الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوده
(1)
، والحق افتراقُ القسمين. والناظر إذا أمعن نظرَه في جزئيات هذه الأقسام، ونَظَر إلى تفاوتها حصل على عدد كثير، وفيما ذكرناه كفاية
(2)
.
قال:
(الرابعة: المجاز بالذات لا يكون في الحرف
؛ لعدم الإفادة. والفعلِ و (المشتقِّ؛ لأنهما يتبعان الأصول. والعَلَمِ؛ لأنه لم يُنقل لعلاقة).
المجاز الواقع في الكلام قد يكون بالذات، أي: بالأصالة، وقد يكون بالتبعية. فالمجاز بالذات لا يدخل في أشياء:
أحدها: الحرف؛ وذلك لأن مفهومه غير مستقل بنفسه، بل
(3)
(ولا بد أن)
(4)
يُضم إلى شيء آخر لتحصل الفائدة
(5)
.
(1)
أي: أن تُطلق اسم الشيء قبل وجوده باعتبار إمكان وجوده، مثل: أن تطلق على الطفل: قارئ، وكاتب، وعالم. ومثل: أن تطلق على العنب خمرًا. ومثل: أن تطلق على الخمر التي في الدن أنها مسكرة. وهكذا. انظر: المحصول 1/ ق 1/ 452.
(2)
انظر أنواع المجاز وأقسامه في: المحصول 1/ ق 1/ 449، التحصيل 1/ 232، الحاصل 1/ 354، نهاية الوصول 2/ 347، نهاية السول 2/ 164، السراج الوهاج 1/ 359، مناهج العقول 1/ 267، بيان المختصر 1/ 186، 187، شرح الكوكب 1/ 157.
(3)
سقطت من (غ).
(4)
في (ص)، و (ك):"ولا بد وأن يضم".
(5)
في نهاية السول توضيح هذا المعنى وبيانه بأكثر مما هنا، قال الإسنوي: "فالذي لا يدخل فيه المجاز بالذات أمور: أحدها الحرف؛ لأنه لا يفيد معناه وحده، بل لا يفيده إلا بذكر متعلَّقه، فإذا لم يُفد وحده فلا يدخله المجاز؛ لأن دخوله فرع عن كون الكلام مفيدًا. وأما بيان دخوله فيه بالتبع فبأن تستعمل متعلقاتها استعمالًا مجازيًا فيسري التجوز من المتعلقات إليها، كقوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} فإنَّ تعليل الالتقاط بصيرورته عدوًا لَمَّا كان مجازًا - كان إدخال =
قال الإمام: "فإن ضُمَّ إلى ما ينبغي ضمه إليه كان حقيقة
(1)
، وإلا فهو مجاز في التركيب لا في المفرد"
(2)
(3)
.
وقد اعترض عليه النقشواني
(4)
: "بأن الحرف له
(5)
مسمى في الجملة،
= لام العلة أيضًا مجازًا. وهذا في الحقيقة يرجع إلى مجاز التركيب؛ لكون الحرف قد ضم إلى ما لا ينبغي ضمه إليه. هكذا قاله في المحصول، وفيه نظر. .". نهاية السول 2/ 169، وما اعترض به الإسنوي سيذكره الشارح رحمه الله مفصَّلًا. وانظر: السراج الوهاب 1/ 366.
(1)
يعني: إذا اسْتُعْمل الحرف مضمومًا إلى متعلَّق يناسبه كان الحرف حال الضم حقيقة في معناه. كقولك: سِرْت من البصرة إلى الكوفة. فـ "مِنْ" هنا لابتداء الغاية، و"إلى" لانتهائها، وهما حقيقتان في معناهما في هذه الجملة؛ لأنهما مضمومتان إلى متعلَّقاتهما المناسبة.
(2)
أي: وإن انضم الحرف إلى متعلَّق لا يناسبه - كان مستعملًا في المعنى المجازي، وهذا المعنى المجازي ليس من المجاز في المفرد، بل من المجاز في التركيب؛ لكون الحرف غير مستقل بإفادة معناه، فمعناه يستفاد من متعلَّقه، فيكون المجاز من مجاز التركيب. ومثال هذا قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} "في" في الأصل للظرفية، واستعملت مجازًا بمعنى على، لأن متعلَّقها وهو الفعل "لأصلبنكم" غير مناسب لها، فكانت مجازًا؛ لأنها استعملت في موضع على.
(3)
المحصول 1/ ق 1/ 455.
(4)
هو نجم الدين أحمد بن أبي بكر بن محمد النخجواني، الشهير بالنقشوان. لقِّب بالفضل والفيلسوف والطيب، وذلك لما قام به من تصنيفات في شتى الفنون. من مصنفاته: حل شكول القانون في الطب، وشرح منطق الإشارات في المنطق، وشرح المحصول. توفي رحمه الله بحلب في حدود سنة 651. انظر: معجم المؤلفين 1/ 178، ومختصر الدول ص 273، مقدمة تحقيق كتاب تلخيص المحصول للنقشواني ص 25 - 37، د. صالح الغنام.
(5)
سقطت من (ت).
إذ ما ليس له مسمى فهو مهمل، والكلام في اللفظ الموضوع، وإذا كان له مسمى، واستعمل في موضوعه الأصلي - كان حقيقة، سواء أكان
(1)
الاستعمال عند ضمه إلى غيره أو عند عدم الضم، فإن الاستعمال أعم منهما، وقد ذَكَر في حد الحقيقة هذا القدر فكان حقيقة
(2)
. وأما إذا استعمله في غير موضوعه لعلاقة كان مجازًا من غير تفاوت". قال: "وأقرب مثال لذلك قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}
(3)
فإن الصلب مستعملٌ في موضوعه الأصلي، وكذلك جذوع النخل، ولم يقع المجاز إلا في حرف "في" فإنها للظرفية في الأصل، وقد استعملت هنا لغير الظرفية"
(4)
. قال: "وأيضًا لو لم يدخل المجاز في الحرف بالذات - لما دخلت فيه الحقيقة بالذات
(5)
، ولو كان كذلك لما
(1)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"كان".
(2)
أي: ذكر الإمام في تعريف الحقيقة هذا القدر، وهو أن يُسْتعمل اللفظ في موضوعه الأصلي، ولم يذكر قيد الضم، فيكون الحرف على هذا التعريف حقيقة إذا استُعْمل في موضوعه، سواء ضُمَّ إلى غيره أو لم يُضم.
(3)
سورة طه: الآية 71.
(4)
لأن "في" هنا بمعنى على. قال أبو السعود رحمه الله تعالى: "وإيثار كلمة "في" للدلالة على إبقائهم عليها زمانًا مديدًا، تشبيهًا لاستمرارهم عليها باستقرار المظروف في الظرف المشتمل عليه". إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم 6/ 29.
(5)
قوله: لو لم يدخل. . . إلخ هذا مقدم. وقوله: لما دخلت. . . إلخ هذا تالي. والمعنى: أن الإمام خص المنع بالمجاز، فقال: لا يدخل المجاز في الحرف بالذات؛ لأنه غير مستقل بالمعنى، فيقول النقشواني: يلزمك على هذا أن تمنع دخول الحقيقة في الحرف بالذات؛ لأنه غير مستقل بالمعنى.
صح ما ذكره في باب تفسير الحروف، وبيان الملازمة أنه لو تعذر دخول المجاز لكون الحرف غير مستقل، فهو كما لا يفيد المعنى المجازي بالاستقلال، لا يفيد المعنى الحقيقي بالاستقلال، فإذا أوجب ذلك عدم دخول المجاز في الحرف وحده - أوجب عدم دخول الحقيقة". قال:"ثم نقول: ما الدليل على أنه إن ضُمَّ إلى ما لا ينبغي ضمه إليه يكون مجازًا في التركيب لا في المفرد! بل الحق أن هذا الضم قرينة على مجاز الإفراد، وهذا كما تقول في لفظ الأسد إذا ضم إلى ما ينبغي ضمه إليه بأن تقول: رأيت أسدًا يثب، فهذا حقيقة. وإن ضم إلى ما لا ينبغي بأن تقول: رأيت أسدًا يرمي بالنشاهب - صار ذلك قرينة دالة على أنه أراد بلفظ الأسد معناه المجازي، وهذا مجاز في المفرد دون التركيب". هذا آخر كلام النقشواني، وكله مُنْقَدِح حَسَن
(1)
.
الثاني: الأفعال والمشتقات؛ لأنهما يتبعان أصولهما، وأصل كل منهما المصدر (فإن كان حقيقةً كانا كذلك، وإلا فلا. هذا كلام المصنف تبعًا للإمام
(2)
)
(3)
.
وقد اعترض عليه النقشواني: "بأن قولكم هنا: لا يدخل المجاز في الفعل إلا بواسطة دخوله في المصدر
(4)
- يناقض قولكم: استعمال المشتق
(1)
والحاصل أن قيد الضم لا يعتبر في الحقيقة والمجاز، فقيد الحقيقة الاستعمال فيما وضع له، وقيد المجاز الاستعمال في غير ما وضع له، سواء ضم إلى الغير أو لم يضم.
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 455.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
مثاله: لو قلنا: قتل زيدٌ عَمْرًا. وأردنا ضَرَبه ضربًا شديدًا، فننظر إلى مصدر قَتَل =
بعد زوال المشتق منه مجاز. فإذا قال القائل
(1)
: إن زيدًا ضرب عمرًا، بعد انقضاء الضَّرْب - كان هذا مجازًا
(2)
، وليس المجاز في الأسامي إذ كل واحد منهما
(3)
مستعمل في موضوعه، ولا في المصدر
(4)
؛ لأن المصدر لم يستعمل ههنا أصلًا
(5)
، وما لم يستعمل أصلًا يمتنع أن يقال: استعمل مجازًا أو حقيقة. وليس أيضًا مجازًا في التركيب
(6)
، فتعين المجاز ههنا في الفعل، فقد دخل
(7)
في الفعل من غير دخوله في المصدر". قال: "وهكذا يرد هذا النقض على
(8)
المشتقات"
(9)
. هذا اعتراضه.
ولقائل أن يقول: إنما صح: إنَّ زيدًا ضرب عمرًا - مجازًا والحالة هذه؛ لأنه يصح أن يقال
(10)
: زيد ذو ضَرْب لعمرو - مجازًا، فما يجوز في الفعل
= وهو القَتْل، فإذا كان يصح أن يطلق على الضرب الشديد - صح إطلاق الفعل عليه، وإلا فلا. فالمجاز يقع أولًا وبالذات في المصادر، ويقع بالتبع في الأفعال والمشتقات.
(1)
سقطت من (ت).
(2)
يعني: كيف أوقع المجاز على المشتق وهو الفعل، بعد زوال المشتق منه وهو المصدر، مع أنه اشترط هنا أن يكون المجاز في الصدر أولًا، ثم يتعدى منه إلى المشتق.
(3)
في (ت): "منها". أي: بعود الضمير إلى الأسامي.
(4)
أي: وليس المجاز في مصدر ضَرَب الذي هو الضَّرْب.
(5)
في (ص): "أيضًا". وهو خطأ.
(6)
لأن فعل الضرب أُسْند إلى ما هو له.
(7)
أي: المجاز.
(8)
في (ت): "في".
(9)
أي: فلا يشترط أن يكون المجاز واقعًا أولًا في الصدر ثم في المشتقات.
(10)
سقطت من (ت).
إلا وقد صح إطلاق المصدر مجازًا.
وقوله: إن المصدر لم يُسْتَعمل، ولا يُوصف بحقيقة ولا مجاز.
قلنا: صحة استعماله كافية في صحة
(1)
دخول المجاز في الفعل؛ وليس المدعى غيرَ ذلك.
أعني: أن المجاز لا يدخل في الفعل إلا بواسطة صحة دخوله في المصدر، لا بواسطة وقوع دخوله.
الثالث: العَلَم؛ لأن الأعلام لم تُنْقل لعلاقة، وشرط المجاز العلاقة، وهذا فيما إذا كان العَلَم مُرْتَجَلًا أو منقولًا لغير علاقة، وإنْ نقل لعلاقة كمن سمى ولده بـ "المبارك" لِمَا ظَنَّه فيه من البركة فكذلك، بدليل أنه لو كان مجازًا لصح
(2)
إطلاقه عند زوال العلاقة
(3)
.
وبهذا التقرير يُعْلم أن قول المصنف: "لأنه لم ينقل لعلاقة" غير كاف في الدليل على مطلوبه، بل كان الأحسن أن يقول: لأنه إنْ كان مرتجلًا أو
(1)
سقطت من (ص).
(2)
في (ص) زيادة في أصل الكلام، وهي استدراك من الناسخ على الشارح، وكان ينبغي أن توضع في الهامش، والزيادة هي:"كذا في خط المصنف، ولعله سبق قلم، والصواب: لما صحَّ" ولا شك أنه سبق قلم من الشارح رحمه الله، أو سقط وقع في نسخ الكتاب، والله أعلم.
(3)
لأن الأب سمَّى ابنه مباركًا لظنه فيه البركة، فراعى العلاقة في التسمية، فإذا زالت العلاقة لا يزول الاسم، لأن الأعلام لا يدخلها المجاز.
منقولًا لغير علاقة فواضح
(1)
، وإلا فَلِصِدْقه عليه مع زوالها
(2)
.
وقد
(3)
قال الغزالي: "إنَّ المجاز يدخل في الأعلام الموضوعة للصفة، كالأسْوَدِ والحارث
(4)
، دون الأعلام التي لم توضع إلا للفرق بين الذوات"
(5)
.
واعترض النقشواني على قولهم: إن المجاز لا يدخل في الأعلام - بأن القائل يقول: جاءني تميم أو قيس، وهو يريد طائفة من
(6)
بني تميم، وهذا مجازٌ لا حقيقة. وتميم اسم عَلَم فقد تطرق المجاز إلى العَلَم لِمَا بين هؤلاء وبين المسمَّى بذلك العَلَم
(7)
من التعلق. وفي هذا الاعتراض نظر
(8)
(9)
.
(1)
وهذا داخل في كلام المصنف: لأنه لم ينقل لعلاقة.
(2)
هذه هي الإضافة التي زادها الشارح على الماتن، وقوله: وإلا. . . إلخ. معناه: وإن كان العَلَم منقولًا لعلاقة فإن المجاز لا يدخله؛ لأنه يصدق على المسمى مع زوال العلاقة.
(3)
سقطت من (ص).
(4)
عَلَّل هذا في المستصفى (3/ 35) بقوله: "إذ لا يراد به الدلالة على الصفة، مع أنه وضع له، فهو مجاز".
(5)
انظر: المستصفى 3/ 34، 35. وهذا النقل عن الغزالي تصرف فيه الشارح فهو نقل بالمعنى لا بالنص.
(6)
سقطت من (ص).
(7)
وهم بنو تميم وقيس.
(8)
وهذا الاعتراض واضح، ولذلك أهمله الشارح؛ لأن هذا المجاز الذي ذكره النقشواني غير داخل على العَلَم، بل "تميم" أو "قيس" مستعمل في موضوعه: وهو إطلاقه على الذات المسماة بهذا الاسم، وإنما جاء المجاز من حذف كلمة "طائفة" أو "بعض" أو نحوهما، فيكون المجاز من مجاز الحذف، والمعنى: جاءني طائفة منتسبون إلى تميم، وهو من تفرعت عنه القبيلة.
(9)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 1/ 454، التحصيل 1/ 234، الحاصل 1/ 357، =