المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ست وعشرين وتسعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ١٠

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌سنة إحدى وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعمائة

- ‌سنة عشر وتسعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وتسعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وتسعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ست عشرة وتسعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وتسعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة عشرين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمسين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ستين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وستين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وستين وتسعمائة

- ‌سنة ست وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبع ستين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمانين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ألف

- ‌خاتمة التحقيق

الفصل: ‌سنة ست وعشرين وتسعمائة

‌سنة ست وعشرين وتسعمائة

فيها توفي أبو النّور التّونسي المالكي [1] ، نزيل المدرسة المقدّمية بحلب.

كان حافظا لكتاب الله تعالى، مقرئا يؤدّب الأطفال بالمدرسة المذكورة، وكان من عادته أنه يقرأ ثلث القرآن بعد المغرب وثلثه بعد العشاء. ومن غريب ما اتفق له أنه لما ركب البحر من تونس إلى الإسكندرية [2] حصل لملّاح السّفينة- وكان فرنجيا- حمّى غب أشغلته عن مصلحة السفينة، وعجز ركابها عن علاج ينفعه وطلب من الشيخ أبي النّور ما يكتب للحمّى، فكتب له في ورقة خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ في سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ 69: 30- 32 [الحاقّة: 30- 32] ولف الورقة ودفعها له فوضعها في رأسه فما مضت تلك الليلة حتّى ذهبت عنه الحمّى.

وتوفي الشيخ بحلب، ودفن بمقبرة الرّحبي.

وفيها الشيخ أحمد بن بترس [3] الصّفدي [4] الشيخ العارف بالله تعالى، المكاشف بأسرار غيب الله.

كان ظاهر الأحوال بصفد، مسموع الكلمة عند حكامها، وكان الناس

[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 121) ، و «درر الحبب» (2/ 2/ 527- 528) .

[2]

في «ط» : «إلى إسكندرية» .

[3]

جاء في «جامع كرامات الأولياء» ما نصه: «هكذا في الأصل- يقصد الكواكب السائرة- ولعله محرف عن بيبرس أو نحوه» .

[4]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 132- 133) ، و «جامع كرامات الأولياء» (1/ 325) .

ص: 194

يترددون إليه فيشفع [1] لهم، ويقضي حوائجهم، ويقرّبهم ويضيفهم، وكان ذا شيبة نيّرة، وكان إذا أراد أن يتكلم بكشف يطرق رأسه إلى الأرض ثم يرفعه وعيناه كالجمرتين يلهث كصاحب الحمل الثقيل، ثم يتكلم بالمغيّبات.

وكان في بدايته ذا رياضة ومجاهدة.

وتوفي بصفد.

قال ابن طولون: صلّي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشري ذي القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة. انتهى.

وفيها شهاب الدّين أحمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلم الشّهاب بن البدر [2] المكّي، ويعرف كأبيه بابن العليف- بضم العين المهملة تصغير علف- الشافعي [3] .

قال في «النور» : ولد بمكة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ونشأ بها، وحفظ القرآن و «الألفية النحوية» و «الأربعين النووية» والكثير من «المنهاج» .

وسمع بمكة على التّقي بن فهد، وولده النّجم، والزين عبد الرحمن الأسيوطي، وأبي الفضل المرجاني، ولازم النّور الفاكهي في دروسه الفقهية والنحوية، وبالقاهرة، من الجوجري وغيره، ودخل القاهرة مرارا.

قال السخاوي: وكنت ممن أخذ عنه بها وبالحرمين، وتكسّب بالنساخة، مع عقل وتودد، وحسن عشرة، وتميّز، ومع ذلك فلم يسلم ممن يعاديه، بل كاد أن يفارق المدينة لذلك. قال: وأغلب إقامته الآن بطيبة على خير، وانجماع، وتقلّل، ونعم الرجل. انتهى.

[1] كذا في «ط» ونسختي «المنتخب» لابن شقدة و «جامع كرامات الأولياء» : «فيشفع» وفي «آ» :

«فيسع» .

[2]

في «النور السافر» : «ابن المبذر» .

[3]

ترجمته في «الضوء اللامع» (1/ 290) ، و «التحفة اللطيفة» (1/ 176- 178) و «النور السافر» ص (126- 130) و «البدر الطالع» (1/ 54- 56) .

ص: 195

وألّف لسلطان الرّوم بايزيد بن عثمان «الدّر المنظوم في مناقب سلطان الرّوم» ومدحه وغيره من أمرائه، فرتّب له خمسين دينارا في كل سنة، ومدح السّيد بركات الحسني صاحب مكة، واقتصر على مدحه، وحظي عنده لبلاغته، حتّى صار متنبي زمانه، ثم أصيب بكثرة الأمراض في آخره.

ومن نظمه الفائق القصيدة العجيبة التي منها:

خذ جانب العليا ودع ما يترك

فرضي البريّة غاية لا تدرك

واجعل سبيل الذّلّ عنك بمعزل

فالعزّ أحسن ما به تتمسّك

وامنح مودّتك الكرام فربّما

عزّ الكريم وفات ما يستدرك

وإذا بدت لك في عدوّ فرصة

فافتك فإن أخا العلا من يفتك

ودع الأماني للغبيّ فإنّما

عقبى المنى للحرّ داء مهلك

من يبتغي سببا بدون عزيمة

ضلّت مذاهبه وعزّ المدرك

تعست مداراة العدوّ فإنها

داء تحول به الجسوم وتوعك

وهي طويلة [1] .

وتوفي بمكة المشرفة يوم الثلاثاء، من ذي [2] الحجة ودفن بالمعلاة.

وفيها تقي الدّين باكير الرّومي الشيخ الفاضل [3] ناظر التكية السليمية، وولي نظارة الجامع الأموي.

قال في «الكواكب» : نزل عند شيخ الإسلام الجدّ، وكان من أصحابه وتلاميذه، وترجمته بالولاية والفضل، ثم عزل من الجامع الأموي وأعطي تولية التكية السّليمية، ثم عزل عنها بالشيخ أبي الفتح بن مظفّر الدّين المكّي، ثم سافر

[1] قلت: ذكرها الشوكاني بتمامها في «البدر الطالع» .

[2]

كذا في «ط» و «البدر الطالع» : «يوم الثلاثاء من ذي الحجّة» وفي «آ» : «يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجّة» .

[3]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 163) .

ص: 196

إلى الرّوم، وعاد بتوليه الجامع والتكية معا، ودخل دمشق عاشر رجب هذه السنة، فصرفه نائب الشام في تولية التكية دون الجامع.

وتوفي ليلة الجمعة خامس ذي الحجة الحرام ودفن بالقرب من الشيخ محيي الدّين بن عربي تحت السماء.

وفيها المولى التّوقاتي الحنفي [1] العالم المدرّس ببلدة أماسية.

قال النجم الغزّي: كان فاضلا، منقطعا عن الناس بالكلّية، مشتغلا بالدّرس والعبادة. وكان لا يقدر على الحضور بين الناس وحشة منهم وحياء.

وكان صالحا، مباركا.

مات بأماسية في أوائل سلطنة السلطان سليمان خان. انتهى.

وفيها حمزة بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي بكر بن علي بن محمد النّاشري اليمني الشافعي [2] .

قال في «النور» : ولد ثالث عشر شوال سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وأخذ الفقه والحديث عن العلّامة قاضي القضاة الطيب بن أحمد النّاشري، مصنّف «الإيضاح على الحاوي» وعن والده [3] قاضي القضاة عبد الله وغيرهما. وروى عن القاضي مجد الدّين الفيروزآبادي صاحب «القاموس» وغيره. وأجازه شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، وكتب له بالإجازة هو وعلماء مصر، كالشيخ زكريا الأنصاري، والجوجري، والسيوطي، وابن أبي شريف، وغيرهم. ومن الحجاز أبو الخير السّخاوي، واشتهر باللّطافة والعلم. وكان كثير الزواج، قارب المائة وهو يفتض الأبكار، ورزق كثيرا من الأولاد.

مات غالبهم. وتفقه به خلائق كثيرون، كالحافظ ابن الدّبيع، وأبي البركات النّاشري.

[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (251) و «الكواكب السائرة» (1/ 168) .

[2]

ترجمته في «النور السافر» ص (130- 131) و «البدر الطالع» (1/ 158) .

[3]

في «ط» : «وعن والده» وهو خطأ.

ص: 197

وله مصنّفات حسنة غريبة، منها «الأربعون التهليلية» و «مسالك التحبير من مسائل التكبير» ومختصره «التحبير في التكبير» و «انتهاز الفرص في الصّيد والقنص» ، وكتاب النبات العظيم الشأن المسمى «حدائق الرّياض وغوصة الفياض» و «عجائب الغرائب وغرائب العجائب» و «سالفة العذار في الشعر المذموم والمختار» وغير ذلك.

وله شعر لطيف منه:

إذا نظرت إلى العيناء [1] تحسبها

جاما من التّبر فيه فصّ ياقوت

أو خدّ غانية يحمرّ من خجل

أو قرص عاشقة أدماه كالتّوت

وتوفي يوم الخميس تاسع عشر ذي الحجة بمدينة زبيد، ودفن بمقبرة سلفه الصّالح بباب سهام قريبا من قبر الشيخ إسماعيل الجبرتي. انتهى وفيها السلطان سليم بن أبي يزيد بن محمد السّلطان المفخم والخاقان المعظم سليم خان بن عثمان تاسع ملوك بني عثمان [2] .

هو من بيت رفع الله على [3] قواعده فسطاط السلطنة الإسلامية، ومن قوم أبرز الله تعالى لهم ما ادخره من الاستيلاء على المدائن الإيمانية، فرفعوا [4] عماد الإسلام وأعلوا مناره، وتواصوا باتباع السّنّة المطهّرة، وعرفوا للشرع الشريف مقداره، وصاحب الترجمة منهم هو الذي ملك بلاد العرب واستخلصها من أيدي الجراكسة بعد ما شتت جمعهم فانفلوا عن مليكهم وجدوا في الهرب.

ولد بأماسية في سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وجلس على تخت السلطنة وعمره ست وأربعون سنة بعد أن خلع والده نفسه عن السلطنة وسلّمها إليه، وكان

[1] في «آ» : «إلى العنباء» .

[2]

ترجمته في «البدر الطالع» (1/ 265- 267) ، و «مفاكهة الخلان» (2/ 27) ، و «تاريخ الدولة العلية العثمانية» ص (188- 197) ، و «النور السافر» ص (119) وفيه وفاته سنة (924) .

[3]

لفظة «على» سقطت من «آ» .

[4]

في «ط» : «رفعوا» .

ص: 198

السلطان سليم ملكا قهّارا وسلطانا جبّارا، قوي البطش، كثير السفك، شديد، التوجه إلى أهل النجدة والبأس، عظيم التجسس عن أخبار الناس، وربما غيّر لباسه وتجسس ليلا ونهارا. وكان شديد اليقظة والتحفظ، يحب مطالعة التواريخ وأخبار الملوك، وله نظم بالفارسي، والرّومية، والعربية، منه ما ذكره القطب الهندي المكّي أنه رآه بخطّه في الكوشك الذي بني له بروضة المقياس بمصر ونصه:

الملك لله من يظفر بنيل غنّى

يردده قسرا ويضمن عنده الدّركا

لو كان لي أو لغيري قدر أنملة

فوق التّراب لكان الأمر مشتركا

وقال الشيخ مرعي الحنبلي في كتابه «نزهة الناظرين» : وفي أيامه تزايد ظهور شأن إسماعيل شاه، واستولى على سائر ملوك العجم، وملك خراسان، وأذربيجان، وتبريز، وبغداد، وعراق العجم، وقهر ملوكهم، وقتل عساكرهم، بحيث قتل ما يزيد على ألف ألف [1] ، وكان عسكره يسجدون له ويأتمرون بأمره، وكاد يدّعي الرّبوبية، وقتل العلماء، وأحرق كتبهم ومصاحفهم، ونبش قبور المشايخ من أهل السّنّة وأخرج عظامهم [2] وأحرقها، وكان إذا قتل أميرا أباح زوجته وأمواله لشخص آخر فلما بلغ السلطان سليم ذلك تحركت همّته لقتاله، وعدّ ذلك من أفضل الجهاد، فالتقى معه بقرب تبريز بعسكر جرّار، وكانت وقعة عظيمة، فانهزم جيش إسماعيل شاه، واستولى سليم على خيامه وسائر ما فيها، وأعطى الرّعية الأمان، ثم أراد الإقامة بالعجم للتمكن من الاستيلاء عليها فما أمكنه ذلك لشدة القحط، بحيث بيعت العليقة بمائتي درهم، والرّغيف بمائة درهم، وسببه تخلّف قوافل الميرة التي كان أعدّها السلطان سليم وما وجد في تبريز شيئا لأن إسماعيل شاه عند انهزامه أمر بإحراق أجران الحبّ والشعير، فاضطر سليم للعود إلى بلاد الرّوم.

[1] كذا في «ط» ونسختي «المنتخب» لابن شقدة: «على ألف ألف» وفي «آ» : «على مائة ألف ألف» .

[2]

في «ط» : «أعظامهم» .

ص: 199

وفي أيامه كانت وقعة [1] الغوري، وذلك أن السلطان [2] سليم لما رجع من غزو إسماعيل شاه تفحص عن سبب انقطاع قوافل الميرة عنه، فأخبر أن سببه سلطان مصر قانصوه الغوري، فإنه كان بينه وبين إسماعيل شاه محبّة ومراسلات وهدايا، فلما تحقّق سليم ذلك، صمّم على قتال الغوري، أولا، ثم بعده يتوجه لقتال إسماعيل شاه ثانيا، فتوجه بعكسره [3] إلى جهة حلب سنة اثنتين وعشرين كما تقدّم، فخرج الغوري بعساكر عظيمة لقتاله، ووقع المصاف بمرج دابق شمالي حلب، ورمى عسكر سليم عسكر الغوري بالبندق، ولم يكن في عسكر الغوري شيء منه، فوقعت الهزيمة على عسكر الغوري بعد أن كانت النصرة له أولا، ثم فقد تحت سنابك الخيل كما مرّ عند ذكره، وكان ذلك بمخامرة خير بك والغزالي بعد أن عهد إليهما السلطان سليم بتوليتهما مصر والشام، ثم بعد الوقعة أخليا له حلب لأنهما معه في الباطن، فأقبل سليم إلى حلب فخرجوا إلى لقائه يطلبون الأمان ومعهم المصاحف يتلون جهارا: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى 8: 17 [الأنفال: 17] فقابلهم بالإجلال والإكرام، ثم حضرت صلاة الجمعة، فلما سمع الخطيب خطب باسمه وقال: خادم الحرمين الشريفين، سجد لله شكرا على أن أهلّه لذلك، ثم ارتحل للشام بعد أن أخلاها له خير بك والغزالي، فخرجوا للقائه، ودعوا له، فأكرمهم، وأقام بها لتمهيد أمر المملكة، وأمر بعمارة قبّة على الشيخ محيي الدّين بن عربي بصالحية دمشق، ورتب عليها أوقافا كثيرة، ثم توجه إلى مصر، فلما وصل إلى خان يونس بقرب غزّة قتل فيه وزيره حسام باشا، ثم لما دخل مصر وقع بينه وبين طومان باي سلطان الجراكسة حروب يطول ذكرها، وقتل بها وزير سليم يوسف باشا سنان باشا، وكان مقداما، ذا رأي وتدبير، فأسف سليم عليه، بحيث قال: أي فائدة في مصر بلا يوسف، وقاتل طومان باي ومن معه من الأمراء قتالا شديدا، وظهر لطومان باي شجاعة قوية عرف بها، وشهد له بها الفريقان، وأوقع الفتك بعسكر السلطان سليم، ولولا شدة عضده بخير بك

[1] في «آ» : «واقعة» .

[2]

لفظة «السلطان» سقطت من «ط» .

[3]

في «آ» : «فتوجه عسكره» .

ص: 200

والغزالي ومكيدتهما ما ظفر بطومان باي، ثم لما ظفر به أراد أن يكرمه ويجعله نائبا عنه بمصر فعارضه خير بك وخاف عاقبة فعله، وقال لسليم: إنك إن فعلت ذلك استولى على السلطنة ثانيا، وحسّن له قتله، فقتله وصلبه بباب زويلة، ودفنه كما أسلفنا، ونزل السلطان سليم بالمقياس مدة إقامته بمصر بعدا عن روائح القتلى، وحذرا من المكيدة، إلى أن مهدها، ثم ولّى خير بك أمير الأمراء على مصر، وولىّ الغزالي على الشام، وولّى بمصر القضاة الأربع، وهم قاضي القضاة كمال الدّين الشافعي، وقاضي القضاة نور الدّين علي بن ياسين الطرابلسي الحنفي، وقاضي القضاة الدّميري المالكي، وقاضي القضاة شهاب الدّين أحمد بن النّجار الحنبلي، واستولى على الأرض الحجازية وغيرها، ورتّب الرواتب، وأبقى الأوقاف على حالها، ورتّب لأهل الحرمين في كل سنة سبعة آلاف أردّب حبّ، ثم عاد إلى القسطنطينية [1] وقد أصرف غالب خزائنه، فأخّر السفر عن بلاد العجم ليجمع ما يستعين به على القتال، فظهر له في ظهره جمرة منعته الراحة، وحرمته الاستراحة، وعجزت في علاجه حذّاق الأطباء، وتحيّرت في أمره عقول الألباء، ولا زالت به حتّى حالت بينه وبين الأمنية، وخلّت بينه وبين المنية، فتوفي- رحمه الله تعالى- في رمضان أو شوال بعد علّة نحو أربعين يوما.

وذكر العلائي في «تاريخه» أنه خرج من القسطنطينية إلى جهة أدرنة وقد خرجت له تلك الجمرة تحت إبطه وأضلاعه، فلم يفطن بها حتّى وصل إلى المكان الذي بارز فيه أباه السلطان بايزيد [2] حين نازعه في السلطنة، فطلب له الجرايحية والأطباء فلم يدركوه إلا وقد تآكلت ووصلت إلى الأمعاء، فلم يستطيعوا دفعا عنه ولا نفعا، ومات بها، ودفن بأدرنة عند قبر أبيه. انتهى وفيها- تقريبا- عبد الله بن إبراهيم الفاضل العلّامة الشهير بابن الشّيشري الحنفي [3] .

[1] في «ط» : «ثم عاد للقسطنطينية» .

[2]

في «آ» و «ط» : «أبا يزيد» .

[3]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 217) .

ص: 201

قال في «الكواكب» : قرأ على علماء العجم، وبرع هناك في العربية والمعقولات، ثم دخل بلاد الرّوم، وعيّن له السلطان سليم كل يوم ثلاثين عثمانيا، وعمل قصيدة بالفارسية نحو ثلاثين بيتا أحد مصراعي كل بيت تاريخ لسلطنة السلطان سليمان، والمصراع الثاني من كل بيت تاريخ فتح رودس.

وله «حواش على حاشية شرح المطالع» للسيد الشريف، و «شرح على الكافية» و «رسالة في المعمّى» فارسية. انتهى وفيها- تقريبا- أيضا جمال الدّين عبد الله بن أحمد الشنشوري المصري الشافعي [1] الإمام العلّامة.

له «شرح التدريب» للسّراج البلقيني، رحمهما الله تعالى.

وفيها جمال الدّين عبد الله بن عبد الله بن رسلان البويضي- من قرية البويضة من أعمال دمشق- ثم الدمشقي الشافعي [2] الشيخ الإمام العلّامة.

ولد سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وكان رفيقا للشيخ تقي الدّين البلاطنسي على مشايخه، وأخذ عنه الشيخ موسى الكناوي «صحيح البخاري» وغيره.

توفي بالبيمارستان النوري يوم الخميس سادس أو سابع ذي القعدة وصلّى عليه إماما رفيقه البلاطنسي، ودفن بمقبرة باب الصغير جوار الشيخ نصر المقدسي بصفة الشهداء.

وفيها قاضي القضاة بدر الدّين أبو البقاء محمد بن محمد بن عبد الله بن الفرفور الدمشقي الحنفي [3] .

قال في «الكواكب» : اشتغل يسيرا في الفقه على البرهان بن عون، ثم ولي كتابة السّر عوضا عن أمين الدّين الحسباني، ثم استنزل له عمه قاضي القضاة شهاب الدّين بن الفرفور قاضي القضاة محبّ الدّين القصيف عن نظر القصاعية

[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 217) .

[2]

ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (55/ ب) و «الكواكب السائرة» (1/ 217- 218) .

[3]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 13) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 565) .

ص: 202

وتدريسها، وأسمعه الحديث على جماعة من الدمشقيين، ثم ولي قضاء قضاة الحنفية بالشام مرارا عزل من [1] آخرها في شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. انتهى.

وفيها المولى زين الدّين وقيل زين العابدين محمد بن محمد الفناري الرّومي الحنفي [2] العالم الفاضل، أول قضاة القضاة بدمشق من الدولة العثمانية.

قرأ على علماء عصره، منهم المولى الفاضل علاء الدّين الفناري، ثم وصل إلى خدمة المولى ابن المعروف معلّم السلطان بايزيد، ثم تنقلت به الأحوال إلى أن صار قاضيا بدمشق، ثم بحلب.

قال في «الشقائق» : كان عالما، فاضلا، ذكيا، صاحب طبع وقّاد، وذهن نقّاد، قوي الجنان، طلق اللسان، صاحب مروءة وفتوة، محبا للفقراء والمساكين، يبرّهم ويرعى جانبهم. وكان في قضائه مرضي السيرة، محمود الطريقة. انتهى.

وذكر ابن طولون أن سيرته بدمشق كانت أحسن منها بحلب، وتوفي وهو قاض بحلب في أول ربيع الأول.

وفيها قاضي القضاة صلاح الدّين محمد بن أبي السعود بن إبراهيم الشيخ الإمام قاضي قضاة مكّة المشرّفة ابن ظهيرة المكّي الشافعي [3] .

جرت له محنة في أيام الجراكسة، وهي أن السلطان الغوري حبسه بمصر من غير جرم ولا ذنب، بل للطمع في مال يأخذه منه على عادته، ولما خرج بعساكره من مصر لقتال السلطان سليم بن عثمان أطلق كلّ من في حبسه من أرباب الجرائم وغيرهم، ولم يطلق صاحب الترجمة، فلما قتل الغوري أطلقه طومان باي، ثم لما وصل السلطان سليم إلى مصر جاء إليه القاضي صلاح الدّين، فأكرمه، وعظّمه، وخلع عليه، وجهّزه إلى مكة معزوزا مكرّما، مع الإحسان إليه.

وجعله نائبه في تفرقة الصدقات السّليمية في تلك السنة، وخطب عامئذ في الموقف الشريف خطبة عرفة، وبقي بمكة إلى أن توفي بها في أواخر هذه السنة.

[1] في «ط» : «عزل عن» وما جاء في «آ» موافق لما في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.

[2]

ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (238- 239) .

[3]

ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (73/ ب) .

ص: 203

وفيها نبهان بن عبد الهادي الصّفوري [1] الشافعي [2] ، العالم الفاضل، العارف بالله تعالى [1] .

قال في «الكواكب» : ذكره شيخ الإسلام الوالد في «معجم تلامذته» قال:

وكان من عباد الله الصالحين، سريع الدّمعة، خاشع القلب، ساكن الحواس، قرأ على الوالد «ألفيته» في التصوف كاملة، وحضر دروسي كثيرا، واستجازني فأجزته.

انتهى.

[1] ما بين الرقمين سقط من «آ» .

[2]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 310- 311) .

ص: 204