الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وتسعمائة
فيها أمر السلطان عامر بن عبد الوهاب بتقييد رئيس الإسماعيلية وعالمها سليمان بن حسن بمدينة تعز، وأودعه دار الأدب لأنه كان يتكلّم بما لا يعنيه من المغيبات، وأمر بإتلاف كتبه فأتلفت، ولله الحمد.
وفيها توفي برهان الدين إبراهيم بن القاضي شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن يعقوب بن المعتمد القرشي الدمشقي الصّالحي الشافعي [1] .
ولد في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وحفظ «المنهاج» وعرضه على جماعة من الأفاضل، وكتب له الشيخ بدر الدّين بن قاضي شهبة في الشامية أربعين مسألة كتب عليها في سنة ثمان وستين، وفوض إليه القضاء في سنة سبعين، ثم درّس في المجاهدية والشامية الجوانية والأتابكية، وتصدر بالجامع.
وله «حاشية على العجالة» في مجلدين، وحجّ وجاور في سنة اثنتين وثمانين، ولازم النّجم بن فهد، وسمع عليه وعلى غيره بمكة، وكان حسن المحاضرة، جميل الذّكر، يحفظ نوادر كثيرة من التاريخ، وذيّل على «طبقات ابن السبكي» وأكثر فيه من شعر البرهان القيراطي، وقرأ عليه القاضي برهان الدّين الأخنائي، والشيخ تقي الدّين القاري، وغيرهما.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 100) ، و «إيضاح المكنون» (1/ 476) ، و «معجم المؤلفين» (1/ 83) .
وتوفي عشية يوم الأحد ثالث عشر شعبان بدمشق، ودفن بالرّوضة، وخلّف دنيا عريضة.
وفيها أحمد ابن [1] ولي الدّين العالم الفاضل، المولى ابن المولى الحسيني الرّومي [2] ، الشهير بأحمد باشا.
قرأ على علماء عصره، وفضل، وتنقّل في المناصب، حتّى صار قاضي عسكر ثم جعله [3] السلطان محمد خان معلما لنفسه، واشتد ميله إليه، حتى استوزره، ثم عزله عن الوزارة لأمر وجعله أميرا على أنقرة وبروسا، وكان رفيع القدر، عالي الهمّة، كريم الطبع، سخي النّفس، ولم يتزوج لعنّة [4] كانت به، وكان له نظم بالعربية والتركية.
وتوفي أميرا ببروسا ودفن بها بمدرسة وعلى قبره قبّة كتب على بابها محمد بن أفلاطون تاريخ وفاته وهو [5] :
هذه أنوار مشكاة [6] لمن
…
عدّه الرّحمن من ممدوحه
فرّ من أدناس تلك الناس إذ
…
كان مشتاقا إلى سبّوحه
قال روح القدس في تاريخه
…
إن في الجنّات مأوى روحه
وفيها أمّ الخير أمة الخالق [7] الشيخة الأصيلة المعمّرة.
ولدت سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وحضرت على الجمال الحنبلي، وأجاز لها الشرف بن الكويك وغيره، وهي آخر من يروي «البخاري» عن أصحاب الحجّار.
نزل أهل الأرض درجة في رواية «البخاري» بموتها، رحمها الله تعالى.
[1] لفظة «ابن» سقطت من «ط» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 145- 147) ، و «الشقائق النعمانية» (123- 124) .
[3]
في «ط» : «وجعله» .
[4]
جاء في «القاموس المحيط» (عنن) : العنين
…
كسكّين: من لا يأتي النساء عجزا أو لا يريدهن، والاسم العنانة.
[5]
الأبيات في «الشقائق النعمانية» .
[6]
في «الشقائق النعمانية» : «هذه مشكاة أنوار» .
[7]
ترجمتها في «الكواكب السائرة» (1/ 162) ، و «أعلام النساء» (1/ 83) .
وفيها حبيب القرماني العمري من جهة الأب البكري من جهة الأم [1] ، العارف بالله تعالى، أحد شيوخ الرّوم.
اشتغل في أول عمره بالعلم، وقرأ في شرح العقائد، ثم ارتحل إلى خدمة السيد يحيى بن السيد بهاء الدّين الشّيرازي، فلقي في طريقه جماعة من مريديه، فقال لهم: هل يقدر شيخكم أن يريني الرّبّ في يوم واحد، فلطمه أحدهم لطمة خرّ مغشيا عليه، فعلم السيد يحيى بهذه القصة فدعا الشيخ حبيب، وقال له: لا بأس عليك إن الصوفية تغلب الغيرة عليهم وإن الأمر كما ظننت، وأمره بالجلوس في موضع معيّن وأن يقصّ عليه ما يراه، ثم قال لمريديه: إنه من العلماء فحكي عنه أنه قال: لما دخلت هذا الموضع جاءتني تجليات الحقّ مرة بعد أخرى، وفنيت عن كل مرّة، ثم دوام خدمة السيد يحيى اثنتي عشرة سنة، ثم استأذنه، وعاد إلى بلاد الرّوم، وصحب الأكابر من سادات الرّوم، وكان له أشراف على الخواطر، ولم يره أحد راقدا ولا مستندا إلّا في مرض موته.
توفي بأماسية ودفن بعمارة محمد باشا.
وفيها شمس الدّين أبو الجود محمد بن شيخ الإسلام برهان الدّين إبراهيم بن عبد الرحيم الأنصاري الخليلي [2] الشافعي الإمام العلّامة.
ولد بمدينة الخليل عليه الصلاة والسلام في شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وحفظ القرآن و «المنهاج» و «ألفية بن مالك» و «الجزيرة» وبعض «الشاطبية» . واشتغل على والده، ثم أخذ العلم عن جماعة من علماء مصر، أجلّهم الشرف المناوي، والكمال ابن إمام الكاملية الشافعيان، وأخذ العلوم عن التّقي الشّمّنّي الحنفي، وفضل وتميّز، وأجيز بالإفتاء والتدريس.
وله تصانيف، منها «شرح الجرومية» و «شرح الجزيرة» و «شرح مقدمة الهداية في علم الرّواية لابن الجزري، و «معونة الطّالبين في معرفة إصلاح
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 171- 174 و 2/ 74) ، و «الشقائق النعمانية» ص (161) .
[2]
ترجمته في «الأنس الجليل» (546- 547) و «الكواكب السائرة» (1/ 26) و «معجم المؤلفين» (8/ 206) ، و «الأعلام» (6/ 192) .
المعربين» وقطعة من «شرح تنقيح اللّباب» للولي العراقي، وغير ذلك، رحمه الله.
وفيها الحافظ شمس الدّين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي [1] الأصل، القاهري المولد، الشافعي المذهب، نزيل الحرمين الشريفين.
ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، وحفظ القرآن العظيم وهو صغير وصلّى به في شهر رمضان. وحفظ «عمدة الأحكام» و «التنبيه» و «المنهاج» و «ألفية ابن مالك» و «ألفية العراقي» وغالب «الشّاطبية» و «النّخبة» لابن حجر، وغير ذلك، وكلما حفظ كتابا عرضه على مشايخه، وبرع في الفقه، والعربية، والقراءات، والحديث، والتاريخ، وشارك في الفرائض، والحساب، والتفسير، وأصول الفقه، والميقات، وغيرها وأما مقروءاته ومسموعاته فكثيرة جدا لا تكاد تنحصر.
وأخذ عن جماعة لا يحصون يزيدون على أربعمائة نفس، وأذن له غير واحد بالإفتاء، والتدريس، والإملاء.
وسمع الكثير على شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني، ولازمه أشد الملازمة، وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره، وأخذ عنه أكثر تصانيفه، وقال عنه:
هو أمثل جماعتي، وأذن له، وكان يروي «صحيح البخاري» عن أزيد من مائة وعشرين نفسا.
ورحل إلى الآفاق، وجاب البلاد، ودخل حلب، ودمشق، وبيت المقدس وغيرها، واجتمع له من المرويّات بالسّماع والقراءة ما يفوق الوصف.
وكان بينه وبين النّبي صلى الله عليه وسلم عشرة أنفس، وحجّ بعد وفاة شيخه ابن حجر مع والديه.
ولقي جماعة من العلماء وأخذ عنهم، كالبرهان الزّمزمي، والتّقي بن فهد، وأبي السعادات بن ظهيرة، وخلائق، ثم رجع إلى القاهرة ولازم الاشتغال والإشغال والتأليف، لم يفتر أبدا.
[1] ترجم السخاوي لنفسه ترجمة مطولة في «الضوء اللامع» (8/ 2- 32) وله ترجمة في «نظم العقيان» (152- 153) و «النّور السافر» (16- 21) و «الكواكب السائرة» (1/ 53) و «البدر الطالع» (2/ 184- 187) .
ثم حج سنة سبعين، وجاور، وحدّث هناك بأشياء من تصانيفه وغيرها، ثم حجّ في سنة خمس وثمانين، وجاور سنة ست وسبع، وأقام منهما ثلاثة أشهر بالمدينة النبوية، ثم حج سنة اثنتين وتسعين، وجاور سنة ثلاث وأربع، ثم حجّ سنة ست وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمان، فتوجه إلى المدينة فأقام بها أشهرا، وصام رمضان بها، ثم عاد في شوالها إلى مكّة وأقام بها مدة، ثم رجع إلى المدينة وجاور بها إلى أن مات، وحمل الناس من أهلهما والقادمين عليهما عنه الكثير جدا، وأخذ عنه من لا يحصى كثرة.
وألّف كتبا إليها النهاية لمزيد علوه وفصاحته.
من مصنفاته «الجواهر والدّرر في ترجمة الشيخ ابن حجر» و «فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» لا يعلم أجمع منه ولا أكثر تحقيقا لمن تدبره [1] ، و «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع» في ست مجلدات ذكر فيه لنفسه ترجمة على عادة المحدّثين [2] ، و «المقاصد الحسنة في الأحاديث الجارية على الألسنة» [3] وهو أجمع وأتقن من كتاب السيوطي المسمى ب «الجواهر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» [4] وفي كل واحد منهما ما ليس في الآخر، و «القول البديع في الصّلاة على الحبيب الشفيع» [5] و «عمدة المحتج في حكم الشطرنج» و «الإعلان بالتوبيخ
[1] وهو مطبوع في ثلاث مجلدات منذ سنوات طويلة، وأعادت إصداره دار الكتب العلمية ببيروت مصورا قبل سنوات قليلة. ثم نشر نشرة جيدة في الهند في أربعة أجزاء بتحقيق الشيخ علي حسين علي.
[2]
وهو مطبوع في مكتبة القدسي بالقاهرة منذ سنوات طويلة في ست مجلدات تضم اثني عشر جزءا، وصورته منذ سنوات قليلة دار مكتبة الحياة بيروت. ونقوم بإعداد فهارس عامة له بمشاركة بعض الأفاضل ستصدر في مجلد كبير قريبا إن شاء الله.
[3]
وهو من خيرة الكتب في بابه وقد نشر منذ سنوات طويلة في مصر بعناية الشيخ عبد الله الصدّيق الغماري، وتقديم الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف، وهي نشرة سقيمة فيها الكثير من التحريف والخطأ والسقط، وقد جمعت مصورات ثلاث من نسخه الخطية وشرعت بتحقيقه وأسأل المولى عز وجل أن يعينني على الانتهاء منه ودفعه للطبع في أقرب فرصة إن شاء الله تعالى.
[4]
قلت: وهو المعروف ب «الدّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» وقد قمت بتحقيقه بالاشتراك مع الأستاذ محمد بدر الدّين القهوجي، ونشرته مكتبة دار العروبة في الكويت عام (1408) هـ.
[5]
وهو مطبوع عدة مرات آخرها وأفضلها التي صدرت عن مكتبة دار البيان بدمشق منذ سنوات قليلة.
على من ذم علم «التوريخ» [1] وهو نفيس جدا، و «التاريخ المحيط» على حروف المعجم، و «تلخيص تاريخ اليمن» ، و «الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل» ، و «تحرير الميزان» ، و «عمدة القارئ والسامع في ختم الصحيح الجامع» ، و «غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجّاج» وغير ذلك [2] .
وانتهى إليه علم الجرح والتعديل، حتى قيل: لم يكن بعد الذهبي أحد سلك مسلكه، وكان بينه وبين البرهان البقاعي والجلال السّيوطي ما بين الأقران، حتى قال السّيوطيّ فيه:
قل للسّخاويّ إن تعروك نائبة
…
علمي كبحر من الأمواج ملتطم
والحافظ الدّيمي غيث السّحاب فخذ
…
غرفا من البحر أو رشفا من الدّيم
وتوفي بالمدينة المنورة- على ساكنها الصّلاة والسلام- يوم الأحد الثامن والعشرين من شعبان، وصلّي عليه بعد صلاة صبح يوم الاثنين، ووقف بنعشه تجاه الحجرة الشريفة، ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك ولم يخلّف بعده مثله.
وفيها العلّامة محمد بن مصطفى بن يوسف بن صالح البرسوي الحنفي [3] الصّوفي المشهور بخواجه زاده، صاحب كتاب «التهافت» ، والده [4] ولي القضاء والتدريس ببعض مدارس بروسا ثم تركها في حياة والده، ورغب في طريق التصوّف، واتصل بخدمة العارف بالله الحاجي خليفة، ثم ذهب مع بعض ملوك العجم إلى بلاده، وتوفي هناك.
[1] المعروف بأن اسم هذا الكتاب هو: «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التأريخ» وهو من خيرة كتبه، وقد طبع عدة مرات في بلدان مختلفة ولكنه لم يحظ بالتحقيق العلمي المتقن إلى الآن.
[2]
قلت: ومن كتبه الهامة أيضا: «الذيل التام على دول الإسلام» أرخ فيه من سنة 745- 901 هـ، وقد قام بتحقيقه صاحبي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة وقمت بمراجعته والتقديم له، وهو قيد الطبع في مكتبة دار العروبة بالكويت وقد صدر المجلد الأول منه.
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 71) .
[4]
تقدمت ترجمته في المجلد التاسع ص (532- 534) .