الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس عشرة وتسعمائة
فيها كما قال في «النّور» ظهر في السماء في أواخر [1] الليل من مطلع العقرب على هيئة قوس قزح أبيض له شعاع وهو أزج له رأس مائل نحو مطلع سهيل واستدام يطلع كل ليلة في الوقت المذكور نحو ثلاث عشرة ليلة ثم اضمحل [2] .
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن حسن الشيخ العلّامة النّبيسي الشّيشري [3]، ونبيس قرية في حلب والشّيشر من بلاد العجم. قاله النّجم وقال: كان من فضلاء عصره، وله مصنّفات في الصّرف، و «قصيدة تائية» في النحو لا نظير لها في السلاسة، وله «تفسير» من أول القرآن إلى سورة يوسف، ومصنّفات في التصوف، وقتل في أرزنجان قتله جماعة من الخوارج. انتهى وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن أحمد الإمام العالم المحدّث الدمشقي الشافعي، الشهير بابن طوق [4] .
ولد في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثمانمائة.
وتوفي يوم الأحد ثالث أو رابع رمضان بدمشق.
[1] في ط: «آخر» .
[2]
انظر «النور السافر» ص (91) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 110) .
[4]
ترجمته «متعة الأذهان» (ق 17) و «الكواكب السائرة» (1/ 126) .
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عثمان الشيخ الإمام الفرضي الشهير بابن أمير غفلة الحلبي [1] الحنفي.
قال ابن الحنبلي: كان عالما عاملا، منوّر الشيبة حسن السّمت، فقيها فرضيا حيسوبا. تلمذ للعلّامة الفرضي الحيسوب جمال الدّين يوسف الإسعردي [2] ثم الحلبي، وعلّق على «نزهة الحساب» تعليقا [حسنا][3] ، حمله على وضعه شيخنا العلّامة الموصلي كما نبه على ذلك في ديباجته. ولم يزل على ديانته يتعاطى صنعة التجارة إلى أن مات، وكان الناس مضطرين إلى الغيث، فأنزله الله في أول ليلة مكث في قبره، رحمه الله تعالى. انتهى وفيها فقيه بيت الفقيه باليمن عبد الله بن الخطيب بن أحمد بن حشيبر اليمني [4] .
قال في «النور» : توفي ببلده يوم الاثنين خامس عشر ربيع الآخر، وكان فقيه بلده وعالمها.
وفيها زين الدّين أبو الفرج عبد الرحمن بن إبراهيم الشيخ الإمام القدوة الزاهد الرّبّاني [5] الدمشقي الصالحي الحنبلي [6] .
حفظ القرآن العظيم ثم قرأ «المقنع» وغيره، واشتغل وحصّل، وأخذ الحديث عن ابن زيد، وابن عبادة وغيرهما، وكان يقرئ الأطفال في مكتب مسجد ناصر الدّين غربي مدرسة أبي عمر.
وكان يقرأ «البخاري» في البيوت والمساجد وجامع الحنابلة بسفح قاسيون،
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 1/ 127)«وفيه: وكذا بابن قريمزان» و «الكواكب السائرة» (1/ 126) وفيه (نائب قريمزان) .
[2]
له ترجمة في «درّ الحبب» (2/ 2/ 598) .
[3]
الاستدراك عن «درّ الحبب» .
[4]
ترجمته في «النور السافر» (91) .
[5]
كذا في «ط» : «الرّباني» وفي «آ» : «الدنابي» وفي «السحب الوابلة» : (الذنابي) .
[6]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 225) و «السحب الوابلة» (195) .
وكان إذا ختم البخاري في الجامع المذكور يحضر عنده خلائق فإنه كان فصيحا وله في الوعظ مسلك حسن، ثم انجمع في آخر عمره عن الناس وقطن بزاوية المحيوي الرّجيحي بالسهم الأعلى إماما لها وقارئا ل «البخاري» .
وتوفي في هذه السنة ودفن بالروضة.
وفيها العارف بالله تعالى عبد القادر بن محمد بن عمر بن حبيب الصّفدي [1] الشافعي صاحب التائية المشهورة.
قال في «الكواكب» : أخذ العلم والطريق عن الشيخ العلّامة الصالح شهاب الدّين بن أرسلان الرّملي صاحب الصفوة وعن غيره. وكان خامل الذكر بمدينة صفد مجهول القدر عند أهلها، لا يعرفون محلّه من العلم والمعرفة. وكان يقرئ الأطفال ويباشر وظيفة الأذان حتى لقيه سيدي علي بن ميمون، فسمع شيئا من كلامه، فشهد له بالذوق وأنه من أكابر العارفين، وأعيان المحبين، فهنالك نشر ذكره، وعرف الناس قدره، كما ذكر ذلك الشيخ علوان الحموي في أول «شرح تائية ابن حبيب» .
قال النجم: وحدثني بعض الصالحين الثقات أن السيد علي بن ميمون كان سبب رحلته من المغرب طلب لقي جماعة أمره بعض رجال المغرب بلقيّهم [2] منهم ابن حبيب، وأنه لا يزال يتطلع ويتنشق ويتصفح البلاد والناس حتى دخل صفد فتنشق أنفاس ابن حبيب فدخل عليه المكتب، فأضافه الشيخ عبد القادر وأكرمه، ثم لما أطلق الأولاد قال لابن ميمون: يا رجل إني أريد أن أغلق باب المكتب، فنظر إليه سيدي علي وقال: أعبد القادر أما كفاك ما أتعبتني حتى تطردني الآن فقال له يا أخي استرني قال: بل والله لأفضحنك وأشهرنّك، فما زال به حتى أشهره. انتهى ملخصا.
وقال الشيخ علوان: هذا وهو متسبب بأسباب الخمول، متلبس بأمور لا
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 242- 246) .
[2]
في «آ» : «يلقيهم» وفيه تصحيف.
تسلمها علماء النقول، ولا تسعها [1] منهم العقول، إذ كان ممن أقيم في السماع وكشف [2] القناع، والضرب ببعض الآلات، والبسط والخلاعات، ثم اعتذر عن ضربه بالآلات، بما هو مذكور في «شرح التائية» .
وبالجملة فكان ابن حبيب، رضي الله عنه، متسترا بالخلاعة، والنفخ في المواصيل، والضرب على الدف على الإيقاع حيثما كان في الأسواق والمحافل، كل ذلك لأجل التستر ويأبى الله إلّا أن يتم نوره، ويظهر أمره، حتى رسخ في النّفوس أنه من كمّل [3] العارفين، وكان حيثما سمع الأذان وقف وأذّن، وكان ربما مشى بدبّوس أمام نائب صفد، وكان لا يمكن أحدا من تقبيل يده، وإنما يبادئ بالمصافحة، ويطوف على أهل السوق، فيصافحهم في حوانيتهم واحدا واحدا، وكان يداعب الناس ويباسطهم، وكان يقول يأتون فيقولون: سلكنا وغزلهم معرقل، وكان يقول: لو جاءني صادق لطبخته في يومين، وكان في ابتدائه يثور به الغرام، وتسري فيه المحبة والشوق حتى يفيض على رأسه الماء من [4] إناء كبير فلا يصل إلى سرته من شدة الحرارة الكائنة في بدنه، وكان ينفرد الأيام والليالي في البراري والصّحاري حتى فجأته العناية ووافقته [5] الهداية، وجاءته الفيوض العرفانية، والمواهب الربانية، وكان لا يتكلم في رمضان إلّا بالإشارة خوفا من النطق بما لا يعني، وكان لا يقبل هدايا الأمراء، وإذا جاءته رسالة من إخوانه لا يأخذها إلّا وهو متوضئ.
وقال: مرة لبعض أصحابه: تقدم فامش أمامي، ثم أخبره عن سبب ذلك أنه كان معه كتاب فيه بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1 ففعل ذلك تعظيما.
وكان مبتلى بأمراض وعلل خطيرة حتى عمّت سائر جسده، وربما طرحته في الفراش، وهو على وظائفه ومجاهداته، وكان يعاقب نفسه إذا اشتهت شيئا بإحضار الشهوة ومنعها إياها أياما.
وكان يعتقد ابن عربي اعتقادا زائدا، ويؤول كلامه تأويلا حسنا.
[1] ليست اللفظة في «آ» .
[2]
في «آ» : «وقشف» وهو تحريف.
[3]
في «ط» : «أكمل» .
[4]
في «ط» : «في» .
[5]
في «أ» : «وافقه» وفي «الكواكب» : «وافته» .
ومن شعره الدال على علو همّته، وسمو رتبته، «التائية» التي ذيّل بها على أبيات الشافعي رضي الله تعالى عنه، التي أولها:
لمّا عفوت ولم أحقد على أحد
…
أرحت نفسي من حمل المشقّات
وقد تلقاها الناس بالقبول وأداروا أبياتها فيما [1] بينهم إدارة الشمول وخدمت بالشروح، وهي جديرة بذلك. وقد اتفق لناظمها أنه رأى روحانية النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقظان، وعرضها عليه، وأصلح له بعض أبيات، وكان إذا ذكر فيها وصفا حسنا قال له: بلّغك الله ذلك يا عبد القادر، وإذا نفر من وصف قبيح قال له: أعاذك الله من ذلك يا عبد القادر.
ومن شعره أيضا:
أنا الضّيغم الضّرغام صمصام عزمها
…
على كلّ صعب في الغرام مصمم
وما سدت حتّى ذقت ما الموت دونه
…
كذا حسن عشقي في الأنام يترجم
وتوفي بصفد يوم الأحد عاشر جمادى الأولى.
وفيها- تقريبا- زين الدّين عبد القادر المنهاجي [2] الإمام العلّامة المقرئ الشافعي المعروف بالمنهاجي نزيل مكة المشرفة.
قرأ على البرهان العمادي أحاديث من الكتب الستة، وأجازه برباط العبّاس.
وفيها عبد الودود الصواف [3] الشيخ الصّالح العابد الزّاهد المقيم بنواحي قلعة الجبل بالقاهرة، وكان ينسج الصّوف ويتقوت [4] منه، وكانت عمامته قطعة من الصّوف الأحمر. وكان سيدي محمد بن عنان يقصده بالزيارة، وكانت له مكاشفات وعلي أنس عظيم.
وفيها علاء الدّين علي بن ناصر المكّي الإمام العلّامة الشافعي [5] .
[1] ليست اللفظة في «آ» .
[2]
ترجمته في «الكواكب» (1/ 254) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 257) .
[4]
في «ط» : «يتقوت» بدون الواو.
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 278) .
أخذ «صحيح البخاري» عن المسند زين الدّين عبد الرحيم المكي الأسيوطي، وعن غيره، وتفقّه بالشّرف المناوي عن الولي بن العراقي عن أبيه عن ابن النعماني عن النووي.
ومن مؤلفاته «مختصر المنهاج» وشرحه وتأليف في الحديث والتفسير والأصول. وأجاز البرهان العمادي.
وفيها شرف الدّين موسى بن أحمد النّحلاوي [1] الأصل الحلبي الدار الأردبيلي الخرقة الشافعي المذهب الشهير بالشيخ موسى الأريحاوي لسكناه بأريحا قديما، وكان إماما عالما، زاهدا صوفيا، فتح الله تعالى عليه من غير تعب بل من فضل الله تعالى.
وتوفي في أواخر ذي الحجة بحلب ودفن بتربة الخشّابين داخل باب قنسرين.
وفيها- تقريبا- شمس الدّين محمد بن علي الصّمودي [2] المالكي القاضي.
كان فقيها فاضلا، ناب عن العفيف بن حنبل قاضي المالكية بحلب وكتب بها على الفتوى.
وفيها محيي الدّين يحيى بن كمال الدّين محمد بن سلطان الحنفي [3] .
كان عالما فاضلا.
توفي بمكة المشرّفة رابع عشر ذي الحجة.
وفيها جمال الدّين محمد الطيب بن إسماعيل مبارز اليمني [4] .
قال في «النور» : كان فقيها إماما عالما عاملا علّامة فهّامة مدقّقا.
توفي عشية يوم الاثنين خامس شهر ربيع الآخر. انتهى، والله تعالى أعلم.
[1] ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 501) و «الكواكب السائرة» (1/ 308) .
[2]
ترجمته في «در الحبب» (2/ 1/ 200) .
[3]
لم أعثر على ترجمته فيما بين يدي من المصادر والمراجع.
[4]
ترجمته في «النور السافر» (91) .