الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وأربعين وتسعمائة
فيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن نجم الدّين محمد بن برهان الدّين إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن جماعة [1] الإمام العلّامة المحدّث المقدسي الشافعي.
ولد يوم الاثنين خامس عشر المحرم سنة سبعين وثمانمائة، وسمع على والده الكتب الستة وغيرها، وأجاز له البرهان بن قاضي عجلون، والتّقي الشّمنّي، والقاضي أبو العباس بن نصر الله، والتقي بن فهد، والشمس بن عمران، وأمين الدّين الأقصرائي، والشرف المناوي، والبدر بن قاضي شهبة، والجمال الباعوني وأخوه البرهان، وولي تدريس الصّلاحية ببيت المقدس سنين، ثم قطن دمشق، وحدّث بها كثيرا عن والده وغيره، وولي تدريس الشامية البرّانية سنين، ثم تدريس التقوية ونظرها، وسافر من دمشق فمات بقرية سعسع [2] في آخر ليلة الثلاثاء خامس عشري شوال بعد أن بقي سنين مستلقيا على ظهره من زلقة حصلت له بسبب رش الماء بداخل دمشق، فانفك فخذه ولم يمكنه الصبر على علاجه لنحافة بدنه ولطف مزاجه، ثم حمل من سعسع وأعيد إلى دمشق، وغسّل بمنزله، ودفن بباب الصغير.
وفيها- تقريبا- برهان الدّين إبراهيم بن المبلط [3] شاعر القاهرة من شعره في القهوة:
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 76) .
[2]
سعسع: بلدة كبيرة إلى الغرب من دمشق قبل القنيطرة بمرحلة ذات حقول وبساتين، ومياهها عذبة طيبة ولم أعثر على ذكر لها في كتب البلدان التي بين يدي.
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 86) .
يا عائبا لسواد قهوتنا التي
…
فيها شفاء النّفس من أمراضها
أو ما يراها وهي في فنجانها
…
يحكي سواد العين وسط بياضها
وفيها شهاب الدّين أحمد الطّيب بن شمس الدّين الطّنبذاوي البكري الصّدّيقي الشافعي [1] .
قال في «النور» : هو شيخ الإسلام الحبر الإمام، العارف بالله، القانت الأواه [2] .
ولد بعد السبعين وثمانمائة تقريبا، وتفقه بالنّور السّمهودي، والقاضي أحمد المزجد وغيرهما.
وكان في أهل عصره بمنزلة الشمس من النجوم، وتميّز في معرفة المنطق والمفهوم، وكان شديد التصلب في الدّين والصّدع بالحقّ، لا يخاف في الله لومة لائم.
وكان يقول لتلميذه ابن زياد: أنتم نفعكم أحمد المزجد بلحظه [3] ، ونحن بلحظه ولفظه.
وأخذ عنه خلق منهم شيخ الإسلام ابن زياد، والحافظ شهاب الدّين أحمد الخزرجي، والغريب الأكسع، وعبد الملك بن النّقيب، وعبد الرحمن البجلي، وصالح النماري، وغيرهم.
وانتهت إليه رئاسة الفتوى والتدريس، وانتفع به الخاص والعام.
ومن مصنّفاته «فتاوى» مشهورة عليها الاعتماد بزبيد، وشرح «التنبيه» في أربع مجلدات، وله «حاشية مفيدة على العباب» .
قال الشيخ صالح النماري: ومن عجيب ما سمعته منه، أنه قال: طالعت
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (228- 232) .
[2]
في «آ» : «الأواب» وما جاء في «ط» موافق لما في «النور السافر» مصدر المؤلف.
[3]
لفظة «بلحظه» سقطت من «ط» .
جميع «الإيضاح شرح الحاوي» للناشري في ليلة واحدة وهو مجلدان ضخمان، وعلّقت من كل باب فائدة وهذا خرق عادة.
وقال الخولاني: سمعته يقول كانت الفوائد التي كتبتها تلك الليلة ثلاثة كراريس.
وكان مفرط الذكاء، يحفظ «الإرشاد» .
ومن نظمه:
ومذ كنت ما أهديت للحبّ خاتما
…
ومسكا وكافورا ولا بست عينه
ولا القلم المبري أخشى عداوة
…
تكون مدى الأيام بيني وبينه
ولا أعلم لهذه الخصال أصلا من كتاب ولا سنّة. انتهى وفيها شهاب الدّين أحمد بن الشّمس محمد بن القطب محمد بن السّراج البخاري الأصل المكي الحنفي [1] .
ولد بمكة في صفر سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة، واشتغل بالعلم، فقرأ على السخاوي في «سنن أبي داود» و «الشفا» ودخل القاهرة مرارا، وسمع الحديث فيها على جماعة، منهم الحافظ الديمي، والجلال السيوطي، ولبس خرقة التصوف من بعض المشايخ، وولي المناصب الجليلة كالقضاء، والإمامة، والمشيخة، وأجازه بعضهم، وقرأ الكتب الستة وغيرها، وسمع كثيرا من الفقه والحديث، مع قوة حافظة، وحسن كتابة، وناطقة.
وتوفي بجدّة ظهر يوم السبت عاشر ربيع الثاني وحمل إلى مكّة فدفن بالمعلاة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن قطب الدّين محمد الصّفوري الصّالحي [2] الشافعي الشيخ الفاضل.
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (232) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 100) .
كان ذكيا، ينظم الشعر الحسن، وسمع على ابن طولون في الحديث، وأضرّ قبل بلوغه، وكان يقرأ في «البخاري» في المواعيد عن ظهر قلب بعد أن أضرّ.
وتوفي يوم الاثنين سادس عشر رجب ودفن عند جدّه بتربة السّبكيين.
وفيها عماد الدّين إسماعيل بن زين الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم الذّنّابي الصّالحي الحنبلي [1] خطيب الجامع المظفّري.
سمع على أبي بكر بن أبي عمر [2] ، وأبي عمر بن عبد الهادي، وأبي الفتح المزّي، وقرأ على ابن طولون في العربية.
وتوفي يوم السبت تاسع عشري شعبان، ودفن بوصية منه شمالي صفة الدعاء أسفل الرّوضة.
وفيها القاضي زين الدّين عبد الرحمن بن عبد الملك بن الموصلي الدمشقي الميداني الشافعي [3] .
درّس بالجامع الأموي، والظاهرية الجوانية، والقيمرية الكبرى، وولي نيابة القضاء بالصالحية وغيرها، ثم ترك ذلك.
وتوفي يوم السبت مستهل ربيع الأول ودفن بزاويتهم بميدان الحصا.
وفيها عزّ الدّين عبد العزيز المقدسي الحنفي [4] الضّرير الإمام العلّامة مفتي بلاد القدس وأحد الأصلاء بها.
كان يكتب عنه الفتوى ويناول [5] الكاتب خاتمه ليختم على السّؤال خوفا من التدليس.
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (29/ ب) و «الكواكب السائرة» (2/ 122) و «النعت الأكمل» ص (112) و «السحب الوابلة» ص (120) .
[2]
في «ط» : «ابن أبي عمرو» .
[3]
ترجمتهم في «الكواكب السائرة» (2/ 157) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 170) .
[5]
في «ط» : «ويتناول» .
وتوفي بالقدس في أواسط شوال.
وفيها علاء الدّين علي بن محمد بن عثمان بن إسماعيل البابي الحلبي الحنبلي، المعروف بابن الدّغيم [1] .
قال ابن الحنبلي: ولى تدريس الحنابلة بجامع حلب، وكان هيّنا، لينا، صبورا على الأذى، مزوحا.
وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر رمضان، ودفن بجوار مقابر الصالحين بوصيّة منه.
وفيها شرف الدّين أبو الوفاء وأبو السعادات قاسم بن خليفة بن أحمد بن محمد الحلبي الشافعي، المعروف بابن خليفة [2] .
ولد بحلب ليلة عيد الأضحى سنة سبع وسبعين وثمانمائة، ونشأ بها، وحمله والده على طلب العلم، واشترى له نفائس الكتب، فلزم كثيرا من العلماء، منهم البدر السيوفي، ومنلا عرب، والمظفّر بن علي الشّيرازي، والبرهان العمادي، وغيرهم.
وباشر في أول أمره صنعة الشهادة، وجلس بمكتب العدل خارج باب النصر، وولي إعادة العصرونية للبرهان العمادي ووظائف أخر [3] ، واستنيب في الدولة العثمانية كثيرا في فسوخ الأنكحة، وجلس لتعاطي الأحكام الشرعية برهة من الزمان، وكان يخدم العلماء ويبذل المال في خدمتهم، وكان له تواضع، طارحا للتكلّف.
وتوفي بحلب في ذي الحجّة ودفن بمقبرة السيد علي بالهزازة، وما زال يقول في نزعه الله الله، حتى مات.
وفيها شمس الدّين محمد بن خليل بن علي بن عيسى بن أحمد بن
[1] ترجمته في «در الحبب» (1/ 2/ 999- 1000) و «الكواكب السائرة» (2/ 193- 194) .
[2]
ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 30- 32) و «الكواكب السائرة» (2/ 239- 240) .
[3]
في «ط» : «أخرى» .
صالح بن خميس بن محمد بن عيسى بن داود بن مسلّم الصّمادي ثم الدمشقي القادري [1] الشيخ الصّالح المعتقد المسلّك المربّي، ولي الله تعالى، العارف به، شيخ الطائفة الصّمادية بالشام.
كان من أولياء الله تعالى، تظهر منه في حال الذكر أمور خارقة للعادة، وكانت عمامته وشدّه من صوف أحمر، وله مجالسة حسنة وللناس فيه اعتقاد، خصوصا أعيان الأروام، وسافر إلى الرّوم، واجتمع بالسلطان سليم فاعتقده اعتقادا زائدا، وأعطاه قرية كتيبة رأس الماء، ثم استقرّ الأمر على أن عيّن له قرية كناكر تابع وادي العجم، وغلالها إلى الآن تستوفيه الصمادية بعضه لزاوية الشيخ محمد المذكور بمحلّة الشاغور، وبعضه لذريّته.
واشتهر أمره وأمر آبائه من قبل بدق الطبول عند هيمان الذّاكرين واشتداد الذكر، واستفتي فيه ابن قاضي عجلون، والشمس بن حامد، والبدر الغزّي فأفتوا بإباحته قياسا على طبل الحجيج وطبل الحرب.
قال في «الكواكب» : وبالجملة إن مجالسهم مهيبة عليها الوقار والأنس، تخشع القلوب لسماع طبولهم وإنشادهم، خالون عن التصنّع، واشتهرت عن بعض آباء صاحب الترجمة قصة عجيبة هي أن جماعة الصمادية كانوا يضربون الطبول قديما بين يدي الشيخ في حلقتهم يوم الجمعة بعد الصلاة، فأمر بعض الحكّام بمنعهم من ذلك، فأخرج الطبل إلى خارج الجامع فدخل الطبل محمولا يضرب عليه، ولا يرون له حاملا، ولا عليه ضاربا، واستمر في هواء الجامع من باب البريد حتى انصدم ببعض عواميد الجامع مما يلي باب جيرون.
وتوفي المترجم يوم الجمعة خامس عشري جمادي الأولى، ودفن بإيوان زاويته، وخلّف ثمانية عشر ولدا ذكورا وإناثا، ودنيا عريضة. انتهى ملخصا وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن رجب البهنسي الحنفي [2] والد الشيخ نجم الدّين البهنسي مفتي الحنفية بدمشق.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 31- 32) و «جامع كرامات الأولياء» (1/ 181) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 34) .
قال ابن طولون: كان نقيب الحكم، ثم فوض إليه قاضي قضاة الحنفية زين الدّين بن يونس نيابة القضاء.
وتوفي يوم الأربعاء عشري رجب.
وفيها القاضي كمال الدّين محمد بن قاضي القضاة قطب الدّين محمد بن محمد الخيضري الدمشقي الشافعي [1] .
ولي القضاء بميدان الحصا وغيره في أيام قاضي دمشق ابن إسرافيل، وكان عنده حشمة وفضيلة، وكان أحد المدرّسين بالجامع الأموي إلّا أنه كان يستعمل الأفيون. وكان في الغالب مستغرقا، وربما حدث له ذلك وهو ماش في الطريق، فدخل يوم السبت مستهل ربيع الثاني إلى ميضأة العنبرانية بالقرب من الجامع الأموي لقضاء الحاجة وأغلق عليه الباب، فكأنه سرد على عادته فسقط على رأسه في الخلا، فلما أحسوا به أخرجوه فخرجت روحه في الحال، فحمل إلى بيته فغسّل وكفّن، وصلّي عليه بالأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير. قاله في «الكواكب» .
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 9- 10) .