الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة
فيها توفي الشاب الفاضل شهاب الدّين أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الشويكي الأصل النابلسي ثم الصالحي الحنبلي [1] .
حفظ القرآن العظيم، ثم «المقنع» ثم شرع في حلّه على ابن عمّه العلّامة شهاب الدّين الشويكي الآتي ذكره، وقرأ «الشفا» للقاضي عياض على الشّهاب الحمصي، وقرأ في العربية على ابن طولون، وكان له سكون وحشمة وميل إلى فعل الخيرات.
وتوفي يوم الأربعاء تاسع شعبان، ودفن بالسفح، وتأسف الناس عليه، وصبر والده واحتسب، ومات وهو دون العشرين سنة.
وفيها المولى الفاضل بخشي خليفة الأماسي الرّومي الحنفي [2] .
اشتغل في العلم بأماسية على علمائها، ثم رحل إلى ديار العرب، فأخذ عن علمائهم، وصارت له يد طولى في الفقه، والتفسير، وكان يحفظ منه كثيرا، وكان له مشاركة في سائر العلوم. وكان كثيرا ما يجلس للوعظ والتذكير، وغلب عليه التصوف، فنال منه منالا جليلا، وفتح عليه بأمور خارقة، حتى كان ربما يقول:
رأيت في اللوح المحفوظ مسطورا كذا وكذا فلا يخطئ أصلا. وله رسالة كبيرة جمع فيها ما اتفق له من رؤية النّبي صلى الله عليه وسلم في المنام.
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (6/ ب) و «الكواكب السائرة» (1/ 136) و «النعت الأكمل» ص (103) و «الحسب الوابلة» ص (67) .
[2]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (247) و «الكواكب السائرة» (1/ 164) .
وكان خاضعا، خاشعا، متورعا، متشرعا، يلبس الثياب الخشنة ويرضى بالعيش القليل. قاله في «الكواكب» .
وفيها العلّامة عبد الحقّ بن محمد بن عبد الحقّ السّنباطي القاهري الشافعي، ويعرف كأبيه بابن عبد الحق [1] .
قال في «النور» : ولد في إحدى الجمادين سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة بسنباط، ونشأ بها، وحفظ القرآن و «المنهاج الفرعي» ثم أقدمه أبوه القاهرة في ذي القعدة سنة خمس وخمسين، فحفظ بها «العمدة» و «الألفيتين» و «الشاطبيتين» و «المنهاج الأصلي» و «تلخيص المفتاح» و «الجعبرية» في الفرائض، و «الخزرجية» وعرض على خلق، منهم الجلال البلقيني، وابن الهمام، وابن الديّري، والولي السّنباطي، وجدّ في الاشتغال، وأخذ عن الأجلاء، وانتفع بالتّقي الحصني، ثم بالشّمنّي.
وأجاز له ابن حجر العسقلاني، والبدر العيني، وآخرون بالتدريس والإفتاء.
وولي المناصب الجليلة في أماكن متعددة، وتصدق للإقراء بالجامع الأزهر وغيره، وكثر الآخذون عنه، وحجّ مع أبيه، وسمع هناك، ثم حجّ أيضا، وجاور بمكّة، ثم بالمدينة، ثم بمكة، وأقرأ الطلبة بالمسجدين متونا كثيرة، ثم رجع إلى القاهرة، فاستمرّ على الإقراء والإفتاء. هذا ملخص ما ذكره السخاوي.
ثم قال في «النور» : وكان شيخ الإسلام وصفوة العلماء الأعلام، على أجمل طريق من العقل والتواضع، وأقام بمكّة بأولاده وعائلته وأقاربه، وأحفاده ليموت بأحد الحرمين، فانتعشت به البلاد، واغتبط به العباد، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى [2] وألحق الأحفاد بالأجداد، واجتمع فيه كثير من الخصال الحميدة، كالعلم، والعمل، والتواضع، والحلم، وصفاء الباطن، والتقشف، وطرح التكلّف، بحيث علم ذلك من طبعه، ولا زال على ذلك إلى أن توفي بمكة
[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 37- 39) و «متعة الأذهان» الورقة (44/ آ) و «النور السافر» ص (152- 154) و «الكواكب السائرة» (1/ 221- 223) .
[2]
في «آ» : «طبقة بعد طبقة» ، وما جاء في «ط» موافق لما في «النور السافر» مصدر المؤلف.
المشرّفة عند طلوع فجر يوم الجمعة مستهل شهر رمضان، ودفن بالمعلاة، وكثر التأسف عليه، رحمه الله تعالى. انتهى وفيها- تقريبا- عبد الحليم بن مصلح المنزلاوي الصّوفي [1] .
قال في «الكواكب» : المتخلق بالأخلاق المحمدية.
كان متواضعا، كثير الإزراء بنفسه والحطّ عليها، وجاءه مرة رجل، فقال له:
يا سيدي خذ عليّ العهد بالتوبة، فقال: والله يا أخي أنا إلى الآن ما تبت، والنجاسة لا تطهّر غيرها.
وكان إذا رأى من فقير دعوى سارقه [2] بالأدب، وقرأ عليه شيئا من آداب القوم، بحيث يعرف ذلك المدّعي أنه عار عنها [3] ، ثم يسأله عن معاني ذلك، بحيث يظن المدعي أنه شيخ، وأن الشيخ عبد الحليم هو المريد أو التلميذ.
وجاءه مرة شخص من اليمن فقال له: أنا أذن لي شيخي في تربية الفقراء، فقال: الحمد للَّه، الناس يسافرون في طلب الشيخ ونحن جاء الشيخ لنا إلى مكاننا.
وأخذ عن اليماني ولم يكن بذاك، وكان الشيخ يربيه في صورة التلميذ إلى أن كمّله، ثم كساه الشيخ عبد الحليم عند السفر، وزوّده، وصار يقبّل رجل اليماني.
وعمّر عدة جوامع في المنزلة، ووقف عليها الأوقاف، وله جامع مشهور في المنزلة، له فيه سماط لكل وارد، وبنى بيمارستان للضعفاء قريبا منه.
وكان يجذب قلب من يراه أبلغ من جذب المغناطيس للحديد.
وكان لا يسأله فقير قطّ شيئا من ملبوسه إلّا نزعه له في الحال ودفعه إليه، وربما خرج إلى صلاة الجمعة فيدفع كل شيء عليه ويصلي الجمعة بفوطة في وسطه.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 223- 224) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 134- 135) .
[2]
في «ط» : «دعوى فارغة» وما جاء في «آ» موافق لما في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.
[3]
في «ط» : «منها» .
ومناقبه كثيرة مشهورة بدمياط والمنزلة.
وتوفي ببلده ودفن بمقبرتها الخربة، وقبره بها ظاهر يزار، رحمه الله تعالى.
وفيها- تقريبا أيضا- عبد الخالق الميقاتي الحنفي المصري [1] الشيخ الإمام العالم الصّالح.
كان له الباع الطويل في علم المعقولات، وعلم الهيئة، وعلم التصوف.
وكان كريم النّفس، لا ينقطع عنه الواردون في ليل ولا نهار.
وكان للفقراء عنده في الجمعة ليلة يتذاكرون فيها أحوال الطريق إلى الصباح.
وكان له سماط من أول رمضان إلى آخره.
وكان دائم الصّمت، لا يتكلم إلّا [2] لضرورة، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.
وفيها- تقريبا أيضا- عبد العال المجذوب المصري [3] .
قال في «الكواكب» : كان مكشوف الرأس لا يلبس القميص وإنما يلبس الإزار صيفا وشتاء، وسواكه مربوط في إزاره، وكان محافظا على الطهارة، خاشعا في صلاته، مطمئنا فيها، متألها.
وكان يحمل إبريقا عظيما يسقي به الناس في شوارع مصر.
وكان يطوف البلاد والقرى ثم يرجع إلى مصر.
وكان يمدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فيحصل للناس من إنشاده عبرة ويبكون.
قال الشعراوي: ولما دنت وفاته دخل لنا الزاوية وقال: الفقراء يدفنوني في أي بلد، فقلت الله أعلم، فقال في قليوب. قال فكان الأمر كما قال بعد ثلاثة أيام.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 224) وفيه: «المعالي» مكان «الميقاتي» .
[2]
في «ط» : «إلى» وهو خطأ.
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 237) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 186) .
ودفن قريبا من القنطرة التي في شطّ قليوب وبنوا عليه قبّة.
وفيها المولى السيد الشريف عبد العزيز بن يوسف بن حسين الرّومي الحنفي، الشهير بعايد جلبي [1] خال صاحب «الشقائق» .
قرأ على المولى محيي الدّين السّاموني، ثم على المولى قطب الدّين حفيد قاضي زاده الرّومي، ثم المولى أخي جلبي، ثم المولى علي بن يوسف الفناري، ثم صار مدرّسا بمدرسة كليبولي، ثم قاضيا ببعض النواحي، ومات بمدينة كفه قاضيا بها.
وفيها جمال الدّين أبو عبد الله عبد القادر أبو عبيد بن حسن الصّاني- بصاد مهملة ونون، نسبة إلى صانية قرية داخل الشرقية من أعمال مصر- القاهري الشافعي [2] الإمام العلّامة.
قال العلائي: سمع على الملتوني، وابن حصن، وغيرهما. وأخذ عن القاضي زكريا وكان رجلا معتبرا وجيها وثابا في المهمات حتى أن قيام دولة القاضي. زكريا وصمدته كانت منه.
وكان قوي البدن ملازما للتدريس والإقراء والإفتاء. انتهى.
وقال الشعراوي: كان قوالا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، يواجه بذلك الملوك فمن دونهم، حتى أداه ذلك إلى الحبس الضيق وهو اسم على الحقّ.
انتهى.
وأخذ عنه الشيخ نجم الدّين الغيطي وغيره.
وتوفي ليلة الأحد تاسع شوال.
وفيها محيي الدّين عبد القادر بن عبد العزيز بن جماعة المقدسي الشافعي القادري [3] خطيب الأقصى، الإمام العارف باللَّه تعالى.
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (235) و «الكواكب السائرة» (1/ 240) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 252) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 253) .
أخذ عن والده، وعن العماد ابن أبي شريف، وعن العارف باللَّه سيدي أبي العون الغزّي.
وأخذ عنه الشيخ نجم الدّين الغيطي حين ورد القاهرة في السنة التي قبلها، وهو والد الشيخ عبد النّبيّ بن جماعة.
وفيها علاء الدّين علي بن خير الدّين [1] الحلبي [2] نزيل القاهرة الحنفي الفقيه، شيخ الشيخونية بمصر.
قال العلائي: كان ليّن العريكة، أخذ عن ابن أمير حاج.
وتوفي ليلة الثلاثاء رابع عشري ربيع الأول.
وفيها نور الدّين علي الجارحي المصري، شيخ مدرسة الغوري [3] .
كان مبجّلا عند الجراكسة، وكان من قدماء فقهاء طباقهم، يكتب الخطّ المنسوب، وظفر منهم بعزّ وافر.
قال الشعراوي: كان قد انفرد في مصر [4] بعلم القراءات هو والشيخ نور الدّين السّمنهودي. وكان يقرئ الأطفال تجاه جامع الغمري.
وكان مذهب الإمام الشافعي نصب عينيه، وما دخل عليه وقت وهو على غير طهارة.
وقال: إنه كان ليله ونهاره في طاعة ربّه.
وكان يتهجّد كل ليلة بثلث القرآن. انتهى وتوفي في شعبان.
[1] في «ط» : «علاء الدّين علي بن خير» وهو خطأ.
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 269- 270) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 284) .
[4]
في «ط» : «بمصر» .
وفيها المولى محيي الدّين محمد بن محمد القوجوي الرّومي الحنفي [1] .
كان عالما بالتفسير، والأصول، وسائر العلوم الشرعية والعقلية، وأخذ العلم عن والده. وكان والده من مشاهير العلماء ببلاد الرّوم، ثم قرأ على المولى عبدي الدرس بأماسية، ثم على المولى حسن جلبي بن محمد شاه الفناري، وولي التدريس والولايات حتى صار قاضي العسكر بولاية أناضولي، ثم استعفى منه فأعفي وأعطي إحدى المدارس الثمان. ثم صار قاضيا بمصر، فأقام بها سنة، ثم حجّ وعاد إلى القسطنطينية، وبها مات في هذه السنة. قاله في «الكواكب» .
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (245- 246) و «الكواكب السائرة» (1/ 22) .