الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث"
(1)
فيه شرط
(2)
يُسْتَغنى به
(3)
عن التمسك بمفهوم العدد، لكن الإمام وغيره مَثَّلوا به في العدد، وكأنه لِمَا ذكرته من البحث
(4)
؛ لأن قرينة الكلام بقوله: "إذا بلغ" تقتضي أنه أراد التقييد بهذا القدر المخصوص، فكانت صفة العدد فيه هي المقصودة؛ فلذلك صح التمسك به
(5)
.
قال:
(السابعة: النص إما أن يستقل ىإفادة الحكم أوْ لا
، والمقارِن له إما نَصٌّ آخر مثل: دلالةِ قوله: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}
(6)
مع دلالة
(7)
: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}
(8)
على أن تارك الأمر يستحق العقاب. ودلالة قوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}
(9)
(1)
في (ت): "خبثًا".
(2)
وهو قوله: إذا بلغ.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
أي: لأن المراد من التثنية العدد من ذلك الجنس، لا مجرد الجنس.
(5)
انظر مفهوم العدد في: المحصول 1/ ق 2/ 216، التحصيل 1/ 295، الحاصل 1/ 435، نهاية السول 2/ 221، السراج الوهاج 1/ 427 ، مناهج العقول 1/ 322، الإحكام 3/ 94، نشر الورود 1/ 110، الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة ص 177، تيسير التحرير 1/ 100، فواتح الرحموت 1/ 432، شرح الكوكب 3/ 507.
(6)
سورة طه: الآية 93.
(7)
في (غ): "دلالة قوله".
(8)
سورة الجن: الآية 23.
(9)
سورة الأحقاف: الآية 15.
مع قوله: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}
(1)
على أن أقل مدة الحمل ستة أشْهر. أو إجماع كدلالة ما دلَّ على أن الخال بمثابة الخالة في إرثها إذا دلَّ نص عليه).
النص المُسْتَدَلُّ به على حكم قد يدل بمنطوقه، وقد يدل بمفهومه. وهذان القسمان تقدما، وهما داخلان تحت قول المصنف:"يستقيل بإفادة الحكم"، وذلك كقوله:"زكوا عن الغنم السائمة" فإن منطوقه مستقل بإيجاب زكاتها، ومفهومه مستقل بعدم إيجاب زكاة المعلوفة.
وقد يَدُلُّ لا بمنطوقه ولا بمفهومه، بل بانضمامه إلى آخر، وهذا هو الذي لا يستقل بل يحتاج إلى مقارن، فنقول: ذلك الآخر المقارِن إما أن يكون نصًا، أو إجماعًا، أو قياسًا، أو قرينة حال المتكلم. واقتصر في الكتاب على ذكر القسمين الأولَيْن، أعني: النَّصَّ، والإجماع.
الأول: النص وهو على وجهين: أحدهما: أن يدل أحدُ النصين على مقدمةٍ مِنْ مقدمتي الدليل، والآخر على مقدمة أخرى منه، فيتم بهما الدليل.
مثاله: قوله تعالى: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} فإنه يدل على أن تارك الأمر عاص، فإذا ضمه المستدل إلى قوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} فإن هذا يدل على أن العاصي يستحق العقاب، وقد دلت الأُولى على أن تارك المأمور به عاص، فيحصل من مجموعهما دليل على أن
(1)
سورة البقرة: الآية 233.
تارك المأمور به يستحق العقاب.
وثانيهما: أن يدل أحدهما على ثبوت حكمٍ لشيئين، والآخر على ثبوت بعض ذلك الحكم
(1)
لأحدهما على التعيين، فيتعين الباقي للآخر.
مثاله: قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}
(2)
مع قوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} يدل على أن مدة الفصال حولان
(3)
، فيتعين أن يكون الباقي وهو ستة أشهر مدة الحمل، فَعُلِم من مجموع النصين أن أقلَّ مدةِ الحمل ستة أشهرٍ.
الثاني: الإجماع كدلالة ما رُوي مِن قوله صلى الله عليه وسلم: "الخال وارث من لا وارثُ له"
(4)
على أن الخال يرث في بعض الأحوال، وانعقد الإجماع على
(1)
سقطت من (ص).
(2)
فالآية تدل على حكم لشيئين، وهو مجموع مدة الحمل والفصال.
(3)
وهذا بعض حكم الآية الأولى.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 4/ 133. وأبو داود 3/ 320 - 321، في الفرائض، باب في ميراث ذوي الأرحام، حديث رقم 2899، 2900، 2901. والنسائي في الكبرى 4/ 76 - 77، في الفرائض، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر المقدام بن معد يكرب في توريث الخال، رقم 6354، 6355، 6357. وابن ماجه 2/ 914 - 915، في الفرائض، باب ذوي الأرحام، رقم 2738. وابن حبان في صحيحه 13/ 397 - 400، رقم 6035، 6036. والدارقطني في سننه 4/ 85 - 86. والحاكم في المستدرك 4/ 344، وقال: على شرط الشيخين. وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: عليٌّ (يعني ابن أبي طلحة) قال أحمد: له أشياء منكرات. قلت: لم يخرِّج =
أن الخالة بمثابته في الإرث والحرمان
(1)
، فيدل هذا النص بواسطة انضمام الإجماع إليه - على أن الخالة أيضًا ترث في حالةِ يرث الخال
(2)
.
الثالث: القياس كإثبات الربا في الأرز بواسطة ثبوته بالنص في البر.
الرابع: شهادة حال المتكلم، كما إذا جاء في الشرع لفظٌ تردد بين الشرعي وغيره - فإنا نحمله على الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِث لبيان الشرعيات. مثل: ما روي مِنْ قوله صلى الله عليه وسلم: "الاثنان فما فوقهما جماعة"
(3)
= له البخاري". والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 214، كلهم من حديث المقدام بن معديكرب. وفي الباب حديث كتابة عمر إلى أبي عبيدة أخرجه الترمذي 4/ 421، في الفرائض، باب ما جاء في ميراث الخال، رقم 2103. وابن ماجه 2/ 914، في الفرائض، باب ذوي الأرحام، رقم 2737. والنسائي في الكبرى 4/ 76، رقم 6351. وأحمد في المسند 1/ 28، 46. وابن حبان في صحيحه 13/ 400 - 401، رقم 6037. وفي الباب حديث عائشة أيضًا أخرجه النسائي في الكبرى 4/ 76 رقم 6351. والحاكم في المستدرك 4/ 344. والدارقطني 4/ 85.
(1)
انظر: نهاية السول 2/ 226، السراج الوهاج 1/ 432.
(2)
أي: في الحالة التي يرث فيها الخال. وهذا مثل قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} فيومٌ مضاف للفِعْل. انظر: إرشاد العقل السليم 3/ 102، التفسير الكبير 12/ 146، فتح القدير 2/ 95.
(3)
أخرجه ابن ماجه في السنن 1/ 312، في كتاب إقامة الصلاة، باب الاثنان جماعة رقم 972. والدارقطني في السنن 1/ 280، باب الاثنان جماعة، رقم 1. والحاكم في المستدرك 4/ 334، في كتاب الفرائض. والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 69، في كتاب الصلاة، باب الاثنين فما فوقهما جماعة، وهو حديث ضعيف بجميع طرقه. انظر: إرواء الغليل 2/ 248 - 250.
فإنه يُحْمل على جماعةِ الصلاة، لا على أقل الجمع؛ لأن الأول أمرٌ شرعيٌ، وهذا لغوي، وقرائن حاله صلى الله عليه وسلم ترجِّح الحملَ على الشرعي؛ لما ذكرناه من كونه مبعوثًا لبيان الشرعيات. والله أعلم (وبه التوفيق)
(1)
(2)
.
(1)
لم ترد: في (ت).
(2)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 1/ 578، التحصيل 1/ 256، الحاصل 1/ 385، نهاية السول 2/ 223، السراج الوهاج 1/ 431، مناهج العقول 1/ 324، شرح الأصفهاني 1/ 297.