الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال:
(الثامن: الإضمار مثل المجاز
، لاستوائهما في القرينة. مثل: هذا ابني).
الإضمار مثل المجاز:
فلا يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل مِنْ خارج، وإنما قلنا: إنهما سِيَّان؛ لاستوائهما في الاحتياج إلى القرينة، واحتمال خفائها. وهذا ما جزم به في الكتاب تبعًا للإمام في "المحصول"
(1)
. وقال الإمام في "المعالم": "يترجح المجاز لكثرته"
(2)
. وهذا ما اختاره صفي الدين الهندي
(3)
. وقيل: بالعكس.
قوله: "مثل: هذا ابني". اعلم أن هذا المثال لم يذكره الإمام ولا صاحب "الحاصل"
(4)
، والذي عندي في تقريره: أن القائل لعبده: هذا ابني، والعبد لا يمكن أن يكون ابنه، إما لكونه مشهور النسب من غيره، أو لكونه أكبر سنًا منه. فهنا
(5)
قد انتفت الحقيقة
(6)
، وبقي اللفظ دائرًا بين مجازَي الإضمار والمجاز؛ إذ يحتمل أن يكون المراد: مثل ابني في الحُنُو، أو أنه ابني مجازًا لذلك
(7)
(8)
.
(1)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 500.
(2)
انظر: المعالم ص 46.
(3)
انظر: نهاية الوصول 2/ 487.
(4)
انظر: الحاصل 1/ 370.
(5)
في (غ)، و (ك):"فههنا".
(6)
وهي البنوة.
(7)
أي: لِحُنُوِّه. فذكر البنوة وأراد بها الحنو، أي: عَبَّر عن الحنو بالبنوة.
(8)
فرض الإسنوي رحمه الله تعالى المسألة في العبد الأصغر فقال: "مثاله: إذا قال السيد =
وأما أنه هل يترتب على هذا عِتْقٌ أو لا يترتب - فليس من وظيفة الأصولي التعرض له، ولا أراده المصنف.
وقد حكى الأصحاب وجهين فيما إذا كان مشهور النسب مِنْ غيره واستلحقه
(1)
هل يعتق؛ لكونه أقر بالبنوة التي لازمها العتق
(2)
، فيؤاخذ باللازم وإن لم
(3)
يثبت الملزوم؟ ولكن ليس مأخذ الوجهين الإضمار والمجاز، كيف وهو إنما أراد باللفظ حقيقته
(4)
، ولكن لم تُسْمع
(5)
منه
(6)
. وكذا لو قال أحد الوارثين: فلانة
(7)
بنت أبينا، هل يحكم بعتقها؟ وجهان، وليس مأخذهما مجاز الإضمار والتخصيص، بل شيء غيره
(8)
. وقد نبهنا على ذلك لئلا يغتر به مُغْتَرٌّ
(9)
، وأما ما ذكره الرافعي في
= لعبده الأصغر منه سنًا: هذا ابني. فيحتمل أن يكون قد عَبَّر بالبنوة عن العتق فَيُحْكم بعتقه، ويحتمل أن يكون فيه إضمار تقديره: مثل ابني، أي: في الحنو أو في غيره، فلا يعتق. والمسألة فيها خلاف في مذهبنا، والمختار أنه لا يعتق بمجرد هذا اللفظ". نهاية السول 2/ 183.
(1)
أي: نسبه إلى نفسه بأن قال: هذا ابني.
(2)
لأن ابن الحر حر، فذكر الملزوم وهي البنوة، ولازمها العتق.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
وهي البنوة، أي: ابنًا حقيقيًا له.
(5)
في (غ)، و (ك):"يسمع".
(6)
لأن العبد معروف النسب. انظر: نهاية المحتاج 8/ 357.
(7)
أي: الأمة فلانة.
(8)
وهو نفس مأخذ المسألة السابقة، وهو هل يؤاخذ باللازم مع عدم ثبوت الملزوم، أو لا يؤاخذه؟
(9)
كأن الشارح رحمه الله تعالى يخطّئ بعض الشراح الذين قرروا الخلاف في الصورتين =
الركن الأول من الباب الثاني في أركان الطلاق عن فتاوي القَفَّال من أنه لو قال لامرأته: يا بنتي - وقعت الفرقة بينهما عند احتمال السن
(1)
، كما لو قال لعبده أو أمته
(2)
. واختار النووي
(3)
أنه لا يعتق بمجرد ذلك؛ لأنه يُذكر في العادة للاستيناس والتحنُّن. فهذه المسألة غير المسألة التي نحن فيها، وهي قوله: هذا ابني. والفرق واضح بينهما، وهو ما ذكره النووي
(4)
من أن "يا بنتي" تُذكر
(5)
في العادة للاستيناس والتحنن، و"هذا ابني" ليس كذلك
(6)
، فقد وضح أن مسألة "هذا ابني" على الوجه المذكور
(7)
غير معروفة في المذهب فافهم ذلك. ونظيرها ما لو قال: أوصيت لزيد بنصيب ابني. وقد اختلف الأصحاب في أن الوصية هل تبطل أو تُحمل على مثل
= بناءً على تعارض المجاز مع الإضمار، كما سبق نقله عن الإسنوي في النهاية 2/ 183، وبمثله قرره الجاربردي في السراج الوهاج 1/ 384.
(1)
أي: كون المرأة صغيرة يحتمل أن تكون بنتًا له، بخلاف ما لو كانت المرأة كبيرة، فَيُحمل اللفظ على الترحم ونحوه.
(2)
يعني: إذا قال لعبده أو أمته ذلك وهما صغيران - عَتَقا، وإلا فلا يعتقان.
(3)
في (ت): "النواوي".
(4)
في (ت): "النواوي".
(5)
في (ص): "يذكر".
(6)
قد سبق أن ذكر الشارح أن قول السيد لعبده: "هذا ابني" دائر بين مجازَي الإضمار والمجاز؛ لأنه محتمل أن يكون: مثل ابني في الحنو، أو أنه ابني مجازًا لذلك، فكلامه هذا ينقض كلامه هنا، ويكون هذا من التناقض الذي وقع فيه الشارح، ولعل الفارق بين المسألتين أن مسألة "هذا ابني" مُفترضة في العبد المعروف النسب أو الكبير، بخلاف مسألة "يا بنتي" فإنها مفترضة في الصغيرة.
(7)
أي: بتقدير المجاز أو الإضمار.
نصيب ابنه
(1)
؟
ومن أمثلة تعارض المجاز والإضمار أن يقول الشافعي: يجوز قتل الرهبان في الحرب؛ لدخولهم في عموم قوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}
(2)
(3)
.
فإنْ قال المالكي: يلزم على ما ذكرته: أن يكون لفظ "المشرك" مجازًا؛ إذ المشرك مَنْ جَعَل الشريك، وهذا يصدق على شركاء الزرع والعقار، ويكون قد عبر بلفظ "المشرك" عن
(4)
الكافر بالشرك تعبيرًا عن الأخص بلفظ الاعم
(5)
، بل ينبغي أن يكون في الآية إضمار تقديره: اقتلوا مُحَارِبَة المشركين، صَوْنًا له عن المجاز، ولا تندرج صورة النزاع
(6)
حينئذٍ
(7)
- كان للشافعي
(8)
أن يقول: المجاز أولى، ويتجاذبان أطراف الكلام.
(1)
بطلان الوصية راجع إلى أن الموصِي جعل زيدًا ابنًا له، والوارث لا وصية له. وصحة الوصية ترجع إلى إضمار "مثل".
(2)
سورة التوبة: الآية 5. والآية: {فَاقْتُلُوا} بالفاء.
(3)
انظر: نهاية المحتاج 8/ 61.
(4)
في (ت): "على".
(5)
أي: أطلق "المشركين" الذي يعم كل مشرك، وأراد مشركًا خاصًا، وهو الكافر بالشرك، وهذا مجاز.
(6)
وهي قتل الرهبان من المشركين.
(7)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي 2/ 901، مواهب الجليل من أدلة خليل 2/ 301، 302.
(8)
قوله: "كان للشافعي" جواب الشرط في قوله: "فإن قال المالكي. . .".
ومنها: أن يقول الشافعي: النية شرط في الوضوء للصلاة؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}
(1)
الآية. وجه التمسك: أنه تعالى أمر بغَسْل الأعضاء المذكورة لأجل الصلاة؛ (لأنه أَمَر بالغسل لأجل إرادة الصلاة؛ لأن المراد من القيام إلى الصلاة إرادة الصلاة)
(2)
باتفاق المفسرين
(3)
، والأمر بالفعل بشَرْط إرادة فعلٍ آخر - يكون أمرًا بالفعل لأجل الفعل الآخر، كما في قولهم: إذا دخلت على الخليفة فتأدب، أي: لأجل الدخول عليه
(4)
.
ومنه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}
(5)
أي: لأجل نجواكم. فَعُلِم أنه أَمَر بغسل الأعضاء لأجل الصلاة وجوبًا، ولا يُعْنى باشتراط النية سوى وجوب غسل الأعضاء الأربعة لأجل الصلاة.
(فإن قال الحنفي: لِمَ قلت: إن المراد هنا الوجوب
(6)
؟
قلنا: ظاهر الأمر الوجوب)
(7)
.
(1)
سورة المائدة: الآية 6.
(2)
سقطت من (غ).
(3)
قال القرطبي: ومعنى {إِذَا قُمْتُمْ} إذا أردتم، كما قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} أي: إذا أردت؛ لأن الوضوء حالة القيام إلى الصلاة لا يمكن. اهـ. الجامع لأحكام القرآن 6/ 82، وانظر: زاد المسير 2/ 298.
(4)
فالأمر بالغسل ليس مجردًا، بل لإرادة الصلاة، والإرادة هي النية.
(5)
سورة المجادلة: الآية 12.
(6)
أي: وجوب غسل الأعضاء الأربعة لأجل الصلاة.
(7)
سقطت من (ت).
فإن قال
(1)
: نعم، ولكن لو حملناه على الوجوب لزم إضمار الحدث؛ لأن الوضوء لا يجب إلا على المحدِث، ولو حملناه على الندب لم يلزم الإضمار، وإنما يلزم المجاز في لفظ الأمر
(2)
.
قلنا: الإضمار أولى، وهو منقول هنا عن عكرمة وابن مسعود
(3)
، ويقع النظر بينهما
(4)
.
ومنها: إذا تحقق الرجل من امرأته النشوز، ولكنه لم يتكرر، ولم يظهر إصرارها عليه - فله مع الوعظ أن يهجرها في المضجع، وفي ضربها وجهان: رجَّح الشيخ أبو حامد والمحاملي أنه لا يجوز، ومال ابن الصباغ والشيخ أبو إسحاق الشيرازي إلى الجواز واختاره النووي
(5)
(6)
. والمأخذ
(1)
سقطت من (غ).
(2)
وذلك بصرف الأمر من الوجوب إلى الندب مجازًا.
(3)
المنقول عن عكرمة خلاف هذا، إذ رُوي عنه أنه يرى وجوب الوضوء لكل صلاة سواء كان القائم للصلاة متطهرًا أو محدثًا، وثبت هذا أيضًا عن علي رضي الله عنه. وأما نَقْل الشارح رحمه الله تعالى عن ابن مسعود فلم أقف عليه، ولعله يقصد ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه هو الذي نُقل عنه الإضمار، كما نقل عن سعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا.
انظر: زاد المسير 2/ 298، الجامع لأحكام القرآن 6/ 80، تفسير ابن كثير 2/ 21، الدر المنثور 3/ 26.
(4)
أي: يقع التناظر بين الشافعي والحنفي في أيهما أولى: المجاز أم الإضمار.
انظر: أحكام القرآن للجصاص 2/ 328، أحكام القرآن لابن العربي 2/ 557.
(5)
في "ت": "النواوي".
(6)
انظر: نهاية المحتاج 6/ 382، تكملة المجموع 16/ 445.