الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع ستين وتسعمائة
فيها- تقريبا- توفي أحمد بن محمود بن عبد الله الحنفي [1] أحد موالي الرّوم، المعروف بابن حامد، الإمام العلّامة. تنقّل في المدارس إلى أن ولي قضاء حلب، وأثنى على فضله ابن الحنبلي.
وله مؤلفات، منها:«شرح المفتاح» للسيد الجرجاني، وحاشية على كتاب «الهداية» في الفقه.
وفيها وجيه الدّين عبد الرحمن بن الشيخ عمر بن الشيخ أحمد بن عثمان بن محمد العمودي [2] الشافعي.
أخذ عن الحافظ شهاب الدّين بن حجر الهيتميّ، والشيخ أبي الحسن البكري، وغيرهما.
وتفقّه، وبرع، وكان إماما، وليا، قدوة، حجّة من الأولياء الصالحين والمشايخ العارفين، كثير العبادة والاجتهاد، عظيم الورع والزّهد والمثابرة على الأعمال الصّالحة، مع الاشتغال بالعلوم النافعة، والتواضع الزائد، والاستقامة العظيمة.
قال الشيخ عبد القادر الفاكهي فيه، حين ذكر أنه أخذ عن ابن حجر: أخذ عنه أخذ رواية، أخذ شيخ عن شيخ كما قيل في أخذ أحمد عن الشافعي، وأن جل الشيخ- يعني ابن حجر-.
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 284- 286) و «الكواكب السائرة» (3/ 124) و «معجم المؤلفين» (2/ 172) .
[2]
ترجمته في «معجم المؤلفين» (5/ 160) .
ومن تصانيفه «حاشية على الإرشاد» وكان أراد محوها فمنعه ابن حجر من ذلك، ومنها:«النور المذرور» ولم يتزوج مدة عمره.
قال الفاكهي: ومناقبه أفردتها برسالة.
وجاور بمكة المشرفة سنين، ومات بها يوم الجمعة تاسع عشري رجب.
وفيها- تقريبا- مصلح الدّين محمد بن صلاح بن جلال الملتويّ الأنصاري السّعدي العبادي الشافعي [1] المشهور بمنلا مصلح الدّين اللاريّ، تلميذ أمير [2] غياث الدّين بن أمير صدر الدّين محمد الشيرازي.
قال ابن الحنبلي: قدم حلب سنة أربع وستين في تجارة، فأسفر عن علوم شتّى وتأليفات متنوعة، منها:«شرح الشمائل» و «شرح الأربعين النووية» و «شرح الإرشاد» في الفقه، و «شرح السراجية» وحاشية على بعض «البيضاوي» ، وحاشية على مواضع من «المطوّل» وأخرى على مواضع من «المواقف» وأخرى على «شرح الكافية» للجامي انتصر فيه لمحشّيه عبد الغفور اللّاري على محشّيه منلا عصام البخاري، وهي كثيرة الفوائد والزوائد، وغير ذلك.
قال: ولما دخل حلب دخلها في ملبس دنيء وهو يستفسر عن أحوال علمائها، ثم لبس المعتاد، وطاف بها ومعه بعض العبيد والخدم في أموال التجارة ولكن من غير تعاظم في نفسه ولا تكثّر في حدّ ذاته لما كان عنده من مشرب الصّوفية، واشتغل عليه بعض الطلبة واستفتاه بعض الناس هل اجتماع الدفّ والشبّابة في السماع مباح أم لا، فأجاب أن كلا منهما مباح، فاجتماعهما مباح أيضا، واستند إلى قول الغزّالي في «الإحياء» أن أفراد المباحات ومجموعها على السواء إلّا إذا تضمن المجموع محذورا لا يتضمنه الآحاد. قال: وقد وقع المنع من قبل أهل زماننا، وأفتى جدي بالجواز وصحّح فتواه أكابر العلماء من معاصريه ببلاد فارس، ثم نقل فتوى جدّه بطولها، ونقل قول البلقيني في تحريم النووي [3] الشبّابة
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 1/ 414- 418) و «معجم المؤلفين» (10/ 93) .
[2]
تحرفت اللفظة في «ط» إلى «مير» .
[3]
لفظة «النووي» لم ترد في «آ» .
لا يثبت تحريمها إلّا بدليل معتبر، ولم يقم النووي دليلا على ذلك، ثم نقل تصحيح الجلال الدّواني لفتوى جدّه، ثم كلام الدّواني في «شرح الهياكل» حيث قال: الإنسان يستعد بالحركات العبادية الوضعية الشرعية للشوارق القدسية، بل المحقّقون من أهل التجريد قد يشاهدون في أنفسهم طربا قدسيا مزعجا، فيتحركون بالرّقص والتّصفيق والدوران، ويستعدون بتلك الحركة لشروق أنوار أخر، إلى أن ينقص ذلك الحال عليهم بسبب من الأسباب كما يدل عليه تجارب السالكين، وذلك سرّ السماع وأصل الباعث للمتألهين على وضعه، حتى قال بعض أعيان هذه الطائفة: إنه قد ينفتح لهم في الأربعينيات.
قال ابن الحنبلي: وكان مصلح الدّين قد حكم قبل هذا النقل بإباحة الرّقص أيضا بشرط عدم التثني والتكسر في كلام مطول. قال: ثم إن مصلح الدّين رحل في تلك السنة إلى مكّة، فحجّ وجاور، ثم رجع من مكة إلى حلب فقطن بها، واستفتي، ثم توجه إلى الباب الشريف ومعه عرض من قاضي مكّة عتيق الوزير الأعظم، فخلع عليه خلعة ذات وجهين، وأهدى إليه مالا، وأعطاه من جوالي مصر أربعين درهما في كل يوم، فظهر لها مستحقون، فلم يتصرف بها، ثم عاد إلى حلب، ثم رحل منها إلى آمد. انتهى وفيها- ظنا- زين الدّين منصور بن عبد الرحمن الحريري الدمشقي الشافعي [1] الشهير بخطيب السّقيفة، الإمام العلّامة.
كان خطيبا بجامع السقيفة خارج باب توما سنين كثيرة، وكان خادم ضريح الشيخ أرسلان مدة طويلة، وكانت له يد طولى في علوم كالتفسير والعربية، وكان صوفيّ المشرب، رسلاني الطريقة. أخذ عن جماعة، منهم: البدر الغزي، وله أرجوزة في حفظ الصحة، ورسالة سمّاها ب «رسالة النصيحة في الطريقة الصحيحة» .
[1] ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 1/ 496- 498) و «الكواكب السائرة» (3/ 210- 215) و «معجم المؤلفين» (13/ 16) .
قال ابن الحنبلي: تعانى الأدب، ونظم ونثر، وألّف مقامه حسنة غزلة سمّاها «لوعة الشاكي ودمعة الباكي» وشاع ذكره بحلّ «الزايرجة للسبتي» واتصل بسبب ذلك بالسلطان أبي يزيد خان، فأكرم مثواه، وبلّغه مناه، ثم عاد إلى وطنه ومأواه، ثم رحل [1] إلى حلب سنة خمس وستين، ثم ذكر كلاما يقتضي الطعن فيه.
ومن شعره:
يا صاحبيّ اهجرا الدّجى الوسنا
…
لتخبرا في الورى عن بهجة وسنا
خذا [2] من الشّرع ميزانا [3] لفعلكما
…
ولا تميلا إلى مستقبح وزنا
ومنه مقتبسا:
عاذلي ظنّ قبيحا
…
مذ رأى عشقي ينم
ظنّ بي ما هو فيه
…
إن بعض الظنّ إثم [4]
وله:
ظنّ بالناس جميلا
…
واتبع الخيرات تسمو
واجتنب ظنّا قبيحا
…
إن بعض الظنّ إثم [4]
وله:
إن عزت الصّهباء يا سيدي
…
وكان في الحضرة عذب اللّمى
جعلت سكري ماء ريق له
…
لا واخذ الله السّكارى بما
[1] في «ط» : «ثم دخل» .
[2]
في «ط» : «هذا» .
[3]
في «ط» : «ميزان» .
[4]
اقتباس من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً من الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ 49: 12 [الحجرات: 12] .