الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة
فيها توفي برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن الأمير ناصر الدّين محمد بن أبي بكر بن علي بن أيوب، المعروف بابن أبي شريف المقدسي المصري الشافعي [1] الشيخ الإمام والحبر الهمام العلّامة المحقّق والفهّامة المدقّق شيخ مشايخ الإسلام ومرجع الخاص والعام.
ولد بالقدس الشريف سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ونشأ بها، واشتغل بفنون العلم على أخيه الكمال بن أبي شريف، ورحل إلى القاهرة فأخذ الفقه عن العلم البلقيني، والشّمس القاياتي والأصول عن الجلال المحلّي، وسمع عليه في الفقه أيضا، وأخذ الحديث عن شيخ الإسلام ابن حجر وغيره، وتزوج بابنة قاضي القضاة شرف الدّين يحيى المناوي، وناب عنه في القضاء، ودرّس، وأفتى، ونظم، ونثر، وصنّف، وترجمه صاحب «الأنس الجليل» فيه في حياته. وقال: ولي المناصب السّنية وغيرها من الأنظار بالقاهرة المحروسة، واشتهر أمره وبعد صيته، وصار الآن المعوّل عليه في الفتوى بالدّيار المصرية. قال: وهو رجل عظيم الشأن، كثير التواضع، حسن اللقاء، فصيح العبارة، ذو ذكاء مفرط، وحسن ونظم ونثر، وفقه نفس، وكتابة على الفتوى نهاية في الحسن، ومحاسنه كثيرة، وترجمته وذكر مشايخه يحتمل الإفراد بالتأليف، ولو ذكرت حقّه في الترجمة لطال الفصل، ثم قال: قدم من القاهرة إلى بيت المقدس سنة ثمان وتسعين وثمانمائة بعد غيبة طويلة، ثم عاد إلى وطنه بالقاهرة. انتهى وقال ابن طولون: قدم دمشق يوم الجمعة ثاني الحجة سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ونزل بالسميساطية، وقرأنا عليه فيها.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 102- 105) و «الأعلام» (1/ 66) .
وقال النّعيمي: فوض إليه قضاء مصر في تاسع عشر ذي الحجّة سنة ست وتسعمائة عوض محيي الدّين بن النّقيب، أي وبقي في القضاء إلى سنة عشر وتسعمائة فعزل بالشّهاب بن الفرفور كما ذكره الحمصي، ثم أنعم عليه الغوري بمشيخة قبته الكائنة قبالة مدرسته الغورية بمصر، واستمرّ في المشيخة إلى سنة تسع عشرة فوقعت حادثة بمصر وهي أن رجلا اتّهم أنه زنى بامرأة، فرفع أمرهما إلى حاجب الحجاب بالدّيار المصرية الأمير انسباي فضربهما فاعترفا بالزّنا، ثم بعد ذلك رفع أمرهما إلى السلطان الغوري فاحضرا بين يديه، فذكر أنهما رجعا عما أقرّا به من الزّنا قبل، فعقد السلطان لذلك مجلسا جمع فيه العلماء والقضاة الأربع، فأفتى صاحب الترجمة بصحة الرجوع، فغضب السلطان لذلك، وكان المستفتي القاضي شمس الدّين الزّنكلوني الحنفي وولده، فأمر السلطان بهما فضربا في المجلس حتّى ماتا تحت الضّرب، وأمر بشنق المتهمين بالزّنا على باب صاحب الترجمة فشنقا، وعزل صاحب الترجمة من مشيخة القبّة الغورية والقضاة الأربعة: الكمال الطّويل الشافعي، والسّري بن الشّحنة الحنفي، والشّرف الدّميري المالكي، والشّهاب الشّيشني الحنبلي، واستمرّ صاحب الترجمة ملازما لبيته والناس يقصدونه للأخذ عنه والاشتغال عليه في العلوم العقلية والنّقلية.
قال الشعراوي: وكان من المقبلين على الله عز وجل ليلا ونهارا، لا يكاد يسمع منه كلمة يكتبها عليه كاتب الشمال، وكان لا يتردد لأحد من الولاة أبدا، وكان يتقوت من مصبنة له بالقدس ولا يأكل من معاليم مشيخة الإسلام شيئا، وكان قوّالا بالحقّ، آمرا بالمعروف، لا يخاف في الله لومة لائم، وكان الناس يقولون:
جميع ما وقع للغوري بسر الشيخ. انتهى ومن فوائده ما ذكره الزّين ابن الشّماع في «عيون الأخبار» قال: وقد حضرت دروسه [1] بالقاهرة سنة إحدى عشرة فأتى بفوائد كثيرة، وختم المجلس بنكتة فيها بشارة جليلة، فقال ما حاصله: اختم المجلس ببشارة عظيمة ظهرت في قوله تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 15: 49 [الحجر: 49] قال: قوله تعالى:
[1] في «أ» : (درسه) .
نَبِّئْ 15: 49 أي يا محمد عِبادِي 15: 49 شرّفهم بياء الإضافة إلى تقدس ذاته فأوقع ذكرهم بينه وبين نبيه فعباد وقع ذكرهم بين ذكر نبيهم وذكر ربّهم لا ينالهم إن شاء الله تعالى ما يضرهم بل المرجو من كرم الله تعالى أن يحصل لهم ما يسرّهم. انتهى.
ومن مؤلفاته «شرح المنهاج» في أربع مجلدات كبار وشرح الحاوي وكتاب في الآيات التي فيها الناسخ والمنسوخ وغير ذلك ومن شعره من قصيدة ختم بها «صحيح البخاري» [1] :
دموعي قد نمّت بسرّ غرامي
…
وباح بوجدي للوشاة سقامي
فأضحى حديثي بالصّبابة مسندا
…
ومرسل دمعي من جفوني هامي
وتوفي في فجر يوم الجمعة ليومين بقيا من المحرم، ودفن بالقرب من ضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه.
وفيها شمس الدّين أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن خليل الرّملي ثم الدمشقي [2] الشافعي الإمام العلّامة.
ولد بالرّملة في ربيع الأول سنة أربع وخمسين وثمانمائة، ونشأ بها، وكان يعرف قديما بابن الحلاوي، وبابن الشّقيع، ثم تحول إلى دمشق، وحفظ «المنهاج» و «ألفية» النحو والحديث و «الشّاطبيتين» و «الدّرة في القراءات الثلاث» وعرض على جماعة، وأخذ عن ابن نبهان، وابن عراق، وأبي زرعة المقدسي، وابن عمران، وعمر الطّيبي، والزّين [خطّاب، والنور] الهيثمي [3] ، والمحبّ بن الشّحنة، وابن الهائم، وجعفر السّنهوري، وآخرين، وسمع على الجمال عبد الله بن جماعة خطيب المسجد الأقصى «المسلسل بالأولية» وغيره وناب في الحكم بدمشق فحسنت سيرته، وولي مشيخة الإقراء بجامع بني أمية وبدار الحديث الأشرفية، و «بتربة الأشرفية» وبتربة أم الصّامح بعد الباقعي، وكان لازمه حين إقامته بدمشق وأخذ عنه كثيرا وعادى أهل بلده أو الكثير منهم بسببه.
[1] البيتان في «الكواكب» (1/ 104) .
[2]
ترجمته في «الكواكب» (1/ 131) وما بين حاصرتين مستدرك.
[3]
صاحب «مجمع الزوائد» .
قال السخاوي: وقصدني في بعض قدماته إلى القاهرة، وأخذ عني، وأنشدني قصيدة من نظمه امتدح فيها الخيضري، وكان نائبه في إمامة مقصورة جامع بني أمية. قال: وبالجملة فهو خفيف مع فضيلة. انتهى وقال في «الكواكب» : ناب في إمامة الجامع الأموي عن العلّامة غرس الدّين اللّدي، ثم لمامات استقلّ بها، فباشرها سنين حتّى مات، وانتهت إليه مشيخة الإقراء بدمشق، وكان له مشاركة جيدة في عدة من العلوم، وله نظم حسن.
وتوفي يوم السبت عشري ذي الحجة، ودفن بمقبرة باب الصغير.
وفيها الحافظ شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن [محمد بن][1] أبي بكر بن عبد الملك بن أحمد بن محمد بن حسين بن علي القسطلاني المصري [2] الشافعي الإمام العلّامة الحجّة الرّحلة الفقيه المقرئ المسند.
قال السخاوي: مولده ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بمصر، ونشأ بها وحفظ القرآن، وتلا للسبع، وحفظ «الشاطبية» و «الجزرية» و «الوردية» وغير ذلك، وذكر له عدة مشايخ، منهم الشيخ خالد الأزهري النحوي، والفخر المقسمي، والجلال البكري، وغيرهم، وأنه قرأ «صحيح البخاري» في خمسة مجالس على الشّاوي، وتلمذ له أيضا، وأنه قرأ عليه- أعني السخاوي- بعض مؤلفاته، وأنه حجّ غير مرة، وجاور سنة أربع وثمانين وسنة أربع وتسعين، وأنه أخذ بمكة عن جماعة منهم النّجم بن فهد، وولي مشيخة مقام سيدي الشيخ أحمد الحرّار بالقرافة الصّغرى، وعمل تأليفا في مناقب الشيخ المذكور سمّاه «نزهة الأبرار في مناقب الشيخ أبي العبّاس الحرار» وكان يعظ بالجامع العمري وغيره، ويجتمع عنده الجمّ الغفير، ولم يكن له نظير في الوعظ، وكتب بخطّه شيئا كثيرا لنفسه ولغيره، وأقرأ الطلبة، وتعاطى الشهادة، ثم انجمع وأقبل على التأليف، وذكر من تصانيفه «العقود السّنية في شرح المقدمة الجزرية» و «الكنز في وقف حمزة
[1] ليس ما بين الرقمين في «أ» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 126- 127) .
وهشام على الهمز» وشرحا على «الشاطبية» زاد فيه زيادات ابن الجزري، مع فوائد غريبة وشرحا على «البردة» سمّاه «الأنوار المضية» وكتاب سمّاه «نفائس الأنفاس في الصّحبة واللباس» و «الروض الزاهر في مناقب الشيخ عبد القادر» و «تحفة السامع والقاري بختم صحيح البخاري» ورسائل في العمل بالربع المجيب. انتهى ما ذكره السخاوي ملخصا وقال في «النّور» : ارتفع شأنه بعد ذلك، فأعطى السعد في قلمه، وكلّمه وصنّف التصانيف المقبولة التي سارت بها الرّكبان في حياته، ومن أجلها شرحه على «صحيح البخاري» مزجا في عشرة أسفار كبار لعله أجمع شروحه وأحسنها وألخصها، ومنها «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» وهو كتاب جليل المقدار، عظيم الوقع، كثير النّفع، ليس له نظير في بابه، ويحكى أن الحافظ السيوطي كان يغضّ منه ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل إليها، وأنه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الإسلام زكريا، فألزمه ببيان مدعاه فعدّد مواضع قال: إنه نقل فيها عن البيهقي، وقال: إنه للبيهقي عدة مؤلفات فليذكر لنا ذكره في- أي مؤلفاته- لنعلم أنه نقل عن البيهقي ولكنه رأى في مؤلفاتي ذلك النقل عن البيهقي فنقله برمته، وكان الواجب عليه أن يقول نقل السيوطي عن البيهقي.
وحكى الشيخ جار الله بن فهد أن الشيخ- رحمه الله قصد إزالة ما في خاطر الجلال السّيوطي فمشى من القاهرة إلى الروضة إلى باب السّيوطي، ودق الباب فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلاني جئت إليك حافيا مكشوف الرأس ليطيب خاطرك عليّ، فقال له: قد طاب خاطري عليك ولم يفتح له الباب ولم يقابله.
قال في «النّور» : وبالجملة فإنه كان إماما حافظا متقنا، جليل القدر، حسن التقرير والتحرير، لطيف الإشارة، بليغ العبارة، حسن الجمع والتأليف، لطيف الترتيب والترصيف، زينة أهل عصره ونقاوة ذوي دهره، ولا يقدح فيه تحامل معاصريه عليه، فلا زالت الأكابر على هذا في كل عصر.
توفي ليلة الجمعة سابع المحرم بالقاهرة ودفن بالمدرسة العينية جوار منزله.
انتهى
وقال في «الكواكب» : كان موته بعروض فالج نشأ له من تأثره ببلوغه قطع رأس إبراهيم بن عطاء الله المكّي بحيث سقط عن دابته وأغمي عليه، فحمل إلى منزله، ثم مات بعد أيام. انتهى وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن علي الرّملي ثم الدمشقي الشافعي [1] ، الشهير بابن الملّاح.
ولد سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وكان على جانب كبير من العلم والدّيانة وصفاء القلب، إماما في القراءات.
تولى مشيخة الإقراء بالمدرسة السيبائية والإمامة بها، وناب في إمامة الأموي مرات.
وتوفي يوم الاثنين تاسع عشر شهر [2] رمضان.
وفيها المولى شجاع الدّين إلياس العالم الفاضل الرّومي [3] .
كان من نواحي قسطموني، واشتغل بالعلم، وتقدّم في الفضل، حتى صار معيدا للمولى خواجه زاده ثم اشتغل بالتدريس، حتّى صار مدرسا بإحدى الثمانية ثم أعطي تقاعدا، وكان كريم النّفس، متخشعا مشتغلا بنفسه، منقطعا عن الخلق، يقال: إنه تجاوز التسعين.
وتوفي في هذه السنة.
وفيها نور الدّين أبو الفتح جعفر بن الشيخ صارم الدّين أبي [4] إسحاق إبراهيم السّنهوري [5] المصري الشافعي المقرئ البصير الإمام العلّامة.
أخذ القراءات عن الشيخ شهاب الدّين أبي جعفر الكيلاني، المعروف بالحافظ وغيره.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 127- 128) .
[2]
ليست اللفظة في «أ» .
[3]
ترجمته في «الشقائق النعمانية» (168- 169) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 162) .
[4]
في «ط» : (أبو) .
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 172) .
وفيها- أو في التي بعدها- المولى خضر بك بن المولى أحمد باشا الرّومي الحنفي [1] الشيخ العارف.
تربي في حجر والده، وحصّل فضيلة وافرة من العلم، وصار مدرّسا بمدرسة السلطان مراد الغازي ببروسا، وانتفع به الطلبة وفضلوا عنده، ثم مال إلى التصوف وتهذيب الأخلاق، وصار خاشعا، وقورا، ساكنا مهيبا، متأدبا، متواضعا مراعيا لجانب الشريعة، حافظا لآداب الطريقة، مقبولا عند الخاص والعام إلى أن توفي.
قاله في «الكواكب» .
وفيها السلطان الملك الظّافر عامر بن عبد الوهاب [2] سلطان اليمن.
قال في «النور» : كان على جانب عظيم من الدّين والتّقوى والمشي في طاعة الله تعالى، لا تعلم له صبوة، وكان ملازما للطهارة والتّلاوة والأوراد، لا يفتر عن ذلك آناء الليل وأطراف النهار، كثير الصّدقات وفعل المبرّات، ومآثره بأرض اليمن من بناء المساجد والمدارس وغير ذلك مخلّدة لذكره على الدوام، وموجبة لحلوله دار السلام في جوار الملك العلّام، استمرّ ملكا تسعا وعشرين سنة، وفيه وفي أخيه صلاح الدّين يقول العلّامة [ابن] الدّيبع [3] :
تحطّم من ركن الصّلاح مشيده
…
وقوّض [4] من بنيانه كلّ عامر
فما من صلاح فيه بعد صلاحه
…
ولا عامر والله من بعد عامر
وتوفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الآخر شهيدا رحمه الله تعالى انتهى.
وفيها المولى حليمي عبد الحليم بن علي القسطموني [5] المولد الرّومي الحنفي العالم الفاضل.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 188) .
[2]
ترجمته في «النور السافر» ص (188) .
[3]
في «أ» : «الزيبع» والبيتان في «النور السافر» ص (119) .
[4]
في «أ» : «وتقوض» ولا يستقيم بها الوزن.
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 223) .
اشتغل بالعلم، وخدم المولى علاء الدّين العربي، ثم ارتحل إلى بلاد العرب، وقرأ على علمائها، وحجّ، ثم سافر إلى بلاد العجم، وقرأ على علمائها، وصحب الصوفية، وتربى عند شيخ يقال له المخدومي، ثم عاد إلى بلاد الرّوم واستقرّ بها، ثم طلبه السلطان سليم الفاتح قبل جلوسه على سرير السلطنة وجعله إماما له وصاحبا فرآه متفننا في العلوم، متحليا بالمعارف، فلما جلس على سرير السلطنة نصّبه معلما لنفسه، وعيّن له كل يوم مائة عثماني، وأعطاه قرى كثيرة، ودخل معه بلاد الشام ومصر.
وتوفي بدمشق بعد عوده في صحبة سلطانه إليها من مصر يوم الجمعة عشري شوال، ودفن بتربة الشيخ محيى الدّين بن عربي إلى جانب الشيخ محمد البلخشي [1] من القبلة.
وفيها العارف بالله تعالى عبد الرحمن بن الشيخ علي بن أبي بكر العيدروس [2] الشافعي.
ولد سنة خمسين وثمانمائة، وقرأ على والده وغيره من الأعلام، فمن جملة ما قرأ على والده «الإحياء» أربعين مرة، وكان يغتسل لكل فرض، ومن مجاهداته وهو صغير أنه كان يخرج هو وابن عمه إلى شعب من شعاب تريم يقال له النّعير بعد مضي نصف الليل، فينفرد كل منهما يقرأ عشرة أجزاء في صلاة، ثم يرجعان إلى منازلهما.
وكان يحفظ «الحاوي» في الفقه، و «الوردية» في النحو، وكان يغطي إحدى يديه فلا يكشفها لأحد [3] فألحّ عليه بعضهم أن يخبره بالسبب، فقال: كنت شاعرا وامتدحت النّبيّ صلى الله عليه وسلم بجملة قصائد، ثم اتفق أن قلت قصيدة في مدح بعض أهل الدنيا فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في النّوم وهو يعاتبني على ذلك، ثم أمر بقطع يدي فقطعت فشفع في الصّدّيق، فعادت والتحمت فانتبهت والعلامة ظاهرة في يدي، ثم كشف له عن يده فإذا محل القطع نور يتلألأ.
[1] في «أ» : (البلخثي) وهو تحريف.
[2]
ترجمته في «النور السافر» (112- 113) .
[3]
ليست اللفظة في «ط» .
وممن أخذ عنه من أكابر العلماء الفقيه عبد الله باقشير [1] والفقيه عمر باشيبان.
وتوفي في المحرّم بتريم ودفن بها. قاله في «النّور» .
وفيها زين الدين عبد الرحمن الصالحي الشافعي الإمام العالم الصالح المحدث توفي بالقاهرة في صفر.
وفيها عبد الفتاح بن أحمد بن عادل باشا الحنفي العجمي [2] الأصل ثم أحد موالي الرّوم.
كان عالما محقّقا، وله خط حسن.
قرأ على جماعة، منهم المولى محيي الدّين الإسكليبي، والمولى عبد الرحمن بن المؤيد، ثم صار مدرّسا بمدرسة المولى يكان ببروسا، ثم بمدرسة أحمد باشا بن ولي الدّين بها بمدرسة إبراهيم باشا بالقسطنطينية، ومات وهو مدرّس بها.
وفيها كريم الدّين عبد الكريم بن الأكرم الدمشقي الحنفي [3] القاضي الشيخ العلّامة.
توفي بمنزله بالعنابة خارج دمشق يوم الخميس سادس عشر صفر، ودفن بمقبرة الشيخ أرسلان. قاله في «الكواكب» وفيها الشيخ عبد النّبي المغربي [4] المالكي الشيخ الإمام العلّامة الحجّة القدوة الفهّامة مفتي السادة المالكية بدمشق، أحد إخوان سيدي علي بن ميمون.
توفي بدمشق يوم الجمعة ثالث عشري شهر رمضان ووافق حضور جنازته بالجامع الأموي حضور [5] السلطان سليم فصلّي عليه مع الجماعة.
[1] في «أ» : (كبار العلماء الفقيه عبد الله باتشير) وفيه تحريف.
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 240) ، و «الطبقات السنية» (4/ 362) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 255) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 256) .
[5]
ليست اللفظة في «ط» .
وفيها ولي الله عبد الهادي الصّفوري [1] ثم الدمشقي الشافعي الشيخ الصّالح الصّوفي المسلك المربي.
توفي بمنزله بمحلة قبر عاتكة يوم الأحد سادس عشر شوال، ودفن بتربة بالقرب من مسجد الطالع بالمحلّة المذكورة وتعرف الآن بالدقّاقين وقبره الآن ظاهر يزار.
وفيها محبّ الدّين المقدسي [2] إمام المسجد الأقصى الشيخ العلّامة. قاله في «الكواكب» .
وفيها شمس الدّين محمد بن حسين الدّاديخي ثم الحلبي [3] الشافعي المقرئ المجود.
كان ديّنا خيّرا، له أخلاق حسنة. أخذ القراءات عن مغربي كان بداديخ، وبرع فيها وفي غيرها، وأخذ عن البازلي بحماة، وعن البدر السّيوفي بحلب وهما أجلّ شيوخه، وكان يشغل الطلبة في قبّة بجامع عيسى ويؤدّب الأطفال.
وفيها كمال الدّين محمد بن العلّامة شمس الدّين محمد بن داود البازلي الكردي الأصل الحموي [4] الشافعي الإمام العالم العلّامة.
قال الحمصي: باشر نيابة القضاء بدمشق ومشيخة المدرسة الشامية، وكان عالما مفنّنا.
توفي بدمشق يوم السبت تاسع عشري شوال، وكان والده إذ ذاك حيّا.
انتهى وفيها شمس الدّين محمد بن نصير الدمشقي الميداني الضّرير المقرئ [5] المجوّد العلّامة النّحوي.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 256) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 306) .
[3]
ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 79) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 40) .
[4]
ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 99) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 20- 21) .
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 72) وفيه «محمد بن نصر» .
كان من أهل العلم بالقراءات، وله في النحو مؤلفات، منها كتاب مطول سمّاه «ذخر الطلاب في علم الإعراب» وكتاب مختصر سمّاه «تنقيح اللّباب فيما لا بد أن يعتنى به في فنّ الإعراب» .
وكان فقيرا من الدّنيا، وكان ابن طولون يتردد إليه كثيرا، وانتفع به جماعة.
وتوفي يوم الخميس قبل المغرب سابع عشري صفر ودفن بمقبرة الجوزة بمحلّة الميدان.
قال في «الكواكب» : وفيها سادات كالشيخ إبراهيم القدسي كاتب المصاحف، وكانت وفاته قبل القرن [1] العاشر في ثاني رمضان سنة أربع وتسعين وثمانمائة. انتهى وفيها محيي الدّين محمد بن يعقوب الرّومي الحنفي، الشهير باجه زاده الإمام العالم. [2] قرأ على علماء عصره، ثم وصل إلى خدمة المولى خطيب زاده، ثم ولي الولايات، وتنقل فيها حتّى صار قاضي بروسا، ثم عزل، ومات معزولا.
قال في «الشقائق» : كان عالما، فاضلا، ذكيا، سليم الطبع، مبارك النّفس مقبلا على الخير متواضعا متخشعا صاحب كرم وأخلاق. انتهى وفيها مفتي زبيد [3] وعالمها كمال الدين موسى بن زين العابدين بن أحمد بن أبي بكر الرداد البكري الصّدّيق الشافعي [4] الجهبذ المصقع المدقّق.
قال في «النّور» : كان شافعي زمانه، ورئيس أقرانه علما وعملا، بحرا من بحار العلم، وجبلا من جبال الدّين، له القدم الراسخة في المذهب والباع الطويل في كل مشرب، رحل [5] إليه الطالبون، ورغب في الأخذ عنه الراغبون، وتفقه
[1] في «ط» : «قبل المغرب» خطأ.
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 72) .
[3]
جاءت هذه الترجمة في الأصل بعد آخر ترجمتين في هذه السنة.
[4]
ترجمته في «النور السافر» ، (115- 116) .
[5]
في «أ» : «زهد» ولعلها مصحفة عن «نهد» رواية «النور السافر» .
بالقاضي الطّيب النّاشري، ونجم الدّين المقري الجبائي وغيرهما، وروى فقه الإمام الشافعي من طريق العراقيين والمراوزة عن الإمام علي بن عطيف نزيل مكة وأهل طبقته، وأفتى ودرّس، وانتشر صيته في جميع الآفاق، واعترف له الأكابر بالإمامة، وقصد للفتوى من كل نجد، وتهامة، وتفقه به الجلّة، منهم ابنه المحقّق فخر الدّين أبو بكر، وأبو العباس الطبنداوي [1] ، وغيرهما، وله الأجوبة الرائقة والبحوث الفائقة والمصنّفات المقبولة والشروح المتداولة المنقولة، منها «الكوكب الوقّاد شرح الإرشاد» في أربع وعشرين مجلدا، وله شرح صغير على «الإرشاد» وفتاوى جمعها ولده ورتبها ترتيبا حسنا، وزاد عليها زيادات لا غناء عنها.
قال تلميذه الناشري: اتفق له ما لم يتفق لأحد قبله وذلك أنه زرع البرّ في أرضه واستغله وحرث غيره، وكان غالب قوته في غالب الأحوال اللوز والعسل، ومن نعم الله عليه أنه مكث أربعين سنة ما رزئ بأحد من بيته ولم تخرج من بيته جنازة.
وتوفي عصر يوم الجمعة التاسع والعشرين من المحرم. انتهى وفيها نصوح الطّوسي [2] العارف بالله تعالى.
قال في «الكواكب» : كان عالما صالحا، يحفظ القرآن العظيم، ويكتب الخطّ الحسن، ثم انتسب إلى الطريقة الزّينبية، وخدم الشيخ تاج الدّين القرماني، وبلغ عنده رتبة الإرشاد، وقعد على سجادة التربية بعد وفاة الشيخ صفي الدّين في زاوية شيخه المذكور، ومات في وطنه. انتهى وفيها شرف الدّين يونس بن إدريس بن يوسف الحلبي ثم الدمشقي [3] الشافعي الصّوفي، الهمداني الخرقة، الصّالح المسلّك.
ولد بمدينة حلب سنة سبع وستين وثمانمائة، واشتغل على جماعة في عدة
[1] في «ط» : «الضبذاوي» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 311) وهذه الترجمة والتي تليها تقدمتا على ترجمة مفتي زبيد المتقدمة في النسخة «آ» .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 320) ، و «متعة الأذهان» (ق 109) .
فنون، وتوجه إلى مكة ثلاث مرات، وجاور في حدود الثمانين، وسمع بها الحديث على السّخاوي، والمحبّ الطّبري وولده أبي السعادات، وقرأ عليه في النحو، ولبس الخرقة الهمدانية، وتلقن الذكر من السيد عبيد الله التّستري الهمداني، وصار له أتباع كثيرون يتداولون الأوراد الصحيحة بالمدرسة الرّواحية بحلب، وهاجر إلى دمشق وأقام بدار الحديث بقرب قلعة دمشق.
وتوفي بدمشق يوم الاثنين عشري [شعبان]