الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة: التنبيه على ما قُصِد
(1)
الشفيعُ لأجله
(2)
، يقول المغلوب الذي ليس عنده أحد: ما عندي أحد ينصرني، تنبيهًا على أن مقصوده النصرة
(3)
(4)
.
السادسة: فائدةٌ ذكرها الزمخشري، وفَهْمها يتوقف على تحرير كلامه، وفيه نظر طويلٌ، وقد تكلَّم عليه الشيخ الإمام والدي أبلغ كلام وأحسنه، ولولا خشية التطويل والخروج عن مقصد الشرح لاستوعبنا ذكره، فإنه مما
(5)
يشح به اللبيب، ويُغبط به ذو الذهن السليم
(6)
.
قاعدة:
أصلُ وضع الصفة أن تجيء إما للتخصيص، أو للتوضيح: ويكثر مجيئها للتخصيص في النكرات، وللتوضيح في المعارف، نحو: مررتُ برجلٍ عاقلٍ، وبزيدٍ العالم
(7)
.
(1)
في (ص): "ما فضل". وهو خطأ.
(2)
أي: ذكر لفظ {يُطَاعُ} فيه تنبيه على أن الشفيع إنما يقصد ليطاع، أي: لتقبل شفاعته، فالشفيع الذي لا يطاع ليس فيه مقصد أصلًا، وعلى هذا فذكر هذه الصفة لحكاية الواقع لا للتخصيص، فلا مفهوم لها.
(3)
في (غ): "النصر".
(4)
أي: ليس مقصوده وجود أحد عنده، بل مقصوده وجود نصير ينصره، وكذا في الآية، فالمقصود من الشفيع قبول شفاعته.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
انظر: الفوائد الست في فتاوي السبكي 1/ 123 - 125.
(7)
ففي الأول خصصنا العاقل، وفي الثاني وضحنا مَنْ هو زيد.
وقد تجيء لمجرد الثناء كصفات الله تعالى، أو لمجرد الذم نحو: الشيطان الرجيم. أو للتوكيد مثل: {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} . أو للتحنن مثل: زيد المسكين. وهذه الأقسام
(1)
لا مفهوم لها.
وقد يُعَبَّر عن التخصيص بالشرط، وعن التوضيح بالتعريف، والمعنى واحد. ولما احتمل كون كل منهما مرادًا - وقع في مواضع كثيرة من الكتاب والسنة أماكنُ اختلف فيها العلماء، وفي الحكم المرتب عليها؛ لأجل اختلافهم فيها.
فمن ذلك قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ}
(2)
، فقوله:{لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} متردد
(3)
بين أن يكون للتوضيح أو للتخصيص، فإن كان الأول كان
(4)
فيه دلالة لمذهب الشافعي رضي الله عنه أن العبد لا يملك شيئًا، ويكون معنى الآية: أن هذا شأن العبد كما في قوله: "مملوكًا" قبل ذلك، فإنه للتوضيح لا محالة. وإنْ كان قوله:{لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} للتخصيص - كان فيه دلالة لمذهب مالك والقديمِ عندنا أن العبد يملك بالتمليك
(5)
؛ (لأن معنى الآية: أن العبد قد يملك)
(6)
وقد لا يملك، والوصفُ خَصَّص المثال
(7)
بمن لا يملك شيئًا،
(1)
أي: الأقسام الأربعة: لمجرد الثناء، أو الذم، أو التوكيد، أو التحنن.
(2)
سورة النحل: الآية 75.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
سقطت من (ت).
(5)
أي: بأن يملِّكه سيده.
(6)
سقطت من (ت).
(7)
وهو العبد في الآية.
ولا يقدر عليه
(1)
(2)
.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم لصفوانَ بنِ أمية
(3)
لما استعار منه: "بل عارية
(1)
فدل هذا على أن العبد مِنْه مَنْ يملك، ومنه من لا يملك، والمعنى: أن الشافعي رحمه الله نظر إلى أن العبد في الآية موصوف بصفة المملوك، فأصبح في حكم المعرفة؛ لأن النكرة إذا وصفت صارت في حكم المعرفة، فكانت جملة:"لا يقدر على شيء" للتوضيح، أي: كل عبدٍ لا يقدر على شيء، فلا يملك شيئًا. ومالك رضي الله عنه نظر إلى أن العبد نكرة، ولم ينظر إلى الصفة: مملوك، فجملة:"لا يقدر على شيء" أفادت تخصيص العبد، أي: أن العبد قسمان: قسم يقدر على شيءٍ فيملك، وقسم لا يقدر على شيءٍ فلا يملك، وهو الذي خصصته الآية.
(2)
قال القرطبي رحمه الله تعالى: "فهم المسلمون من هذه الآية ومما قبلها نقصانَ رتبة العبد عن الحر في الملك، وأنه لا يملك شيئًا وإنْ مُلِّك. قال أهل العراق: الرِّق ينافي الملك، فلا يملك شيئًا ألبتةَ بحال. وهو قول الشافعي في الجديد، وبه قال الحسن وابن سيرين. ومنهم مَنْ قال: يملك إلا أنه ناقص الملك؛ لأن لسيده أن ينتزعه منه أيَّ وقت شاء. وهو قول مالك ومن اتبعه، وبه قال الشافعي في القديم، وهو قول أهل الظاهر؛ ولهذا قال أصحابنا: لا تجب عليه عبادة الأموال من زكاة وكفارات، ولا مِنْ عبادات الأبدان ما يقطعه عن خدمة سيده كالحج والجهاد وغير ذلك. وفائدة هذه المسألة: أن سيده لو ملَّكه جاريةً جاز له أن يطأها بملك اليمين، ولو ملَّكه أربعين من الغنم فحال عليها الحول لم تجب على السيد زكاتها؛ لأنها مِلْكُ غيره، ولا على العبد؛ لأن ملكه غير مستقر. والعراقي يقول: لا يجوز له أن يطأ الجارية، والزكاة في النصاب واجبة على السيد كما كانت". الجامع لأحكام القرآن 10/ 147. وانظر: أحكام القرآن لابن العربي 3/ 1165، أحكام القرآن للجصاص 3/ 186.
(3)
هو صفوان بن أمية بن خَلَف بن وهب بن حذافة بن جُمَح القرشيُّ الجُمَحِيّ، أبو وهب، وقيل: أبو أمية. قُتل أبوه يوم بدر كافرًا، وأسلم هو بعد الفتح، وكان من المؤلفة، وشهد اليرموك. وكان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام. مات أيام =
مضمونة"
(1)
(فإن قوله: "مضمونة")
(2)
(إنْ كان للتوضيح كان فيه دليل لمذهب الشافعي أن العارية)
(3)
مضمونة، وأن هذا شأنها. وإن كان للتخصيص كان مُسْتَندًا لأبي حنيفة في أنها غير مضمونة ما لم يَشْترط
(4)
(5)
.
ومنها: إذا قال لزوجته: إذا تظاهرتُ من فلانة الأجنبية فأنتِ عليَّ كظهر أمي. ثم تزوجها فَظَاهر
(6)
منها فهل يصير مظاهرًا من الزوجة الأولى؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه يصير مظاهرًا (ويُجْعل الوصف بالأجنبية توضيحًا،
= قتل عثمان، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين، في أوائل خلافة معاوية رضي الله عنه. انظر: سير 2/ 562، تهذيب 4/ 424، تقريب ص 276، رقم 2932.
(1)
حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعًا يوم حنين، فقال أغصبٌ يا محمد؟ فقال: "بل عارية مضمونة". أخرجه أحمد في المسند 3/ 400 - 401، 6/ 465. وأبو داود 3/ 822 - 823، في البيوع، باب في تضمين العارية، رقم 3562، 3563. والحاكم في المستدرك 2/ 47، كتاب البيوع.
(2)
سقطت من (ت)، و (ص).
(3)
سقطت من (ت).
(4)
فإذا كانت الصفة "مضمونة" للتوضيح، فيكون المعنى: كل عارية مضمونة. وإذا كانت الصفة "مضمونة" للتخصيص، فيكون المعنى أن العارية قسمان: مضمونة إذا اشْتُرط ضمانُها، وغير مضمونة إذا لم يُشْترط ضمانها.
(5)
انظر: بداية المجتهد 2/ 313، نهاية المحتاج 5/ 124، 125، الهداية 3/ 247.
(6)
في (ت)، (ك):"وظاهر".
والثاني: (وهو الأصح عند الرافعي)
(1)
أنه لا يصير مظاهرًا)
(2)
ويكون لفظ "الأجنبية" للشرط وهو التخصيص، فكأنه علَّق ظهاره من الزوجة على ظهاره من تلك في حال كونها أجنبية، وذلك تعليق على ما لا يكون ظهارًا شرعيًا، فلا يصح ظهاره من الأولى
(3)
.
ومنها: إذا حلف لا يأكل من لحم هذا الجمل، فصار كبشًا فأكله، ففيه خلاف، منهم مَنْ خَرَّجه على هذه القاعدة
(4)
، ومنهم من خَرَّجه على تغليب الإشارة والعبارة
(5)
. ومن هنا ينعرج القول إلى مسائل الإشارة والعبارة، وقد ذكرنا في كتابنا "الأشباه والنظائر" عند ذكر هذه القاعدة من مسائلها ما تَقَرُّ به عين ناظره
(6)
. والله أعلم.
(1)
سقطت من (ت)، و (ص).
(2)
سقطت من (ت).
(3)
لأنه ما دام أن الظهار لا يقع من الأجنبية حال كونها أجنبية، فلا يقع من الأُولى. وقد رجَّح الإسنوي في التمهيد ص 250 الوجه الأول فقال:"فإنه يصير مظاهرًا من الأخرى على الصحيح، ويُحْمل وصفها بالأجنبية على تعريفها بالواقع".
(4)
أي: إنْ كان الوصف للتوضيح حنث، وإن كان للتخصيص لم يحنث.
(5)
يعني: إذا غلبت الإشارة حنث؛ لأن المقصود هو الذات المشار إليها سواء كانت جملًا أو غيره، وإذا غلبت العبارة فلا يحنث لأنه إنما حلف على لحم الجمل، ولم يحلف على الكبش.
(6)
انظر مفهوم الصفة في: المحصول 1/ ق 2/ 228، والتحصيل 1/ 297، الحاصل 1/ 439، نهاية السول 2/ 208، السراج الوهاج 1/ 417، الإحكام 3/ 72، البحر المحيط 5/ 155، شرح تنقيح الفصول ص 270، بيان المختصر 2/ 447، تيسير التحرير 1/ 100، شرح الكوكب 3/ 498.