الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلمتِ زيدًا. ولم يقل أحدٌ ثَمَّ بالترتيب، إلا ما خَرَّجه صاحب "التتمة"، وعلى الجملة إنْ وَضَح معنىً في هذه المسألة
(1)
- فقد حصل الغرض من أنَّ الفرع غير مبني على اقتضاء الواو للترتيب
(2)
(3)
، وإلا فما قاله الأصحاب في مسألة: إن دخلتِ الدار وكلمتِ زيدًا - يناقضها، وهو أصح
(4)
.
قال:
(الثانية: الفاء للتعقيب إجماعًا
، ولهذا رُبِط بها
(5)
الجزاء إذا لم يكن فعلًا. وقوله: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ}
(6)
مجاز).
الفاء للتعقيب، أي: تدل على وقوع الثاني عقيب الأول من غير
(1)
وهي قول السيد لعبده: إن مِتُّ ودخلتَ الدار.
(2)
في (غ)، و (ك):"الترتيب".
(3)
لعل المعنى هو أن العُرْف في مثل هذا يقضي بالترتيب، ويُستأنس له أيضًا بأنَّ الموتَ ليس مِنْ فعل العبد، فكأنه علَّق الشرط الذي مِنْ فِعْل العبد على الشرط الذي ليس من فعله، فيكون الشرط الذي من فِعْل العبد مؤخرًا عن الشرط الذي ليس من فعله. ومثله قول السيد لعبده: إن سافرتُ ودخلتَ الدار، وإن رزقني الله ولدًا ودخلت الدار، كلها فيها هذا المعنى، بخلاف قول الرجل لزوجته: إن دخلتِ الدار وكلمتِ زيدًا، فكلا الشرطين مِنْ فعلها. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(4)
انظر مبحث الواو في: المحصول 1/ ق 1/ 507، التحصيل 1/ 247، الحاصل 1/ 372، نهاية الوصول 2/ 401، نهاية السول 2/ 185، السراج الوهاج 1/ 387، كشف الأسرار 2/ 109، أصول السرخسي 1/ 200، جمع الجوامع مع المحلي 1/ 365، شرح تنقيح الفصول 1/ 99، بيان المختصر 1/ 266، شرح الكوكب 1/ 229، شرح ابن عقيل على الألفية 2/ 226، مغني اللبيب 2/ 408.
(5)
في (ص): "به".
(6)
سورة طه: الآية 61.
مُهْلة، (ولكن في (كلٍ شيء)
(1)
بحسبه)
(2)
، كقولك: دخلتُ بغداد فالبصرة. وقولك: قمتُ فمشيتُ. فالأَول أفاد التعقيب على ما يمكن
(3)
، والثاني أفاده
(4)
على الأثر
(5)
؛ إذ هو ممكن.
واستدل في الكتاب على أنها للتعقيب: بإجماع أهل اللغة على ذلك. وقد قَلَّد في نقل هذا الإجماع الإمام
(6)
، وليس بجيد، فقد ذهب الجَرْمي
(7)
إلى أنها للترتيب إلا في الأماكن والمطر فلا ترتيب، تقول: عَفَا مكانُ كذا، فمكان كذا. وإنْ كان عفاهما في وقت واحد. ونزل المطر مكانَ كذا، فمكانَ كذا. وإن كان نزولهما في وقت واحد.
وزعم الفراء أن ما بعد الفاء يكون سابقًا إذا كان في الكلام ما يدل عليه، وجَعَل من ذلك قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا
(1)
في (ص): "كلٍّ".
(2)
في (ت): "ولكن كل شيءٍ بحسبه".
(3)
يعني: على الوقت الذي يمكن فيه دخول البصرة بعد دخول بغداد.
(4)
في (ت): "أفاد".
(5)
فالتعقيب هنا متصل.
(6)
انظر: المحصول 1/ ق 1/ 523.
(7)
هو صالح بن إسحاق، أبو عمر الجَرْميّ البصريّ، مولى جَرْم بن زَبَّان من قبائل اليمن. كان يلقَّب بالكلب، وبالنَّبَّاح لصياحه حال مناظرة أبي زيد. وكان فقيهًا عالمًا بالنحو واللغة، ديِّنًا وَرِعًا، جليلًا في الحديث والأخبار، انتهى إليه علمُ النّحو في زمانه. من مصنفاته: التنبيه، وكتاب السير، وكتاب العَرُوض، وغريب سيبويه، وغيرها. توفي سنة 225 هـ. انظر: سير 10/ 561، بغية الوعاة 2/ 8.
بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}
(1)
، ومعلوم أن مجيء البأس سابق للهلاك
(2)
.
وزعم الفراء أيضًا أن الفعلين إذا كان وقوعهما في وقت واحد، ويَؤُولان إلى معنى واحد - فإنك مخيَّر في عطف أيهما شئت على الآخر بالفاء تقول: أحسنت إليَّ فأعطيتني، وأعطيتني فأحسنتَ إليَّ
(3)
.
قوله: "ولهذا" اعلم أن الإمام نَقَل أن مِنْهم مَنِ احتج على
(4)
أن الفاء للتعقيب: "بأنها لو لم تكن للتعقيب
(5)
- لما دخلت على الجزاء إذا لم يكن بلفظ الماضي والمضارع
(6)
، لكنها تَدخل فهي للتعقيب.
بيان الملازمة: أن جزاء الشرط قد يكون بلفظ الماضي كقولك: مَنْ دخل داري أكرمتُه. أو بلفظ المضارع: مَنْ دَخَل
(7)
يُكْرم. وقد يكون لا بِهَاتين اللفظتين، وحينئذ
(8)
لا بد من ذكر الفاء كقولك: مَنْ دخل داري فله درهم.
وأما قول الشاعر:
(من يفعلِ الحسناتِ اللهُ يَشْكُرُها
…
والشَّرُّ بالشَّرِّ عند الله سِيَّانِ
(1)
سورة الأعراف: الآية 4.
(2)
لأن مجيء البأس سبب للهلاك.
(3)
فالإحسان هو الإعطاء، والإعطاء هو الإحسان.
(4)
سقطت من (ت).
(5)
هذا مقدم.
(6)
وهذا تالي.
(7)
في (غ): "دخل داري".
(8)
أي: في غير الماضي والمضارع.
فقد أنكره المبرِّد
(1)
، وزعم أن الرواية الصحيحة)
(2)
:
من يفعل الخير فالرحمن يشكره
(3)
.
وإذا وجب دخول الفاء على الجزاء، وثبت أن الجزاء لا بد وأن يحصل عقيب الشرط - علمنا أن الفاء للتعقيب".
قوله: "وقوله: لا تفتروا" جواب عن سؤال مقدر تقديره
(4)
أن يقال: قد جاءت الفاء لا بمعنى التعقيب في قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
(1)
هو أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزْدي البصريّ النحوي الأخباريّ، إمام العربية ببغداد في زمانه. وثَّقه الخطيب وجماعة. وكان الناس بالبصرة يقولون: ما رأى المبرِّد مِثْلَ نفسِه. ولما صَنَّف المازنيُّ كتاب الألف واللام سأل المبرِّد عن دقيقه وعويصه، فأجابه بأحسن جواب، فقال له: قُمْ فأنت المبرِّد - بكسر الراء - أي: المُثْبِتْ للحق، فغيَّره الكوفيون، وفتحوا الرَّاء. من تصانيفه: معاني القرآن، الكامل، إعراب القرآن، الردّ على سيبويه، وغيرها. توفي ببغداد سنة 285 هـ.
انظر: سير 13/ 576، بغية الوعاة 1/ 269، تاريخ بغداد 3/ 380، لسان الميزان 5/ 430.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه كما في كتاب سيبويه 3/ 64، 65، وفي شرح شواهد المغني 1/ 178:"هو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت رضي الله عنه، وقيل: لكعب بن مالك"، وفي شرح الشواهد للعيني 4/ 20:"قاله عبد الله بن حسان رضي الله عنهما. . . والشاهد في: الله يشكرها، فإنها جملة وقعت جواب الشرط وقد حذف فيها الفاء للضرورة، وأصلها: فالله يشكرها".
وانظر: الخصائص 2/ 281، كلام محقِّق المحصول 1/ ق 1/ 524.
(4)
في (غ): "تقريره".