الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ضُعِّف هذا الدليل: بأن التعارض بين مفهوم اللقب والقياس غير متصور؛ لأن من شرط القياس مساواةُ الفرع للأصل، وشَرْط مفهوم المخالفة أن لا يكون المسكوت عنه أولى ولا مساويًا
(1)
، فلا مفهوم إذًا مع المساواة، ولا قياسَ مع عدم المساواة.
وأبدى والدي - أطال الله بقاه - في تضعيفه وجهًا أحسن مِنْ هذا لا مزيد على بلاغته فقال: للدقاق أن يقول: المفهوم يدل على الإباحة فيما عدا البر، والقياس إنما يدل على التحريم فيما شارك البر في المعنى كالأرز والحمص، دون ما لم يشاركه من الرصاص والنحاس وغيرهما. فغاية ما يفعل القياس حينئذ أن يُخَصِّص المفهوم، (ولا بِدْع في تخصيص المفهوم)
(2)
بالقياس، بل ولا في تخصيص المنطوق.
فائدة:
رأيت
(3)
في كتاب الأستاذ أبي إسحاق في أصول الفقه: أنَّ شيخه ابن الدقاق هذا ادَّعى في بعض مجالس النظر ببغداد صحةَ ما قاله مِنْ مفهوم اللقب، فأُلْزم وجوبَ الصلاة
(4)
فإن الباري تعالى أوجب الصلاة، فهل له
(1)
أي: شرط مفهوم المخالفة أن يكون الحكم في المنطوق أقوى من المسكوت عنه، وهذا عكس مفهوم الموافقة الذي يشترط فيه أن يكون المسكوت عنه أقوى من المنطوق أو مساوٍ له.
(2)
سقطت من (ت).
(3)
سقطت من (ص).
(4)
سقطت من (ت).
دليلٌ يدل على نفي وجوبِ الزكاة والصوم وغيرهما؟ قال: فبان له غلطه، وتوقف فيه
(1)
.
قال: (وبإحدى صفتي الذات مثل: "في سائمة الغنم زكاةٌ" يدل ما لم يظهر للتخصيص فائدة أخرى، خلافًا لأبي حنيفة، وابن سريج، والقاضي، وإمام الحرمين، والغزالي).
هذا
(2)
مفهوم الصفة وهو مُقَدَّم المفاهيم (ورأسها، وقد قال إمام الحرمين: "ولو عَبَّر معبِّر عن جميع المفاهيم)
(3)
بالصفة لكان ذلك منقدحًا، فإن المعدودَ والمحدودَ موصوفان بعددهما وحَدِّهما، وكذا سائر المفاهيم"
(4)
.
وقول المصنف: "وبإحدى" هو معطوف على قوله: "تعليق الحكم بالاسم" أي: وتعليق الحكم بإحدى صفتي الذات، أوْ أحد أوصافها - يدل على نفي الحكم عن الصفة الأخرى.
مثال مفهوم الصفة: قوله صلى الله عليه وسلم: "في سائمة الغنم زكاة"
(5)
وهو
(1)
انظر المسألة في: المحصول 1/ ق 2/ 225، التحصيل 1/ 296، الحاصل 1/ 437، نهاية السول 2/ 205، السراج الوهاج 1/ 415، الإحكام 3/ 95، المحلى على جمع الجوامع 1/ 252، شرح تنقيح الفصول ص 270، بيان المختصر 2/ 478، تيسير التحرير 1/ 101، 131، فواتح الرحموت 1/ 432، شرح الكوكب 3/ 509.
(2)
في (ك): "هذا هو".
(3)
سقطت من (ت).
(4)
البرهان 1/ 454.
(5)
أخرجه البخاري 2/ 527 - 528، في كتاب الزكاة، باب زكاة الغنم، =
حديث معناه ثابت في الصحيح، فإن الغنم ذاتٌ، والسَّوْمَ والعَلَفَ وصفان يَعْتَوِرانها
(1)
، وقد عُلِّق الحكم بأحدهما وهو السَّوْم.
وكذلك قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}
(2)
(3)
.
وقد اختلفوا في هذا المفهوم: فذهب الجماهير
(4)
وكبيرهم الشافعي، وأبو الحسن، وأبو عبيدة مَعْمر بن المثنى
(5)
، وجَمْعٌ كثير من الفقهاء
= رقم 1386، بلفظ:"وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائةٍ شاة" الحديث. وأبو داود 2/ 214، في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، رقم 1567، بلفظ:"وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين. . ." الحديث، وهذا اللفظ جزء من الحديث وهو في 2/ 221. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تلخيص الحبير 2/ 157:"قال ابن الصلاح: أحسب أنَّ قول الفقهاء والأصوليين: في سائمة الغنم الزكاة - اختصار منهم".
(1)
أي: يتعاقبانها ويتناوبانها، فأحيانًا تَسُوم، وأحيانًا تُعْلف. انظر: لسان العرب 4/ 618، مادة (عور).
(2)
سورة النساء: الآية 25.
(3)
الطَّوْل: الغنى والسَّعَة. والمحصنات: الحرائر. والمراد بالفتيات هنا: المملوكات. يقال للأمة: فتاة، وللعبد: فتى. والمعنى: من لم يقدر على مهر الحرة فله - إذا خشي العنت على نفسه - أن ينكح الأمة المؤمنة، هذا هو قول الجمهور. وقال أبو حنيفة: يجوز نكاح الأمة الكتابية. انظر: زاد المسير 2/ 55، 56.
(4)
في (ص): "الجمهور".
(5)
هو مَعْمَر بن المثنى التيميّ مولاهم، اللغويّ البصريّ، أبو عُبيدة. ولد في سنة 110 هـ ليلة وفاة الحسن البصري رحمه الله. كان أعلم من الأصمعيُّ وأبي زيد بالأنساب =
والمتكلمين: إلى أنه يدل على النفي
(1)
، واختاره المصنف. ثم اختلف هؤلاء في أنه هل يدل على نفي الحكم عما عداه مطلقًا سواء أكان
(2)
من جنس
(3)
المثبت فيه، أم
(4)
لم يكن، أو يختص بما إذا كان من جنسه؟ مثاله: إذا قلنا
(5)
: "في الغنم السائمة زكاة" هل يدل على نفي الزكاة عن المعلوفة مطلقًا، سواء أكانت
(6)
معلوفةَ الغنمِ، أم
(7)
(الإبل، أم البقر)
(8)
، أو
(9)
يختص بالنفي عن معلوفة الغنم؟
وهذا الخلاف حكاه الشيخ أبو حامد في كتابه في أصول الفقه عن أصحابنا. وقال: الصحيح تخصيصه بالنفي عن معلوفة الغنم فحسب.
وَذَهَب أبو حنيفة، والقاضي أبو بكر، وأبو العباس بن سريج إمام
= والأيام، وكان شعوبيًا يبغض العرب، لكنه من بحور العلم. له مصنفات تقارب مئتي مصنف، منها: مجاز القرآن، غريب الحديث، مقتل عثمان رضي الله عنه، أخبار الحجاج. مات سنة 209، أو 210 هـ. انظر: تاريخ بغداد 13/ 253، سير 9/ 445، بغية الوعاة 2/ 294.
(1)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 230، البرهان 1/ 455، الإحكام 3/ 72.
(2)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"كان".
(3)
سقطت من (ت).
(4)
في (ت): "أو".
(5)
في (ت): "قال".
(6)
في (ص)، و (ك):"كانت".
(7)
في (ت): "أو".
(8)
في (ص): "الإبل والبقر". وفي (ت): "الإبل أو الغنم". وهو سهو من الناسخ.
(9)
في (ت)، (غ):"أم".
أصحابنا، والقفال الشاشي، والغزالي، وجماعةٌ: إلى أنه لا يدل، واختاره الآمدي
(1)
.
وفرق أبو عبد الله البصري
(2)
فقال بالمفهوم في الخطاب الوارد لبيان المجمل كقوله عليه الصلاة والسلام: "زكوا عن سائمة الغنم" فإنه ورد بيانًا لقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}
(3)
، والوارد للتعليم كقوله عليه الصلاة والسلام:"إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة"
(4)
الحديث، والوارد فيما انتفى عنه الصفة إذا كان داخلًا تحت المُتَّصِفِ بها نحو: الحكم بالشاهدَيْن، والشاهد الواحد؛ فإن الشاهد الواحد داخل تحت الشاهدين
(5)
.
(1)
انظر: الإحكام 3/ 72، 85، المحصول 1/ ق 2/ 229، المستصفى 1/ 415، تيسير التحرير 1/ 101.
(2)
هو الحسين بن عليّ، أبو عبد الله البصريّ، يعرف بالجعل. ولد سنة 263 هـ، وسكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة، وله تصانيف كثيرة على مذاهبهم، وهو في الفروع حنفيّ. قال الصيمري:"ولم يبلغ أحدٌ مبلَغَه في هذين العِلْمَيْن، أعني: الكلام والفقه، مع سَعَة النفس، وكثرهَ الإفضال، والتقدم عند السلطان، وإيثار الأصحاب". توفي سنة 369 هـ. انظر: تاريخ بغداد 8/ 73، الجواهر المضية 4/ 63، لسان الميزان 2/ 303.
(3)
سورة البقرة: الآية 43.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 1/ 466. والدارمي في السنن 2/ 166 في كتاب البيوع، باب إذا اختلف المتبايعان. وأبو داود في السنن 3/ 780 - 783 في كتاب البيوع، باب إذا اختلف البيِّعان والبيع قائم، رقم 3511، 3512. والنسائي في السنن 7/ 302 - 303 في كتاب البيوع، باب اختلاف المتبايعين في الثمن، رقم 4648. وابن ماجه في السنن 2/ 737 في كتاب التجارات، باب البيِّعان يختلفان، رقم 2186. والدارقطني في السنن 3/ 21 في كتاب البيوع، رقم 72. والحاكم في المستدرك 2/ 45 في كتاب البيوع، وقال: صحيح الإسناد. وأقره الذهبي.
(5)
فالشاهد الواحد انتفى عن صفة الحكم التي هي شهادة رجلين، وإن كان الشاهد =
وفَرَّقَ إمام الحرمين بين الوصف المناسب وغير المناسب، فقال بمفهوم الأول دون الثاني
(1)
. وقد أطلق في الكتاب تَبَعًا للإمام النقلَ عنه
(2)
في إنكار مفهوم الصفة
(3)
، وليس بجيد. وقال الإمام:"إنه لا يدل على النفي بحَسَب وضع اللغة، لكنه يدل عليه بحَسَب العرف العام"
(4)
.
هذا تحرير الخلاف في المسألة.
= الواحد داخلًا تحت الشاهدين. فانتفت عن الشاهد الواحد صفة الحكم، ولم ينتف عنه الدخول تحت المتصف. انظر: مذهب أبي عبد الله البصري في الإحكام 3/ 72.
(1)
قال إمام الحرمين في البرهان 1/ 466 ، 467:"إذا كانت الصفاتُ مناسبةً للأحكام المنوطةِ بالموصوف بها مناسبةَ العِلَلِ معلولاتِها، فَذِكْرها يتضمن انتفاء الأحكام عند انتفائها، كقوله صلى الله عليه وسلم: "في سائمة الغنم زكاة"، فالسَّوْم يُشْعر بخفة المُؤَن، ودرور المنافع، واستمرار صحة المواشي، في صفو هواء الصحاري، وطيب مياه المشارع، وهذه المعاني تشير إلى سهولة احتمال مؤنة الإرفاق بالمحاويج، عند اجتماع أسباب الارتفاق بالمواشي، وقد انبنى الشرع على رعاية ذلك، من حيث خَصَّص وجوب الزكاة. بمقدار كثير، وأثبت فيه مَهَلًا يُتوقع في مثله حصول المرافق. فإذا لاحت المناسبة جرى ذلك على صيغة التعليل". وقال أيضًا في البرهان 1/ 469: "الحق الذي نراه أن كلَّ صفةٍ لا يُفهم منها مناسبة للحكم - فالموصوفُ بها كالملقَّب بلقبه، والقول في تخصيصه بالذكر كالقول في تخصيص المسميات بألقابها. فقول القائل: زيد يشبع إذا أكل، كقوله: الأبيض يشبع؛ إذ لا أثر للبياض فيما ذُكِر، كما لا أثر للتسمية بزيدٍ فيه".
(2)
عن إمام الحرمين.
(3)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 229.
(4)
ذكر الإسنوي رحمه الله تعالى أن الإمام ذكر هذا في "المعالم"، وأما في "المحصول" و"المنتخب" فذهب إلى أنه لا يدل. انظر: نهاية السول 2/ 209، التمهيد ص 245، المحصول 1/ ق 2/ 229.
وأما محل النزاع فهو كما أشار إليه المصنف بقوله: "ما لم يظهر" أي: إنما يدل - عند القائلين به - إذا لم يظهر لتعليق
(1)
الحكم بالصفة المذكورة فائدةٌ أخرى مغايرةٌ لنفي الحكم عما عداها، ككونه جوابًا عن سؤالِ سائلٍ عن حكم إحدى الصفتين، أو خارجًا مخرج الغالب، أو غير ذلك. مثل قوله تعالى:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}
(2)
فإنَّ قوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} لا مفهوم له؛ لأن النهي عن موالاة الكافرين عامٌ
(3)
فيمَنْ والَى المؤمنين ومَنْ لم يُوَالهم، وإنما معنى قوله:{مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أنَّ لكم في موالاة المؤمنين
(4)
مندوحة عن موالاة الكافرين، فلا تؤثروهم عليهم. ففي هذه الأشياء لا يدل على نفي الحكم عما عدا الصفة المذكورة، كما نقله المتأخرون من الأصوليين.
وقد نازع إمام الحرمين فيما إذا خَرَج مَخْرج الغالب بعد أن نقل عن الشافعي ما قلناه من أنه لا مفهوم حينئذٍ وأطال الكلام فيه
(5)
، والشيخ عز الدين بن عبد السلام قال: القاعدة تقتضي العكس، وهو أن الوصف إذا خرج مَخْرج الغالب يكون له مفهومٌ بخلاف ما إذا لم يكن غالبًا، وذلك لأن الوصف الغالب على الحقيقة تدل العادة على ثبوته لتلك الحقيقة، فالمتكلم يكتفي بدلالة العادة على ثبوته لها عن ذكر اسمه
(6)
، فإذا
(1)
في (ت)، و (غ): لتعلق.
(2)
سورة آل عمران: الآية 28.
(3)
في (غ)، و (ك):"عامة".
(4)
سقطت من (ت).
(5)
انظر: البرهان 1/ 474 - 478.
(6)
فمثلًا لو قال الشارع: في الغنم زكاة. وكانت الغنم في وقت ورود الخطاب كلها =
أتى بها
(1)
مع أن العادة كافية فيها - دلَّ على أنه إنما أتى بها لتدل على سلب الحكم عما عداه
(2)
؛ لانحصار غرضه فيه. (وأما إذا لم يكن عادة فقد يقال: إنَّ غرض المتكلم بتلك)
(3)
الصفة أن يُفْهِم السامع أن هذه الصفة ثابتة لهذه الحقيقة
(4)
.
وقد أجاب القرافي عن هذا: بأن الوصف إذا كان غالبًا يكون لازمًا لتلك الحقيقة في الذهن بسبب
(5)
الشهرة والغلبة، فذِكْره إياه مع الحقيقة عند الحكم عليها (لَعَلَّه لحضوره)
(6)
في ذهنه لا لتخصيص الحكم به، وأما إذا لم يكن غالبًا فالظاهر أنه لا يُذْكر مع الحقيقة إلا لتقييد الحكم به؛ لعدم مقارنته للحقيقة في الذهن حينئذ، فاستحضارُه معه واستجلابه لذكْره (عند الحقيقة عند الحكم)
(7)
إنما يكون لفائدة، والفَرْض عدم ظهور فائدة أخرى، فيتعين
(8)
التخصيص
(9)
(10)
. وهذا الجواب صحيح.
= سائمة، كان معنى هذا الخطاب أن الزكاة في الغنم السائمة لا غيرها، وإنما لم يذكر وصف السوم ولم ينص عليه اكتفاءً بالعادة الجارية وقت ورود الخطاب.
(1)
أي: بالصفة.
(2)
أي: عما عدا هذا الوصف.
(3)
سقطت من (ت).
(4)
فليس قصده نفي الحكم عما عدا الصفة.
(5)
في (ت): "لسبب".
(6)
في (غ): "لعلَّة حضوره"
(7)
في (ت)، و (غ)، و (ك):"عند الحكم عند الحقيقة".
(8)
في (غ): "فتعيَّن".
(9)
أي: تخصيص الحكم بالوصف المذكور.
(10)
انظر: سؤال الشيخ عز الدين، وجواب الإمام القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 272.
فإنْ قلت: هذا لا يتضح بالنسبة إلى كلام الله تعالى؛ لعِلْمِه بالغالب وغير الغالب على حد سواء.
قلتُ: هذا السؤال أورده الشيخ صدر الدين بن المرحل في كتابه "الأشباه والنظائر". وقد ذكر اختلاف الأصوليين في أن العام هل يشمل الصورة النادرة فقال: "هذا الخلاف لا يبين لي جريانه في كلام الله تعالى؛ لأنه لا يخفى عليه خافية فهو يعلم ذلك النادر" قال
(1)
: "وإنما يتبين
(2)
لي دخوله في كلام الآدميين"
(3)
.
وقد أجبت عنه في كتابي "الأشباه والنظائر" بما لو عُرِض على ذوي التحقيق لتلقوه بالقبول. فقلت: الخلاف جار في كلام الله تعالى لا للمعنى الذي ذكره ابن المرحل؛ بل لأن كلام الله منزَّلٌ على لسان العرب وقانونهم وأسلوبهم، فإذا جاء فيه لفظٌ عام تحته صورة نادرة، وعادةُ العرب إذا أَطْلَقَتْ ذلك اللفظ لا تمر تلك الصورة ببالها - نقول: هذه الصورة ليست داخلة في مراد الله تعالى من هذا اللفظ، وإن كان عالمًا بها؛ لأن هذا اللفظ يطلق عند العرب ولا يراد هذه الصورة، كما يجيء في القرآن ألفاظ كثيرةٌ يستحيل وقوع معانيها من الله تعالى: كالترجي والتمني، وألفاظ التشكيك، وكل ذلك منتف في جانبه تعالى، وإنما تجيء لِكَوْن
(4)
القرآن على أسلوب كلام العرب
(5)
.
(1)
في (ص): "وقال".
(2)
في (غ): "يبين".
(3)
انظر: الأشباه والنظائر لابن المرحل 1/ 212، 213.
(4)
في (ص): "ليكون".
(5)
انظر: الأشباه والنظائر للشارح 2/ 128.
قال: (لنا: أنه المتبادر من قوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغنيِّ ظلم" ومن قولهم: "الميت اليهودي لا يُبْصر" وأن ظاهر التخصيص يستدعي فائدة، وتخصيصُ الحكم فائدةٌ، وغيرها منتف بالأصل فيتعين
(1)
. وأن
(2)
الترتيب يشعر بالعلِّية كما ستعرفه، والأصل ينفي علةً أخرى فينتفي بانتفائها. قيل: لو دلَّ لدلَّ إما مطابقة أو التزامًا. قلت: التزامًا لما ثبت أن الترتيب يدلُّ على العلية، وانتفاء العلة يستلزم انتفاء معلولها المساوي. قيل:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} ليس كذلك. قلت: غير المدعى).
استدل على أن مفهوم الصفة حجة بثلاثة أوجه:
الأول: أنه يتبادر إلى الفهم حيث كان، كما أن مَنْ سمع ما رواه البخاري (ومسلم)
(3)
من قوله صلى الله عليه وسلم: "مَطل الغني ظلم"
(4)
- فَهِم أنَّ مَطْل
(1)
أي: فيتعين تخصيص الحكم. وفي (ت): "فتعيَّن".
(2)
في (ت): "ولأن".
(3)
سقطت من (ت)، و (غ).
(4)
انظر: صحيح البخاري 2/ 799، في كتاب الحوالات، باب في الحوالة، وهل يرجع في الحوالة، رقم 2166. وباب إذا أحال على مليٍّ فليس له ردٌّ، رقم 2167. وفي كتاب الاستقراض، باب مطل الغني ظلم، رقم 2270. صحيح مسلم 3/ 1197، في كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغني، رقم 1564. وأخرجه أبو داود 3/ 640، في كتاب البيوع والإجارات، باب في المطل، رقم 3345. والنسائي 7/ 317، في كتاب البيوع، باب الحوالة، رقم 4691. وابن ماجه 2/ 803، في كتاب الصدقات، باب الحوالة، رقم 2404.
من ليس بغني ليس ظلمًا. وقد فَهِم ذلك من الحديث أبو عبيدة وهو من أئمة اللغة، وكذلك الشافعي وهو إمام اللغة وابن بَجْدتها
(1)
، والتمسك بقول الشافعي وأبي عبيدة أولى من التمسك بقول أعرابي جِلْفٍ.
وكذلك أهل العرف يتبادر إلى فهمهم مِنْ قول القائل: الميت اليهودي لا يُبْصِر: أن الميتَ الذي ليس هو
(2)
بيهودي يُبْصِر، بدليل أنهم يسخرون من هذا الكلام ويضحكون منه.
وإنما ذكر المصنف هذين المثالين لِيُبَيِّن
(3)
أنه المتبادر إلى الفهم في الأول عند أهل اللغة، وفي الثاني عند أهل العرف، فيجتمع التبادر من الجهتين، وهذا من محاسنه.
وقد اعترض إمام الحرمين على التمسك بفهم الشافعي وأبي عبيدة فقال: هذا المسلك فيه نظر؛ فإن الأئمة قد يحكمون على اللسان عن نظر واستنباط، وهم في مسالكهم في محلِّ النزاع مطالبون بالدليل. والأعرابي الجِلف منطقه طَبْعُه، فيغع التمسك بمنظومه ومنثوره.
الوجه الثاني: أن ظاهر تخصيصِ الحكمِ بالصفة يستدعي فائدةً صَوْنًا للكلام عن اللغو، وتلك الفائدة ليست إلا نَفْي الحكم عما عداه؛ لأن غيرها منتفٍ بالأصل، فتتعين هي؛ ولأن الكلام فيما إذا لم يظهر للتخصيص بالذكر فائدةٌ أخرى.
(1)
في اللسان 3/ 77، مادة (بجد):"وعنده بَجْدَة ذلك، بالفتح، أي: عِلْمه. ومنه يقال: هو ابن بَجْدَتها، للعالم بالشيء المتقن له المميز له، وكذلك يقال للدليل الهادي".
(2)
سقطت من (غ).
(3)
في (ت): "ليتبيَّن".
فإن قلت: هذا يلزمكم في مفهوم اللقب.
قلت: اللقب له فائدةُ تصحيحِ الكلامِ؛ إذ الكلام بدونه غير مفيدٍ بخلاف الصفة.
الثالث: أنَّ الحكم المرتب على الخطاب المقيَّد بالصفة معلولُ تلك الصفة، كما ستعرفه إن شاء الله تعالى في كتاب القياس من أن ترتيب الحكم على الوصف يُشْعر بالعلية
(1)
، والأصل عدم علةٍ أخرى
(2)
؛ لأنا إنْ جَوَّزنا التعليل بعلتين فلا شك أن الأصَل عدمه، وإذا لم يكن له علة غير الوصف لزم انتفاء الحكم فيما انتفى عنه الوصف؛ لأن انتفاء العلة يستلزم انتفاء المعلول.
قوله: "قيل" أي: احتج الخصم بوجهين:
أحدهما: أنه لو دل تخصيص الحكم بإحدى الصفتين على نفيه عما عداها - لدل عليه إما بالمطابقة أو بالالتزام؛ ضرورةَ انحصارِ الدلالة فيهما، فإن المراد بدلالة الالتزام هنا دلالة اللفظ على لازم مسماه، واللازم أعم من الجزء والوصف
(3)
فيشمل
(4)
دلالةَ التضمن، لكنه لا يدل (لا بالمطابقة ولا بالالتزام، إنما قلنا: إنه لا يدل بالمطابقة)
(5)
؛ لأن ثبوت الحكم في إحدى
(1)
في (ت)، و (ص):"العلية".
(2)
أي: لهذا الحكم المرتب على الصفة.
(3)
أي: لا يريد باللازم اللازم المنطقي: الذي هو دلالة اللفظ على أمر خارج عن المعنى لازم له لزومًا ذهنيًا.
(4)
في (ص): "فيشتمل".
(5)
سقطت من (ت).
الصفتين ليس عين ثبوته في الأخرى؛ لأن قوله: "زكوا عن الغنم السائمة" غير موضوع لنفي الزكاة عن المعلوفة، فالدال على أحدهما بالمطابقة لا يدل على الآخر بها.
وإنما قلنا: إنه لا يدل بالالتزام؛ لأنه
(1)
إنْ كان التضمن
(2)
فواضح؛ لأن نَفْي الحكم عما عدا المذكور ليس جزءًا لثبوته في المذكور
(3)
. وإن كان الالتزام المُعَرَّف في تقسيم الألفاظ فلأن شَرْطه سبقُ الذهن من المسمى إليه
(4)
، والسامع قد يتصور وجوبَ الزكاة في السائمة ويَغْفل في تلك الحالة عن استحضار الحكم على المعلوفة بنفيٍ أو إثبات، بل قد يغفل عن تصور المعلوفة.
وأجاب في الكتاب: بأنه يدل عليه بالالتزام؛ لما ثبت من أن
(5)
ترتيب الحكم على الوصف مُشْعِرٌ
(6)
بالعلية، وأن الأصل عدمُ علةٍ أخرى، فانتفاء الحكم عما عدا تلك الصفة (من لوازم ثبوته لها؛ لأن انتفاء العلة يستلزم انتفاء معلولها المساوي
(7)
، فالدال)
(8)
على ثبوت الحكم للصفة المخصوصة
(1)
في (ت): "فلأنه".
(2)
أي: إن كان المراد من الالتزام هو التضمن.
(3)
والتضمن لا بد وأن يكون جزءًا من المذكور.
(4)
أي: من المعنى المطابقي.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
في (غ): "يشعر".
(7)
المعلول المساوي: هو الذي وجوده بوجود العلة، وانتفاؤه بانتفائها. أي: لهذا ليس المعلول علةٌ غيرها، فهو مساوٍ لها وجودًا وعدمًا.
(8)
سقطت من (ت).
بالذّكر مطابقةً - يدل على نفيه عما عداها التزامًا.
وقوله
(1)
: "المساوي" أراد به أن لا يكون له علةٌ أخرى، احترازًا عما يكون له علة أخرى، كالحرارة فإنها معلولةٌ للنار، وللشمس
(2)
. فلو كانت له
(3)
علةٌ أخرى لم يلزم من انتفاء هذه العلة انتفاء المعلول؛ لجواز ثبوته بالعلة الأخرى. هذا تقرير الجواب.
ولقائل أن يقول: إنما يتأتى هذا
(4)
عند مَنْ لا يشترط في دلالة الالتزام اللزوم البيِّن
(5)
، ويكتفي باللازم الخارجي
(6)
سواء أكان
(7)
لزومه بواسطة أم بغير واسطة.
(1)
في (ت)، و (ص):"قوله".
(2)
في (غ)، و (ك):"والشمس".
(3)
أي: للحكم.
(4)
أي: إنما يتأتى نفى الحكم عما عدا الصفة المذكورة.
(5)
يعني: اللزوم الذهني، فإنه يسميه المناطقة باللزوم البيِّن. انظر: شرح الباجوري على السلم ص 34. وفي المنهج القويم في المنطق الحديث والقديم ص 47، 48: "اللزوم: هو امتناع الانفكاك عقلًا أو عرفًا، فاللازم للشيء: هو ما لا ينفك عنه. واللزوم ينقسم إلى: بيِّن، وغير بَيِّن. واللزوم البَيِّن: هو ما لا يحتاج في الجزم به إلى شيءٍ آخر غير تصور الطرفين: الملزوم واللازم. واللزوم غير البَيِّن: هو ما يحتاج في الجزم باللزوم إلى شيءٍ آخر مع تصور الطرفين. مثاله: اللزوم بين العالم والحدوث، فإنه لا يكفى تصور الطرفين، بل لا بد من حد وسط وهو أنه متغير، وكل متغير حادث" مع تصرف يسير واختصار.
(6)
كالسواد للغراب، فإنه لازم خارجي لا ذهني.
(7)
في (ت)، و (ص)، و (ك):"كان".
الوجه الثاني: أنه لو دلَّ لما كان حكم المنطوق به ثابتًا مع عدم الصفة، لكنه ثابت
(1)
، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}
(2)
فإنَّ قتل الأولاد محرم في الحالتين
(3)
.
وأجاب: بأن هذا غير المدَّعَى؛ لأنا لم ندَّعِ أن مفهوم الصفة حجة إلا فيما إذا لم يظهر له فائدة أخرى كما تقدم، وهنا قد ظهرت له فائدة وهي خروجه مَخْرَج الغالب؛ لأن غالب أحوالهم أنهم لا يقتلون أولادهم إلا عند خشية الفقر. هذا جواب المصنف.
والحق أن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأن دلالته على حرمة القتل عند انتفاء خشية الإملاق من باب الأولى، فهو من فحوى الخطاب لا من دليله
(4)
.
فإن قلت: هَبْ أن هذه الآية لا تدل لما ذكرناه، ولكن ثَمَّ آية أخرى مؤيدة له
(5)
وهي قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}
(6)
فلو كان مفهوم الصفة حجة للزمكم القول بأنَّ لهم شفيعًا لا يطاع.
قلت: هذه الصفة لها فائدة أخرى غير التخصيص فلا تكون
(7)
من محل
(1)
فينتج أنه: لا يدل.
(2)
سورة الإسراء: الآية 31.
(3)
أي: سواء خشي أو لم يخشَ.
(4)
لأن الحكم في المسكوت أقوى منه في المنطوق، وشَرْط مفهوم المخالفة أن يكون الحكم في المسكوت أضعف من المنطوق.
(5)
سقطت من (ت).
(6)
سورة غافر: الآية 18.
(7)
في (ص)، و (ك):"فلا يكون". والمعنى على هذا الوجه: فلا يكون الموضع.
النزاع، وقد ذكر والدي أيده الله تعالى في تفسير هذه الآية ست فوائد لهذه الصفة:
إحداها: أنها الذي تتشوف إليه نفوسُ مَنْ يَقْصُد أن يُشْفع فيه
(1)
، فكان التصريح بنفيها نفيًا قطعًا لأطماع الظالمين وفطمًا لهم، ليقطعوا إياسهم؛ لأن مَنْ كان متشوفًا إلى شيء فَصُرِّح له بأنه لا يبلغه - كان أنكى له من أن يُدَلَّ عليه بلفظ عام شامل له أو مستلزم إياه
(2)
، فلم يُقْصَد بهذه الصفة التخصيص، وإنما قُصد ما ذكرناه.
الثانية: أنَّ من الشفعاء من لا تُقبل شفاعته، فلا غرض فيه أصلًا. ومنهم مقبول الشفاعة وهو المقصود، فَنَصَّ عليه تحقيقًا لمَنْ قَصدَ نَفْيه، وهي صفة مُخَصِّصة، وقَدَّم هذا الغَرَض
(3)
على ما يقتضيه مفهومُ الصفة من وجود غيره؛ لقيام الدليل على عدمه
(4)
. وهذه الفائدة مغايرة للأولى؛ لأن هذه في آحاد الشفعاء وتلك في صفة شفاعتهم
(5)
.
(1)
أي: صفة "مُطَاع" تتشوف إليها نفوس الظالمين، الذين يقصدون أن يُشْفع فيهم.
(2)
كأن يقول: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ} بدون ذكر: يطاع.
(3)
وهو تحقيق نفي مقبول الشفاعة، أي: جَعْل نفي قبول شفاعته أمرًا محققًا قطعيًا لا شك فيه.
(4)
أي: لقيام الدليل على عدم مفهوم الصفة، فالظالمون الكافرون ليس لهم شفيع أصلًا، ولو فُرِض فلن يطاع.
(5)
أي: القصد بهذه الفائدة تحقيق نفي مقبول الشفاعة لو وقعت، وهي لا تقع. والقصد بالفائدة الأولى نفي صفة الشفاعة، أي: فليس هناك شفاعة مقبولة لهم، وليس هناك شفيع مقبول لهم، وهذا مع كون حصول الشفاعة في حقهم ممتنعة لكن الغرض قطع أملهم، وتحقيق يأسهم من حصول شفاعةٍ مطاعةٍ أو شفيعٍ مطاع في حقهم.
الثالثة: ما يدل عليه مادة {يُطَاعُ} والغالب في الشفاعة استعمال لفظ القبول والنفع وما أشبههما، أما الطاعة فإنما تقال في الأمر
(1)
، فكان ذكرها ههنا
(2)
لنكتة بديعة: وهي أنه لما ذكر الظالمين، وشأنُ الظالمين في الدنيا القوة، والمتكلَّم لهم بمنزلة مَنْ يأمر فيطاع - نفى عنهم ذلك في الآخرة تبكيتًا وحسرة، فإن النفس إذا ذُكّرت ما كانت عليه وزال عنها وخوطبت به - كان أشد عليها
(3)
.
الرابعة: أنه إشارة إلى هولِ ذلك اليوم العصيب، وأن شدته بلغت مبلغًا لا ينفع فيه إلا شفيع له قوة ورتبة أن يطاع لو وجد وهو لا يوجد. وهذه قريبة من التي قبلها إلا أنها بحسب الحاضر، وتلك بحسب الماضي
(4)
.
(1)
يعني: الطاعة تستعمل عند صدور الأمر من الآمر، أما الشفيع فلا يأمر بالطاعة بل يترجى ويتعطف.
(2)
في (ك): "هنا".
(3)
فالظالمون حالهم الأمر والنهي، والطاعة لهم، وها هم يوم القيامة مسلوبي القوة مطلقًا، فلا هم يطاعون، بل وليس لهم شفيع يطاع من أجلهم، فذِكْر عدم طاعة الشفيع من أجلهم تذكيرٌ بحالهم في الدنيا وما كانوا عليه من القوة والأمر والنهي.
(4)
أي: ذكر لفظ {يُطَاعُ} له فوائد ومنها فائدتان: الأولى: وهي تذكير الظالمين بما كانوا عليه في الدنيا من طاعة الخلق لهم، وأمرهم ونهيهم، فها هم اليوم لا أمر ولا نهي، ولا يطاع شفيعهم لو وجد. وهذه هي الفائدة التي سبق ذكرها، وهي بحسب الماضي أي: ماضي هؤلاء في الدنيا. والثانية: وهي بحسب الحاضر الذي يخاطبون فيه - وهو يوم القيامة - أنه لا ينفع في ذلك اليوم العصيب إلا شفيع يطاع، أي: له قوة ورتبة حتى يطاع، وهذا لا يوجد يوم القيامة إذ تتلاشى فيه كل القوى، فلا قوة إلا قوة الجبار، ولا مُلْك إلا مُلْك العزيز القهار، فلا أمر ولا نهي ولا طاعة إلا لملك الملوك. . وهذا غاية في تصوير عظمة الجبار، وذلة وضعف الخلائق كلها أمام القهار، وأن هؤلاء الظالمين ليس لهم قوة يلجؤون إليها، ولا جهة يلوذون بها.