الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ كان الثاني وهو أن يحصل الصدق بغيرها - فهو باطل بالإجماع منا ومنهم على عدم الوقوع عند عدم هذه الصيغة.
وثالثها: أن الزوج لو قال لرجعيته في عدتها: طلقتك، ونوى الإخبار عما مضى لم يقع قطعًا. وإن لم ينوِ شيئًا أو نوى الإنشاء وقع بالاتفاق، فلو كان إخبارًا
(1)
لم يقع كما لو نوى به الإخبار
(2)
.
فائدتان:
إحداهما: قال القرافي في "الفروق": "الإنشاء ينقسم إلى متفق عليه، ومختلف فيه. فالمجمع عليه أربعة أقسام:
الأول: نحو قولنا: أُقسم بالله لقد قَدِم زيد، ونحوه، فإن مقتضى هذه الصيغة - أنه أخبر بالفعل المضارع - سيكون منه قَسَم في المستقبل، فكان ينبغي أن لا يلزمه كفارة بهذا القول؛ لأنه وَعْدٌ بالقسم لا قسم، كقول القائل: سأعطيك درهمًا. لكن لما وقع الاتفاق على أنه بهذا اللفظ أقْسَمَ، وأن موجَب القَسَم يلزمه - دلَّ ذلك على أنه أنْشَأ به القَسَم، لا أنَّه أَخْبَرَ عن وقوعه في المستقبل. وهذا أمرٌ اتُّفِقَ عليه في الجاهلية والإسلام؛ ولذلك
(1)
أي: فلو كان لفظ "طلقتُكِ" للإخبار لا للإنشاء في حال عدم النية، أو مع نية الإنشاء.
(2)
انظر الفروع السابقة في: المحصول 1/ ق 1/ 437، التحصيل 1/ 230، الحاصل 1/ 350، نفائس الأصول 2/ 842، نهاية السول 2/ 159، السراج الوهاج 1/ 349، شرح الأصفهاني 1/ 238، مناهج العقول 1/ 259، نهاية الوصول 2/ 311.
لا يحتمل التصديق (والتكذيب)
(1)
، ولا يدخله شيء من لوازم الخبر".
قال: "ولذلك يقول
(2)
فيه مَنْ أحاط به من فضلاء النحاة: القَسَم
(3)
جملة إنشائية يؤكَّد بها جملة خبرية.
الثاني: الأوامر والنواهي
(4)
.
الثالث: (الترجي والتمني)
(5)
(6)
، والعَرْض مثل: ألا تنزل عندنا فتصيب خيرًا.
والتحضيض، وصِيَغُه أَرْبَع: هَلَّا وألَّا ولوما ولولا
(7)
.
(1)
سقطت من (غ).
(2)
سقطت من (ت)، و (ك)، وفي (ص):"نقول". وهو خطأ. والمثبت موافق لما في "الفروق".
(3)
في (ت)، و (ك):"الخبر". وفي (ص): "الخبر القسم". وفي (غ): "القسم". وهو الصواب، والموافق لما في "الفروق". تنبيه: في (غ): فوق كلمة "القسم" مكتوب "لعله" ومشار إلى الهامش وفيه كلمة غير واضحة، والظاهر أنها: الخبر. وهذا والله أعلم تصرف من الناسخ.
(4)
تتمة كلام القرافي كما في "الفروق": "إنشاء متفق عليه في الجاهلية والإسلام، فإنَّ قول القائل: افعل، لا تفعل - يتبعه إلزام الفعل أو الترك، ويترتب عليه، ولا يحتمل التصديق والتكذيب، ولا يقبل لوازم الخبر، ويلزمه جميع لوازم الإنشاء، فيكون إنشاء".
(5)
في (غ): "التمني والترجي".
(6)
مثل القرافي للترجي بقوله: لعل الله يأتينا بخير. وللتمني بقوله: ليت لي مالًا فأنفق منه.
(7)
تتمة كلام القرافي كما في "الفروق": "نحو: ألا تشتغل بالعلم. وهلا اشتغلت به. ولوما اشتغلت به. ولولا اشتغلت به. فإن هذه الصيغ كلها للطلب، ويتبعها =
الرابع: النداء نحو: يا زيد، اختلف النحاة فيه هل فيه فعل مضمر تقديره: أنادي زيدًا، أو الحرف وحده مفيد للنداء؟ "
(1)
.
قلت: وقد خَطَّأ الإمام في "التفسير الكبير" في أوائل البقرة مَنْ فَسَّر قولنا: "يا زيد": بأنادي زيدًا - من وجوه:
منها: أنَّ "أنادي زيدًا" خبر يحتمل التصديق والتكذيب، و"يا زيد" لا يحتملهما.
ومنها: أن قولنا: يا زيد - يقتضي صيرورة زيدٍ مخاطبًا منادَىً في الحال، بخلاف أنادي زيدًا
(2)
.
(ومنها: أنَّ "يا زيد" يقتضي صيرورة زيد مخاطبًا بهذا الخطاب، بخلاف: أنادي زيدًا)
(3)
، فإنه لا يمتنع أن يُخْبِر إنسانًا آخرُ: بأني أنادي زيدًا
(4)
.
ومنها: أنَّ "أنادي زيدًا" إخبارٌ عن النداء، والإخبار عن النداء (غير
= الطلب ويترتب عليها، ولا تقبل التصديق ولا التكذيب، فهي كالأوامر والنواهي إنشاء كما تقدم".
(1)
انظر: الفروق 1/ 27.
(2)
أي: فإنه لا يقتضي الحال، بل يقتضي النداء في الاستقبال.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
المعنى: أن قولك: "أنادى زيدًا" ليس صريحًا في مخاطبة زيد بهذا الخطاب؛ لأنه يحتمل أن يكون إخبارًا من المتكلم لرجل آخر غير زيد: أني - أي: المتكلم - أنادى زيدًا، بخلاف قولك:"يا زيد" فإنه نص في خطاب زيد. أما قولك: "أنادى زيدًا" فإنه محتمل لمخاطبة زيد وغيره.
النداء، والنداء هو)
(1)
قولنا: يا زيد، فإذًا هو غيره
(2)
"
(3)
.
ولقائل أن يقول: حاصل هذه الأوجه يرجع إلى أن "يا زيد" إنشاء، وقولنا:"أنادي زيدًا" خبرٌ، ونحن نمنع أن قولنا:"أنادي زيدًا" الذي هو بمعنى "يا زيد" خبرٌ، وإنما هو إنشاء، نعم الخبر:"أنادي زيدًا" الذي ليس هو بهذا المعنى
(4)
.
قال القرافي: "وأما المختلف فيه هل هو إنشاء أو خبر - فهو صيغ العقود، كما تقدم"
(5)
(6)
.
الثانية: ذكر القرافي في التفرقة بين الإنشاء والإخبار وجوهًا:
أحدها: أن الخبر يقبل التصديق والتكذيب، ولا كذلك الإِنشاء.
والثاني: أن الخبر تابع لثبوت مُخْبَره في زمانِه كيفما كان: ماضيًا، أو
(1)
في (ت): "غير النداء وهو".
(2)
قوله: فإذًا هو (أي: الإخبار) غيره (أي: النداء). وعبارة الإمام كما في التفسير الكبير: "فإذن قولنا: أُنادى زيدًا، غير قولنا: يا زيد".
(3)
انظر: التفسير الكبير 2/ 91، المسألة الثالثة في تفسير آية (21، 22) من سورة البقرة.
(4)
أي: ليس هو بمعنى: يا زيد.
(5)
عبارة القرافي كما في "الفروق": "فهي صيغ العقود نحو: بعت واشتريت، وأنت حر، وامرأتي طالق ونحو ذلك. قالت الحنفية: إنها إخبارات على أصلها اللغوي. وقال غيرهم: إنها إنشاءات منقولة عن الخبر إليه".
(6)
الفروق 1/ 27 - 28.
حالًا، أو مستقبلًا. والإنشاء متبوع لمتعلَّقه فيترتب
(1)
بعده
(2)
.
والثالث: أن الإنشاء سبب لثبوت متعلَّقه
(3)
الذي هو مسبَّبه عقيبَ آخِرِ حرفٍ، أو مع آخِر حرف
(4)
إلا أن يمنع مانعٌ، وليس الخبر سببًا ولا متعلِّقًا بمُخْبَره، وإنما هو مُظهِر فقط
(5)
(6)
.
(1)
في (ت): "فيرتب".
(2)
قال القرافي عن هذا الوجه الثاني: "الوجه الثاني: أن الإنشاءات يتبعها مدلولُها، والأخبار تتبع مدلولاتها. أما تبعية مدلول الإنشاءات فإن الطلاق والمِلْك مثلًا إنما يقعان بعد صدور صيغة الطلاق والبيع. وأما أن الخبر تابع لمخبَره فنعني بالتبعية أنه تابع لتقرر مُخْبَره في زمانه ماضيًا كان أو حاضرًا أو مستقبلًا.
فقولنا: "قام زيد" تَبَعٌ لقيامه في الزمان الماضي.
وقولنا: "هو قائم" تبع لقيامه في الحال.
وقولنا: "سيقوم الساعة" تبع لتقرر قيامه في الاستقبال.
وليس المراد بالتبعية التبعية في الوجود، وإلا لما صدق ذلك إلا في الماضي فقط، فإن الحاضر مقارن فلا تبعية لحصول المساواة، والمستقبل وجوده بعد الخبر فكان متبوعًا لا تابعًا. فكذا ينبغي أن يُفهم معنى قول الفضلاء: الخبر تابع لمخبَره، ومثله قولهم: العلم تابع لمعلومه. أي: تابع لتقرره في زمانه ماضيًا كان المعلوم أو حاضرًا أو مستقبلًا، فإنا نعلم الحاضرات والمستقبلات كما نعلم الماضيات، والعلم في الجميع تبع لمعلومه". الفروق 1/ 23.
(3)
أي: مدلوله. انظر: الفروق 1/ 23.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
أي: ليس الخبر سببًا في ثبوت المُخْبر عنه، ولا متعلِّقًا به على وجه الملازمة، فلا ملازمة بينهما، وإنما الخبر مُظْهِر فقط.
(6)
انظر: الفروق 1/ 23، نفاش الأصول 2/ 845.