الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وثمانين وتسعمائة
فيها توفي المولى أحمد بن محمد المشتهر بنشاجي زاده [1] .
قال في «ذيل الشقائق» :
ولد بمدينة قسطنطينية سنة أربع وثلاثين وتسعمائة، وقرأ على علماء عصره، كالمولى شيخ زاده شارح «البيضاوي» والمولى عبد الكريم زاده، والمولى برويز.
وصار ملازما من المولى سنان، وتنقّل في المدارس، ثم اتفق أن مات عدة من أولاده، فترك تصاريف الدّنيا، وأعرض عن المدارس، واختار الانزواء، ثم رجع، وصار مدرّسا بإحدى المدارس الثمان، ثم قلّد قضاء مكة، ثم مصر، ثم المدينة المنوّرة، وقبل توجهه إليها تغيّر عليه خاطر السلطان، فعزله وأمره بالخروج عن البلدة فخرج متوجها إلى الحجّ فلما حجّ وعاد توفي بقرب دمشق، فحمل إليها ودفن فيها.
وكان- رحمه الله تعالى- طويل الباع في العلوم العربية، مائلا إلى الصّلاح، متصلا بأسباب الفلاح، مكبّا على الاشتغال والإشغال، بدأ بإعراب القرآن العظيم مقتفيا أثر السّفاقسي [2] والسّمين [3] وصل بها إلى سورة الأعراف، وشرح الحزب
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (491- 492) .
[2]
هو الإمام إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القيسي السّفاقسي، أبو إسحاق برهان الدّين، فقيه مالكي، له «إعراب القرآن المجيد» ويسمى «المجيد في إعراب القرآن المجيد» . مات سنة (2/ 74) هـ. انظر «النجوم الزاهرة» (10/ 98) و «بغية الوعاة» (1/ 425) و «كشف الظنون» (2/ 1607) .
[3]
هو الإمام أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي المعروف بالسّمين، أبو العبّاس، شهاب الدّين، النحوي المقرئ. له «الدّر المصون في علم الكتاب المكنون» في إعراب القرآن الكريم. مات
المنسوب إلى الإمام علي بن أبي طالب الذي أوله: اللهم يا من ولع لسان الصبح، وعلّق حواشي على مواضع من «تفسير البيضاوي» و «الهداية» و «شرح المواقف» و «المفتاح» .
وله رسائل كثيرة بقيت في المسودات.
ومن شعره:
بفضل الله إنّا لا نبالي
…
وإن كان العدوّ رمى بجهله
وليس يضرّنا الحسّاد شيئا
…
فسوء المكر ملتحق بأهله
وفيها جمال الدّين محمد طاهر الهندي، المقلب بملك المحدّثين [1] .
قال في «النور» : ولد سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وحفظ القرآن قبل أن يبلغ الحنث، وجدّ في طلب العلم نحو خمس عشرة سنة، وبرع في فنون عديدة، حتى لم يعلم أن أحدا من علماء كجرات بلغ مبلغه في الحديث، وورث عن [2] أبيه مالا جزيلا فأنفقه على طلبة العلم.
وكان يرسل إلى معلّمي الصّبيان ويقول: أيّما صبيّ حسن ذكاؤه فأرسله إليّ، فيرسل إليه جماعة، فيقول: لكل واحد كيف حالك، فإن كان غنيا أمره بطلب العلم، وإن كان فقيرا يقول له: تعلّم ولا تهتم من جهة معاشك، ثم يتعهّده بجميع ما يحتاج إليه. وكان هذا دأبه، حتى صار منهم جماعة كثيرة علماء [3] في فنون كثيرة.
ولما حجّ أخذ عن أبي الحسن البكري، وابن حجر الهيتمي، والشيخ على
سنة (756) هـ. انظر «غاية النهاية» (1/ 152) و «الدّرر الكامنة» (1/ 339) و «الذيل التام على دول الإسلام» (1/ 146) . بتحقيق صاحبي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة ومراجعتي، طبع مكتبة دار العروبة بالكويت، ودار ابن العماد ببروت، و «بغية الوعاة» (1/ 402) و «كشف الظنون» (1/ 732) و «الأعلام» (1/ 274) .
[1]
ترجمته في «النور السافر» ص (361- 362) و «الرسالة المستطرفة» ص (158) و «الأعلام» (6/ 172) و «معجم المؤلفين» (10/ 100) .
[2]
في «ط» : «من» .
[3]
كذا في «ط» : و «النور السافر» : «علماء» وفي «آ» : «من العلماء» .
المتّقي الهندي، وجار الله بن فهد، والشيخ عبد الله العيدروس، وغيرهم.
وكان عالما، عاملا، متضلعا، متبحّرا. ورعا. وله مصنّفات، منها:«مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار» .
وكان يقوم على طائفتي الرافضة والمهدوية ويناظرهم ويريد إرجاعهم إلى الحقّ، وقهرهم في مجالس، وأظهر فضائحهم، وقال بكفرهم، فسعوا عليه، واحتالوا حتّى قتلوه في سادس شوال.
وفيها شمس الدّين، وقيل نجم الدّين، محمد بن محمد بن رجب البهنسي [1] الأصل الدمشقي المولد والمنشأ والوفاة، الحنفي الإمام العلّامة، شيخ الإسلام.
ولد في صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن ابن فهد المكّي وغيره، وتفقه بالقطب بن سلطان وبه تخرّج لأنه كان يكتب عنه على الفتوى، لأن القطب كان ضريرا، ثم أفتى استقلالا من سنة خمسين، واشتغل في بقية العلوم على الشيخ أبي الفتح المالكي، والشيخ محمد الأيجي نزيل الصالحية، وتخرّج به غالب حنفية دمشق، منهم الشيخ عماد الدّين المتوفى قبله، ورأس في دمشق.
وكان إماما، بارعا، وولي خطابة الجامع الأموي، ودرّس بالأموي والسيبائية، ثم بالمقدّمية، ثم بالقصّاعية، ومات عنها وعلوفته في التدريس بها ثمانون عثمانيا.
وحجّ مرتين، وألّف شرحا على كتاب «منتهى الإرادات» لم يكمله.
وكان من أفراد الدّهر وأعاجيب العصر.
وتوفي بعد ظهر يوم الأربعاء رابع أو خامس جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وأرخ موته بعض الشعراء فقال:
لمّا لدار التّقى مفتي الأنام مضى
…
فالعين تبكي دما من خشية الله
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 13- 15) و «عرف البشام» ص (35- 37) و «منتخبات التواريخ لدمشق» (2/ 590) و «معجم المؤلفين» (11/ 217) .
لفقد مولى خطيب الشّام سيّدنا
…
من لم يزل قائما في نصرة الله
وفاته قد أتت فيما أؤرّخه
…
(البهنسيّ عليه رحمة الله)[1]
وفيها عماد الدّين محمد بن محمد البقاعي الأصل ثم الدمشقي الحنفي [2] الإمام الأوحد العلّامة.
قال في «الكواكب» : مولده في سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وقرأ في النحو، والعروض، والتجويد، على الشّهاب الطّيبي المقرئ، والمعقولات على أبي الفتح المالكي، والشيخ علاء الدّين بن عماد الدّين رفيقا عليهما للشيخ إسماعيل النابلسي، والشمس بن المنقار، والأسد، والشيخ محمد الصّالحي، وغيرهم.
وقرأ في الفقه على النّجم البهنسي وغيره، وبرع في العربية وغيرها، وتصدّر للتدريس بالجامع الأموي، ودرّس بالريحانية، والجوهرية، والخاتونية، والناصرية، ومات عنها، وقصده للقراءة عليه الفضلاء وتردّد إليه النّواب وغيرهم.
وكان حسن الأخلاق، ودودا. وكان في ابتداء أمره فقيرا، ثم حصّل دنيا، ونال وجاهة وثروة، ولم يتزوج حتّى بلغ نحو أربعين سنة.
وكان حسن الشّكل، لطيف الذّات، جميل المعاشرة، خفيف الرّوح، عنده عقل وشرف نفس.
وكان يدرّس في التفسير وغيره، وانتفعت به الطلبة، منهم إبراهيم بن محمد بن مسعود بن محبّ الدّين، والشيخ تاج الدّين القطّان، والشيخ حسن البوريني، وغيرهم.
ومن شعره معمّى في عمر:
ولم أنس إذ زارني منيتي
…
عشيّة عنّا الرّقيب احتبس
فمن فرحتي رحت أتلو الضّحى
…
وحاسدنا مرّ يتلو عبس
وله معمّى في عليّ:
قد زارني من أحبّ ليلا
…
بطلعة البدر والكمال
[1] مجموعها في حساب الجمل (987) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 40- 41) .
وبتّ منه بطيب عيش
…
أوله بالهنا وفالي
وله في القهوة:
هذه القهوة الحلال أتتكم
…
تتهادى والطّيب يعبق منها
سوّدوها على الحرام بحلّ
…
وأماطوا غوائل الغول عنها
وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشر شعبان، ودفن بمقبرة باب توما جوار الشيخ أرسلان. انتهى ملخصا.
وفيها المولى يوسف المشتهر بالمولى سنان [1] .
قال في «العقد المنظوم» : ولد بقصبة صونا، وجدّ في الطلب، ورحل فيه، وتحمّل المتاعب، وأخذ عن أفاضل عصره، منهم المولى محيي الدّين الفناري، والمولى علاء الدّين الجمّالي، وصار ملازما من المولى خير الدّين معلّم السلطان سليمان، ثم تنقّل في المدارس، ثم صار مفتشا ببغداد، ثم عزل، وقبل وصوله إلى قسطنطينية بشّر بقضاء دمشق، ثم نقل إلى قضاء أدرنة، ثم إلى قضاء قسطنطينية، وقبل الوصول إليها بشّر بقضاء العساكر في ولاية أناضولي، وجلس للدرس العام بحضرة الأعيان. وكان رحمه الله تعالى جميل الصّورة من جلّة وأعيان أفاضل الرّوم شهد بفضله الخاص والعام، واعترفوا برسوخ قدمه في الفنون.
ومن تصانيفه «حاشية على تفسير البيضاوي» أظهر فيها اليد البيضاء، و «الحجّة الزهراء» وشرح لكتاب «الكراهية» وكتاب «الوصايا من الهداية» .
وامتحن في آخر أمره بأن أشاع عنه بعض الحسدة ما هو بريء منه، فعزل من قضاء العسكر وأمر بالتفتيش عليه مع شريكه المولى مصلح الدّين، الشهير ببستان، فلما ظهرت براءة ذمّته عيّنت له وظيفة أمثاله، وقلّد تدريس دار الحديث التي بناها السلطان سليمان، ثم استعفى منها لهرمه.
وتوفي في صفر وقد أناف على التسعين.
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (489- 491) .