المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وإذا عرفت هذا علمتَ أن قوله: "وعلى لازمه الذهني " - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٣

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب الأول: في الكتاب

- ‌(الباب الأول: في اللغات

- ‌الفصل الأول: في الوضع)

- ‌أحدها: سببه:

- ‌الأمر الثاني: في الموضوع:

- ‌الأمر الثالث: الموضوع له:

- ‌الأمر الرابع: في فائدة الوضع:

- ‌الأمر الخامس:

- ‌(الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ

- ‌تنبيهات:

- ‌(فائدة):

- ‌خاتمة:

- ‌(الفصل الثالث: في الاشتقاق

- ‌الاشتقاق في اللغة:

- ‌فوائد:

- ‌فروع يتجه بناؤها على الأصل المذكور:

- ‌فروع يتجه بناؤها على الأصل المذكور:

- ‌(الفصل الرابع: في الترادف

- ‌ توالي الألفاظ

- ‌الأول: اللفظي:

- ‌الثاني(1): التأكيد المعنوي:

- ‌فائدتان:

- ‌(الفصل الخامس: في الاشتراك)

- ‌المشترك:

- ‌ الأولى: في إثباته

- ‌(الثانية: إنه خلاف(3)الأصل وإلا لم يُفْهم ما لم يُسْتَفْسَر

- ‌(الثالثة: مفهوما المشترك إما أن يتباينا كالقرء للطهر والحيض

- ‌(الرابعة: جَوَّز الشافعي رحمه الله، والقاضيان، وأبو علي - إعمالَ المشترك في جميع مفهوماته الغير المتضادة

- ‌(الخامسة: المشترك إنْ تَجَرَّدَ عن القرينة فمجمل

- ‌(الفصل السادس: في الحقيقة والمجاز

- ‌الحقيقة الشرعية:

- ‌والمنقولة الشرعية:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌فائدتان:

- ‌خاتمة:

- ‌ المجاز إما أن يقع في مفرداتِ الألفاظ فقط، أو في تركيبها فقط(3)أو فيهما جميعًا:

- ‌(الثالثة: شَرْط المجاز العلاقة المعتبرُ نوعُها

- ‌الجهة الأولى: السببية:

- ‌العلاقة الثانية: المسببية:

- ‌العلاقة الثالثة: المشابهة:

- ‌العلاقة الرابعة: المضادة:

- ‌العلاقة الخامسة: الكلية:

- ‌العلاقة السادسة: الجزئية:

- ‌العلاقة السابعة: الاستعداد

- ‌العلاقة الثامنة: المجاورة:

- ‌العلاقة العاشرة: الزيادة

- ‌العلاقة الحادية عشر: النقصان:

- ‌العلاقة الثانية عشر: التعلق:

- ‌(الرابعة: المجاز بالذات لا يكون في الحرف

- ‌(الخامسة: المجاز خلاف الأصل

- ‌خاتمة:

- ‌(السادسة: يُعدل إلى المجاز لثِقَل لفظ الحقيقة:

- ‌(السابعة: اللفظ قد لا يكون حقيقة ولا مجازًا:

- ‌(الثامنة: علامة الحقيقة سبق الفهم، والعراء عن القرينة)

- ‌(الفصل السابع: في تعارض ما يخل بالفهم

- ‌الأحوال اللفظية المخلة بالإفهام:

- ‌ التعارض بين هذه الاحتمالات الخمسة يقع على عشرة أوجه

- ‌(الأول: النقل أولى من الاشتراك لإفراده

- ‌(الثاني: المجاز خير منه

- ‌(الثالث: الإضمار خيرٌ منه

- ‌(الرابع: التخصيص خيرٌ

- ‌(الخامس: المجاز خير من النقل

- ‌(السادس: الإضمار خير منه

- ‌(السابع: التخصيص أولى لما تقدم

- ‌(الثامن: الإضمار مثل المجاز

- ‌(التاسع: التخصيص خير

- ‌(العاشر: التخصيص خير من الإضمار

- ‌(الفصل الثامن(1): في تفسير حروف يُحتاج إليها

- ‌ الأولى: الواو للجمع المطلق بإجماع النحاة

- ‌خاتمة:

- ‌(الثانية: الفاء للتعقيب إجماعًا

- ‌فرع:

- ‌(الثالثة: "في" للظرفية ولو تقديرًا

- ‌(الرابعة: "مِنْ" لابتداء الغاية

- ‌(الخامسة: الباء تُعَدِّي اللازم

- ‌(السادسة: إنما للحصر؛ لأنَّ "إنَّ" للإثبات، و"ما" للنفي

- ‌فائدة:

- ‌(الفصل التاسع: في كيفية الاستدلال بالألفاظ

- ‌ الأولى: لا يخاطبنا الله بالمهمل؛ لأنه هذيان

- ‌(الثانية: لا يُعْنَى خلاف الظاهر من غير بيان

- ‌(الثالثة: الخطاب إما أن يدل على الحكم بمنطوقه:

- ‌فائدة:

- ‌(الرابعة: تعليق الحكم بالاسم لا يدل على نفيه عن غيره

- ‌فائدة:

- ‌قاعدة:

- ‌(الخامسة: التخصيص بالشرط مثل: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ}

- ‌(السادسة: التخصيص بالعدد لا يدل على الزائد والناقص)

- ‌خاتمة:

- ‌(السابعة: النص إما أن يستقل ىإفادة الحكم أوْ لا

الفصل: وإذا عرفت هذا علمتَ أن قوله: "وعلى لازمه الذهني "

وإذا عرفت هذا علمتَ أن قوله: "وعلى لازمه الذهني " غير مستقيم؛ لإيهامه وجود الدلالة مع اللزوم

(1)

الخارجي وهو باطل

(2)

. وبهذا التقسيم تَعْرف حدَّ

(3)

كل واحد منها.

‌تنبيهات:

الأول

(4)

: قال الإمام: "هذا اللزوم

(5)

شرط لا سبب"

(6)

وقرر القرافي هذا

(7)

: بأن الشرط يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم؛ لذاته.

= في الخارج لا في الذهن؛ لأن الذهن قد يتصور السرير ويذهل عن الإمكان. قال القرافي: "لأنا نعني باللازم ما لا يفارِق". نفائس الأصول 2/ 559.

(1)

في (ت): "التلازم"، وفي (غ)، و (ك):"اللازم".

(2)

يعني: أن تقييد الماتن اللازمَ بالذهني غيرُ صحيح؛ لأنه يدل على أن دلالة اللفظ على التلازم إما أن تكون ذهنية فهو التلازم المنطقي، أو غير ذهنية - أي خارجية - فهو التلازم غير المنطقي. فالتقييد بالذهني يدل على أن هناك لازمًا خارجيًا يدل عليه اللفظ، وهو باطل؛ إذ اللفظ لا يدل على اللازم الخارجي، وذلك كالسرير مع الإمكان، فتصور السرير لا يلزم منه تصور الإمكان، وقد يذهل الذهن عنه، لكن وجود السرير هو الذي يدل على الإمكان لا لفظ السرير ذاته.

(3)

سقطت من (ت).

(4)

سقطت من (ت).

(5)

في (غ): "اللازم".

(6)

المحصول 1/ ق 1/ 301، وعبارة المحصول:"شرط لا موجب". والموجِب هو السبب، فقد يكون الشارح نقل بالمعنى، أو أن نسخة الشارح فيها لفظ السبب، لا سيما وأن القرافي عَبَّر بالسبب. انظر: نفائس الأصول 2/ 561.

(7)

في (غ): "في هذا".

ص: 522

فاحتَرز بالقيد الأول من المانع

(1)

، وبالثاني من السبب، وبالثالث من مقارنة وجوده للسبب فإنه يحصل الوجود، ولكن ليس

(2)

لذات الشرط بل لوجود السبب.

والسبب: ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم؛ لذاته.

فالقيد الأول احتراز عن الشرط، والثاني عن المانع، والثالث عن مقارنة وجودِه فقدانَ الشرط فلا يلزم الوجود، أو مقارنةِ عدمِه إخلافَ سبب آخر فلا يلزم العدم، وذلك ليس لذاته بل لأمر خارج.

والمانع: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم؛ لذاته.

فالقيد الأول احتراز من السبب، والثاني من الشرط، والثالث من مقارنة عدمه عدم السبب

(3)

فيلزم العدم، لكن لا لذاته بل لعدم السبب.

وإذا اتضحت هذه الحقائق فالملازمة الذهنية يلزم من عدمها العدم

(4)

؛ لأن اللفظ إذا أفاد معنى غيرَ مستلزِم لآخر لا ينتقل الذهن لذلك الآخر إلا بسبب منفصل، فيكون إفادته مضافةً لذلك المنفصل لا للفظ؛ فلا يكون

(1)

لأنه لا يلزم من عدمه شيء.

(2)

سقطت من (ت). وفي (غ): "لا".

(3)

في نفائس الأصول 2/ 562: "عدم السبب أو عدم الشرط".

(4)

يعني: يلزم مِنْ عدم الملازمة الذهنية عدم دلالة الالتزام.

ص: 523

فهمُه دلالةً للفظ بل أثرًا للمنفصل

(1)

. ولا

(2)

يلزم من وجود الملازمة وجود الدلالة عند عدم الإطلاق

(3)

؛ فإن الملازمة في نفس الأمر، والفهمُ معدومٌ من اللفظ؛ إذ اللفظ معدوم، فهي حينئذٍ شرط والإطلاق هو السبب.

فإن قلت: هذا التقرير بعينه يتقرر في اللفظ، فإنه يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود الدلالة إذا فُقِدت الملازمة، فيمكن أن يقال: الإطلاق شرط، والملازمة سبب

(4)

فلِمَ لا عكستم أو سَوَّيتم؟ .

قلت: الإطلاق قد يستقل بالدلالة في المطابقة والتضمن فيثبت له السببية والملازمة لم تستقل في صورة فيترجع

(5)

الإطلاق على

(1)

قوله: لأن اللفظ إذا أفاد معنى. . . إلخ - معناه: أن اللفظ إذا أفاد معنى (وهو المعنى المطابقي) ليس له ملازمة بمعنى آخر، فإن الذهن لا ينتقل إلى ذلك المعنى الآخر إلا بسبب منفصل؛ لأن اللفظ لا يدل عليه لعدم الملازمة بينهما، فيكون إفادة اللازم مضافة لذلك المنفصل لا إلى اللفظ، بخلاف ما لو كانت الملازمة ذهنية، فإن الملازمة تكون منسوبة للفظ.

(2)

في (ص)، و (غ)، و (ك):"فلا". وهو خطأ؛ لأن هذه جملة جديدة، وليست تفريعًا للجملة قبلها، والمثبت هو الموافق لما في "النفائس"

(3)

لأن الدلالة لا تكون إلا إذا أُطلق اللفظ، أما إذا لم يطلق فإن الدلالة لا توجد وإن كانت هناك ملازمة ذهنية.

(4)

لأنه يلزم من وجود الملازمة وجود دلالة الالتزام، ويلزم مِنْ عدم الملازمة عدم دلالة الالتزام، وهذا هو تعريف السبب.

(5)

في (ت): "فيرجح".

ص: 524

الملازمة الذهنية؛ لوجوده في الصورتين

(1)

(2)

.

الثاني: في التقسيم الذي ذكره مناقشاتٌ مِنْ وجوه:

منها: أن قوله: "تمام" ليس بجيد؛ لأنه إن لم يحترز به عن شيء فهو زيادة بلا معنى، وإن احترز به عن جزء المُسَمَّى فليس جزء المسمى نفسَ المسمى. وكذا فعل ابن الحاجب حيث قال:"كمال مُسَمَّاه"

(3)

، وكان ينبغي أن يقولا: على مسماه.

ومنها: أن اللفظ جنسٌ بعيد؛ لدخول المستعمل والمهمل فيه، وهو مُجْتَنَب في الحدود

(4)

، فكان ينبغي أن يقول: دلالة القول، كما فعله

(5)

(1)

قوله: الإطلاق قد يستقل. . . إلخ - معناه: أن الإطلاق يثبت له الدلالة على المطابقة والتضمن، بخلاف الملازمة فإنها لم تستقل في صورة واحدة؛ لأن الملازمة لا توجد بدون المطابقة، فيترجح كون الإطلاق سببًا بسبب وجوده في صورتين، والسبب أعلى من الشرط.

(2)

هنا انتهى تقرير القرافي؛ ولأن الشارح رحمه الله تعالى لم يلتزم نص القرافي، بل أضاف من عنده على عبارة القرافي موضحًا ومبينًا لها - ونِعْم ما فعل - لم أضع هذا التقرير بين قوسين. وهو موجود في نفائس الأصول 2/ 561، 562، 563.

(3)

أي: وكذا تعريف ابن الحاجب مُعْترض عليه؛ لأن قَيْد: "كمال" لا حاجة له. انظر: بيان المختصر 1/ 154، وعبارته:"ودلالته اللفظية في كمال معناها دلالة مطابقة". وهو كذلك في شرح العضد على ابن الحاجب 1/ 120.

(4)

لأن الحد: ما كان بالجنس القريب والفصل القريب. والمراد بالحد التام، لا الناقص؛ لأن الكلام ليس فيه. انظر: حاشية الباجوري على السلم ص 43.

(5)

في (ت): "فعل".

ص: 525

شيخنا أبو حيان في مختصراته في تعريف الكلمة، معترِضًا على مَنْ ذكر اللفظ

(1)

بما قلناه.

ومنها: كان ينبغي أن يقول في المطابقة: من حيث هو تمامه، وفي التضمن: من حيث هو جزؤه، وفي الالتزام: من حيث هو لازمه؛ ليحترز به عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه، مثل: وضْعِ الممكنِ للعامِّ والخاص

(2)

؛ فإنه يصير به للفظِ المُسَمَّى على جزئه دلالتان: دلالةُ تضمن

(1)

أي: مَنْ ذكر اللفظ في تعريف الكلمة. وممن عَرَّف باللفظ ابن مالك رحمه الله تعالى حيث قال في ألفيته: كلامنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم. وانظر: قطر الندى ص 11 - 12.

(2)

الممكن العام: هو سلب الضرورة عن أحد الطرفَيْن. يعني: إما وجوده ليس بضروري، أو عدمه ليس بضرورى. أي: سلب الضرورة عن الوجود أو عن العدم. فمن كان وجوده غير ضروري كان عدمه ضروريًا كالممتنعات، مثل: اجتماع النقيضين أو الضدين، فيقال للممتنعات: ممكن بالإمكان العام، فاجتماع النقيضين عدمه ضروري، ووجود اجتماع النقيضين ليس بضروري، يعني: وجوده لا يتحقق، وعدمه يتحقق. وكذا اجتماع الضدين، فالعدم ضروري، والوجود غير ضروري، أي: العدم متحقق، والوجود غير متحقق. ومَنْ كان وجوده ضروريًا - كوجود الله تعالى - كان عدمه غير ضروري، فسلب الضرورة هنا عن جانب العدم، فالوجود متحقق، والعدم غير متحقق. أما الممكن الخاص: فهو سلب الضرورة عن الطرفين. يعني عن جانب الوجود والعدم، مثل: وجود الممكنات، وهى جميع المخلوقات كالإنسان والحيوان وغيرهما، فالوجود والعدم مسلوب الضرورة عنها، فوجودنا ليس بضروري، وعدمنا ليس بضروري؛ لأننا بين الوجود والعدم، فوجودنا من الممكنات، وهي موجودة بالإمكان الخاص، بخلاف الواجب الوجود - كذات المولى تعالى وصفاته - والممتنعات - كاجتماع الضدين والنقيضين - فهي موجودة بالإمكان العام. وعلى هذا فالممكن الخاص كُلٌّ؛ لأنه سلب الضرورة عن الطرفين، والممكن العام =

ص: 526

باعتبار الوضع الأول، ومطابقة باعتبار الثاني

(1)

، (فقد يدل على بعض)

(2)

(المسمى دلالة مطابقة باعتبار الوضع الثاني)

(3)

، (فلا بد وأن)

(4)

يقول: من حيث هو كذلك

(5)

؛ وليحترز به أيضًا عن

= جزء؛ لأنه سلب الضرورة عن أحد الطرفين. فصار لفظ الممكن موضوعًا لمعنيَيْن بالاشتراك، وهما: الإمكان العام، والإمكان الخاص، فلفظ الممكن يدل على الإمكان الخاص بالمطابقة، ويدل على الإمكان العام بالمطابقة والتضمن. انظر: تعريف الممكن العام والخاص في القطبي شرح الشمسية في المنطق ص 53.

(1)

الوضع الأول: هو دلالة اللفظ على الكل. فبهذا الاعتبار يدل اللفظ على الجزء بالتضمن. والوضع الثاني: هو دلالة اللفظ على الجزء. فبهذا الاعتبار يدل اللفظ على الجزء بالمطابقة. فأصبح الجزء مدلولًا عليه بدلالتين: المطابقة، والتضمن.

(2)

سقطت من (غ).

(3)

سقطت من (غ).

(4)

في (ت): "ولا بد أن"، وفي (غ):"فلا بد أن".

(5)

معنى قوله: دلالة اللفظ على تمام مسماه من حيث هو تمامه. أي: دلالة اللفظ على تمام مسماه باعتبار أن هذا المسمى هو التمام، لا باعتبار أنه جزء. وإنما قيَّد بقيد: من حيث هو تمامه؛ ليحترز عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه، فإن دلالة المشترك على الجزء من حيث إنه جُزْءَ المعنى - تضمن (أي: دلالة المشترك على "الشيء" هي دلالة تضمن على الجزء)، ودلالته على الجزء من حيث إنه تمام المعنى مطابقة (أي: دلالة المشترك على الجزء باعتبار الاشتراك مطابقة)، فلا بد من قيد: مِنْ حيث هو تمام؛ حتى تدخل دلالة المشترك على الجزء بالاعتبار الثاني لا بالاعتبار الأول. ولفظ "الإمكان" مثلًا لفظ مشترك بين الإمكان العام والإمكان الخاص، فمن جهة دلالته على الإمكان الخاص هو يدل على الإمكان العام بالتضمن، فلا يدخل الإمكان العام بهذا الاعتبار في دلالة المطابقة. ومن جهة دلالته على الإمكان العام هو يدل عليه بهذا الاعتبار دلالة مطابقة، فدلالته على الإمكان العام دلالة على تمام مسماه لكن باعتبار أنه تمام المعنى، أي: بالاعتبار الثاني، لا باعتبار أنه جزء المعنى، أي: بالاعتبار الأول.

ص: 527

المشترك بين اللازم والملزوم، كالشمس بين القرص والضوء المستفاد منه

(1)

. وهكذا فعل صاحب "التحصيل"

(2)

. وأما الإمام فلم يقيِّد دلالة المطابقة وقيَّد الباقيتين

(3)

، قال القرافي:"وهو قيد لم يذكره أحد ممن تقدمه، وإنما اكتفى المتقدمون بقرينة التمامية، والجزئية، واللازمية". قال: "فيقال له: إن كانت هذه القرائن كافية فيلزم الاستغناء عن هذه القيود في الدلالات الثلاثة

(4)

، وإلا فيلزم الاحتياج في الثلاث، فما وجه تخصيص التضمن والالتزام؟ فإنا نقول في المطابقة: كما يمكن وضع العشرة للخمسة يمكن وضعها للخمسة عشر أيضًا

(5)

، فيصير لها على العشرة دلالتان:

(1)

وكذا في اللازم والملزوم، فإن القرص ملزوم، والضوء لازم، ولفظ "الشمس" مشترك بينهما، فلفظ الشمس يدل بالمطابقة على القرص، وعلى الضوء أيضًا، ولذلك لا بد مِنْ قيد: مِنْ حيث هو تمامه؛ ليدخل لازم المعنى (وهو الضوء) المدلول عليه مطابقة؛ لأنه حينذاك يكون هو تمام المعنى بالنسبة لدلالة اللفظ عليه مطابقة، لا بالنسبة لدلالة اللفظ عليه التزامًا.

(2)

عبارته في التحصيل 1/ 200: "دلالة اللفظ على تمام مسماه هي المطابقة، وعلى جزئه التضمن، وعلى لازمه الالتزام. ولْيُعْتبر في الكل كونُه كذلك؛ احترازًا عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه، أو لازمه". وقول صاحب التحصيل: "وليعتبر في الكل كونه كذلك" هو مراد الشارح، والمعنى واضح، أي: دلالة اللفظ على تمام مسماه من حيث كونه تمامًا. وفي التضمن: من حيث كونه جزءًا. وفي الالتزام: من حيث كونه لازمًا.

(3)

انظر: المحصول 1/ ق 1/ 299

(4)

في (ت): "الثلاث".

(5)

سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك).

ص: 528

مطابقة باعتبار الوضع الأول وتضمن باعتبار الثاني"

(1)

.

الثالث: جميع ما تقدم في دلالة اللفظ، أما الدلالة باللفظ فهي استعمال اللفظ إما في موضوعه وهي

(2)

الحقيقة، أو غير موضوعه لعلاقة وهو المجاز.

والباء في قولنا: الدلالة باللفظ، للسببية والاستعانة؛ لأن اللافظ يدلنا على ما في نفسه بإطلاقه اللفظ، فإطلاق اللفظ آلة للدلالة، كالقلم للكتابة، والقَدُوم للنجارة. والفرق بين الدلالة باللفظ ودلالة اللفظ مِنْ وجوه:

أحدها: المحل: فمحل دلالة اللفظ القلب، ومحل الدلالة باللفظ اللسان

(3)

.

وثانيها: من جهة الوجود: فكلما وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ

(4)

، (وقد توجد الدلالة باللفظ)

(5)

ولا توجد دلالة اللفظ في الألفاظ المجملة والأعجمية

(6)

.

(1)

انظر نفائس الأصول 2/ 557.

(2)

في (ص): "وهو".

(3)

فدلالة اللفظ (المطابقة، التضمن، الالتزام) محلها القلب؛ لأنه موطن العلوم والظنون. ومحل الدلالة باللفظ اللسان؛ لأن نطق اللفظ يكون باللسان. انظر: نفائس الأصول 2/ 566.

(4)

لأن دلالة اللفظ لا توجد إلا بوجود الدلالة باللفظ، كما سيأتي إيضاحه.

(5)

سقطت من (ت)، و (ص).

(6)

يعني: الدلالة باللفظ توجد في الألفاظ المجملة والأعجمية، أما دلالة اللفظ فلا توجد في الألفاظ المجملة والأعجمية؛ لأن المخاطَب لا يفهم مراد المتكلم الذي محله القلب.

ص: 529

وثالثها: من جهة الأنواع: فلدلالة

(1)

اللفظ ثلاثة أنواع: المطابقة، والتضمن، والالتزام.

(وللدلالة)

(2)

باللفظ نوعان: الحقيقة والمجاز.

ورابعها: (من جهة)

(3)

السببية: فالدلالة باللفظ سبب، ودلالة اللفظ مُسَبَّب عنها

(4)

.

وخامسها: من جهة الموصوف: فدلالة اللفظ صفة للسامع، وباللفظ صفة للمتكلم

(5)

(6)

.

قال: (واللفظ: إنْ دل جزؤه على جزء المعنى - فمركب، وإلا فمفرد).

(1)

في (غ): "فدلالة".

(2)

سقطت من (غ).

(3)

سقطت من (ت).

(4)

بهذا الفرق الرابع يتضح مراد الشارح في قوله: فكلما وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ؛ لأن دلالة اللفظ مسبب، والدلالة باللفظ سبب، فكلما وجد المسبب وُجد السبب، ولا يلزم من وجود السبب وجود المسبب؛ لإمكان وجود مانع، كما مَثَّل في الفرق الثاني بالألفاظ المجملة والأعجمية، فالإجمال والعجمة مانعان من وجود المسبب وهو فهم مراد المتكلم من كلامه، وهي دلالة اللفظ.

(5)

انظر التنبيه الثالث في: نفائس الأصول 2/ 565.

(6)

انظر تقسيم دلالة اللفظ في: المحصول 1/ ق 1/ 299، التحصيل 1/ 200، الحاصل 1/ 296، الإحكام 1/ 15، شرح الكوكب 1/ 125، بيان المختصر 1/ 154، شرح تنقيح الفصول ص 23، نهاية السول 1/ 30، السراج الوهاج 1/ 260، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 237، حاشية الباجوري على السلم ص 30، آداب البحث والمناظرة ق 1/ 11.

ص: 530

هذا تقسيم آخر للفظ باعتبار التركيب والإفراد، وذلك لأنه إنْ دل جزؤه على جزء المعنى المستفاد منه - فهو المركب:

سواء كان

(1)

تركيب إسناد، مثل: قام زيد، وزيد قائم.

أم

(2)

تركيب مزج، مثل: خمسة عشر.

أم تركيب إضافة، مثل: غلام زيد.

وقد أورد بعض الفضلاء على هذا: حيوانٌ ناطق، إذا جُعِل عَلَمًا لإنسان، فإنه مفرد مع أنَّ جزءه يدل على جزء معناه

(3)

.

فمنهم مَنْ قَبِل هذا الإيراد

(4)

، وقال: الصواب أن يزاد في الرسم

(1)

في (غ): "أكان".

(2)

في (ص): "أو".

(3)

هذا الإيراد أورده القرافي في نفائس الأصول 2/ 577، إذ قال:"إذا سَمَّى إنسانٌ ولدَه بحيوان ناطق، فجزء هذا اللفظ كان دالًا قبل هذا الوضع على جزء هذا المعنى؛ لأن كل جزء من اللفظ يدل على جزء في المعنى، فحيوان يدل على جنسه، وناطق على فصله، والوضع الثاني لم يُبطل الوضعَ الأول، فيبقى الوضع الثاني يدل جزؤه على جزء المعنى، وهو يُبطل حد المفرد والمركب؛ لاتفاقهم على أن جميع الأعلام مفردات، وهذا (أي اسم: حيوان ناطق) عَلَم فيكون مفردًا، وهو قد اشترط في المفرد عدم الدلالة، وهذا دال، فيكون حد المفرد غير جامع، ويُبطل حد المركب؛ لاندراج هذا فيه وهو مفرد، وكذلك يتصور النقض من كل حَدٍّ جُعِل عَلَمًا لبعض أشخاص أنواعه".

(4)

وهو كون: "حيوان ناطق" مفردًا، مع أنه يصدق عليه تعريف المركب.

ص: 531

المذكور: حين هو جزء

(1)

.

ومنهم مَنْ ردَّه، وقال: دلالة اللفظ على المعنى متعلِّقة بإرادة اللافظ، فما يتلفظ به ويراد به معنى ما، ويفهم عنه ذلك المعنى، يقال: إنه دال عليه، وما سوى ذلك المعنى مما لا يتعلق به

(2)

إرادة اللافظ لا يقال له

(3)

إنه دال عليه، وإنْ كان

(4)

ذلك اللفظ أو جزء منه بحسب تلك اللغة أو لغة أخرى، وحينئذ لا يَرِد "الحيوان الناطق" نقضًا لأن المتلفظ به حال كونه عَلَمًا لا يقصد شيئًا من جُزْئَيْه بقيدِ الوَحْدة، وإنما يقصد بمجموع اللفظين الشخص المسمى به، فلا فرق حينئذ بينه وبين عبد الله العَلَم في ذلك

(5)

.

(1)

يعني: يصبح تعريف المركب: ما دل جزؤه على جزء المعنى حين هو جزؤه. وذلك ليحترز بهذا القيد عن جزء المركب الذي لا يكون جزؤه جزءًا لمعناه في حال العَلَمية، وإن كان جزؤه جزءًا لمعناه قبل العلمية، فهنا ينظر إلى هذا الجزء على أنه جزء المركب، وأما بعد العلمية فليس هذا الجزء جزءًا، بل المركب في حكم المفرد. فحيوان ناطق، قبل العلمية مركب يدل جزؤه على جزء معناه، أما بعد العلمية فلا يدل جزؤه على جزء معناه؛ لأن العلمية هي المجموع، فهذا المركب في حكم المفرد.

(2)

سقطت من (ت)، و (ص).

(3)

سقطت من (ص).

(4)

سقطت من (ت).

(5)

من الواضح أن مَنْ قَبِل الإيراد السابق (الذي أورده بعض الفضلاء) ومَنْ ردَّه كلاهما متفقان على عدم اعتبار معنى الجزء، لكن الفارق بينهما أنّ مَنْ قبل الإيراد قيَّد، ومَنْ ردَّه لم يقيد، وإنما اكتفى بمراد اللافظ في الدلالة على المعنى، وعدم اعتبار المعنى المدلول عليه من اللفظ أو جزئه ما دام يخالف مراد المتكلم.

ص: 532

قوله: "وإلا فمفرد" أي: وإن لم يدل جزؤه على جزء المعنى فهو المفرد. فإن قلت: الزاي مثلًا من زيد (لا تدل)

(1)

على جزء المعنى فوجب أن لا يكون "زيد قائم" مركبًا

(2)

.

قلت: أجاب الجاربردي شارح الكتاب: "بأن "جزأه"

(3)

لا يفيد العموم، فلا يجب أن يدل كل جُزْءٍ من أجزائه على جُزء من أجزاء المعنى"

(4)

.

وهو ضعيف؛ لأن جُزأه مفرد مضاف، والمختار في ذلك إفادة العموم، بل الحق أن المراد بجزئه: ما صار به اللفظ مركبًا، كزيد وَحْده، وقائم وَحْده

(5)

.

(1)

في (ت): "لا يدل".

(2)

لأن الزاي جزء من قولنا: زيد قائم.

(3)

أي: المذكور في تعريف المفرد.

(4)

انظر: السراج الوهاج 1/ 264، وتتمة كلامه:". . . ليكون مركبًا، وإذا كان كذلك فلو لم يدل الزاى مثلًا من: "زيد قائم" على جزء المعنى - لا يلزم أن لا يكون "زيد قائم" مركبًا، فإن كل واحد من "زيد" و"قائم"، يدل على جزء المعنى، وهذا القدر كاف في كونه مركبًا".

(5)

يعني: أن كلمة "جزأه"، مفرد مضاف إلى الهاء، فيفيد العموم، أي: أن كل جزء من أجزائه يدل على جزء المعنى. لكن الصواب الذي رجحه ابن السبكي أن هذا العام يراد به الخاص، وهو أن المراد بالجزء ما صار به اللفظ مركبًا، والتركيب إنما يكون بزيد وحده، وقائم وحده، وأما الحروف فهي مرادة؛ لأن المفهوم من إطلاق الجزء جزء الأصل.

ص: 533

فإن قلت: الزاي مثلًا جزء الجزء، وجزء الجزء جزءٌ.

قلت: صحيح، ولكن المفهوم من إطلاق الجزء جزء الأصل

(1)

الذي ليس هو جزء الجزء، والأمر في مثل هذا قريب.

قال: (والمفرد: إما أن لا يستقل بمعناه وهو الحرف، أو يستقل

(2)

وهو الفعل إنْ دلَّ بهيئته على أحد الأزمنة الثلاثة، وإلا فاسم).

بدأ بعد تقسيم اللفظ إلى المفرد والمركب بأقسام المفرد، لتقدمه على المركب بالطبع. وتقسيم المفرد يقع من وجوه: منها ما هو باعتبار أنواعه، وهو تقسيمه إلى: الاسم، والفعل، والحرف.

ووجه انحصاره في هذه الثلاثة: أن اللفظ المفرد: إما أن لا يستقل بالمفهومية - فهو الحرف.

أو يستقل: فإما أن يدل بهيئته - أي: بحالته التصريفية - على أحد الأزمنة الثلاثة: الماضي، والحال، والاستقبال - فهو الفعل، أو لا يدل فهو الاسم، سواء لم يدل على زمان أصلًا كالسماء والأرض وزيد، أو دلَّ لكن لا بهيئته بل بذاته كالصَّبُوح

(3)

والغَبُوقِ

(4)

وأمسِ والآنَ

(1)

وهو جزء المركب.

(2)

في (ت)، و (ص)، و (غ)، و (ك):"استقل".

(3)

الصَّبُوح: كل ما أُكل أو شُرب غُدْوةً. واصْطَبَحَ القومُ: شربوا الصَّبُوح. وصَبَحه يَصْبَحَه صَبْحًا وصَبَّحه: سمَاه صَبُوحًا، فهو مُصْطَبَحٌ. انظر: لسان العرب 2/ 503، المصباح المنير 1/ 355، مادة (صبح).

(4)

الغَبُوق: الشرب بالعشيّ. وخصَّ بعضهم به اللبن المشروب في ذلك الوقت. =

ص: 534

والمستقبلِ.

قال: (كلي إن اشترك معناه، ومُتَواطِئ إن استوى، ومشكِّك إنْ تفاوت. جنس إنْ دل على ذاتٍ غير

(1)

معينة كالفرس، ومشتق إنْ دلّ على ذي صفة معينة كالفارس).

هذا تقسيم للاسم

(2)

فنقول: هو إما كلي، وإما

(3)

جزئي؛ وذلك لأنه إما أن لا يمنع نفس تصوره من اشتراكِ كثيرينَ فيه، أو يمنع. والأول

(4)

الكلي، وهو تارة يقع فيه الشركة كالحيوان، وتارة لا يقع إما مع الإمكان كالشمس، أو مع الاستحالة كالإله.

وبهذا يُعْلم أن قول المصنف: "إن اشترك معناه" ليس بجيد، وأنه كان الأحسن أن يقول: إن

(5)

قَبِل معناه الشركة

(6)

.

ثم الكلي يمكن تقسيمه مِنْ وجهين:

= وغَبَق الرجلَ يغبُقه ويَغْبِقه غَبْقًا وغَبَّقَه: سقاه غَبُوقًا فاغْتَبَقَ هو اغْتِباقًا. انظر: لسان العرب 10/ 281، مادة (غبق).

(1)

سقطت من (ت)، و (ك)، و (غ).

(2)

في (ت): "الاسم".

(3)

في (ك): "أو".

(4)

سقطت من (غ).

(5)

سقطت من (ت).

(6)

لأن مِنْ صور الكلي ما لا يوجد فيه الاشتراك مع الإمكان أو مع الاستحالة كما مثَّل.

ص: 535

أحدهما: وإليه أشار بقوله: "ومتواطئ"

(1)

إلى قوله: "تفاوت"، أن الكلي إما متواطئ أو مشكِّك؛ لأنه إنْ كان حصول معناه في أفراده الذهنية والخارجية على السوية كالإنسان؛ إذ كل فرد من الأفراد لا يزيد على الآخر في الإنسانية - فهو المتواطئ. وإن لم يكن على السوية بل كان في بعض أفراده أقدم أو أولى أو أشد - فهو المشكِّك، وسُمِّي بذلك؛ لكونه يشكِّك الناظرَ هل هو متواطئ لوَحْدة الحقيقة فيه، أو مُشْتَرك لما بينهما من الاختلاف، وذلك كالبياض الذي هو في الثلج أشَدُّ منه في العاج

(2)

، وكالوجود فإن معناه واحد في أشياء كثيرة مع اختلافه في تلك الأشياء؛ فإنَّ وجود الجوهر

(3)

أقدمُ من وجود

(1)

في (غ): "متواطئ".

(2)

العاج: أنياب الفيل. وفي المصباح 2/ 87: والعاج أنياب الفيل، قال الليث: ولا يسمى غير الناب عاجًا، والعاج ظهر السلحفاة البحرية، وعليه يُحْمل أنه كان لفاطمة رضي الله عنها سِوارٌ مِنْ عاج، ولا يجوز حمله على أنياب الفيلة، لأن أنيابها ميتة بخلاف السلحفاة، والحديث حجة لمن يقول بالطهارة. اهـ وقد نقلتُ ما في المصباح لمزيد الفائدة.

(3)

تنقسم الموجودات إلى جواهر وأعراض: فالجوهر: هو ما يقوم بذاته. أي: لا يحتاج في وجوده إلى شيء آخر يقوم فيه، كالأجسام، والأرواح، وكل ما له وجود مستقل قائم بنفسه. وينقسم الجوهر إلى قسمين: القسم الأول: الجوهر الفَرْد: وهو الموجود الذي لا يقبل التجزئة، لا في الواقع ولا في التصور. وهو في الحوادث الجزأ الذي لا يتجزأ. القسم الثاني: الجسم: وهو الموجود المركب من جوهرين فردين فأكثر، ويقبل التجزية ولو في التصور. وأما العَرَض: فهو ما يقوم بغيره. أي: لا يوجد إلا صفةً من صفات الجوهر، وتابعًا وجوده لوجوده، كالألوان، وهيئات الأجسام وأوضاعها، والحركة والسكون، ونحو ذلك. ومن العَرَض ما هو مختص بالحيّ: =

ص: 536

العَرَض

(1)

، والموجود بالذات أولى من الموجود بالغير، والوجود القارُّ أقوى (وأشد من غير القار كالحركة

(2)

مثلًا، وتجتمع هذه الأنواع من الاختلاف)

(3)

بالنسبة إلى الخالق والمخلوق.

فإن قلت: الأبيض (مثلًا إذا أُطلق)

(4)

على الثلج فإما أن يكون استعماله فيه مع ضميمة تلك الزيادة

(5)

، أوْ لا؟ فإن لم يكن فهو المتواطئ

(6)

، وإنْ كان فهو المشترك

(7)

، فإذن لا حقيقة لهذا القسم المسمى

= وهي الكيفيات النفسانية، كالحياة والعلم والقدرة والإرادة. ومن العرض ما ليس مختصًا بالحيّ: وهو ما عدا الكيفيات النفسانية، كالأصوات، والألوان، والروائح، والحركة والسكون، وغير ذلك. وكل جوهر حادث؛ لأنه مسبوق بالعدم، وجميع الأجسام متركبة من الجواهر، فهي حادثة أيضًا، والعالم بجميع أجزائه حادث. هذا هو مذهب المسلمين. انظر: ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة ص 339 - 340، شرح جوهرة التوحيد ص 447، البيت رقم 123، المطالب العالية للرازي 2/ 115، كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 1/ 203 - 207، التعريفات للجرجاني ص 70.

(1)

لأن العرض لا يقوم إلا بالجوهر، فوجود الجوهر متقدم على العرض.

(2)

الوجود القار هو الثابت، والوجود غير القار هو المتحرك، فوجود السماء قار وهو أقوى من وجود النجوم والكواكب؛ لأنها متحركة غير قارة.

(3)

سقطت من (ت).

(4)

في (ت): "إذا أطلق مثلًا".

(5)

يعني: زيادة بياض الثلج على بياض العاج.

(6)

يعني: فإن لم نأخذ هذه الزيادة في الاستعمال فبياض الثلج وبياض العاج متواطئان؛ لأننا لا نعتبر الزيادة.

(7)

يعني: وإن اعتبرنا الزيادة فيكون استعمال الأبيض للثلج والعاج مِنْ قبيل المشترك، فالأبيض مشترك بين الثلج والعاج، فلا وجود لقسم المشكِّك.

ص: 537

بالمشكِّك.

قلت: كذا أورده ابن التِّلِمْساني

(1)

(2)

، ونحن نقول: المتواطئ: أن يَضَع الواضع للقدر المشترك بقيدِ عدمِ الاختلاف في المَحَالِّ

(3)

مع اختلاف المحالِّ في أمور من غير جنس المسمَّى، كامتياز أفراد الإنسان بالذكورة والأنوثة

(4)

، وهذا

(5)

معنى قولهم: المتواطئ ما استوى محاله

(6)

. والمشكِّك: أنْ يَضَع

(7)

للقدر المشترك بقيد الاختلاف في المحال بأمور من جنس المسمى، كأجزاء النور في الشمس

(8)

، واستحالة التغير في الواجب،

(1)

انظر: شرح المعالم 1/ 161.

(2)

هو عبد الله بن محمد بن علي الفِهْريُّ المصريّ، شرف الدين أبو محمد، المعروف بابن التلمساني. كان أصوليًا متكلمًا ديِّنًا خيِّرًا من علماء الديار المصرية ومُحَقِّقيهم. من مصنفاته: شرح "المعالم" في أصول الدين، وشرح "المعالم" في أصول الفقه. توفي سنة 658 هـ. انظر: الطبقات الكبرى 8/ 160، طبقات ابن قاضى شهبة 2/ 107.

(3)

أي: في أفراد المتواطئ.

(4)

أي: مع اختلاف الأفراد في أمور من غير مفهوم المسمى، فالمراد بالجنس المفهوم لا الجنس المنطقي، كالإنسان المفهوم منه الإنسانية التي يستوي فيها المذكر والمؤنث وجميع أفراد الإنسان، فهي وإن تمايزت لكنها متحدة في مفهوم المسمى وهو الإنسانية.

(5)

في (ك): "هذا".

(6)

في جنس المسمى لا في غيره.

(7)

تقديره: أن يضع الواضع. لأن قوله: والمشكك، معطوف على قوله: المتواطئ أن يضع الواضع.

(8)

وفي القمر والكواكب، فإن أجزاء النور في الشمس والقمر والكواكب متفاوتة في النورانية، التي هي جنس المسمى.

ص: 538

فاشترك القسمان في أن الوضع في كل منهما للقدر المشترك، وافترقا بقَيْدَيْهِما

(1)

.

الوجه الثاني: الكلي: إما جنس أي: اسم جنس

(2)

، أو مشتق؛ لأنه إما أن يدل على الماهية وهو اسم الجنس كالإنسان والفرس، أو على موصوفية الماهية بصفة دون خصوصية الماهية وهو المشتق، فإنه لا يدل على خصوصية الماهية بل على اتصافها بالمصدر، كالأسْود مثلًا فإنه يدل على ذاتٍ متصفة (بالسواد، وأما على جسمية الذات

(3)

فلا. هذا تقرير ما ذكر.

وقوله في اسم الجنس)

(4)

: "إنه ما يدل على ذات غير

(5)

معينة كالفرس" منتقضٌ بعلم الجنس فإنه دال على ذات غير معينة، فإنك تقول: رأيت ثُعالة، أي: ثعلبًا، مع أنه ليس باسم جنس بل علم جنس يُعامل في اللفظ معاملة الأعلام

(6)

.

فإن قلت: وما الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس، مع أن كلًا منهما يصدق على ما لا يتناهى ومسماه كلي؟

(1)

فالمتواطئ بقيد عدم الاختلاف في المحال، والمشكك بقيد الاختلاف في المحال.

(2)

سقطت من (ت).

(3)

أي: جسم الأسود.

(4)

سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك).

(5)

سقطت من (ت)، و (غ)، و (ك).

(6)

يعني: تعريف البيضاوي لاسم الجنس غير مانع؛ لأنه يدخل في التعريف عَلَم الجنس؛ إذ هو غر معيَّن، واسم الجنس نكرة، وعلم الجنس معرفة يُعامل معاملة الأعلام.

ص: 539