المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ١٠

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌سنة إحدى وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعمائة

- ‌سنة عشر وتسعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وتسعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وتسعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ست عشرة وتسعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وتسعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة عشرين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمسين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ستين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وستين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وستين وتسعمائة

- ‌سنة ست وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبع ستين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمانين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ألف

- ‌خاتمة التحقيق

الفصل: ‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة

‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة

فيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن أحمد بن يعقوب الكردي القصيري الحلبي [1] الشافعي العلّامة، المعروف بفقيه اليشبكية بحلب لتأديبه الأطفال بها.

قال في «الكواكب» : ولد بقرية عارة [2]- بمهملتين- من القصير من أعمال حلب، وانتقل مع والده إلى حلب صغيرا فقطن بها، وحفظ القرآن العظيم، ثم «الحاوي» ودخل إلى دمشق فعرضه على البدر بن قاضي شهبة، والنجمي، والتقوي ابني قاضي عجلون.

وسمع الحديث بها وبالقاهرة على جماعة، وبحلب على الموفق أبي ذرّ وغيره، وأجازه الشيخ خطاب وغيره.

قال ابن الشّمّاع: ولم يهتم بالحديث كما ظهر لي من كلامه، وإنما اشتغل في القاهرة بالعلوم العقلية والنقلية.

وقال ابن الحنبلي: كان دينا، خيرا، كثير التّلاوة للقرآن، معتقدا عند كل إنسان، طارحا للتكلّف، سارحا في طريق التقشف، مكفوف اللّسان عن الاغتياب، مثابرا على إفادة الطلاب.

إلى أن قال: وقد انتفع به كثيرون في فنون كثيرة، منها العربية، والمنطق، والحساب، والفرائض، والفقه، والقراءات، والتفسير.

قال: وكنت ممن انتفع به في العربية، والمنطق، والتجويد.

[1] ترجمته في «در الحبب» (1/ 1/ 22- 26) و «الكواكب السائرة» (1/ 106) .

[2]

تحرفت في «ط» و «آ» إلى: «عادة» والتصحيح من «در الحبب» .

ص: 268

قال وكان [1] كفّ بصره رأى النّبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فوضع يده الشريفة على إحدى عينيه. قال: فكانت لها بعد تلك [الرؤية][2] رؤية ما كما نقل لنا عنه صاحبنا الشيخ الصالح برهان الدّين إبراهيم الصّهيوني.

قال: ثم كانت وفاته ليلة الثلاثاء رابع عشر جمادى الآخرة. انتهى.

وفيها تقريبا تقي الدّين أبو بكر بن عبد المحسن البغدادي الأصل الدمشقي [3] الموقت بالجامع الأموي.

كان من أهل العلم، وأخذ عن البدر الغزّي وغيره.

وفيها بدر الدّين أحمد بن قاضي القضاة تقي الدّين أبي بكر بن محمود الحموي ثم الحلبي [4] الشافعي الأصيل العريق، ناظر أوقاف الحرمين الشريفين بحلب.

كان له حشمة ورئاسة وذكاء عجيب، واستحضار جيد لفوائد [5] أصلية وفرعية، غير أنه انضم إلى قرا قاضي مفتش أوقاف حلب وأملاكها، وداخل أمور السلطنة، وصار له عنده اليد النافذة، وهرع الناس إليه [لذلك][6] ، فلما قتل قرا قاضي في هذه السنة في جامع حلب قتل معه، وأراد العامة حرقه، فاستخلصه منهم أهله وجماعته فغسّلوه وكفّنوه ودفنوه بمقبرة أقربائه.

وفيها عبد الرحمن بن موسى المغربي التّادلي المالكي [7] نزيل دمشق.

قال في «الكواكب» : كان رجلا فاضلا صالحا، اختص بصحبة شيخ الإسلام الوالد، وجعل نفسه كالنّقيب لدرسه، وقرأ عليه «مختصر الشيخ خليل» على مذهب

[1] لفظة «كان» سقطت من «ط» .

[2]

تحرفت في «آ» و «ط» إلى «ذلك» والتصحيح من «در الحبب» مصدر المؤلف ولفظة «الرؤية» مستدركة منه.

[3]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 118) .

[4]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 130) .

[5]

في «آ» و «ط» : «الفرائد» ما أثبته من «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.

[6]

لفظة «لذلك» مستدركة من «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.

[7]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 233) .

ص: 269

الإمام مالك. وقرأ عليه غير ذلك، ثم سافر إلى الحجاز فمات في الطريق.

وفيها محيي الدّين عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يحيى بن نصر بن عبد الرزاق بن سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني السّيّد الشريف الحموي القادري [1] الشافعي.

نقل ابن الحنبلي عن ابن عمّه القاضي جلال الدّين التادفي أنه ترجمه في كتابه «قلائد الجواهر» فقال: كان صالحا، مهيبا، وقورا، حسن الخلق، كريم النّفس، جميل الهيئة، مع كيس وتواضع وبشر وحلم وحسن ملتقى، لطيف الطبع، حسن المحاضرة، مزّاحا، لا يزال متبسما، معظما عند الخاص والعام، له حرمة وافرة، وكلمة نافذة، وهيبة عند الحكّام وغيرهم. انتهى وتوفي في إحدى الجمادين بحماة.

وفيها- تقريبا- كريم الدّين عبد الكريم بن عبد القادر بن عمر بن محمد بن إبراهيم الجعبري [2] صاحب «الشرح» [3] والمصنّفات المشهورة.

قدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. قاله في «الكواكب» .

وفيها علاء الدّين علي بن سلطان الحوراني [4] الشافعي نزيل صالحية دمشق الشيخ الصالح الزاهد.

كان من أصحاب الشيخ محمد العمري- بالمهملة- والشيخ أبي الصّفا الميداني صاحب الزاوية المشهورة به بميدان الحصا، وكان قد قطن بالصالحية مدة يتعبّد بها. وكان لشيخ الإسلام كمال الدّين بن حمزة فيه اعتقاد زائد، وأوصى له بشيء عند موته.

وتوفي صاحب الترجمة في يوم الخميس مستهل ذي الحجّة.

[1] ترجمته في «در الحبب» (1/ 2/ 830- 832) و «الكواكب السائرة» (1/ 251) .

[2]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 255) و «معجم المؤلفين» (5/ 317) .

[3]

واسمه «شرح الشاطبية» وهو في القراءات كما في «معجم المؤلفين» .

[4]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 270) .

ص: 270

وفيها السيد كمال الدّين محمد بن حمزة بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني الدمشقي الشافعي [1] الشهير بأبيه.

ولد في جمادى الأولى سنة خمسين وثمانمائة، واستجار له والده من ابن حجر، واشتغل في العلم على والده وخالية النّجمي والتّقوي ابني قاضي عجلون، وعلى غيرهم، وبرع وفضل، وتردّد إلى مصر في الاشتغال والإشغال [2] ، ثم صار أحد شيوخ الإسلام المعوّل عليهم بدمشق، فقها، وأصولا، وعربية، وغير ذلك.

وولي إفتاء دار العدل بدمشق، وقصده الطلبة.

وكان إماما، علّامة، جامعا لأشتات العلوم، مع جلالة، ومهابة، وهيئة حسنة، وكان يقرّر دروسه بسكينة، ووقار، وتؤدة، واحتشام، مع حلّ المشكلات، وانتفع به الطلبة مصرا وشاما وما والاهما.

وكان يدرّس ويفتي، وترك الإفتاء آخرا بسبب محنة حصلت له من الغوري بسبب سؤال رفع إليه فيمن بنى بنيانا في مقبرة مسبلة هل يهدم أولا، فكتب أنه يهدم فهدم على الفور. وكان الحق في جوابه، وأجاب خاله التّقوي ابن قاضي عجلون بعدم الهدم وهو غير المنقول، وكأنه أدخل عليه في السؤال ما دعاه إلى الإفتاء بذلك، وشرح القصة يطول وولي المترجم مع تدريس البقعة بالجامع الأموي تدريس الشاميتين بدمشق والعزيزية والتقوية والأتابكية.

وكان مجلس درسه بالجامع الأموي شرقي مقصورته.

وممن حمل عنه الفقه وغيره من العلماء: العلّامة تقي الدّين بن القاري، والعلّامة بهاء الدّين بن سالم، والعلّامة كمال الدّين الكردي إمام الشامية البرانية وخطيبها، والعلّامة شمس الدين بن الكيّال، والعلّامة برهان الدّين الأخنائي، والعلّامة جلال الدّين البصروي، والعلّامة زين الدّين بن قاضي عجلون، والعلّامة جمال الدّين بن حمدان، والعلّامة برهان الدّين بن حمزة، والعلّامة يعقوب

[1] ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (82/ آ) و «الكواكب السائرة» (1/ 40- 46) .

[2]

لفظة «والاشغال» سقطت من «ط» .

ص: 271

الواعظ، والعلّامة شمس الدّين الوفائي الواعظ، والعلّامة يونس العيثاوي، والعلّامة شهاب الدّين الطّيبي، وغيرهم.

قال الشيخ يونس العيثاوي: وكان السيد كمال الدّين سبب ظهور «شرح المنهاج» للجلال المحلّي بدمشق. قال: وأول اجتماعي بالسيد المذكور سألني عن محلّ إقامتي فقلت: بميدان الحصا، فقال لي: هذه المحلّة خصّها الله تعالى بثلاثة أباريه كل منهم انفرد بفنّ لا يشاركه فيه غيره، الشيخ إبراهيم النّاجي بعلم الحديث، والشيخ إبراهيم القدسي بفنّ القراءات، والشيخ إبراهيم بن قرا في التصوف. انتهى.

ومدح المترجم أفاضل عصره، منهم العلّامة علاء الدّين بن صدقة بقصيدة طنّانة مطلعها:

لي في المحبة شاهد بفنائي

عند الأحبة وهو عين بقائى

وهي طويلة.

وتوفي- رحمه الله تعالى- نهار الاثنين ثالث عشر رجب الفرد، وصلّي عليه بالجامع الأموي، وصلّى عليه أيضا الشيخ أبو الفضل بن أبي اللطف عند باب جامع جرّاح في جماعة ممن لم يكن صلّى، ودفن إلى جانب خاله شيخ الإسلام تقي الدّين ابن قاضي عجلون بمقبرة باب الصغير.

وقال تلميذه تقي الدّين القاري يرثيه:

توفّي قرّة العين الكمالي

وصرنا بعده في سوء حال

ولكنّا صبرنا واحتسبنا

وليس القلب بعد الصّبر سال

ومهما كان في الدنيا جميعا

فإن مصير ذاك إلى الزوال

وفيها بهاء الدّين محمد بن عبد الله بن علي بن خليل العاتكي الدمشقي الشافعي [1] الإمام العالم البارع.

[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 52) وقد تقدمت ترجمته في «آ» إلى ما بعد الترجمة التالية.

ص: 272

ولد سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وأخذ عن التّقي ابن قاضي عجلون، والكمال بن حمزة، وغيرهما.

وتوفي بالقاهرة في رجب.

وفيها شمس الدّين أبو علي محمد بن علي بن عبد الرحمن، الشهير بابن عراق الدمشقي [1] نزيل المدينة المنورة، الإمام العلّامة العارف بالله تعالى، المجمع على ولايته وجلالته، القطب الرّباني، أحد أصحاب سيدي علي بن ميمون.

قال في «الشقائق» : كان- رحمه الله تعالى- من أولاد أمراء الجراكسة، وكان من طائفة الجند على زي الأمراء، وكان صاحب مال عظيم وحشمة وافرة، ثم ترك الكلّ، واتصل بخدمة الشيخ العارف بالله تعالى السيد علي بن ميمون المغربي، واشتغل بالرياضة عنده حتى حكي أنه لم يشرب الماء مدة عشرين يوما في الأيام الحارّة، حتى خرّ يوما مغشيا عليه من شدة العطش، وقرب من الموت، فقالوا للشيخ: إن ابن عراق قرب من الموت من شدة العطش، فقال الشيخ: إلى رحمه الله تعالى، فكرروا عليه القول، فلم يأذن في سقيه، وقال: صبّوا على راحتيه الماء، ففعلوا، فقام على ضعف ودهشة، فلم يمض على ذلك أيام إلّا وقد انفتح عليه الطريق، ونال ما يتمناه. انتهى وذكر هو عن نفسه في كتابه المسمى: ب «السفينة العراقية» في لباس خرقة الصوفية أنه ولد في سنة ثمان وسبعين وثمانمائة، وقرأ القرآن بالتجويد على الشيخ عمر الدّاراني، قرأ عليه ختمات، وعلى الشيخ إبراهيم القدسي، قرأ عليه يويمات، ثم اشتغل في الحساب على الشيخ زين الدّين عرفة، ثم جوّد ختمة لابن كثير، وأفرد لراوييه على الشيخ عمر الصّهيوني، وجوّد عليه الخطّ أيضا، وأخذ عنه علم الرماية، ولزمه فيه ثلاث سنوات كاملات، وفي أثنائها مات والده في سنة

[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (212- 213) و «النور السافر» ص (192- 198) و «الكواكب السائرة» (1/ 59- 68) و «الأعلام» (6/ 290) و «معجم المؤلفين» (11/ 21- 22) .

ص: 273

خمس وتسعين وثمانمائة، وتزوج في تلك السنة، ثم توجه إلى بيروت بنيّة استيفاء إقطاع والده، فسمع وهو ببيروت برجل من الأولياء فيها يسمّى سيدي محمد الرائق، فزاره ودعا له، وقال له: لا خيّب الله سعيك.

ثم رجع إلى دمشق، واشتغل بالفروسية والرّمي والصّيد، ولعب الشطرنج، والنرد، والنّقاف، والتنعم بالمأكولات والملبوسات، وإنشاء الإقطاع والفدادين، ولم يزل مع هذه الأمور مواظبا على الصلوات، وزيارة الصالحين، وحبّ الفقراء والمساكين حتّى تم له خمسة أعوام، ولم يتيسر له من يوقظه من هذا المنام، حتى كان يوم جمعة، صادف فيه الشيخ إبراهيم النّاجي في جبّانة الباب الصغير وهو راجع من ميعاده، فنزل سيدي محمد عن فرسه إجلالا للشيخ، وسلّم عليه، فقال الشيخ: من يكون هذا الإنسان، فقيل له: فلان ابن فلان، فأهل به ورحّب، وترحم على والده، فسأله سيدي محمد أن يدعو له أن ينقذه الله مما هو فيه، فقال له: لو حضرت الميعاد ولازمتنا لحصل الخير، فكان بعد ذلك يحضر مواعيد الشيخ، وحصلت له بركته، واستمر في صحبته حتى مات، ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عنه وعن الشيخ أبي الفضل ابن الإمام، وعن الشّهاب ابن مكيّة النابلسي علم التفسير والحديث والفقه، وأخذ الأصول والنحو والمعاني والبيان عن جماعة، منهم الشيخ أبو الفتح المزيّ، والشيخ محمد بن نصير، والشيخ على المصري، وكان مع ذلك يصحب الصّالحين والفقراء الصادقين، مثل الشيخ محمد بن البزة، والشيخ محمد بن يعقوب [1] وأضرابهما، إلى أن لاحت له ناصية الفلاح، وجاءه المرشد سيدي علي بن ميمون إلى باب داره عند الصباح وذلك مستهل سنة أربع وتسعمائة، فكان كماله على يديه، ودخل مصر سنة خمس، فاجتمع بجماعة من الأعلام، من أعلمهم وأفضلهم القاضي زكريا، والجلال السيوطي، والدمياطي، واجتمع بجماعة من الأولياء، منهم الشيخ عبد القادر الدشطوطي، وأبو المكارم الهيتي، وابن حبيب الصّفدي، وأضرابهم، وحصلت له بركتهم.

[1] لفظة «ابن» لم ترد في «ط» .

ص: 274

ثم عاد في بحر النيل إلى دمياط، واجتمع فيها بعلماء أخيار، منهم الشيخ أحمد البيجوري، وحضر دروسه، وألّف له منسكا جامعا، وحصّل من العلم في البلدتين المذكورتين ما لم يحصّله غيره في مدة طويلة، ثم رجع إلى الشام، وأقام بها حتى قدم سيدي علي بن ميمون من الرّوم إلى حماة سنة إحدى عشرة وتسعمائة، فبعث إليه كتابا يدعوه، فسار إليه مسرعا، وأقام عنده بحماة أربعة أشهر وعشرة أيام كل يوم يزداد علما من الله وهدى، ثم أذن له بالمسير إلى بيروت، فسار إليها وقعد لتربية المريدين، وألّف في مدة إقامته بها أربعة وعشرين كتابا في طريق القوم، فلما بلغ شيخه ذلك تطور عليه، وكتب إليه [1] أن يلقاه بالكتب إلى دمشق، وقدم عليه [2] شيخه، وهو عند والدته بدمشق في سابع عشري رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ونزل بالصالحية، فسار إليه سيدي محمد وتلقاه بالسلام والإكرام، غير أنه استدعاه في ذلك المجلس، وقال له: يا خائن يا كذاب، عمن أخذت هذا القيل والقال، فقال له سيدي محمد: يا سيدي قد أتيناك بالموبقات فافعل فيها ما تشاء، فغسلها سيدي علي ولم يبق منها سوى القواعد والتأديب. ثم لزمه سيدي محمد هو ووالدته وأهله، وسكن بهم عنده بالصالحية، وقدّمه شيخه على بقية جماعته في الإمامة وافتتاح الورد والذكر بالجماعة، وبقي عنده هو وأهله على قدم التجريد، حتى انتقل سيدي على إلى مجدل معوش [3] ، فسافر معه، وبقي عنده حتى توفي.

وفي سنة ثلاث وعشرين عاد إلى ساحل بيروت، وبنى بها دارا لعياله ورباطا لفقرائه، ثم انتقل إلى غوطة دمشق، ونزل بقرية سقبا، وانقطع بها عنده جماعة، ثم ذهب سيدي محمد بعياله إلى الحجّ ماشيا، سنة أربع وعشرين، وقطن بالمدينة، وتردّد بين الحرمين، مرارا، وحجّ مرات، وقصد بالمدينة للإرشاد والتربية، واشتهر بالولاية بل بالقطبية.

وبالجملة فقد كان في عصره مفردا علما، وإماما في علمي الحقيقة والشريعة مقدّما، وليثا على النّفس قادرا، وغيثا لبقاع الأرض ماطرا.

[1] لفظة «إليه» سقطت من «آ» .

[2]

في «ط» : «على» .

[3]

في «ط» : «مجدل مغوش» .

ص: 275

قال بعضهم: مكث أربع عشرة سنة ما أكل اللحم.

ومن آثاره بدمشق لما كان قاطنا بصالحيتها عمارته المرصفان بدرب الصالحية، وكان يعمل في ذلك هو وأصحابه، رضي الله عنهم.

وممن أخذ عنه أولاده الثلاثة سيدي علي [1] والشيخ عبد النافع، والنعمان، والشيخ قطب الدّين عيسى الأيجي الصّفوي، وصاحبه الشيخ محمد الأيجي ثم الصالحي، والعارف بالله تعالى الشيخ أحمد الداجاني المقدسي، والشيخ موسى الكناوي ثم الدمشقي، والشيخ محمد البزوري وغيرهم.

قال الشيخ موسى الكناوي [2] ، ولما حججت سنة ثلاثين وتسعمائة اجتمعت به بالحرم النبوي الشريف، ودعا لي، وأعطاني شيئا من التمر، وكان ذلك آخر العهد به إلى أن قال: وكان في صفته الظاهرة حسن الصورة، أبيض الوجه، لحيته إلى شقرة، مربوع القامة.

وقال أبو البركات البزوري- رضي الله عنه: اجتمعت بمكّة المشرّفة بالشيخ القطب الغوث، العارف بالله تعالى، شمس الدّين محمد بن عراق، فسألني: ما اسمك؟ قلت: بركات، فقال: بل أنت محمد أبو البركات، ثم صافحني، ولقّنني الذكر، ودعا لي، وحرّضني على قراءة قصيدته اللامية الجامعة لأسماء الله الحسنى التي أولها:

بدأت ببسم الله والحمد أولا

على نعم لم تحص فيما تنزّلا

قال: في كل ليلة، أحسبه قال: بين المغرب والعشاء.

قال النجم الغزّي: قلت لشيخنا أبي البركات هذه القصيدة اللامية هي من نظم سيدي محمد بن عراق؟ قال نعم هي من نظمه وأنا أخذتها عنه، فلازم على قراءتها فإنها نافعة. قلت له: يا سيدي فنحن نرويها عنكم، عن سيدي محمد بن عراق، قال: نعم.

[1] لفظة «علي» سقطت من «ط» .

[2]

تحرفت في «ط» إلى «الكناني» .

ص: 276

ومن مؤلفات سيدي محمد بن عراق كتاب «المنح الغنائية والنفحات المكّية» وكتاب «هداية الثقلين في فضل الحرمين» وكتاب «مواهب الرحمن في كشف عورات الشيطان» ورسالة كتبها إلى من انتسب إلى الطريقة المحمدية في سائر الآفاق خصوصا بمكّة العلية والمدينة المرضية، وكتاب «السفينة العراقية» وكتاب «سفينة النجاة لمن إلى الله التجاه» ورسالة في صفات أولياء الله تعالى.

ومما ينسب تأليفه إليه «حزب الإشراق» .

ومن شعره:

كلام قديم لا يملّ سماعه

تنزّه عن قولي وفعلي ونيّتي

به أشتفي من كلّ داء وإنه

دليل لعلمي عند جهلي وحيرتي

فيا ربّ متعني بحفظ حروفه

ونوّر به قلبي وسمعي ومقلتي

وتوفي على المعتمد بمكّة المشرّفة يوم الثلاثاء رابع عشري صفر ودفن من الغد بباب المعلاة [1] عن أربع وخمسين سنة تقريبا.

وفيها بهاء الدّين محمد بن الشيخ العالم علاء الدّين علي بن خليل بن أحمد بن سالم بن مهنّا بن محمد بن سالم العاتكي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن سالم [2] الإمام العلّامة.

ولد سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن أبيه، وعن التّقوي ابن قاضي عجلون، والسيد كمال الدّين بن حمزة، وغيرهم.

وكان عالما، عاملا، خيّرا، حجّ وجاور.

وتوفي بالقاهرة في رجب.

وفيها شمس الدّين محمد بن علي المعروف بابن هلال الشافعي النحوي العرضي الأصل ثم الحلبي [3] .

[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «باب المعلى» والصحيح ما أثبته.

[2]

ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (91/ ب) و «الكواكب السائرة» (1/ 68) .

[3]

ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 244- 245) و «الكواكب السائرة» (1/ 68) .

ص: 277

اشتغل بحلب على الشيخ محمد الداديخي، والعلاء الموصلي فلم يبلغ مطلوبه، فارتحل إلى القاهرة، ولزم الشيخ خالد مدة طويلة إلى أن مات الشيخ خالد، فقدم حلب، ودرّس بجامعها، وألّف عدة كتب، منها حاشية على تفسير البيضاوي، وشرح على «المراح» وشرح على «تصريف الزنجاني» سمّاه ب «التظريف على التصريف» ورسالة أثبت فيها أن فرعون موسى آمن إيمانا مقبولا، وغض منه ابن الحنبلي كثيرا، وقال: كان له شعر يابس وفيه هجو فاحش.

وتوفي يوم الأربعاء سادس عشر القعدة

.

ص: 278