الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد احتج المصنف: بأن اللفظ بالنسبة إلى المعنى الذي لا يُفهم مهملٌ؛ لعدم إفادته له مِنْ غير بيان، وقد تبين أن الخطاب بالمهمل ممتنع.
وقالت المرجئة: لا نسلم أنه بالنسبة إليه مهمل؛ إذِ المهمل: ما
(1)
لا يفيد شيئًا
(2)
، وهذا ليس كذلك؛ لأنه يفيد الإحجام عن المعاصي، والإقدام على الطاعات
(3)
.
وأجاب: بأنا لو فتحنا هذا الباب لارتفع الوثوق عن جميع أخبار الله تعالى، وأخبار رسوله
(4)
صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا خبر إلا ويحتمل أن يكون المقصود منه أمرًا وراء الأفهام، ومعلوم أنَّ ذلك ظاهر الفساد
(5)
.
قال:
(الثالثة: الخطاب إما أن يدل على الحكم بمنطوقه:
فَيُحْمل على الشرعي، ثم العرفي، ثم اللغوي، ثم المجازي).
هذه المسألة في بيان كيفية دلالة الخطاب على الحكم الشرعي، وأقسام دلالته عليه. فالخطاب الدال على الحكم إما أن يدل عليه بمنطوقه أي:
(1)
سقطت من (ت).
(2)
سقطت من (ص).
(3)
في (ص): "الطاعة".
(4)
في (ت): "رسول الله".
(5)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 1/ 545، التحصيل 1/ 255، الحاصل 1/ 384، نهاية السول 2/ 194، السراج الوهاج 1/ 409، شرح الأصفهاني 1/ 281، مناهج العقول 1/ 307، جمع الجوامع مع المحلي 1/ 233، شرح الكوكب 2/ 147.
بصيغته، أو بمفهومه:
الحالة الأولى: أن يدل عليه بمنطوقه، فإما أن يكون له مسمَّى شرعي أَوْ لا:
الأول: يُحمل على المسمَّى الشرعي ما لم يَصْرِف عنه صارف؛ لأنَّ عُرْف الشارع يُعَرِّف المعاني الشرعية لا اللغوية؛ ولأنه مبعوثٌ لبيان الشرعيات.
وقيل: إذا دار بين الشرعي واللغوي فهو مجمل؛ لصلاحيته لكل منهما.
وقال الغزالي: إنْ ورد في الإثبات
(1)
حُمِل على الشرعي، كقوله صلى الله عليه وسلم:"إني إذن أصوم"
(2)
فإنه إذا حُمِل على الشرعي يدل على صحة الصوم بنيته من النهار
(3)
. وإنْ ورد في النهي كان مجملًا، وذلك مِثْل نَهْيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر
(4)
، فإنه لا يمكن حَمْلُه على الشرعي وإلا كان دالًا على
(1)
في المستصفى 3/ 55 (1/ 359): والمختار عندنا أن ما ورد في الإثبات والأمر ..
(2)
أخرجه مسلم 2/ 809 في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، رقم 1154. وأبو داود 2/ 824 في كتاب الصوم، باب الرخصة في ذلك، حديث رقم 2455. والترمذي 3/ 111 في الصوم، باب صيام المتطوع بغير تبييت، رقم 733، 734 وقال: هذا حديث حسن. والنسائي 4/ 193 - 195 في الصيام، باب النية في الصيام رقم 2322 - 2330.
(3)
في المستصفى 3/ 54 (1/ 358): وإن حمل على الإمساك لم يدل.
(4)
ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم النحر". أخرجه مسلم بلفظه 2/ 800، في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، حديث رقم 1138. وأخرجه =
صحته؛ لأن يستحيل النهي عما لا يُتَصور وقوعه
(1)
.
وقال الآمدي: في الإثبات يُحْمل على الشرعي، وفي النهي على اللغوي
(2)
.
والصحيح الذي عليه الجمهور ما ذهب إليه المصنف، وقولُ الغزالي والآمدي: إن النهي يستلزم
(3)
الصحة - غير صحيح.
والثاني: وهو الذي ليس له مُسَمَّى شرعي، إما أن يكون له مُسَمَّى عرفي أَوْ لا:
والأول: يُحمل على العرفي إنْ عُلِم اطِّرَاد ذلك العرف في زمن ورود الخطاب؛ لأن الظاهر مِنْ حال الخطاب أن يكون بما
(4)
يتبادر إلى أذهان المخاطبين.
والثاني: يُحْمل على اللغوي الحقيقي؛ لتعينه حينئذ، وكذا إن كان له مسمى عرفي ولم يمكن حمله عليه لمانع
(5)
. وإن لم يمكن حَمْلُه على اللغوي
= البخاري 2/ 702، في كتاب الصوم، باب صوم يوم الفطر، رقم 1890. وفي الباب حديث عمر بن الخطاب، وحديث أبي هريرة، وكلاهما في الصحيح.
(1)
فلا يقال للأعمى: لا تبصر. والنقل عن الغزالي بتصرف من الشارح، ليس هو نص عبارته. انظر: المستصفى 3/ 53 (1/ 357).
(2)
الإحكام 3/ 23.
(3)
في (ص): "مستلزم".
(4)
في (ص): "مما".
(5)
فيحمل على المعنى اللغوي الحقيقي.