الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وأربعين وتسعمائة
فيها توفي قاضي القضاة شهاب الدّين أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتّوحي الحنبلي، المعروف بابن النّجار [1] الإمام العلّامة، شيخ الإسلام.
ولد سنة اثنتين وستين وثمانمائة، ومشايخه تزيد على مائة وثلاثين شيخا وشيخة.
وكان عالما، عاملا، متواضعا، طارحا للتكلّف سمع منه ابن الحنبلي حين قدم حلب مع السلطان سليم سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة «المسلسل بالأولية» وقرأ عليه في الصّرف، وأجاز له، ثم أجاز له بالقاهرة إجازة ثانية بجميع ما تجوز له وعنه روايته بشرطه كما ذكره في «تاريخه» .
وقال في «الكواكب» : ذكر والد شيخنا أنه لما دخل دمشق صحبة الغوري هو وقاضي القضاة [كمال الدّين الطّويل الشافعي، وقاضي القضاة][2] عبد البرّ بن الشحنة الحنفي، وقاضي القضاة المالكي، هرع إليهم جماعة للأخذ عنهم لعلو أسانيدهم، وكان ذلك في أوائل جمادي الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة.
وذكر الشعراوي: أن صاحب الترجمة لم يل القضاء إلّا بعد إكراه الغوري له المرة بعد الأخرى، ثم ترك القضاء في الدولة العثمانية وأقبل على العبادة، وأكبّ
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (6/ آ) و «الكواكب السائرة» (2/ 112) و «نعت الأكمل» ص (113- 116) و «السحب الوابلة» ص (68- 70) و «در الحبب» (1/ 1/ 195- 198) و «الضوء اللامع» (1/ 349) .
[2]
ما بين القوسين سقط من «آ» .
على الاشتغال في العلم حتّى كأنه لم يشتغل بعلم قطّ، مع أنه انتهت إليه الرئاسة في تحقيق نقول مذهبه وفي علوم، السّنّة في الحديث، والطب، والمعقولات، وكان في أول عمره ينكر على الصوفية، ثم لما اجتمع بسيدي على الخوّاص وغيره أذعن لهم، واعتقدهم، وصار بعد ذلك يتأسف على عدم اجتماعه بالقوم في أول عمره، ثم فتح عليه في الطريق وصار له كشف عظيم قبل [1] موته.
وتوفي بمصر. انتهى وفيها بدر الدّين حسن بن علي الطّبراني [2]- من بلدة عند بركة طبرية- الشافعي المقرئ، نزيل دمشق.
حفظ القرآن العظيم بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر، ثم تلاه بعدة روايات على الشيخ علاء الدّين القيمري، واشتغل بالنحو على ابن طولون، وتسبّب بقراءة الأطفال في مكتب عزّ الدّين غربي المدرسة المذكورة، وصلّى عدة ممن [3] أقرأه بالقرآن، وكان أحد شقّيه بطّالا، لا يمشي إلّا بعكاز.
وتوفي ليلة الأحد ليلة عيد الفطر.
وفيها عرفة القيرواني المغربي [4] المالكي، العارف بالله تعالى، شيخ سيدي علي بن ميمون، وسيدي أحمد بن البيطار.
من كراماته ما حكاه سيدي محمد بن الشيخ علوان في كتابه «تحفة الحبيب» أن سلطان المغرب كان قد حبسه بنقل واش كاذب، فوضعه في السجن، وقيّده بالحديد، فكان الشيخ عرفة إذا حضر وقت من أوقات الصلوات أشار إلى القيود فتساقط، فيقوم ويصلي، فقال له بعض من كان معه في السجن: إذا كان مثل هذا المقام لك عند الله فلأي شيء ترضى ببقائك في السجن، فقال: لا يكون خروجي
[1] في «ط» : «قبيل» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 135) .
[3]
كذا العبارة في كتابنا وهي كذلك في «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف!
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 191) .
إلّا في وقت معلوم لم يحضر إلى الآن، واستمر على حاله حتّى رأى سلطان المغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:«عجّل بإطلاق عرفة من السّجن مكرّما، وإيّاك من التّقصير، تكن مغضوبا عليك فإنّه من أولياء الله تعالى» [1] فلما أصبح أطلقه مكرّما مبجّلا، رحمه الله تعالى.
وفيها علاء الدّين علي بن حسن بن أبي مشعل الجراعي ثم الدمشقي [2] الشافعي، المشهور بالقيمري لكونه كان يسكن بمحلّة القيمرية تجاه القيمرية الكبرى.
كان إماما، مقرئا، علّامة. قرأ في علم القراآت على الشمس بن الملّاح، وفيه وفي العربية على الجمال البويضي، وتفقّه بالتّقي القاري، وأجازه بالتدريس والإفتاء، وأمّ للشافعية بالأموي.
توفي شهيدا بعلّة البطن يوم السبت حادي عشري جمادى الأولى، ودفن بوصية منه في باب الصغير إلى جانب أخ له في الله صالح.
وفيها قاضي علي بن عبد اللطيف بن قطب بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أحمد الحسيني القزويني الشافعي، المعروف بقاضي علي [3] .
كان من بيت علم وقضاء، وولي قضاء قزوين، ثم تركه، وكتب على الفتوى، ثم دخل بلاد الشام، وحجّ، وأخذ الحديث عن التّقي القاري وغيره، ثم عاد إلى بلاده، فدخل حلب، فاستجازه ابن الحنبلي فأجاز له.
وتوفي ببلاده في هذه السنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن شعبان بن أبي بكر بن خلف بن موسى
[1] هكذا ذكره الغزّي في ترجمة المترجم من كتابه «الكواكب السائرة» ولم يذكر مصدره، ونقله عنه المؤلف ابن العماد، والواضح أنه من مبالغات الصوفية، فقد دخل السجن من علماء المسلمين من هو أفضل حالا بكثير، وما أثر عنهم أو عن غيرهم أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأمر بإطلاق سراحهم!.
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 204- 205) .
[3]
ترجمته في «در الحبب» (1/ 2/ 1000- 1001) و «الكواكب السائرة» (2/ 205) .
الضّيروطي المصري الشافعي، المشهور بابن عروس [1] الإمام العلّامة.
ولد سنة سبعين وثمانمائة بسندبون تجاه ضيروط، وأخذ العلم عن الشّهاب بن شقير المغربي التّونسي، وعن النور المحلّي، وأجاز له تدريس العلوم المتعارفة لتضلعه منها، وصحب سيدي الشيخ أبا العون المغربي ودعا له، وقرأ «ثلاثيات البخاري» على أمة الخالق بنت العقبي بحقّ إجازتها من عائشة بنت عبد الهادي، عن الحجّار.
وكان ذكيا، متواضعا، طارحا للتكلّف، يصل إلى المدارك الدقيقة بفهم ثاقب، وكان يحفظ كتبا كثيرة يسردها عن ظهر قلب، حتى كأنها لم تغب عنه، وجمع الله له بين الحفظ والفهم.
وكان مدرّسا بمقام الإمام الشافعي بمصر، فأخذه عنه رجل أعجمي، فرحل إلى الرّوم واستردّه مضموما إليه تدريس الخشابية بمصر المشروطة لأعلم علماء الشافعية، ودخل في رحلته إلى الرّوم دمشق وحلب، وأخذ عنه بهما جماعة من أهلهما، منهم ابن الحنبلي، وأجازه بسائر مروياته، ثم دخل دمشق ثانيا في العود واجتمع بأعيان علمائها، وأضافوه، وأكرموه، وشهدوا له بالفضل الباهر.
وتوفي بالقاهرة ليلة الجمعة سابع عشري شوال.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الرحمن الصّهيوني الشافعي [2] الإمام العلّامة، خطيب جامع الأطروش بطرابلس.
توفي بها [3] في ذي القعدة.
وفيها هداية الله بن بار علي التّبريزي الأصل القسطنطيني الحنفي [4] ، أحد موالي الرّوم.
[1] ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 217- 221) و «الكواكب السائرة» (2/ 35- 37) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 41) .
[3]
أي في طرابلس.
[4]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (297) و «الكواكب السائرة» (2/ 256) و «در الحبب» (2/ 2/ 537- 539) .
كان فصيحا، مقتدرا على التعبير بالعربية، يغلب عليه علم الكلام، ويميل إلى اقتناء الكتب النّفيسة.
وكان عارفا بالأصلين، والفقه، مشاركا في غيرهما. قرأ على المولى بير أحمد، والمولى محيي الدّين الفناري، وابن كمال باشا، وغيرهم. ثم تنقّل في المدارس إلى أن أعطي قضاء مكّة، فقدم حلب ودمشق ذاهبا إليها سنة ست وأربعين، ثم رحل من مكة إلى مصر، وترك القضاء لعلّة ألمت به بعينيه، وأخذ في علاجها بمصر فلم يبرأ، فبقي بها إلى أن مات.
وفيها- تقريبا- شرف الدّين يحيى الرّهاوي المصري الحنفي [1] الإمام العلّامة.
كان نازلا بدمشق، وسافر مع الشيخ الضّيروطي إلى مصر سنة اثنتين وأربعين، وتوفي بها.
وفيها جمال الدّين يوسف بن يحيى الجركسي الحنفي، ابن الأمير محيي الدّين بن الأمير أزبك الفاضل [2] .
قرأ شرحي الشيخ خالد على «الجرومية» و «القواعد» على ابن طولون، ثم أخذ في حلّ «الألفية» عليه، وكتب له «إجازة» وحلّ «الكنز» على القطب بن سلطان، ثم عرض له السفر إلى مصر لأجل استحقاقه في وقف جدّه، فتوفي بها غريقا، ودفن بتربة جدّه المنسوبة [3] إليه الأزبكية [خارج مصر] .
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 260) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 262) .
[3]
في «آ» و «ط» : «المنسوب» وأثبت لفظ «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف، وما بين الحاصرتين زيادة منه.