الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة:
قال القرافي في "الفروق": "مما يُتوهم أنه إنشاء وليس كذلك - الظهار في قول القائل لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي. يعتقد الفقهاء أنه إنشاء للظهار، كقوله: أنت طالق. وأنَّ البابينِ سواء في الإنشاء"
(1)
.
قال: "وليس كذلك"
(2)
، ثم أطال في الدلالة على أنه خبر، واستند إلى قوله تعالى:{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}
(3)
(4)
فكذَّبهم الله تعالى في ثلاثة مواطن بقوله: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} ، وأنَّ قولهم منكر، وأنه زور
(5)
، والإنشاء لا يدخله التصديق والتكذيب. واعتضد أيضًا بالإجماع على تحريم الظهار.
قال: ولا سبب لتحريمه إلا أنه كذب، وإنما يكون الكذب في الأخبار. وأورد على نفسه الطلاق الثلاث حيث كان إنشاءً مع كونه محرمًا
(6)
.
(1)
الفروق 1/ 31.
(2)
الفروق 1/ 31.
(3)
سورة المجادلة: الآية 2.
(4)
في (ص) تتمة الآية: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} . والظاهر أنها من زيادة الناسخ؛ لأنها لم تذكر في باقي النسخ، ولا في "الفروق".
(5)
فالموطن الثاني هو قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ} ، والموطن الثالث هو قوله:{وَزُورًا} .
(6)
أي: فلا يستدل بالتحريم على الخبر.
وأجاب: بأن المحرم إنما هو الجمع بين الطلقات الثلاث لا لفظ الطلاق
(1)
(2)
. وأمْعن الكلامَ فيما حاوله، والذي نقوله في ذلك: إنَّ قول القائل: أنتِ عليَّ كظهر أمي - يحتمل أن يريد به الخبرَ المحض، ويحتمل أن يريد به أنه يجعلها كذلك، والظاهر أن المراد الثاني وهو الإنشاء ولكن الشرع ألغى حُكْمه، ولما ألغاه وكان مقصودُ الناطق به تحقيقَ معناه الخبري - سَمَّاه الشرع زورًا
(3)
. ويناظِرُ هذا مِنْ بعض الوجوه قولُه: أنتِ عليَّ حرام - قَصْدُه به إنشاء التحريم، والشرع لم يرتب مقتضاه من الحرمة
(4)
، فهذان الإنشاءان لم يرتب الشرع عليهما مقتضاهما الذي قصده المتكلم
(5)
، بل جعل المرتَّب على الأول
(6)
: أنه إنْ عاد وجبت
(1)
يعني: الطلاق الثلاث محرم لا بسبب لفظه، فلفظه إنشاء، ولا يكون محرمًا لذلك؛ لأنه لا يقبل الصدق والكذب، وإنما سبب التحريم هو الجمع بين الطلقات الثلاث، فالتحريم للجمع لا لصيغة الإنشاء.
(2)
انظر: الفروق 1/ 31، 32.
(3)
أي: أن المظاهر أراد بظهاره جَعْلَ زوجته كأمِّه، فهو قَصَد المعنى الإنشائي لا الخبري، لكنه بإنشائه قصد تحقيق المعنى الخبري، فكأن المعنى الخبري متحقِّق في زوجته، فحرمت عليه، فكذَّب الله هذا التحقق، وجعله زورًا.
(4)
يعني: أن المتكلم قَصَد بقوله هذا تحريم زوجته، ولم يقصد بقوله هذا طلاقًا ولا ظهارًا؛ لأنه لو قصد أحدهما فإنه يقع، إذ لفظ التحريم كناية في الطلاق وفي الظهار فيقعا بلفظ التحريم إذا قَصَده. أما إذا قصد تحريم زوجته من غير قصد طلاق ولا ظهار - فهنا لا تحرم زوجته، وكذا لو قال: أنت عليَّ حرام. ولم يقصد شيئًا فإنها لا تحرم، فالشارع لم يرتب ولم يثبت مقتضى هذه الكلمة وهي الحرمة. انظر: نهاية المحتاج 6/ 423، وانظر الخلاف في المسألة في بداية المجتهد 2/ 77.
(5)
فالمتكلم قصد في الظهار جَعْل الزوجةِ أمًا، وفي التحريم قصد الحرمة المؤبدة.
(6)
وهو الظهار.
الكفارة، وحرم الوطء حتى يكفِّر، والمرتَّب على الثاني: حكم اليمين من التكفير
(1)
. وغير هذين الإنشائين: من الطلاق، والبيع، والنكاح، ونحو ذلك إذا أنشأه المكلف رتَّب الشرع عليه المقتضى الذي اقتضاه كلام المكلَّف. فصارت الإنشاءات على قسمين:
أحدهما: ما اعتبره الشرع وأذن فيه فينفذ
(2)
كما أراده المُنْشئ، ويترتب عليه حكمه.
والثاني: ما لم يأذن فيه الشرع ولم يعتبره، ولكن رتَّب عليه حكمًا آخر، وهو الظهار والتحريم.
قال والدي أيده الله تعالى: وينبغي أن يُسَمَّى هذا الإنشاء الثاني باطلًا، وأما الإنشاء الأول فإنْ وقع بشروطه الشرعية فصحيح، وإلا فهو باطل أو فاسد. والباطل لا يترتب عليه أثر أصلًا، بخلاف الباطل في القسم الثاني وهو الظهار والتحريم حيث يترتب
(3)
عليهما حكم شرعي؛ لأن البطلان فيهما لإلغاء الشارع إياهما، لا لفوات شرطٍ أو وجود مُفْسِدٍ، والبطلان في البيع والنكاح وغيرهما إما لفوات شرط، أو لوجود مُفْسِد.
قال: (الثانية: المجاز إما في المفرد، مثل: الأسد للشجاع. أو في
(4)
(1)
فقوله: أنت عليَّ حرام - إذا قصد به التحريم لا الطلاق ولا الظهار - ليس يمينًا، لكن حكمه حكم اليمين، فتجب فيه الكفارة. انظر: نهاية المحتاج 6/ 423، 424.
(2)
في (ص): "فيفيد".
(3)
في (ص)، و (غ)، و (ك):"ترتب".
(4)
سقطت من (ت).