكيت: قال هذا خَلْفٌ، بإسكان اللام: للرديء. والخَلْف: الرديء من القول، يقال: هذا خَلْفٌ من القول، أي: رديء. ويقال في مثل: سَكَت ألْفًا ونَطَق خَلْفًا، للرجل يطيل الصمتَ فإذا تكلم تكلم بالخطأ، أي: سكت عن ألف كلمة ثم تكلم بخطأ. وحُكي عن يعقوب قال: إن أعرابيًا ضَرَط فتَشَوَّر (أي: خَجِل. انظر: اللسان 4/ 436) فأشار بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها =

ص: 909

من الكلام لا حاصل له، وقد اشتد نكير ابن جني في "سر الصناعة" على مَنْ قال ذلك. فلا فرق بين أن يقول: مسحت رأسي، ومسحت برأسي. والتبعيض يُتَلَقَّى من غير الباء كما ذكرتُه في "الأساليب"

(1)

انتهى.

قوله: "ونُقِل" أي: احتج مَنْ زعم أنها ليست للتبعيض: بأن أبا الفتح بن جني من أئمة اللغة، وقد اشتد نكيره على مَنْ قال: إنها للتبعيض، وقال: إنه

(2)

شيء لا يُعْرف في اللغة.

وأجاب المصنف تبعًا للإمام: بأن ما ذكره ابن جني شهادةٌ على النفي فلا تُقبل

(3)

.

وهو حَيْدٌ عن سبيل الإنصاف؛ إذِ الواصلُ في فنٍّ إلى نهاياته، والبالغ فيه إلى أقصى غاياته - يُقْبل قوله فيه

(4)

نفيًا وإثباتًا. وقد وافق ابنَ جني على ذلك صاحبُ "البسيط"

(5)

، فقال: لم يذكر أحدٌ من النحويين أن الباء للتبعيض. وقال بعضهم

(6)

: لو كانت للتبعيض لقلت: زيد بالقوم، تريد من

= خَلْفٌ نطقت خَلْفًا. عَنِي بالنطق ههنا الضَّرْط". وفي المصباح 1/ 193: "وقال أبو عبيد في كتاب الأمثال: الخَلْف من القول: هو السقط الرديء، كالخَلْف من الناس".

(1)

انظر: البرهان 1/ 180.

(2)

أي: التبعيض.

(3)

انظر: المحصول 1/ ق 1/ 533.

(4)

سقطت من (ت).

(5)

هو السيد ركن الدين حسن بن محمد الإسترابادي الحسيني، توفي سنة 717 هـ. انظر: كشف الظنون 2/ 1370.

(6)

سقطت من (غ).

ص: 910

القوم. وقبضتُ بالدراهم، أي: منها.

ثم إن المصنف تبعًا للإمام أيضًا شهد على النفي في مسألة "في" حيث قال: "ولم يثبت مجيئها للسببية" فليست شهادتهما في لغة العرب على النفي أولى بالقبول من شهادة أبي الفتح ابن جني وصاحب "البسيط"، معاذَ اللهِ أن يكون ذلك، نعم كان الطريق في الرد على ابن جني أنْ يُعْرَض عليه مواضعُ من كلامهم وَرَد ذلك فيها، كما في قوله تعالى:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}

(1)

أي: منها. وقال عمر بن أبي ربيعة

(2)

:

فلثمتُ فاها آخِذًا بقرونها

شُرْبَ النزيف ببرد ماءِ الحَشْرَجِ

وقال غيره:

شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأصْبَحَتْ

زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ

(3)

(1)

سورة الإنسان: الآية 28.

(2)

هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميّ، من بني مخزوم، ويُكْنَى أبا الخطاب. ولد في الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب رضي لله عنه، وهي ليلة الأربعاء لأربعٍ بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة. وكانت أمُّه نصرانية، ولم يكن في قريش أشعر منه، وكان فاسقًا يتعرَّض للنساء الحَوَاجِّ في الطواف وغيره مِنْ مشاعر الحجّ، ويُشَبِّب بهنَّ، فسَيَّره عمرُ بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى الدَّهْلَك - وهي جزيرة في بحر اليمن بين اليمن والحبشة، بلدة ضيقة حرجة حارَّة - ثم خُتِم له بالشهادة. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه:"فاز عمر بن أبي ربيعة بالدنيا والآخرة غزا في البحر فأحرقوا سفينتَه فاحترق"، وذلك في حدود سنة 93 هـ. انظر: الشعر والشعراء 2/ 553، وفيات 3/ 436، معجم البلدان 2/ 492.

(3)

البيت لعنترة بن شَدَّاد، وهو في معلَّقته. انظر: شرح القصائد السبع الطوال لأبي بكر الأنباري ص 324.

ص: 911

(الدُحْرضان: بضم الدال بعدها حاء مهملة ساكنة ثم راء مهملة مضمومة ثم ضاد معجمة مفتوحة وهما ماءان يقال لأحدهما وَسِيَع، وللآخر الدُّحْرُض

(1)

، وهما مما غَلَب فيه أحدُ القرينين على الآخر، كالقمريْن والعُمَريْن

(2)

)

(3)

. وقال الآخر

(4)

:

شَرِبْن بماءِ البحرِ ثم تَرفَّعَتْ

متى لججٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نئيج

وقد ذكرنا أن الكوفيين والأصمعي والقُتَبي وابن مالك ذكروا ذلك

(5)

.

(1)

انظر: اللسان 7/ 149، مادة (دحرض)، وفيه:"وحُكي عن أبي محمد الأعرابي المعروف بالأسود، قال: "الدُّحْرُضان" هما دُحْرُضٌ ووَسِيعٌ وهما ماءَان، فدُحْرُضٌ لآل الزِّبرقانِ بن بدر، ووسيع لبني أنْفِ الناقة. وأما قوله: "عن حياض الدَّيلم" فهي حياض الديلم بن باسل بن ضَبَّة، وذلك أنه لما سار باسِلٌ إلى العراق وأرض فارس استخلف ابنه على أرض الحجاز، فقام بأمر أبيه وحمى الأَحْماء وحَوَّض الحِياضَ، فلما بلغه أن أباه قد أوغل في أرض فارس أقبل بمن أطاعه إلى أبيه حتى قدم عليه بأدنى جبال جَيْلانَ ولما سار الديلم إلى أبيه أَوْحَشَتْ ديارُه، وتَعَفَّتْ آثاره، فقال عنترةُ البيت يذكر ذلك".

(2)

قوله: "كالقمرين" أي: كالشمس والقمر، و"العمرين": أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وانظر أمثلةً لما غلب فيه أحد القرينين على الآخر في "الطبقات الكبرى" للشارح 2/ 196 - 198.

(3)

سقطت من (ت).

(4)

في (غ): "آخر".

(5)

انظر معاني "الباء" في: المحصول 1/ ق 1/ 532، التحصيل 1/ 252، الحاصل 1/ 378، نهاية الوصول 2/ 439، نهاية السول 2/ 188، السراج الوهاج 1/ 397، جمع الجوامع مع المحلي 1/ 342، شرح تنقيح الفصول ص 104، فواتح الرحموت =

ص: 912