الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثال الرابع: وهو تسمية الشيء باسم سببه الغائي - تسميتهم العنب بالخمر، كما في قوله تعالى حكايةً:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}
(1)
فأطلق العنب على الخمر
(2)
؛ لأن الخمرَ غايةٌ مقصودة من زراعة العنب وعصره عند بعض الناس.
قال: (والمسببية: كتسمية المرض المُهْلِك بالموت، والأول
(3)
أولى للاستلزام
(4)
على التعيين. ومنها: الغائية؛ لأنها علة في الذهن ومعلولة في الخارج).
العلاقة الثانية: المسببية:
وهي إطلاق اسم المسبب على السبب، مثل: تسميتهم المرض المُهْلِك موتًا؛ لأن الله تعالى جعل المرض الشديد في العادة سببًا للموت، وهنا بحثان أشار إليهما في الكتاب:
أحدهما: أن التجوز بلفظ السبب عن المسبب أولى من العكس؛ لأن السبب المعيَّن يستدعي مسبَّبًا معيَّنًا، والمسبب المعيَّن لا يستدعي سببًا معيَّنًا بل سببًا ما، ألا ترى أن اللمس يدل على انتقاض الوضوء
(5)
، وانتقاض
(1)
سورة يوسف: الآية 36.
(2)
هذا سهو من الشارح رحمه الله تعالى؛ إذ الصواب: فأطلق الخمر على العنب. وهو قد نبَّه على مثل هذا السهو قبل قليل في إطلاق اليد على القدرة.
(3)
في (ت): "والأُولى".
(4)
في (ص): "للالتزام".
(5)
فاللمس سبب، وانتقاض الوضوء مسبب.
الوضوء لا يدل على اللمس؛ لجواز أن يكون بمسٍّ أو بول أو غيرهما. فلما كان فهمُ المسبَّب من السبب أسرع - كان التجوز به
(1)
في حالة الإطلاق
(2)
أولى.
ولقائل أن يقول: هذا
(3)
واضح على رأي مَنْ يجوِّز تعليلَ المعلولين المتماثلين بعلتين مختلفتين
(4)
؛ لأن العلم بالمعلول حينئذ لا يستلزم العلمَ بالعلة، وأما العلم بالعلة المعيَّنة فإنه يستلزم العلم بالمعلول المعيَّن، وأما من لم يجوز ذلك فقد يمنع هذا.
البحث الثاني: قد عرفت انقسام العلة الأولى إلى أربع علل، وأوْلاها
(5)
العلة الغائية، وهذا معنى قول المصنف:"ومنها الغائية" أي: وأَوْلى منها الغائية؛ لأنها حال كونها ذهنية علة العلل، وحال كونها خارجية معلول العلل
(6)
، فقد حصل لها علاقتا العلية والمعلولية، وكل واحدة منهما علة تُحَسِّنُ التجوز
(7)
.
(1)
أي: بالسبب عن المسبب.
(2)
أي: في حالة التكلم.
(3)
أي: كون فهم المسبب عن السبب أسرع.
(4)
لو قال: على رأي مَنْ يجوز تعليل المعلول الواحد بعلتين مختلفتين - لكان أوضح للمراد.
(5)
أي: أَوْلى العِلل.
(6)
فهي في الذهن أول وجودًا، وفي الخارج آخر وجودًا.
(7)
أي: كل واحدةٍ مِنْ علاقتا العلية والمعلولية علة يحسن بها التجوز، فإذا أردنا بالغائية كونها علة فيكون المجاز في إطلاق المعلول على العلة، وإذا أردنا بها كونها معلولًا =