الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما بالنسبة إلى معنى واحد باعتبار واحدٍ
(1)
فذلك
(2)
ممتنع؛ (لاستحالة النفي والإثبات)
(3)
(4)
.
قال:
(الثامنة: علامة الحقيقة سبق الفهم، والعراء عن القرينة)
.
اعلم أن الفرق بين الحقيقة والمجاز إما أن يقع بالتنصيص، أو الاستدلال. أما التنصيص فمن وجهين:
أحدهما: أن يقول الواضع: هذا حقيقة، وذاك مجاز. أو تقول ذلك أئمة اللغة. قال الهندي: "لأن
(5)
الظاهر أنهم لم يقولوا ذلك إلا عن ثقة
(6)
"
(7)
.
والثاني: أن يقول الواضع: هذا حقيقة، أو هذا مجاز. فيثبت
(8)
بهذا أحدُهما، وهو ما نص عليه
(9)
.
(1)
أي: باعتبار اصطلاح واحد.
(2)
أي: اجتماع الحقيقة والمجاز.
(3)
في (ت)، و (غ):"لاستحالة النفي الجمع والإثبات". وهي خطأ، وصواب العبارة:"لاستحالة جمع النفي والإثبات".
(4)
انظر المسألة السابعة في: المحصول 1/ ق 1/ 477، التحصيل 1/ 239، الحاصل 1/ 363، نهاية السول 2/ 178، السراج الوهاج 1/ 371، مناهج العقول 1/ 280، بيان المختصر 1/ 201، العضد على ابن الحاجب 1/ 153، المحلى على جمع الجوامع 1/ 327، فوات الرحموت 1/ 208، شرح الكوكب 1/ 190.
(5)
في (ت): "إنَّ". والذي في نهاية الوصول: "إذ".
(6)
في (ص): "فقه". وهو تصحيف.
(7)
نهاية الوصول 2/ 385.
(8)
في (غ)، و (ك):"فثبت".
(9)
الفرق بين الوجه الأول والثاني أن الأول لا تشكك فيه، بل يثبت للفظ معنى حقيقي ومعنى مجازي، أما الوجه الثاني ففيه تشكك في تحديد المعنى الحقيقي والمجازي.
وزاد الإمام ثالثًا: وهو أن يذكروا خواصهما
(1)
. وفيه نظر؛ فإنه يندرج في قسم الاستدلال، ولا يعد من التنصيص.
وأما الاستدلال: فبالعلامات. وهذا القسم هو الذي ذَكَره المصنف، وذكر فيه لكل من الحقيقة والمجاز علامتين:
العلامة الأولى: من علامتي الحقيقة: تبادر الذهن إلى فهم المعنى من غير قرينة.
فإن قلت: ما ذكرتم منقوض طردًا وعكسًا
(2)
: أما الطرد؛ فلأن المجاز
(1)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 480.
(2)
الطرد: كونه غير مانع. والعكس: كونه غير جامع. فالطرد في الاصطلاح: هو الملازمة في الثبوت. وقضيته: كلما وجد الحد وُجد المحدود. والعكس في الاصطلاح: الملازمة في الانتفاء. وقضيته: كلما انتفى الحد انتفى المحدود. فإذا صدقت قضية: كلما وجد الحد وجد المحدود - لزم منع غير المحدود من الدخول قطعًا، كقولك: كلما وجد الحيوان الناطق وجد الإنسان. فهذا الحد مطرد، أي: مانع من دخول غير الإنسان، فإن اختلت قضية الملازمة في الثبوت اختل المنع، فلو قلت: كلما وجد الحيوان وجد الإنسان - فهذا ليس بصحيح؛ لأن وجود الإنسان لا يلزم من وجود الحيوان، فلو عرَّفت الإنسان بأنه حيوان، كان الحد غير مانع من دخول غير الإنسان كالفرس، وإنما كان غير مطردٍ أي: غير مانع؛ لاختلال الملازمة في الثبوت. وكذلك الملازمة في الانتفاء إن اختلت لزم من ذلك اختلال جميع أفراد المحدود، فلو قلت مثلًا: كلما انتفى الناطق انتفى الحيوان فهذا ليس بصادق، ولذلك لو عرفت الحيوان بأنه الناطق كان غير جامع لجميع أفراد الحيوان؛ لأن منها ما ليس ناطقًا. وحاصل إيضاح هذا أن النسبة بين الحد والمحدود إن كانت المساواة كان جامعًا مانعًا. انظر: آداب البحث والمناظرة ق 1/ 42، 43.
المنقول والمجاز الراجح مما يتبادر معنى كل منهما المجازي من غير قرينة دون حقيقتيهما
(1)
. وأما العكس؛ فلأن المشترك حقيقةٌ في مدلولاته مع عدم تبادر شيء منها إلى
(2)
الفهم
(3)
.
قلت: أما المنقول فغير وارد؛ لأن المنقول إليه إنما يَتَبادر لأنه حقيقة فيه
(4)
، وكونه مجازًا فيه أيضًا
(5)
لا ينافي كونه حقيقة فيه، لما عرفت من أن اللفظ الواحد قد يكون حقيقة ومجازًا
(6)
. وأما عدم تبادر الحقيقة الأصلية
(7)
؛ فلصيرورتها الآن مجازًا عرفيًا.
وأما المجاز الراجح فقال صفي الدين الهندي: "هو نادر، والتبادر في الأغلب يختص بالحقيقة، وتخلف المدلولِ عن
(8)
الدليل الظني لا يقدح فيه، ألا ترى أن الغيم الرَّطْب في الشتاء دليل وجود المطر وتخلفه في بعض الأوقات لا يقدح في كونه دليلًا عليه، لا سيما في المباحث اللغوية
(1)
أي: دخل في الحقيقة المجاز المنقول والمجاز الراجح، فهذا يدل على أن العلامة المذكورة للحقيقة غير مانعة.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
أي: خرج المشترك من الحقيقة؛ لعدم تبادر شيء من مدلولاته إلى الفهم بغير قرينة، مع أنه حقيقة في مدلولاته. فهذا يدل على أن العلامة المذكورة غير جامعة.
(4)
أي: اللفظ المنقول إلى معنى هو حقيقة في ذلك المعنى إما عرفية أو شرعية، فكونه داخلًا في علامة الحقيقة لا يضر، لأنه من الحقيقة.
(5)
أي: وكون اللفظ النقول مجازًا في المعنى المنقول إليه أيضًا.
(6)
فاللفظ بالنسبة للمعنى المنعَول إليه حقيقة ومجاز، ولكن باعتبارين.
(7)
أي: للفظ المنقول.
(8)
في (ت)، و (ص):"على".
والأمارات الإعرابية"
(1)
(2)
.
وأما اللفظ المشترك فأحسن ما يجاب به عنه: أن التعريف بالعلامة لا يُشترط فيه الانعكاس
(3)
.
والعلامة الثانية: العَرَاء عن القرينة، يعني: أنا إذا سمعنا أهل اللغة يعبِّرون عن معنى واحد بعبارتين، ويستعملون إحداهما بقرينةٍ دون الأخرى، فنعرف أن اللفظ حقيقة في المستعملة بدون
(4)
القرينة؛ لأنه لولا استقرار أنفسهم على تَعَيُّن ذلك اللفظ لذلك المعنى بالوضع - لم يقتصروا عليه عادة.
قال: (وعلامة المجاز الإطلاق على المستحيل، مثل:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}
(5)
، والإعمال في المنسي كالدابة للحمار).
العلامة الأولى: من علامتي المجاز: إطلاق اللفظ على ما يستحيل تعلقه به؛ إذ الاستحالة تقتضي أنه غير موضوع له، فيكون مجازًا. ومَثَّل في الكتاب له بقوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أي
(6)
: لأنه لما عُلِم امتناع سؤال الأبنية المجتمعة المسماة "بالقرية" عُلِم أنه مجاز، والتقدير: واسأل أهل القرية، وفي هذا المثال من النظر ما قدمته.
(1)
لأنها ظنية غالبًا.
(2)
نهاية الوصول 2/ 387.
(3)
يعني: لا يشترط في العلامة أن تكون جامعة لجميع أفراد المعرَّف.
(4)
في (ص): "دون".
(5)
سورة يوسف: الآية 82.
(6)
سقطت من (غ).
العلامة الثانية: أن يستعمل اللفظ في المعنى المنسي، بأن يكون موضوعًا لمعنى له أفراد، فَيَتْرك أهلُ العرف استعماله في بعض تلك الأفراد بحيث يصير ذلك البعض منسيًا، ثم يُستعمل اللفظ في ذلك المعنى المنسي، فيكون ذلك
(1)
مجازًا عرفيًا.
مثال ذلك: لفظ "الدابة" فإنه موضوع لكل ما يَدِب على الأرض، فيترك (أهل بعض)
(2)
البلدان استعمالها في الحمار بحيث نُسِي، فإطلاقها عليه عندهم مجاز.
واعلم أن إطلاقها على غير المنسي مجاز لغوي؛ لأن قصرها على الحمار ببلاد مصر، وعلى الفَرَس بالعراق - وَضْع على غير الوضع الأول، كذا ذكروه.
وقد يقال: إِن استعملها المتكلم ملاحظًا للوضع الأول كان حقيقةً وإلا مجازًا، فالوضع الثاني لا يُخْرِج الأول عما وضع له
(3)
(4)
.
(1)
سقطت من (ص)، و (غ)، و (ك).
(2)
في (ت)، و (غ)، و (ك):"بعض أهل".
(3)
يعني: الوضع العرفي لا يُخْرِج الوضع الحقيقي عن معناه، أي: إطلاق اللفظ بوضعه العرفي لا يمنع أن يقصد به الوضع الحقيقي لأنه أصله وليس بينهما منافاة، فيريد بذلك المعنى العرفي أنه معنى حقيقي.
(4)
انظر علامات الحقيقة والمجاز في: المحصول 1/ ق 1/ 480، التحصيل 1/ 239، الحاصل 1/ 364، نهاية السول 2/ 179، نهاية الوصول 2/ 385، السراج الوهاج 1/ 373، مناهج العقول 1/ 281، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 323، بيان المختصر 1/ 194، فواتح الرحموت 1/ 205، شرح الكوكب 1/ 180.
الفصل السابع: تعارض ما يخل بالفهم