الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة
وفيها توفي المولى بير أحمد بن حمزة، الشهير بابن بليس الحنفي [1] الفاضل.
اشتغل بالعلم، وحصّل، ودرّس ببعض المدارس، ثم بمدرسة إسكوب، ثم وصل إلى إحدى الثمان، ثم صار قاضيا بمصر، ثم أعطي تقاعدا عنها بمائة عثماني، ومات على ذلك، وخلّف دنيا طائلة، وكتبا نفيسة.
وفيها علاء الدّين أبو الحسن علي بن جلال الدّين محمد البكري الصّدّيقي [2] الشافعي، الشيخ الإمام المحدّث، نادرة الزّمان وأعجوبة الدهر، الصوفي الأستاذ.
أخذ الفقه والعلوم عن القاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف، وغيرهما.
وأخذ التصوف عن الشيخ رضي الدّين الغزّي العامري، والشيخ عبد القادر الدشطوطي.
قال الشّعراوي: أخذ العلم عن جماعة من مشايخ الإسلام والتصوف عن الشيخ رضي الدّين الغزّي، وتبحر في علوم الشريعة، من فقه، وتفسير، وحديث، وغير ذلك.
وكان إذا تكلم في علم منها، كأنه بحر زاخر، لا يكاد السّامع يحصل من كلامه على شيء ينقله منه لوسعه إلّا أن يكتبه.
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (243) و «الكواكب السائرة» (2/ 106) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 194- 197) .
قال: وأخبرني من لفظه، ونحن بالمطاف أنه بلغ درجة الاجتهاد المطلق.
وقال: إنما أكتم ذلك عن الأقران خوفا من الفتنة بسبب ذلك، كما وقع للجلال السيوطي.
قال: وكانت مدة اشتغاله على الأشياخ نحو سنتين، ثم جاء الفتح من الله، فاشتغل بالتأليف. انتهى ومن مؤلفاته «شرح المنهاج» و «شرح الروض» و «شرح العباب» للمزجد، و «حاشية على شرح المحلّى» .
قال الشعراوي: وهو أول من حجّ من علماء مصر في محفّة، ثم تبعه الناس.
قال: وحججت معه مرة فما رأيت أوسع خلقا ولا أكثر صدقة في السرّ والعلانية منه.
وكان لا يعطي أحدا شيئا نهارا إلّا نادرا، وأكثر صدقته ليلية.
وكان له الإقبال العظيم من الخاص والعام.
وشاع ذكره في أقطار الأرض مع صغر سنّة.
وكان له كرامات كثيرة، وخوارق، وكشوفات، وترجمه الناس بالقطبية العظمى، ويدلّ على ذلك ما أخبرنا به الشيخ خليل الكشكاوي.
قال: رأيت الشيخ أبا الحسن البكري، وقد تطور، فكان كعبة مكان الكعبة، ولبس سترها كما يلبس الإنسان القميص.
قال: وكان له النظم السائغ في علوم التوحيد، وأطلعني مرة على «تائية» عملها نحو خمسة آلاف بيت، أوائل دخوله في طريق القوم، ثم إنه غسلها وقال:
إن أهل زماننا لا يحتملون سماعها لقلّة صدقهم في طلب الطريق. انتهى ومن شعره «التائية المشهورة» التي أولها:
بوجودكم تتجمّل الأوقات
…
وبجودكم تتنزّل الأقوات
وهي طويلة مشهورة.
وتوفي- رحمه الله تعالى- بالقاهرة ودفن بجوار الإمام الشافعي رضي الله عنهما.
وفيها- تقريبا- المولى محيي الدّين محمد بن بهاء الدّين بن لطف الله [1] الصّوفي الحنفي الإمام العلّامة المحقّق المعمّر المنّور، أحد الموالي الرّومية، الشهير ببهاء الدّين زاده.
قرأ على المولى مصلح الدّين القسطلاني، ثم على المعرّف معلّم السلطان أبي يزيد، ثم مال إلى التصوف، فخدم العارف محيي الدّين الإسكليبي، وأجازه ب «الإرشاد» وجلس مدة في وطنه بالي كسرى، ثم عاد إلى القسطنطينية، وجلس في زاوية شيخه المذكور بعد موت المولى عبد الرحيم بن المؤيد.
وكان عالما بالعلوم الشرعية والفرعية، ماهرا في العلوم العقلية، عارفا بالتفسير والحديث والعربية، زاهدا، ورعا، ملازما لحدود الشريعة، مراعيا لآداب الطريقة، جامعا بين علوم الشرع ومعارف الحقيقة، أمّارا بالمعروف، لا تأخذه في الله لومة لائم.
ومن تصانيفه: «شرح الأسماء الحسنى» و «تفسير القرآن العظيم» و «شرح الفقه الأكبر» للإمام الأعظم، جمع فيه بين طريق الكلام وطريق التصوف، وله في التصوف رسائل كثيرة، وحجّ في سنة إحدى وخمسين، فدخل بلاد الشام.
وتوفي ببلدة قيصرية، ودفن بها عند قبر الشيخ إبراهيم القيصري، وهو شيخ شيخه.
وفيها شمس الدّين محمد بن علي بن القلوجي الدمشقي [2] الشافعي الواعظ المقرئ، أخو الشيخ أحمد القلوجي الآتي وأسنّ منه، إلا أنه توفي شابا.
أخذ عن البدر الغزّي، والتّقي القاري، والسعد الذّهبي، وغيرهم، ومكث في القاهرة سنين في الاشتغال، ثم قدم دمشق يوم السبت ثاني عشري رمضان سنة
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (259- 260) و «الكواكب السائرة» (2/ 29- 30) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 48- 49) .
تسع وثلاثين وتسعمائة، ثم شرع يعظ تحت قبّة النّسر بالأموي عقب صلاة الجمعة، وابتدأ يوم عيد الفطر، وتكلّم على أول الأعراف [1] .
وكان شابا، ذكيا، واعظا، يفتي ويدرّس في الشامية البرانية، وأمّ بمقصورة الأموي، شريكا للشّهاب الطّيبي.
وكان عارفا بالقراءات.
وتوفي بدمشق ليلة السبت سادس عشر رمضان، ودفن بباب الصغير، وتأسف الناس عليه.
[1] أي سورة الأعراف.