الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة
فيها توفي إبراهيم المصري المجذوب الصّالح، المعروف بعصيفير [1] .
قال في «الكواكب» : كان من أهل الكشف الكامل، وأصله من نواحي الصعيد، وكان ينام مع الذئاب في القفار ويمشي على الماء جهارا.
قال الشعراوي: وأخبرني بحريق يقع في مكان فوقع فيه تلك الليلة، ومرّ عليه شخص بإناء فيه لبن فرماه منه فانكسر فإذا فيه حيّة ميتة، وأحواله عجيبة.
توفي بمصر ودفن تجاه زاوية أبي الحمائل.
وفيها أبو الفضل الأحمدي [2] ، صاحب الكشوفات الرّبانية والمواهب الصمدانية.
أخذ الطريق عن سيدي علي الخوّاص، والشيخ بركات الخوّاص، وغيرهما.
قال في «الكواكب» : وكان من أهل المجاهدات، وقيام الليل، والتخشن في المأكل والملبس، وكان يخدم إخوانه ويقدّم لهم نعالهم، ويهيئ الماء لطهارتهم.
وكان له كشف عجيب بحيث يرى بواطن الخلق وما فيها كما يرى ما في داخل البلور.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 85) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 140) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 94- 96) وما بين الحاصرتين في النص مستدرك منه، و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 173- 180) .
وقال: سألت الله تعالى أن يحجب ذلك عني فأبى عليّ.
وكان يقول: أعطاني الله تعالى أن لا يقع بصري على حبّ فيسوّس، وجرّب ذلك فيه.
وقال الشعراوي: وقع بيني وبينه اتحاد عظيم لم يقع لي قطّ مع أحد من الأشياخ، وكنت إذا جالسته وسرى ذهني إلى مكان أو كلام يقول: ارجع بقلبك من الشيء الفلاني، فيعرف ما سرح قلبي إليه.
وكنت إذا ورد عليّ شيء من الحقائق وأردت [أن] أقوله له يقول لي: قف لا تخبرني حتى أسمعك ما ورد عليك فيقوله حرفا بحرف.
وقال في «الطبقات الكبرى» : حجّ مرات على التجريد، فلما كان آخر حجّة كان ضعيفا، فقلت له: في هذه الحال تسافر؟ فقال: لترابي فإن طينتي [1] مرّغوها في تربة الشهداء ببدر، فكان كما قال، وتوفي ببدر.
وفيها إسماعيل الشّرواني الحنفي [2] الإمام العلّامة المحقّق المدقّق الصّالح الزّاهد، العارف بالله تعالى.
قرأ على علماء عصره، منهم الجلال الدواني، ثم خدم العارف بالله خواجه عبيد الله السّمرقندي، وصار من كملّ أصحابه، ولما مات خواجه عبيد الله ارتحل المترجم إلى مكّة المشرّفة وتوطنها، ودخل الرّوم في ولاية السلطان أبي يزيد، ثم عاد إلى مكّة وأقام بها إلى أن مات.
قال في «الشقائق» : كان رجلا، معمّرا، وقورا، مهيبا، منقطعا عن الناس، مشتغلا بنفسه، طارحا للتكلّف، حسن المعاشرة، له فضل عظيم في العلوم الظاهرة.
وألّف «حاشية على تفسير البيضاوي» وكان يدرّس بمكّة فيه وفي «البخاري» .
[1] في «الكواكب السائرة» : «فإن نطفتي» .
[2]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (214) و «الكواكب السائرة» (2/ 123) .
وتوفي بها في عشر ذي الحجّة عن نحو أربع وثمانين سنة.
وفيها بديع بن الضّياء [1] قاضي مكّة المشرّفة، وشيخ الحرم بها.
قال ابن طولون: كان من أهل الفضل والرئاسة. قدم دمشق ثم سافر إلى مصر، فبلغه تولية قضاء مكّة للشيخ زين الدّين عبد اللطيف بن أبي كثير، فرجع إلى دمشق، وأقام بها مدة، ثم سافر إلى الرّوم سنة إحدى وأربعين بعد أن حضر عند الشيخ على الكيزواني تجاه مسجد العفيف بالصالحية، وسمع المولد وشرب هو والشيخ علي وجماعته القهوة المتخذة من البن، ولا أعلم أنها شربت في بلدنا هذه- يعني دمشق- قبل ذلك، فلما وصل القاضي بديع إلى الرّوم أعيد إليه قضاء جدّة، ثم رجع فتوفي بمدينة [2] بدليس [3] من أطراف ديار بكر. انتهى ملخصا.
وفيها جابر بن إبراهيم بن علي التّنوخي القضاعي الشافعي [4] القاطن بجبل الأعلى من معاملة حلب.
ولي نيابة القضاء به، وكان شاعرا، عارفا بالعروض والقوافي وطرفا من النحو، مستحضرا لكثير من اللغة ونوادر الشعراء، حافظا لكثير من «مقامات الحريري» .
حضر دروس العلاء الموصلي بحلب وذاكره.
ومن نظمه:
طاب الزّمان وراقت الصّهباء
…
وشدت على أوراقها الورقاء
وهي طويلة.
وتوفي في جمادى الآخرة.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 126) .
[2]
لفظة «بمدينة» سقطت من «آ» .
[3]
قلت: وجاء في «معجم البلدان» (1/ 358) ما نصه: بدليس: بلدة من نواحي إرمينية قرب خلاط.
[4]
ترجمته في «در الحبب» (1/ 1/ 417- 434) و «الكواكب السائرة» (2/ 130- 131) و «الأعلام» (2/ 103) .
وفيها عبد الله بن محمد بن أحمد بأفضل العدني الشافعي [1] .
قال في «النور» : تفقّه بوالده [2] ، وانتصب بعده للتدريس بعدن، وكان فقيها، محدّثا، فاضلا، حسن الأخلاق، شريف النّفس، مخالقا للناس، حسن السعي في حوائج المسلمين، محبّبّا إليهم، سليم الصّدر. عميّ في آخر عمره وتطبّب، فرد الله عليه بصره، ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي ضحى يوم الخميس حادي عشر شعبان بعدن.
وفيها زين الدّين أبو هريرة عبد الرحمن بن حسن، الشهير بابن القصّاب الكردي الحلبي الشافعي [3] الإمام العالم العامل الكامل، أحد المدرّسين بحلب.
أخذ عن البدر بن السّيوفي وغيره، وتوفي بحلب.
وفيها زين الدّين عبد الرحمن بن جلال الدّين محمد البصروي [4] الحنفي، الشافعي والده، وهو- أي المترجم- سبط العلّامة زين الدّين عبد الرحمن بن العيني الحنفي.
قال ابن طولون: رأيته يدرّس في «المختار» .
وتوفي بالحسا أحد منازل الحاج.
وفيها زين الدّين عبد القادر بن اللحّام البيروتي الشافعي [5] العلّامة.
توفي ببيروت. قاله في «الكواكب» .
وفيها نور الدّين علي بن ياسين الطّرابلسي [6] الحنفي، الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، شيخ الحنفية بمصر، وقاضي قضاتها.
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (207- 208) .
[2]
ترجم الزركلي رحمه الله في «الأعلام» (5/ 335- 336) لوالد المترجم (محمد بن أحمد بالفضل) ترجمة نافعة.
[3]
ترجمته في «در الحبب» (1/ 2/ 748) و «الكواكب السائرة» (2/ 157- 158) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 157) .
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 171) .
[6]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 211- 214) .
اشتغل على الشمس الغزّي، والصّلاح الطرابلسي.
وكان ديّنا، متقشفا، مفنّنا في العلوم، ولي قضاء القضاة في الدولة السليمانية إلى أن جاء قاض لمصر رومي من قبل السلطان سليمان، فاستمر معزولا يفتي ويدرّس إلى أن مات، وهو ملازم على النّسك والعبادة.
قال الشعراوي: كان كثير الصّدقة سرّا وجهرا، وأنكر عليه قضاة الأروام بسبب إفتائه بمذهبه الراجح عنده، وكاتبوا فيه السلطان، وجرحوه بما هو بريء منه، فأرسل السلطان يأمر بنفيه أو قتله، فوصل المرسوم يوم موته بعد أن دفناه، وكانت هذه كرامة له. انتهى.
وفيها قاسم بن زلزل بن أبي بكر القادري [1] أحد أرباب الأحوال المشهورين بحلب.
قال ابن الحنبلي: كان في أول أمره ذا شجاعة حمي بها أهل محلته المشارفة بحلب من اللصوص، وكان يعارضهم ليلا في الطرفات ويقول لهم:
ضعوا ما سرقتم وفوزوا بأنفسكم، أنا فلان، فلا يسعهم إلا وضعه، ثم صار مريدا للشيخ حسين بن أحمد الأطعاني، كما كان أبوه مريدا لأبيه، ثم صار مريدا لابن أرسلان الرّملي، وعلى يده حصلت له حال، وهو الذي حمله على سقاية الماء، فكان يسقي الماء في الطرقات وهو يذكر الله تعالى؟ وتحصل له الحال الصادقة فيرفع رجله ويبطش بها على الأرض، وذكر له كرامات كثيرة.
قال: وتوفي في أواخر السنة.
وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن يوسف [2] الدمشقي الحنفي [3] .
ناب في القضاء عن قاضي القضاة ابن الشّحنة، وعن قاضي القضاة ابن يونس بدمشق، ثم ثبت عليه وعلى رجل يقال له حسين البقسماطي عند قاضي
[1] ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 29- 30) و «الكواكب السائرة» (2/ 240- 240) .
[2]
ويقال له «ابن سيف» أيضا كما في «الكواكب السائرة» .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 35) .
دمشق أنهما رافضيان، فحرقا تحت قلعة دمشق بعد أن ربطت رقابهما وأيديهما وأرجلهما في أوتاد، وألقى عليهما القنب والبواري والحطب، ثم أطلقت النار عليهما حتى صارا رمادا، ثم ألقي رمادهما في بردى، وكان ذلك يوم الثلاثاء تاسع رجب.
قال ابن طولون: وسئل الشيخ قطب الدّين بن سلطان مفتي الحنفية عن قتلهما، فقال: لا يجوز في الشرع بل يستتابان.
وفيها بدر الدّين محمد العلائي الحنفي المصري [1] العلّامة المسند المؤرّخ.
قال في «الكواكب» : أخذ عن شيخ الإسلام الجدّ وغيره، وأثنى عليه العلّامة جار الله ابن فهد وغيره. انتهى.
[2]
وفيها الشيخ شمس الدّين محمد الشامي [3] .
قال العلّامة الشعراني في «ذيله على طبقاته» ما نصه: ومنهم الأخ الصّالح العالم الزاهد، الشيخ شمس الدّين محمد الشّامي المتمسك بالسّنة المحمدية، نزيل التربة البرقوقية، وكان عالما، صالحا، مفنّنا في العلوم، وألّف «السيرة النبوية» [4] المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها ومشى فيها على أنموذج لم يسبق إليه أحد.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 70) .
[2]
ما بين الرقمين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .
[3]
ترجمته في «فهرس الفهارس» (2/ 1062- 1064) و «الأعلام» (7/ 155) و «معجم المؤلفين» (10/ 63) .
[4]
قال عنها الكتاني في «فهرس الفهارس» (2/ 1063) : «في نحو سبع مجلدات ضخمة، هي عندي، سمّاها «سبل الرشاد في سيرة خير العباد وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد» جمعها من ألف كتاب، وتحرى فيها الصواب، وختم كل باب بإيضاح ما أشكل فيه، وبعض ما اشتمل عليه من النفائس المستجدات، مع بيان غريب الألفاظ وضبط المشكلات، خرّج بعضها من مسودة المؤلف تلميذه العلّامة الشمس محمد بن محمد بن أحمد الفيشي المالكي من أثناء باب السرايا.
كان عزبا لم يتزوج قطّ، وإذا قدم عليه المضيف يعلّق القدر ويطبخ له.
كان حلو المنطق، مهيب النظر، كثير الصيام والقيام، بت عنده الليالي فما كنت أراه ينام في الليل إلّا قليلا.
كان إذا مات أحد من طلبة العلم وخلّف أولادا قاصرين وله وظائف يذهب إلى القاضي ويتقرر فيها ويباشرها ويعطي معلومها [1] للأيتام حتّى يصلحوا للمباشرة.
كان لا يقبل من مال الولاة وأعوانهم شيئا، ولا يأكل من طعامهم، وذكر لي شخص من الذين يحضرون قراءة سيرته في جامع الغمري أن أسأله في اختصار «السيرة» وترك ألفاظ غريبها، وأن يحكي السير على وجهها كما فعل ابن سيّد الناس، فرأيته بين القصرين وأخبرته الخبر، فقال: قد شرعت في اختصارها من مدة كذا، فرأيت ذلك هو الوقت الذي سألني فيه ذلك الرجل.
وكانت عمامته نحو سبعة أذرع على عرقية، لم يزل غاضا طرفه سواء كان ماشيا أو جالسا، رحمه الله.
وأخلاقه الحسنة كثيرة مشهورة بين أصحابه ورفقائه. انتهى كلام الشعراوي.
وقال سيدي أحمد العجمي المتولي سنة ست وثمانين وألف: أنه توفي يوم الاثنين رابع عشر شعبان- أي من هذه السنة- وله من المؤلفات «عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة النعمان» [2]«الجامع الوجيز الخادم للغات القرآن العزيز» «مرشد السالك إلى ألفية ابن مالك» النّكت عليها اقتضبه من نكت شيخه السيوطي عليها،
قلت: وقد نشرت القسم المتعلق من هذا الكتاب العظيم دار ابن كثير بدمشق هذا العام بتحقيق الأستاذ محمد نظام الدّين الفتّيح، نزيل المدينة المنورة، وهي نشرة جيدة متقنة مفهرسة.
[1]
أي راتبها.
[2]
قال الكتاني في «فهرس الفهارس» : «وهو الذي لخصه ابن حجر الهيتمي في كتابه «الخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان» عقد فيه بابا مهما لذكر المسانيد السبعة عشر المجموع فيها حديث أبي حنيفة رضي الله عنه، وجوّد سياق أسانيده إليها عن شيوخه ما بين سماع وقراءة وإجازة، مشافهة وكتابة، بأسانيدهم إلى مخرّجيها» .
وعلى «الشذور» و «الكافية والشافية» و «التحفة» وزاد عليه يسيرا، و «الآيات العظيمة الباهرة في معراج سيد أهل الدنيا والآخرة» ومختصره المسمى ب «الآيات البينات في معراج سيد أهل الأرض والسموات» ، «رفع القدر ومجمع الفتوة في شرح الصدر» و «خاتم النبوة» «كشف اللّبس في رد الشمس» «شرح الجرومية» ، «الفتح الرحماني شرح أبيات الجرجاني» الموضوعة في الكلام، «وجوب فتح أن وكسرها وجواز الأمرين» «إتحاف الراغب الواعي في ترجمة أبي عمرو الأوزاعي» «النّكت المهمات في الكلام على الأبناء والبنين والبنات» «تفصيل الاستفادة في بيان كلمتي الشهادة» «إتحاف الأريب بخلاصة الأعاريب» «الجواهر النفائس في تحبير كتاب العرائس» «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» «عين الإصابة في معرفة الصحابة» انتهى.
وفيها المولى محيي الدّين محمد القرماني [1] الحنفي [2] أحد الموالي الرّومية.
قرأ على علماء العجم، ثم دخل الرّوم، فقرأ على المولى يعقوب بن سيدي على شارح «الشرعة» [3] ، وصار معيدا لدرسه، ثم درّس ببعض المدارس، ثم أعطي مدرسة أزنيق ومات عنها.
وكان مشتغلا بالعلم ليلا ونهارا، علّامة في التفسير، والأصول، والعربية، له تعليقات على «الكشّاف» و «القاضي» و «التلويح» و «الهداية» و «شرح رسالة إثبات الواجب الوجود» للدواني، وله «حواش على شرح الوقاية» لصدر الشريعة وكتاب في المحاضرات سماه «جالب السرور» .
[1] كذا في «آ» و «ط» : «القرماني» وفي «الكواكب السائرة» : «القراماني» وفي «الشقائق النعمانية» :
«القراباغي» .
[2]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (272) و «الكواكب السائرة» (2/ 70) .
[3]
في «ط» : «الشريعة» .
وفيها جمال الدّين يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد الأنصاري السّعدي العبادي الحلبي الحنفي [1] .
كان فرضيا، حيسوبا، فقيها، ولي نيابة القضاء في الدولتين، ومات فقيرا بأنطاكية.
[1] ترجمته في «در الحبب» (2/ 2/ 585) و «الكواكب السائرة» (2/ 261) .