الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة
فيها توفي الشيخ شهاب الدّين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد الأنطاكي الحلبي الحنفي، المعروف بابن حمارة [1] الإمام العلّامة الورع.
ولد بأنطاكية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن العظيم، وتخرّج في صنعة التوقيع بجدّة.
وأخذ النحو، والصرف، عن الشيخ علاء الدّين العداسي الأنطاكي، والمنطق، والكلام، والأصول عن منلا محيي الدّين بن عرب الأنطاكي الحنفي، ثم قدم حلب، ولازم فيها البدر السيوفي، واشتغل في القراآت على الشيخ محمد الداديخي، وتعاطى صنعة الشهادة، ثم صار مدرسّا في توسعة جامع الضروري بحلب، وحجّ، وأجاز له بمكّة المحدّث عبد العزيز بن الحافظ نجم الدّين بن فهد، وبالقاهرة القاضي زكريا، والشيخ شهاب الدّين القسطلاني.
ولم يزل مكبّا على التدريس، والتحديث، والتكلم على الأحاديث النبوية بالعربي والتركي بالجامع المذكور.
وعرض عليه تدريس السلطانية بحلب فأعرض عنه، وولي خطابة الجامع المذكور، والحلاوية، والإفتاء بحلب، ثم حجّ ثانيا، فتحرك عليه وجع النقرس وهو بدمشق، وكان يعتريه أحيانا، واستمر به حتى دخل المدينة فخفّ عنه.
قال ابن الحنبلي: وكان له الخطّ الحسن والتحشية اللطيفة على حواشي الكتب، ولم تكن له خبرة بأساليب أهل الدنيا، مع الصّلاح الزائد.
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 1/ 111- 120) و «إعلام النبلاء» (5/ 510- 512) و «الكواكب السائرة» (2/ 97) وفيه: «ابن حمادة» وهو تحريف.
وله من التآليف «منسك لطيف» .
وتوفي يوم عرفة طلوع الفجر وهو يتلو القرآن.
وفيها بدر الدّين حسن، الشهير بابن الينابيعي الحلبي [1] الشافعي المقرئ.
قال ابن الحنبلي: كان عالما، فاضلا، تلميذا للبدر السيوفي وغيره، وأدرك الشيخ جاكير صاحب الزاوية المشهورة بسرمين، وأخذ عنه القراآت، وكان من العارفين بها.
وتوفي في هذه السنة وقد قارب المائة وقوته محفوظة.
وفيها- تقريبا- السيد عفيف الدّين حسين بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يحيى بن أحمد بن محمد بن نصر بن عبد الرزّاق بن القطب الكبير سيدي عبد القادر الكيلاني الحلبي ثم الحموي [2] الشافعي، سبط النّظام التادفي الحنبلي.
ولد بحلب سنة ست وعشرين وتسعمائة، ثم قطن حماة، وقرأ في الفقه، وسمع الحديث على الشّهاب البازلي، وسافر إلى دمشق، فتلقاه الفقراء والمشايخ وبعض الأعيان، ولبس منه الخرقة جماعة، وحصل له القبول من عيسى باشا نائب دمشق، وصار له حلقة في الجامع الأموي بعد صلاة الجمعة، ثم عاد إلى حماة، فودّعه الناس في يوم مشهود، ثم سافر إلى الرّوم، فطلبه السلطان سليمان، فدخل عليه، فأمره بالجلوس وأمر له بعشرين عثمانيا في زوائد عمارة والده بدمشق فأبى، ثم قبل بعد التصميم عليه، ثم عاد فدخل حلب سنة اثنتين وخمسين.
وتوفي بحماة.
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 2/ 531- 532) و «الكواكب السائرة» (2/ 138) .
[2]
ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 2/ 558- 560) و «الكواكب السائرة» (2/ 138- 139) و «إعلام النبلاء» (6/ 86- 87) .
وفيها سعد الدّين سعد بن علي بن الدّبل- بالدال المهملة ثم الموحدة من تحت- الأنصاري الحلبي ثم الدمشقي الحنفي [1] .
قال ابن طولون: هو مدرّس الماردانية بالجسر الأبيض بسفح قاسيون.
اشتغل، وحصّل، وبرع، وتفقه، وولي القضاء بحلب نيابة، ثم قدم دمشق، ونزل بالخانقاه السّميساطية، ونظم الشعر بالعربي، والتركي، والفارسي، ونظم قصيدة في قاضي دمشق السيد عربية ملمعة باللسانين وشكره عليها.
وتوفي يوم السبت سلخ صفر سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، وجد مرميا على باب الخانقاة المذكورة تحت روشن خلوته بها وإبهاماه مربوطان وهو مخنوق، ولم يعلم له غريم، ودفن بتربة باب الفراديس، ولعله في عشر السبعين. انتهى وفيها- ظنا- المولى سنان چلبي [2] أحد الموالي الرّومية الحنفي الإمام العلّامة.
ترقى في التداريس، ثم أعطي قضاء دمشق، فدخلها في صفر سنة تسع وأربعين وتسعمائة، وحكم فيها نحو ثلاث سنين وحمدت سيرته في قضائها.
وفيها عبد الوهاب بن أبي بكر اللّيموني الغزّي الأصل الحلبي [3] المولد الشافعي الصّوفي الهمداني الخرقة.
أحد أكابر حفّاظ القرآن العظيم بحلب، لبس الخرقة، وتلقّن الذّكر من الشيخ يونس بن إدريس، وألمّ ب «الشاطبية» وأقرأ فيها، وأمّ بجامع حلب.
وتوفي في رمضان.
وفيها الشيخ علي البحيري [4] .
قال المناوي في «طبقاته» : هو ذو العلم الكثير، والزهد الجمّ الغفير،
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 2/ 657- 660) و «الكواكب السائرة» (2/ 146- 147) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 149) .
[3]
ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 2/ 867- 868) و «الكواكب السائرة» (2/ 186) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 216) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 169- 170) .
والخوف الذي ليس له في عصره نظير، لا يكاد يغيب شيء من أحوال القيامة عنه، وكثيرا ما يقول نسأل الله السلامة، ومنذ نشأ لم يضع له زمان ولا وضع جنبه على الأرض، مدى الأزمان، ولا ظفر الفراغ منه بأمان.
وقال الشعراوي: صحبته نحو عشرين سنة، وكان جامعا بين الشريعة والحقيقة، أخذ علم الظّاهر عن جمع، منهم ابن الأقطع.
وكان أكثر إقامته بالرّيف، يدور البلاد فيعلّم الناس دينهم ويرشدهم.
وكان يفتي في الوقائع التي لا نقل فيها بأجوبة حسنة فيعجب منها علماء مصر.
وكان يهضم نفسه، وإذا زاره عالم أو فقير يبكي ويقول: يزورك مثل فلان يا فضيحتك بين يدي الله.
وإذا سئل الدعاء يقول: كلّنا نستغفر الله ثم يدعو.
وكان يلام على كثرة الدعاء فيقول: وهل خلقت النار إلا لمثلي.
وحكى عنه مناقب كثيرة.
وتوفي في شوال ودفن بزاوية سيدي محمد المنير خارج الخانقاة السّرياقوسية.
وفيها زين الدّين عمر بن نصر الله [1] الشيخ، العالم، الزاهد، العارف بالله تعالى، الصالحي الدمشقي الحنفي.
وكان من أهل العلم، والصّلاح، طارحا للتّكلّف، يلبس العباءة، قانعا باليسير، يرجع إليه في مذهبه.
وكان القطب بن سلطان يستعين به في تأليف ألّفه في فقه الحنفية.
وتوفي مقهورا لما رآه من ظهور المنكرات وحدوث المحرّمات وضرب اليسق على الأحكام.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 227- 228) .
وكانت وفاته في سادس رجب ودفن بسفح قاسيون بالصالحية.
وفيها السيد قطب الدّين أبو الخير عيسى بن محمد بن عبيد الله بن محمد الشريف [1] العلّامة المحقّق المدقّق الحسني الحسيني الأيجي الشافعي الصّوفي، المعروف بالصّفوي، نسبة إلى جدّه لأمّه السيد صفي الدّين والد الشيخ معين الدّين الأيجي الشافعي، اصحب «التفسير» .
ولد سنة تسعمائة، واشتغل في النحو والصرف على أبيه، وتفقّه به، وأخذ عنه «الرسالة» الصغرى والكبرى للسيد الشريف في المنطق، ثم لازم الشيخ أبا الفضل الكازواني، صاحب «الحاشية على تفسير البيضاوي» و «الشرح على إرشاد القاضي شهاب الدّين الهندي» بكجرات من بلاد الهند، فقرأ عليه «المختصر» و «المطول» وغيرهما، وأجاز له ثم فارقه، وسمع بالهند أيضا على أبي الفضل الأستراباذي أشياء بقراءة غيره، ورحل إلى دلّي [2] ، وحضر مجالس علمائها وبحث معهم فظهر فضله، وأكرمه السلطان إبراهيم بن إسكندرشاه، وأدرك الجلال الدّواني وأجاز له، ثم حجّ وجاور بمكة سنين، وزار قبر النّبي صلى الله عليه وسلم.
وصحب بالمدينة الشيخ الزّاهد أحمد بن موسى الشّيشني المجاور بها، وأرخى له العذبة، وأذن له في ذلك، ثم دخل بلاد الشام في حدود سنة تسع وثلاثين، وأخذ عنه جماعة من أهل دمشق وحلب، ودرّس بدمشق في «شرح الكافية للرضي» وكان يعتمد على كلام الشيخ جمال الدّين بن مالك ما لا يعتمد على كلام ابن هشام.
وزار بدمشق قبور الصالحين، وزار بيت المقدس، وسافر إلى الرّوم مرتين، وأنعم عليه السلطان سليمان بخمسين عثمانيا في خزينة مصر، ثم رجع إلى حلب فقدمها الشيخ محمد الأيجي للقائه، وعادا جميعا إلى دمشق، وأخذ عنه بحلب ابن الحنبلي ولبس منه الخرقة، وتلقّن الذّكر، ثم دخل مصر واستوطنها.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 233- 235) و «درّ الحبب» (1/ 2/ 1045- 1056) و «الأعلام» (5/ 108) و «معجم المؤلفين» (8/ 32) .
[2]
قلت: ويقال لها «دهلي» أيضا وتعرف الآن ب «دلهي» وهي عاصمة دولة الهند المعاصرة.
وله مؤلفات، منها «شرح مختصر على الكافية» و «شرح الغرّة» في المنطق للسيد الشريف، و «شرح الفوائد الضيائية» في المعاني والبيان.
قال ابن الحنبلي: وهو مما لم يكمله، و «مختصر النهاية» لابن الأثير في نحو نصف حجمها، و «تفسير من سورة عم إلى آخر القرآن» وكان من أعاجيب الزمان، رحمه الله تعالى.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الشهير بابن طولون الدمشقي الصّالحي [1] الحنفي الإمام العلّامة المسند المؤرّخ.
ولد بصالحية دمشق بالسهم الأعلى قرب مدرسة الحاجبية سنة ثمانين وثمانمائة تقريبا، وسمع وقرأ على جماعة، منهم القاضي ناصر الدّين بن زريق، والسّراج بن الصّيرفي، والجمال ابن المبرّد، والشيخ أبو الفتح المزّي، وابن النّعيمي في آخرين، وتفقّه بعمّه الجمال ابن طولون وغيره، وأخذ عن السيوطي إجازة مكاتبة في جماعة من المصريين وآخرين من أهل الحجاز.
وكان ماهرا في النحو، علّامة في الفقه، مشهورا بالحديث، وولي تدريس الحنفية بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر، وإمامة السّليمية بالصالحية، وقصده الطلبة في النحو، ورغب الناس في السماع منه، وكانت أوقاته معمورة بالتدريس، والإفادة، والتأليف، وكتب بخطّه كثيرا من الكتب، وعلّق ستين جزءا، سمّاها بالتعليقات، كل جزء منها يشتمل على مؤلفات كثيرة، أكثرها من جمعه، ومنها كثير من تأليفات شيخه السيوطي.
وكان واسع الباع في غالب العلوم المشهورة، حتى في التعبير والطب،
[1] ترجمته في «الفلك المشحون بأحوال محمد بن طولون» وقد ترجم فيه لنفسه بقلمه وهو أهم مصادر ترجمته و «الكواكب السائرة» (2/ 52- 54) و «الأعلام» (6/ 291) و «معجم المؤلفين» (11/ 51- 52) ومقدمتنا لكتابه «إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين» ص (30- 37) الطبعة الثانية إصدار مؤسسة الرسالة بيروت ومقدمة الأستاذ الشيخ محمد أحمد دهمان لكتابه «القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية» (1/ 9- 19) الطبعة الأولى، ومقدمة الأستاذ نزار أباظة لكتابه «فصّ الخواتم فيما قيل في الولائم» ص (6- 27) .
وأخذ عنه جماعة من الأعيان وبرعوا في حياته، كالشهاب الطّيبي شيخ الوعّاظ والمحدّثين، والعلاء بن عماد الدّين، والنجم البهنسي خطيب دمشق، ومن آخرهم الشيخ إسماعيل النابلسي مفتي الشافعية، والزين بن سلطان مفتي الحنفية، والشّهاب العيثاوي [1] مفتي الشافعية، والشّهاب [1] بن أبي الوفا مفتي الحنابلة، والقاضي أكمل بن مفلح، وغيرهم.
ومن شعره:
ارحم محبّك يا رشا
…
ترحم من الله العلي
فحديث دمعي من جفا
…
ك مسلسل بالأوّل
ومنه:
ميلوا عن الدّنيا ولذّاتها
…
فإنّها ليست بمحموده
واتّبعوا الحقّ كما ينبغي
…
فإنها الأنفاس معدودة
فأطيب المأكول من نحلة
…
وأفخر الملبوس من دوده
وتوفي يوم الأحد حادي عشر جمادى الأولى ودفن بتربتهم عند عمّه القاضي جمال الدّين بالسفح قبلي الكهف والخوارزمية، ولم يعقّب أحدا.
وفيها محيي الدّين محمد الحنفي الرّومي، المعروف بإمام خانة [2] لكونه إمام قلندرخانة.
كان بارعا في العلم أصولا وفروعا، وعربية وتفسيرا، ثم تصوّف، فصحب الشيخ حبيب القرماني، والشيخ ابن أبي الوفاء، والسيد أحمد البخاري، ثم صار إمام وخطيب جامع قلندرخان، وانقطع إلى الله تعالى، ولازم بيته، وكان مباركا، صحيح العقيدة، محافظا على حدود الشريعة.
قال في «الشقائق» : وكان شيخا هرما، سألته عن سنّة فقال: مائة أو أقلّ منها
[1] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[2]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (324) و «الكواكب السائرة» (2/ 74) .
بسنتين [1] ، وعاش بعد ذلك مقدار ثمان سنين، رحمه الله تعالى.
وفي حدودها شمس الدّين محمد القهستاني الحنفي [2] المفتي ببخارى، وهو من شركاء المولى عصام الدّين.
وكان إماما، عالما، زاهدا، فقيها، متبحرا، جامعا، يقال: إنه ما نسي قطّ ما طرق به سمعه [3] ، وله شرح لطيف على «الوقاية» ألّفه برسم الملك البطل الشجاع العالم العامل المستنصر السلطان [4] ابن السلطان [4] أبي المغازي عبيد الله خان السّيبكي.
وقهستان: قصبة من قصبات خراسان [5] .
[1] في «آ» و «ط» : «أو أقلّ سنين» والتصحيح من «الشقائق النعمانية» مصدر المؤلف.
[2]
ترجمته في «الأعلام» (7/ 11) و «معجم المؤلفين» (9/ 179) و «معجم المطبوعات العربية» (2/ 1533) .
[3]
في «ط» : «ما طرق بسمعه» .
[4]
ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[5]
قهستان ويقال «قوهستان» : معناه موضع الجبال، وهي الجبال التي بين هراة ونيسابور. انظر خبرها في «معجم البلدان» (4/ 416) و «الأنساب» (10/ 264 و 269) و «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (108- 109) بتحقيقي وإشراف والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله تعالى، طبع دار ابن كثير.