الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وعشرين وتسعمائة
في حدودها توفي الشيخ شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن حسين بن محمد العليني المكي [1] نزيل المدينة الشافعي.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسمع على جماعة، وأجازه آخرون.
قال ابن طولون: أجازني في استدعاء بخطّ شيخنا النّعيمي مؤرّخ في سنة عشرين وتسعمائة. قال: وربما اجتمعت به. انتهى وفيها بدر الدّين حسن بن ثابت بن إسماعيل الزّمزميّ المكّي [2] خادم بئر زمزم، وسقاية العبّاس، نزيل دمشق، الشافعي الإمام الحيسوب المفيد.
قال في «الكواكب» : أخذ العلم عن قريبه الشيخ إبراهيم الزّمزمي وغيره، ثم اعتنى بعلم الزيارج، وبتصانيف الشيخ جلال الدّين السّيوطي، رحمه الله تعالى.
وتوفي بالمدرسة البادرائية داخل دمشق في سابع عشر ربيع الأول تقريبا سنة إحدى وعشرين وتسعمائة تحقيقا ودفن بمقبرة باب الصغير. انتهى وفيها قاضي القضاة سري الدّين أبو البركات عبد البرّ بن قاضي القضاة محبّ الدّين أبي الفضل محمد بن قاضي القضاة محبّ الدّين أيضا أبي الوليد محمد بن الشّحنة [3] الحنفي.
[1] ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 4) ، و «الكواكب السائرة» (134) .
[2]
ترجمته في «متعة الأذهان» (ق 79) ، و «الكواكب السائرة» (177) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» ، و «متعة الأذهان» (ق 44) ، و «درّ الحبب» (1/ 2/ 743- 747) و «الكواكب السائرة» (219) .
ولد بحلب سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، ورحل إلى القاهرة، فاشتغل في علوم شتّى على شيوخ متعددة ذكرهم السخاوي في ترجمته في «الضوء اللامع» منهم والده وجدّه، ودرّس وأفتى، وتولى قضاء حلب ثم قضاء القاهرة، وصار جليس السلطان الغوري وسميره.
قال الحمصي: كان عالما متقنا [1] للعلوم الشرعية والعقلية.
وقال ابن طولون: ولم يثن الناس عليه خيرا.
وذكر الحمصي أن عبيد السّلموني شاعر القاهرة هجاه بقصيدة قال في أولها:
فشا الزّور في مصر وفي جنباتها
…
ولم لا وعبد البرّ قاضي قضاتها [2]
وعقد على السّلموني بسبب ذلك مجلس في مستهل محرم سنة ثلاث عشرة بحضرة السلطان الغوريّ، وأحضر في الحديد، فأنكر، ثم عزّر بسببه بعد أن قرئت القصيدة بحضرة السلطان وأكابر الناس وهي في غاية البشاعة والشّناعة، والسّلموني المذكور كان هجاء خبيث الهجو ما سلم منه أحد من أكابر مصر فلا يعدّ هجوه جرحا في مثل القاضي عبد البرّ، وقد كان له في ذلك العصر حشمة، وفضل، وكان تلميذه القطب بن سلطان مفتي دمشق يثني عليه خيرا ويحتج بكلامه في مؤلفاته، وكان ينقل عنه أنه أفتى بتحريم قهوة البن، وله رحمه الله تعالى مؤلّفات كثيرة منها «شرح منظومة ابن وهبان» في فقه أبي حنيفة النّعمان، ومنها «شرح الوهبانية» [3] في فقه الحنفية، و «شرح منظومة جدّه أبي الوليد بن الشحنة» التي نظمها في عشرة علوم، وكتاب لطيف في حوض دون ثلاثة أذرع هل يجوز فيه الوضوء، أولا وهل يصير مستعملا بالتوضي فيه أولا، ومنها «الذخائر الأشرفية في ألغار الحنفية» . وله شعر لطيف منه [4] :
[1] في «أ» : (متفننا) وهو تحريف.
[2]
في «ط» : (قضلتها) وهو تصحيف.
[3]
في «أ» : (شرح الوجانية) .
[4]
الأبيات في «الكواكب» (1/ 220) و «درّ الحبب» (1/ 2/ 747) .
أضار وها مناقبي الكبار [1]
…
وبي والله للدنيا الفخار
بفضل شائع وعلوم شرع
…
لها في سائر الدنيا انتشار
ومجد شامخ في بيت علم
…
مفاخرهم بها الركبان ساروا
وهمة لوذع منهم تسامى
…
وفوق الفرقدين لها قرار
وفكر صائب في كلّ فن
…
إلى تحقيقه أبدا يصار
وقال ناظما لأسماء البكّائين في غزوة تبوك [2] وهم الذين نزلت فيهم وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ من الدَّمْعِ 9: 92 [التوبة: 94] .
ألا إنّ بكّاء الصّحابة سبعة
…
لكونهم قد فارقوا خير مرسل
فعمرو أبو ليلى وعلية سالم
…
كذا سلمة عرباض وابن مغفل
وذيّل عليه البدر الغزّي، فقال [3] :
كثعلبة عمرو وصخر وديعة
…
وعبد بن عمرو وابن أزرق معقل
قال البدر المذكور: وكنت قبل أن أقف على بيتي القاضي عبد البرّ المذكور قد استوفيت أسماءهم ونظمتها في هذه الأبيات [4] :
وفي الصّحب بكّاؤون بضعة عشر قد
…
بكوا حزنا إذ فارقوا خير مرسل
فمنهم أبو ليلى وعمرو بن عتمة
…
وصخر بن سلمان وربّع بمعقل
كذلك عبد الله وهو ابن أزرق
…
كذاك ابن عمرو ثم نجل مغفل
وثعلبة وهو ابن زيد وسالم
…
هو ابن عمير في مقال لهم جلي
أبو علية أو علية ووديعة
…
وبالأمجد العرباض للعدّ أكمل
[1] في «أ» : (الفحار) .
[2]
البيتان في «الكواكب» (1/ 220) .
[3]
البيت في «الكواكب» (1/ 220) .
[4]
الأبيات في «الكواكب» (1/ 221) .
وذكر ابن الحنبلي في «تاريخه» أن القاضي عبد البرّ نظم أبياتا في أسماء البكّائين المذكورين، وبيّن فيها اختلاف المفسّرين وأهل السير فيهم، وشرحها في رسالة لطيفة.
ومن لطائفه قوله [1] :
حبشيّة ساءلتها عن جنسها
…
فتبسّمت عن درّ ثغر جوهري
وطفقت أسأل عن نعومة ما طفا
…
قالت فما تبغيه جنسي امحري
وتوفي يوم الخميس خامس شعبان بحلب.
وفيها تقريبا عزّ الدّين عبد العزيز بن عبد اللطيف بن أحمد بن جار الله بن زايد بن يحيى بن محيا بن سالم المكي الشافعي، المعروف كسلفه بابن زايد [2] .
ولد سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة بمكة، وحفظ القرآن العظيم، وسافر مع أبيه في التجارة إلى الهند واليمن، وسواكن، وغيرها، وسمع على أبي الفتح المراغي جميع «البخاري» خلا أبواب، وبعض «مسلم» وكتبا كثيرة، منها «السنن الأربعة» وسمع على الحافظ تقيّ الدّين بن فهد، ومنه أشياء كثيرة، وعلى الشّهاب الزّفتاوي «المسلسل بالأولية» و «جزء أيوب السختياني» و «البردة» للبوصيري، وغير ذلك، وأجاز له جماعة منهم الحافظ ابن حجر، وأحمد بن محمد بن أبي بكر الدّماميني، والعزّ عبد الرحيم بن الفرات، والسعد الدّيري، وجماعة آخر.
وفيها- تقريبا- أيضا الحافظ عزّ الدّين أبو الخير وأبو فارس عبد العزيز بن العمدة المؤرخ الرّحال نجم الدّين [3] أبي القاسم، وأبي حفص عمر بن العلّامة الرّحلة الحافظ تقي الدّين أبي الفضل محمد بن محمد بن محمد [بن محمد][4]
[1] البيتان في «الكواكب» (1/ 221) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 237- 238) .
[3]
ترجمته في «الضوء اللامع» (4/ 224- 226) و (6/ 129) و «الكواكب السائرة» (1/ 238- 239) و «فهرس الفهارس» (2/ 754- 756) .
[4]
ما بينهما لم يرد في «ط» .
الشريف العلوي الشهير كسلفه بابن فهد المكّي الشافعي.
ولد في الثلث الأخير من ليلة السبت سادس عشري شوال سنة خمسين وثمانمائة بمكّة المشرّفة، وحفظ القرآن العظيم، و «الأربعين النووية» و «الإرشاد» لابن المقري، و «ألفية ابن مالك» و «النّخبة» لابن حجر، و «التحفة الوردية» و «الجرومية» وعرضها جميعها على والده وجدّه والثلاثة الأولى على جماعة غيرهما، واستجاز له والده جماعة منهم ابن حجر، وأسمعه على المراغي، والزّين الأسيوطي، والبرهان الزّمزمي وغيرهم، ثم رحل بنفسه إلى المدينة المنورة، ثم إلى الدّيار المصرية، وسمع بهما، وبالقدس، وغزّة، ونابلس، ودمشق، وصالحيتها، وبعلبك، وحماة، وحلب، وغيرها ممن لا يحصى، وجدّ واجتهد وتميّز، ثم عاد إلى بلده، ثم رجع إلى مصر بعد نحو أربع سنوات [1] وذلك في سنة خمس وسبعين، وقرأ على شيخ الإسلام زكريا، والشّرف عبد الحق السّنباطي في «الإرشاد» وعلى السخاوي «ألفية الحديث» وغيرها، ورجع إلى بلده، ثم سافر في موسم السنة التي تليها إلى دمشق، وقرأ بها على الزّين خطّاب، والمحبّ البصروي، وكان قد أخذ عنه بمكة أيضا، وحضر دروس التّقوي بن قاضي عجلون، وسافر إلى حلب، ثم رجع، وسافر إلى القاهرة، ثم عاد إلى بلده، ثم عاد إلى القاهرة، ولازم السّخاوي، وحضر دروس إمام الكاملية، والسّراج العبادي، ثم رجع إلى بلده، وأقام بها ملازما للاشتغال والإشغال، ولازم فيها عالم الحجاز البرهان ابن ظهيرة في الفقه والتفسير، وأخاه الفخر، والنّور الفاكهي في الفقه وأصوله، وأخذ النحو عن أبي الوقت المرشدي، والسيد السّنهوري مؤرخ المدينة، والنحو والمنطق عن العلّامة يحيى المالكي، وبرع في علم الحديث، وتميّز فيه بالحجاز، مع المشاركة في الفضائل وعلو الهمّة والتخلق بالأخلاق الجميلة، وصنّف عدة كتب، منها «معجم شيوخه» نحو ألف شيخ، و «فهرست مروياته» و «جزء في المسلسل بالأولية» وكتاب فيه المسلسلات التي وقعت له، و «رحلة» في مجلد، وكتاب «الترغيب والاجتهاد في الباعث لذوي الهمم العلية
[1] في «أ» : (سنين) .
على الجهاد» و «ترتيب طبقات القرّاء» للذهبي، و «تاريخ» على السنين ابتدأ فيه من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة.
وذكر ابن طولون أنه أجازه مرارا، وسمع منه الحديث المسلسل بالأولية، ثم المسلسل بالمحمدين، ثم المسلسل بحرف [1] العين، وذلك يوم الاثنين سادس ذي الحجة سنة عشرين وتسعمائة بزيارة دار الندوة. انتهى وفيها جمال الدّين محمد بن محمد النّطاري [2] .
قال في «النّور» : كان نعم الرّجل، فقها، وعقلا، وصيانة، ودينا، وأمانة، وبذلا للمعروف، كافا للأذى، معينا للملهوف، له صدقات جليلة سرّا وعلانية، وكان قطب رحى المملكة السلطانية الظّافرية وعين الأعيان في الجهة اليمانية.
ومن آثاره بناء المسجد ببيت الفقيه عجيل، عمره عمارة متقنة إلى الغاية، وبني مدرسة بمدينة أب، ووقف عليها وقفا جليلا، وجملة من الكتب النّفيسة، وله من الآثار الحسنة ما يجلّ عن الوصف.
وتوفي يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى بمدينة أب بعد أن طلع إليها متوعكا من نحو شهر، وترك ولده الفقيه عبد الحق [3] عوضا عنه بزبيد.
انتهى
[1] في «أ» : (بحروف) .
[2]
ترجمته في «النور السافر» (104- 105) .
[3]
في «ط» : «المحق» وهو خطأ.