الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التخصيص
(1)
، فلذلك لم يُفرده بالذكر، وتبعه المصنف في ذلك. وهذا لا يستقيم لا على أصله
(2)
، ولا على الحق في نفس الأمر، فإن أصله أن صيغة الأمر للقدر المشترك بين المرة والتكرار، فلا عموم في الأزمان (فلا نسخ)
(3)
(4)
. وأما على الحق في نفس الأمر؛ فلأنا إذا سبرنا الأوامر لا نجدها تقتضي بصيغتها فعل المأمور أبدًا، فكان الأحسن أن يعد النسخ
(5)
. وقد نظم بعضهم بيتين في هذه الأقسام وذكر النسخ فقال:
تَجَوُّزٌ ثم إضمارٌ وبَعْدَهما
…
نَقْلٌ تلاه اشتراكٌ فهو يَخْلُفُهُ
وأرجح الكلِّ تخصيصٌ وآخِرُهم
(6)
…
نَسْخٌ فما بَعْدَه قِسْم يُخَلَّفُهُ
قال:
(الأول: النقل أولى من الاشتراك لإفراده
في
(1)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 502.
(2)
أي: إدراج النسخ في التخصيص لا يستقيم على أصل المصنف.
(3)
سقطت من (ت). وفي (ك): "ولا نسخ".
(4)
يعني: أن المصنف يرى أن النسخ بيانٌ لا رفع، كما هو مذهب المعتزلة، فالناسخ لم يرفع حكم المنسوخ، وإنما بيَّن نهاية مدته، فَجَعْل النسخ مندرجًا في التخصيص غير مستقيم؛ لأن النسخ لا يرفع عموم الأزمان عند المصنف، أي: لا يخصها بالبعض دون بعض، وإنما هو بيانٌ لانتهاء الحكم السابق، واستئناف حكمٍ جديد، وهذا مخالف للتخصيص الذي هو إخراج بعض أفراد العام من حكمه.
(5)
يعني: أن الأوامر لا تقتضي التكرار أبدًا إلى آخر الزمن، حتى يقول المصنف بأن النسخ نوع من التخصيص، فيدرجه في ضمنه، فكان الأحسن بالمصنف عَدَّ النسخ نوعًا مستقلًا من المخلات.
(6)
في (غ): "فآخرهم".
الحالتين
(1)
كالزكاة).
شرع في ذكر الوجوه العشرة على الترتيب المذكور، فنقول:
النقل أولى من الاشتراك:
لأن المنقولَ مدلوله مفرد في الحالتين، أي: قبل النقل وبعده. أما قبل النقل؛ فلأن مدلولَه المنقولُ عنه: وهو اللغوي. وأما بعده؛ فلأن مدلُولَه المنقول إليه: وهو الشرعي، أو العرفي. وإذا كان مدلوله مفردًا لم يمتنع
(2)
العمل به.
وأما المشترك فمدلوله متعدد في كل وقت، فيكون كالمجمل لا يعمل به إلا بقرينة، اللهم إلا أن يقال بحمله
(3)
على معنييه، وما لا يمتنع العمل به
(4)
أولى من عكسه
(5)
.
مثال ذلك: لفظ "الزكاة" فإنه يحتمل أن يكون مشتركًا بين النماء والقدر المُخْرَج من النصاب، وأن يكون موضوعًا للنماء فقط
(6)
. ثم نقله الشرع إلى القدر المخرج من النصاب، فإذا تعارضا فالنقل أولى لما ذكرناه.
(1)
في (ت): "الحالين".
(2)
في (ت): "لم يمنع".
(3)
في (ص): "نحمله".
(4)
وهو النقل.
(5)
أي: ما يمتنع العمل به وهو الاشتراك.
(6)
انظر: المصباح 1/ 272، لسان العرب 14/ 358، مادة (زكا).
ومن أمثلته: أن يقول الشافعي: الفاتحة ركن في الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لم يُقرأ فيها بأم القرآن فهي خِدَاج"
(1)
(2)
، ولفظ الصلاة في عرف الشرع منقول إلى
(3)
العبادة المخصوصة، فوجب أن تكون الفاتحة ركنًا.
فيقول الحنفي: مذهب القاضي أن الشرع لم ينقل شيئًا من الألفاظ، بل الصلاة مشتركة بين الدعاء وبين التابعة، ومشه سُمِّي الثاني في حَلْبة السِّبَاق مُصَلِّيًا؛ لكونه تابعًا لِصَلَوَي
(4)
الذي قبله. وسميت هذه العبادة صلاة لما فيها من المتابعة للأئمة غالبًا. وإذا كانت مشتركة كانت
(1)
الخدَاج: النُّقْصَان. يقال: خَدَجَت الناقة إذا ألقتْ ولدَها قبل أوانِه وإن كان تامَّ الخَلْق. وأخْدَجَتْه إذا ولدتْه ناقص الخَلْق وإن كان لتمام الحمل وإنما قال في الحديث: "فهي خِدَاج"، والخِدَاج مصدر - على حذف المضاف، أي: ذات خداج، أو يكون قد وَصَفَها بالمصدر نفْسِه مبالغة كقوله: فإنما هي إقبالٌ وإدبارٌ، أي: مُقْبِلة مدبرة. ومثله قولهم: عبدُ الله إقبالٌ وإدبارٌ، أي: مُقْبِلٌ وَمُدْبِرٌ، انظر: النهاية لابن الأثير 2/ 12، لسان العرب 2/ 248، مادة (خدج).
(2)
أخرجه أحمد 2/ 241، 460. ومسلم 1/ 296، في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، حديث رقم 395. وابن حبان 5/ 84، 90، حديث رقم 1784، 1788.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
أي: جانِبَيْ أصل ذَنَب الفرس. وفي المصباح 1/ 371، مادة (صلى):"والصلا وزان العصا: مَغْرز الذَّنَب من الفرس، والتثنية صلوان، ومنه قيل للفرس الذي بعد السابق في الحلبة المُصَلِّي؛ لأنَّ رأسه عند صَلا السابق". وفي اللسان 14/ 466: "قال أبو عبيد: وأصل هذا في الخيل، فالسابق الأول، والمصلِّي الثاني، قيل له مُصَلٍّ لأنه يكون عند صَلا الأول، وَصَلاهُ جانبًا ذنبه عن يمينه وشماله".
مجملة
(1)
، فيسقط
(2)
الاستدلال بها حتى يُبَيِّن الخصمُ رجحان اللفظ في أحدهما.
فنقول: جَعْلُها منقولةً إلى العبادة المخصوصة أولى من الاشتراك لِمَا تقرر.
ومنها: أن يقول الشافعي: الكلب نجس لقوله صلى الله عليه وسلم: "طُهُور إناء أحدكم إذا وَلَغ فيه الكلب أن يغسله سبعًا"
(3)
والطهارة في عرف الشرع منقولة إلى: إزالة الحدث والخبث
(4)
، ولا حدث فيتعين
(5)
الخبث.
(1)
في (ت): "محتملة".
(2)
في (ت): "فسقط".
(3)
أخرجه مسلم بهذا اللفظ، لكن فيه:"أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب". انظر: صحيح مسلم 1/ 234، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، رقم الحديث 91/ 279. وكذا أخرجه بلفظ مسلم الدارقطني في السمن 1/ 64، كتاب الطهارة، باب ولوغ الكلب في الإناء، رقم 5. وأخرجه بمعناه البخاري في صحيحه 1/ 75، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يُغسل به شعر الإنسان، رقم 170. وأبو داود 1/ 59، كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب، رقم 73، 74. والنسائي 1/ 52، كتاب الطهارة، باب سؤر الكلب، رقم 63 - 67، وانظر رقم 335 - 339. والترمذي 1/ 151، كتاب الوضوء، باب ما جاء في سؤر الكلب، رقم 91. وابن ماجه 1/ 131، كتاب الطهارة وسننها، باب غسل الإناء من ولوغ الكلب، رقم 363 - 366. وانظر: تلخيص الحبير 1/ 23، 39، رقم حديث 9، 35.
(4)
فالطهارة في اللغة: النظافة والتنزه عن الأقذار. انظر: القاموس الفقهي ص 233، المصباح المنير 2/ 26، ثم نقلها الشارع إلى معنيين مخصوصَيْن.
(5)
في (غ): "فتعيَّن".