الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب الآمدي إلط التوقف في المسألة
(1)
.
فائدة:
قال الشيخ أبو إسحاق: "هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال، وقالت المعتزلة بالمنزلة
(2)
بين المنزلتين، أي: جعلوا الفسق منزلةً متوسطة بين الكفران والإيمان لما علموا أن الإيمان في اللغة: التصديق، (والفاسق موحِّد مصدق
(3)
، فقالوا: هذه
(4)
حقيقة الايمان في اللغة)
(5)
، ونُقِل في الشرع إلى من لم يرتكب شيئًا من المعاصي، فمن ارتكب شيئًا منها خرج عن الإيمان ولم يبلغ الكفر"
(6)
. ثم اختار الشيخ أبو إسحاق أن الإيمان مُبْقى على موضوعه في اللغة، وأن الألفاظ التي ذكرناها من الصلاة والصيام والحج وغير ذلك منقولة
(7)
. قال: "وليس من ضرورة النقل أن يكون في جميع الألفاظ، وإنما يكون على حسب ما يقوم عليه الدليل"
(8)
.
(1)
انظر: الإحكام 1/ 44.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
في (غ): "ومصدق".
(4)
في (غ): "هذا".
(5)
سقطت من (ت).
(6)
انظر: شرح اللمع 1/ 172 - 173، مع تصرف من الشارح واختصار.
(7)
انظر: شرح اللمع 1/ 173.
(8)
انظر: شرح اللمع 1/ 183.
ورأيت في كتاب "تعظيم قدر الصلاة" للإمام الجليل محمد بن نصر
(1)
عن أبي عبيد
(2)
أنه استدل على أن الشارع نَقَل الإيمان عن معناه اللغوي إلى الشرعي: بأنه نقل الصلاة والحج ونحوهما إلى معانٍ أخر، قال: فما بال الإيمان! وهذا يدل على تخصيص محل الخلاف بالإيمان وهو الذي وقع فيه النزاع في مبدأ
(3)
ظهور الاعتزال.
قوله: "وإلا لم تكن عربية" استدل على ما اختاره: بأنه لو كانت تلك الألفاظ موضوعات مبتدأة
(4)
- لم تكن عربية
(5)
. والملازمة ظاهرة
(6)
.
(1)
هو شيخ الإسلام محمد بن نصر بن الحجَّاج المروزيّ، أبو عبد الله الحافظ الشافعي ولد ببغداد سنة 202 هـ، كان إمامًا مجتهدًا علَّامة، من أعلم أهل زمانه باختلاف الصحابة والتابعين، قَلَّ أن تَرَ العيون مثله. قال ابن حزم رحمه الله:"لو قال قائل: ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديثٌ ولا لأصحابه إلا وهو عند محمد بن نصر - لما أبعد عن الصِّدق". من مصنفاته: "القَسَامَة" وهو نفيس جدًا، ما خالف فيه أبو حنيفة عليًا وابن مسعود، تعظيم قدر الصلاة. توفي رحمه الله سنة 294 هـ. انظر: سير 14/ 33، الطبقات الكبرى 2/ 246.
(2)
هو الإمام الحافظ المجتهد أبو عبيد القاسِم بن سلَّام بن عبد الله، وأبوه سلَّام مملوكٌ روميّ لرجلٍ هرويّ. قال إسحاق بن رَاهُويَه:"إن الله لا يستحي من الحق: أبو عبيد أعلمُ مني ومن ابن حنبل والشافعيّ". وقال الدارقطني: ثمة إمام جبل. من مصنفاته: الأموال، الغريب، فضائل القرآن، الطهور، الأمثال، وغيرها. توفي سنة 227 هـ. انظر: سير 10/ 490، الطبقات الكبرى 2/ 153.
(3)
في (ص): "مبتدأ".
(4)
هذا مقدم.
(5)
وهذا تالي؛ لأن القضية شرطية متصلة مكونة من مقدم وتالي.
(6)
أي: الملازمة بين المقدم والتالي ظاهرة.
وإذا كانت غير عربية يلزم أن يكون القرآن غير عربي؛ لوقوعها فيه، وذلك باطل؛ لقوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}
(1)
(2)
ونحوه، كقوله تعالى:{أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}
(3)
فدل على أنها عربية أعني: الصلاة والصيام والحج ونظائرها.
وهذا فيه نظر؛ لأنه لا يُبْطِل إلا مذهب المعتزلة فقط.
وقد رَدَّ إمام الحرمين على القاضي: "بأن حَمَلَة الشريعة مجمعون على أن الركوع والسجود من الصلاة، وسياق
(4)
ما ذكره أن المسمى بالصلاة الدعاء فحسب، وليس الأمر كذلك
(5)
".
قال: (قيل: المراد بعضه، فإن الحالف على أن لا يقرأ القرآن يحنث بقراءة البعض
(6)
. قلنا: معارض بما يقال: إنه بعضه. قيل: تلك كلمات قلائل فلا تخرجه عن كونه عربيًا، (كقصيدة فارسية فيها ألفاظ عربية)
(7)
. قلنا: تُخْرجه وإلا لما صح الاستثناء. قيل: يكفي في عربيتها استعمالها في لغتهم. قلنا: تخصيص الألفاظ
(8)
باللغات بحسب الدلالة. قيل: منقوض بالمشكاة،
(1)
سورة يوسف: الآية 2.
(2)
في (ك): {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} . وهي في سورة طه: الآية 113.
(3)
سورة فصلت: الآية 44.
(4)
في (ص)، و (غ):"ومساق".
(5)
انظر: البرهان 1/ 175.
(6)
في (غ): "بعضه".
(7)
سقطت من (ت)، و (غ).
(8)
في (ص): "ألفاظ".
والقسطاس، والإستبرق، والسجيل. قلنا: وَضْع العرب فيها وافق لغة أخرى).
اعترضت المعتزلة على الدليل
(1)
الذي أورده في الكتاب بأربعة أوجه:
الأول: أن الآية لا تدل على أن القرآن كله عربي، بل على
(2)
أن بعضه عربي؛ لأن "القرآن" يطلق على مجموعه، وعلى كل جزء من أجزائه، ويصدق صِدْق المتواطئ
(3)
على جزئياته، ويدل على هذا أن الحالف على أن لا يقرأ القرآن يحنث بقراءة بعضه.
وأجاب: بأن ما استدللتم به من صورةِ الحلف وإنْ دلَّ على أن المراد بالقرآن البعض فهو
(4)
معارض بقولنا (للآية والسورة)
(5)
: بعض القرآن، فإنه لو أطلق القرآن على ذلك حقيقة لم يكن لإدخال البعض معنى
(6)
. وأيضًا فبعض الشيء غير الشيء
(7)
، وإذا تعارضا تساقطا وسَلِم ما ذكرنا من الدليل
(8)
.
(1)
سقطت من (غ).
(2)
سقطت من (ت).
(3)
في (ص): "المواطئ". وهو خطأ.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
في (ص)، و (غ):"الآية والسورة".
(6)
يعني: لو أطلق "القرآن" على الآية والسورة حقيقة - لكان قولنا: الآية والسورة بعض القرآن، ليس صحيحًا. وهذا ليس بصحيح، بل الآية والسورة بعض القرآن.
(7)
أي: بعض الشيء غير كل الشيء ومجموعه.
(8)
أي: إذا تعارض ما استدللتم به على أن بعض الشيء هو الشيء، بما استدللنا به على أن بعض الشيء غير الشيء - تساقط الدليلان، وسَلِم ما ذكرنا من الدليل قبل هذا.
واعلم أن ما ذكره المصنف من الحنث في هذه الصورة تَبِع فيه الإمام
(1)
، وليس كما ذكرا
(2)
، فالذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه في "الأم"، ونقله الرافعي عنه خلاف ذلك، وقد رأيتُ نصه في "الأم" في الجزء السابع في
(3)
باب جامع التدبير
(4)
، قال رضي الله عنه ما نصه: "ولو قال رجل لعبدٍ له: متى مِتُّ وأنت بمكة فأنت حر، ومتى مِتُّ وقد قرأتَ القرآن فأنت حر. فمات السيد والعبد بمكة وقد قرأ القرآن كله (كان حرًّا، وإن مات وليس العبد بمكة أو مات ولم يقرأ القرآن كله)
(5)
لم يعتق"
(6)
. هذا لفظه.
وقال الشيخ أبو حامد في "التعليقة": "إذا قال لعبده إذا قرأت القرآن فأنت حر - لم يعتق إلا بقراءة الجميع". وكذا قال المحاملي في "التجريد". هذا هو المذهب في المسألة ولا يُعْرف
(7)
ما يخالفه
(8)
.
الوجه الثاني: أنا لا نسلم أنه يلزم من كون تلك الألفاظ غير عربية أن لا يكون القرآن عربيًا، فإن تلك كلماتٌ قلائل فلا يَخْرج القرآن عن
(1)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 417.
(2)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"ذكر".
(3)
في (ص): "من".
(4)
في (ص): "الترتيب". وهو خطأ.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
انظر: الأم 8/ 22.
(7)
في (ت): "ولا نعرف".
(8)
انظر: نهاية المحتاج 8/ 373.
كونه عربيًا، كما أن الألفاظ العربية القليلة إذا وقعت في قصيدة فارسية لا تُخرجها عن كونها فارسية.
وأجاب: بأنها تُخْرجه (عن كونه عربيًا، والكلمات القلائل تخرج القصيدة عن أن تكون فارسية)
(1)
، والدليل على ذلك صحة الاستثناء، إذْ لَكَ أن تقول: القصيدة فارسية إلا موضع كذا منها.
الوجه الثالث: أنه يكفي في كون هذه الألفاظ عربية استعمال العرب لها من حيث الجملة، وحينئذ فاستعمال الشارع لها في غير المعنى اللغوي لا يخرجها عن ذلك
(2)
.
وأجاب: بأن هذا
(3)
المقدار غير كاف في كونها عربية؛ لأن تخصيص الألفاظ باللغات بحسب دلالتها على معانيها، فإن كانت دلالتها من جهة لغة العرب كانت عربية وإلا فلا، ولا شك أن تلك الألفاظ لا تدل على معانيها من تلك الحيثية.
واعلم أن المصنف لم يرتب هذه الاعتراضات الثلاث على الوجه اللائق؛ فإن مقتضى النظم الطبيعي تقديم هذا الثالث، ثم الإتيان بالثاني، ثم بالأول، فيقال: لا نسلم أنها غير عربية بل يكفي استعمالها عندهم. سلمنا لكن لا تُخْرج القرآنَ عن كونه عربيًا؛ لقلتها. سلمنا ولكن ذلك غير ممتنع؛ لأن المراد من
(4)
قوله تعالى: {قُرْآنًا
(1)
سقطت من (ت).
(2)
أي: عن كونها عربية.
(3)
سقطت من (ص).
(4)
سقطت من (ص).