الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وعشرين وتسعمائة
فيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن أبي الوفاء بن أبي بكر بن أبي الوفاء الأرمنازي ثم الحلبي الشافعي [1] ، الشيخ الصّالح المعمّر.
كان من حفّاظ كتاب الله تعالى، وكان إماما للسلطان الغوري حين كان حاجب الحجّاب بحلب، فلما تسلطن توجه الشيخ إبراهيم إليه إلى القاهرة وحجّ منها في سنة ست وتسعمائة، ثم عاد إليها واجتمع به فأحسن إليه، وأمره بالإقامة لإقراء ولده فاعتذر إليه فقبل عذره، ورتّب له ولأولاده من الخزينة في كل سنة ثلاثين دينارا، ثم عاد إلى حلب.
قال ابن الحنبلي: واتفق له أنه قرأ في طريق الحاج ذهابا وإيابا وفي إقامته بمصر قدر شهرين ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين ختمة، قيل: وكان راتبه في الإقامة مع قضاء مصالحه في اليوم والليلة ختمة وبدونه ختمة ونصفا، وكان يمشي في الأسواق فلا يفتر عن التّلاوة.
وتوفي بحلب، رحمه الله تعالى.
وفيها تقي الدّين أبو بكر الظّاهري المصري [2] نزيل دمشق، الشيخ الفاضل العالم.
توفي بدمشق في مستهل شهر [3] رمضان.
[1] ترجمته في «در الحبب» (1/ 1/ 39- 40) ، و «الكواكب السائرة» (1/ 106) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 120) .
[3]
لفظة «شهر» سقطت من «ط» .
وفيها المولى أحمد باشا بن خضر بك بن جلال الدّين الرّومي الحنفي [1] .
قال في «الكواكب» : كان عالما متواضعا للفقراء، ولما بني السلطان محمد خان المدارس الثمانية أعطاه واحدة منها، وسنّه يومئذ دون العشرين، ثم تنقل في المناصب حتّى صار مفتيا بمدينة بروسا في سلطنة السلطان بايزيد، وأقام بهامدة متطاولة، وله مدرسة هناك بقرب الجامع الكبير منسوبة إليه. وله كتب موقوفة على المدرسة. وتوفي في هذه السنة.
قال في «الشقائق» : وقد جاوز التسعين.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن القاضي علاء الدّين علي بن البهاء بن عبد الحميد بن إبراهيم البغدادي ثم الدمشقي الصّالحي الحنبلي [2] الإمام العلّامة.
ولد ليلة الاثنين عاشر ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن أبيه وغيره، وانتهت إليه رئاسة مذهبه، وقصد بالفتاوى، وانتفع الناس به فيها وفي الإشغال، وتعاطى الشهادة على وجه إتقان لم يسبق إليه، وفوض إليه نيابة القضاء في الدولة العثمانية زين العابدين الفناري، ثم ترك ذلك، وأقبل على العلم والعبادة، ومن تلاميذه البدر الغزّي، وللبدر عليه «مشيخة» أيضا، وهو الذي أشار عليه بالكتابة على الفتوى بمحضر من والده الشيخ رضي الدّين، وكان يمنعه أولا من الكتابة في حياة شيوخه فاستأذنه له فيها.
وتوفي صاحب الترجمة بدمشق بكرة نهار الجمعة حادي عشري رجب، ودفن بتربة باب الفراديس.
وفيها شهاب الدّين أحمد، المعروف بابن نابتة المصري الحنفي [3] .
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (109) و «الكواكب السائرة» (1/ 134) و «الطبقات السّنية» (1/ 344- 345) و «الفوائد البهية» ص (26) .
[2]
ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (9/ ب) و «الكواكب السائرة» (1/ 140) و «النعت الأكمل» ص (100- 101) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 154) .
حضر في الفقه على العلّامة الشمس قاسم بن قطلوبغا، والجلال الطرابلسي، والقراءات عن الشمس الحمصاني، وكان متزهدا، متقللا، وأقبلت عليه الطلبة، واشتغل الناس عليه، وأصيب بالفالج أشهرا، ثم توفي ليلة الأربعاء حادي عشر ربيع الثاني وهو في أواخر الثمانين، ودفن بتربة الجلال السيوطي.
وفيها شهاب الدّين أحمد المنوفي [1] الشيخ الفاضل المحصّل المعتقد الشافعي متولي الظّاهرية القديمة بمصر.
ولي قضاء بلده منوف العليا، فباشر القضاء بعفّة ونزاهة، وطرد البغايا من تلك الناحية، وأزال المنكرات، واستخلص الحقوق، بحيث كانت تأتيه الخصوم من بلاد بعيدة أفواجا، وتستخلص بهمته وعدله حقوقا كانت قد ماتت.
قال العلائي: وقد أوقفني على عدة «مختصرات» له في الفقه، والفرائض، والحساب، والعربية، حوت مع الاختصار فوائد وفرائد خلت منها كثير من المختصرات والمطوّلات.
وتوفي في مستهل شوال.
وفيها صدر الدّين إدريس المارديني القاهري [2] ، الإمام العالم المؤرّخ المنشئ.
توفي بالقاهرة في هذه السنة.
وفيها جان بردي بن عبد الله الجركسي، الشهير بالغزالي [3] ، السّخيف الرأي.
كان في الدولة الجركسية كافل حماة، ثم دمشق، ثم خامر على الغوري كما تقدم، ووعده السلطان سليم بنيابة [4] دمشق، ومع هذا فإنه لما فرّ من ميسرة
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 154) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 160) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 168- 171) .
[4]
في «آ» : «نيابة» .
الغوري بمرج دابق مخامرة، رجع إلى مصر ولحق بطومان باي، وأعانه على السلطان سليم، ولما افتتح السلطان سليم مصر ثبت على ميثاقه ووعده، وولاه نيابة الشام، وخرج في ركابه من مصر إلى دمشق، ثم خرج في وداعه، ثم عاد إلى دمشق، وقد ولّى السلطان سليم قاضي القضاة ابن الفرفور بعد أن تحنّف، وكان شافعيا، وأبطل القضاة الأربعة إلّا ابن فرفور، فكان قاضيا. وكان الغزالي نائبا فأعاد الشهود إلى مراكزهم على عادتهم في الدولة الجركسية، ووقع بينه وبين ابن فرفور بهذا السّبب، غير أن الغزالي نشر العدل في دمشق وأعمالها، وأبطل ما كان حدث بها من اليسق [1] ، ومنع البوّابين أن يأخذوا شيئا من الداخلين إلى المدينة، وجرّد السيف على كل من تعرّض من الأروام لامرأة أو صبيّ. وكتب بذلك إلى السلطان سليم، وأخبره بأن دمشق غير معتادة لشيء من هذه المناكير، فأجيب بأنّا قلدناك أمر الرّعية فافعل ما هو الشرع، وعرض بالقضاء لقاضي القضاة شرف الدّين بن مفلح بدلا عن ابن فرفور، فأجيب إلى ذلك، فباشر الغزالي النيابة، وابن مفلح القضاء بسيرة حسنة إلى سنة ست وعشرين، فكان الغزالي ببيروت وجاءه الخبر بموت السلطان سليم، فركب من ساعته إلى دمشق وحاصر قلعتها، ثم سلّمها إليه أهلها، ونفي نائبها إلى بيت المقدس، وجعل نيابتها للأمير إسماعيل بن الأكرم، وأمر الخطباء أن ينوهوا بسلطنته ويدعوا له بها [2] على المنابر، وفرح بذلك جهلة العوام دون عقلاء الناس، ثم توجّه إلى طرابلس، وحمص، وحماة، وحلب، وحاصر قلاعها، ولم يظفر بطائل، لكنه قبض على كافل حمص وقتله، ثم دخل حماة- وقد فرّ كافلها وقاضيها إلى حلب- فأخذ من كان معه في النّهب، وقتل من كان له غرض في قتله، وكان فرّ ابن فرفور أيضا إلى حلب خوفا من معرته، ولما بلغ السلطان سليمان خبره جهّز إليه جيشا، فصار الغزالي يحصّن قلعة دمشق وما حولها، ونصب بها منجنيقا ليرمي به المحاصرين، وصار يركب من دار السعادة إلى القلعة، ومن القلعة إلى دار السعادة، وضاقت عليه الأرض، وهمّ بالهرب، فثبّت
[1] اليسق: كلمة تركية تعني (الممنوع) .
[2]
لفظة «بها» سقطت من «ط» .
جأشه جهلة عساكره الذين جمعهم من القرى، وقالوا: نحن فينا كفاية.
قال الحمصي: وفي يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر صفر أمر جان بردي الغزالي أن يخطبوا له بالسلطنة ويلقّبوه بالأشرف، وصلى بالجامع الأموي في المقصورة، وخطب له بالأشرف، ووقف على المقصورة بساط في اليوم المذكور.
قال: وفي يوم السبت جمع مشايخ الحارات بالجامع الأموي وحلّفهم أن لا يخونوه، وأن يكونوا معه على كلمة واحدة، ثم خرج يوم الثلاثاء سابع عشريه هو والعساكر وأهل الحارات إلى مسطبة السلطان بالقابون، ووصل العسكر العثماني إلى القصير، وعدّته اثنان وستون ألفا باشهم الوزير الثالث فرحات، وصحبته نائب حلب قراجا باشا، والأمير شاه سوار، وقاضي القضاة ولي الدّين بن فرفور، وقد أعيد إلى القضاء على عادته. وكان صحبة الغزالي الأمير يونس بن القواس بعشيره والأمير عمر بن العزقي بعشيره، فالتقى العسكران بين دوما، وعيون فاسريا، والقصير، ففرّ ابن القواس بعشيره، وثبت الغزالي وقليل ممن معه، فقتلوا وقتل معه عمر بن العزقي، واستأصل جميع عسكره الأسافل، وذكروا أن عدة القتلى كانت سبعة آلاف، ثم دخل العسكر العثماني دمشق، فرأوا الأبواب مفتحة، وسلّمهم ابن الأكرم مفاتيح القلعة، ولو قصدوا قتل العوام لفعلوا، وكان ذلك يوم الثلاثاء سابع عشري صفر.
وفيها بدر الدّين حسن بن عيسى بن محمد الفلوجي البغدادي الأصل، العالم الحنفي [1] .
قال في «الكواكب» : اشتغل قليلا على الزّيني ابن العيني، واعتنى بالشهادة، ثم تركها، وحصّل دنيا واسعة، وحجّ سنة عشرين، وجاور، وولي نظر الماردانية والمرشدية، ونزل له أخوه شمس الدّين عن تدريسها وعدة مدارس، ولم يكن فيه أهليّة، فتفرقها الناس، مع أنه كان كثير الشرّ كما قال ابن طولون.
ومات يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر، ودفن يوم الأربعاء بالسفح.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 181- 182) و «متعة الأذهان» الورقة (36/ ب) .
وفيها سيدي ابن محمود، المولى العالم الصالح الرّومي الحنفي، الشهير بابن المجلّد [1] .
كان أصله من ولاية قوجه إيلي، واشتغل بالعلم، وحصّل، وصار مدرّسا بمدرسة عيسى بيك ببروسا، ثم رغب في التصوف، وعين له كل يوم خمسة عشر درهما بالتقاعد، ثم صحب الشيخ العارف بالله تعالى السيد البخاري.
وكان فاضلا، مدقّقا، حسن الخطّ، صالحا، ديّنا، يخدم بيته بنفسه، ويشتري حوائجه ويحملها من السوق بنفسه، ملازما للمسجد، منعزلا عن الناس.
وتوفي في حدود هذه السنة تقريبا.
وفيها القاضي محبّ الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم الشيخ العابد الدّيّن الصّالح الدسوقي [2] .
ولد في ذي الحجة سنة ثمان وستين وثمانمائة، وكان ناظر الأيتام بدمشق، وفوض إليه نيابة القضاء في سنة ست عشرة وتسعمائة.
وتوفي ليلة السبت سابع ربيع الآخر فجأة، ودفن بمقبرة باب الصغير عند والده.
وفيها محيي الدّين أبو المفاخر عبد القادر بن محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن نعيم- بضم النون- النّعيمي [الدمشقي][3] الشافعي [4] الشيخ العلّامة الرّحلة، مؤرخ دمشق، وأحد محدّثيها.
ولد يوم الجمعة ثاني عشر شوال سنة خمس وأربعين وثمانمائة، ولازم الشيخ إبراهيم النّاجي، والعلّامة زين الدّين عبد الرحمن بن خليل، وزين الدّين خطاب
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 213) .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 226) و «متعة الأذهان» الورقة (45/ آ) .
[3]
ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[4]
ترجمته في «مفاكهة الخلّان» (1/ 10) و «متعة الأذهان» الورقة (53/ آ) و «الكواكب السائرة» (1/ 250) و «الأعلام» (4/ 43) و «معجم المؤلفين» (5/ 301) .
الغزاوي، وزين الدّين مفلح بن عبد الله الحبشي المصري ثم الدمشقي، ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عن البدر بن قاضي شهبة، والشّهاب بن قرا. وقرأ على البرهان البقاعي مصنّفه المسمى ب «الأيذان» ، وأجاز له به، وبما يجوز [1] له وعنه روايته، وشيوخه كثيرة، ذكرهم في تواريخه.
وألّف كتبا كثيرة، منها «الدارس في تواريخ المدارس» [2] . ومنها «تذكرة الإخوان في حوادث الزمان» و «التبيين في تراجم العلماء والصالحين» و «العنوان في ضبط مواليد ووفيات أهل الزمان» و «القول البين [3] المحكم في إهداء القرب للنّبيّ صلى الله عليه وسلم» و «تحفة البررة في الأحاديث المعتبرة» و «إفادة النّقل في الكلام على العقل» وغير ذلك.
وتوفي- كما قال ولده المحيوي يحيى- وقت الغداء يوم الخميس رابع جمادى الأولى ودفن بالحمرية، رحمه الله تعالى.
وفيها- وقيل في سنة عشر وتسعمائة وقيل سنة [4] سبع عشرة ولعله الصحيح- علي النّبتيتي [5] الشافعي الشيخ الإمام العلّامة ولي الله تعالى العارف به البصير بقلبه المقيم ببلدته نبتيت من أعمال مصر.
كان رفيقا للقاضي زكريا في الطلب والاشتغال، وبينهما أخوة أكيدة، وأخذ العلم عن جماعة، منهم الكمال إمام الكاملية. وكان النّبتيتي من جبال العلم، متضلعا من العلوم الظّاهرة والباطنة، وله أخلاق شريفة، وأحوال منيفة، ومكاشفات
[1] في «ط» : «وبما تجوز» .
[2]
المعروف في اسمه: «الدارس في تاريخ المدارس» وقد نشره المجمع العلمي العربي بدمشق منذ سنوات طويلة في مجلدين بتحقيق الأمير جعفر الحسني، وقد حصل فيها الكثير من التحريف والتصحيف.
ويقوم بإعادة تحقيقة الآن الأخ الأستاذ أحمد فائز الحمصي بتكليف من مؤسسة الرسالة ببيروت.
[3]
في «ط» : «المبين» .
[4]
لفظة «سنة» سقطت من «ط» .
[5]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 281- 282) و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 188) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 124- 125) .
لطيفة، وكان يغلب عليه الخوف والخشية، حتّى كأن النار لم تخلق إلّا له وحده، وكان الناس يقصدونه للعلم، والإفتاء، والإفادة، والتبرّك، والزيارة، من سائر الآفاق.
وكانت ترفع إليه المسائل المشكلة من مصر، والشام، والحجاز، فيجيب عنها نظما ونثرا.
وكانت نصوص الشافعي وأصحابه كأنّها نصب عينيه.
وكان مخصوصا في عصره بكثرة الاجتماع بالخضر.
قال الشعراوي: كان وقته كله معمورا بالعلم والعبادة ليلا ونهارا. وكان يقول: لا يكمل الرجل في العقل إلّا إن كان [1] كاتب الشمال لا يجد شيئا من أعماله يكتبه.
وله مناقب كثيرة.
ومن شعره- رضي الله تعالى عنه-:
وما لي لا أنوح على خطائي
…
وقد بارزت جبّار السماء
قرأت كتابه وعصيت سرّا
…
لعظم بليّتي ولشؤم دائي
بلائي لا يقاس به بلاء
…
وأعمالي تدلّ على شقائي
فيا ذلّي إذا ما قال ربّي
…
إلى النّيران سوقوا ذا المرائي
فهذا كان يعصيني جهارا
…
ويزعم أنّه من أوليائي
تصنّع للعباد ولم يردني
…
وكان يريد بالمعنى سوائي
في أبيات أخر [2] .
توفي يوم عرفة ببلدة ودفن بها، وقبره بها يزار.
[1] لفظة «كان» سقطت من «ط» .
[2]
وهي أربعة أبيات ذكرها الشعراني في «الطبقات الكبرى» وقد استحسنت ذكرها لما فيها من العبرة لمن يعتبر:
فيا ربّي عبيد مستجير
…
يروم العفو من ربّ السماء
حقير ثم مسكين فقير
…
بنبتيت أقام على الرّياء
عليّ باسمه في الناس يعرف
…
وما يدري اسمه حال ابتداء
فآنسه إذا أمسى وحيدا
…
رهين الرّمس في لحد البلاء
وفيها المولى غياث الدّين الشهير بباشا جلبي الرّومي [1] الحنفي، العالم الفاضل، ابن أخي آق شمس الدّين الرّومي.
قرأ على المولى الخيالي، والمولى خواجه زاده، وغيرهما، وصحب الصّوفية، ثم أعطي مدرسة المولى الكوراني بالقسطنطينية [2] ، ثم إحدى الثمانية، ثم ترك ذلك، واختار مدرسة أبي أيوب الأنصاري، ثم أعطي سلطانية أماسية، مع منصب الفتوى، ثم تركها، وأعطى تقاعدا بسبعين عثمانيا كل يوم، ثم طلب مدرسة القدس الشريف فمات قبل السفر إليها.
وله رسائل كثيرة، لكنه لم يدوّن كتابا، رحمه الله تعالى.
وفيها شرف الدّين قاسم بن عمر الزواوي المغربي القيرواني [3] المالكي الشيخ الفاضل الصالح المعتقد.
كان أولا مقيما في صحبة رفيقه الشيخ العابد الزاهد محمد الزواوي بمقام الشيخ تاج الدّين بن عطاء الله الإسكندري، ثم أقام بمقام الإمام الشافعي- رضي الله عنه خادما لضريحه، وصحب الشيخ جلال الدّين السيوطي، وارتبط به، وقلّده في ملازمة لبس الطيلسان صيفا وشتاء، وكان يتردد إلى التّقي الأوجاقي وغيره، وأخذ عنه البدر الغزّي.
وتوفي يوم الثلاثاء رابع عشري شعبان.
وفيها كمال الدّين محمد بن الشيخ غياث الدّين أحمد بن الشيخ كمال الدّين الشماخي [4] الأصل والمولد- وشماخي أمّ المدائن بولاية شروان [5]-.
أخذ عن السيد يحيى بن السيد بهاء الدّين الشرواني الشماخي ثم الباكوي- وباكو بلدة من ولاية شروان أيضا- وبها توفي السيد يحيى سنة ثمان أو تسع وستين
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (198) و «الكواكب السائرة» (1/ 163) .
[2]
أي في إستانبول.
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 293- 294) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 32- 33) .
[5]
انظر خبرها في «معجم البلدان» (3/ 361) و «مراصد الإطلاع» (2/ 810) .
وثمانمائة، وكان السيد يحيى هذا جليل المقدار انتشرت خلفاؤه إلى أطراف الممالك- وأما صاحب الترجمة فذكر العلائي أنه دخل القاهرة بعد فتنة الطاغية إسماعيل شاه فلم يظهر مشيخة ولا سلوكا، ولا تقرّب من أرباب الدنيا، بل جلس في حانوت بقرب خان الخليلي يشتغل فيه الأقماع والكوافي على أسلوب العجم، بحسن صناعة، وجميل دربة، وإتقان صنع، وكان حافظا لعبارات كثير من المشايخ وآدابهم وأخلاقهم وحسن سيرتهم، مما خلا منه كثير من المتصدّرين، مع عدم التكبّر [1] والتبجح.
وتوفي ليلة الاثنين ثالث ربيع الأول، قال العلائي: عن مائة وثلاث عشرة سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن عبيد الضرير [2] الشيخ الإمام العلّامة المقرئ المجوّد.
ولد سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وكان قفافيا بميدان الحصى بدمشق، ثم اشتغل بالعلم، وأمّ وأقرأ بمسجد الباشورة بالباب الصغير، وكان عالما صالحا يقرئ «الشاطبية» وغيرها من كتب القراءات والتجويد، وانتفع به خلق كثير.
وتوفي يوم الأربعاء تاسع عشري القعدة ودفن بمقبرة باب الصغير بالقرب من ضريح الشيخ حمّاد، رحمهما الله تعالى.
وفيها شمس الدّين محمد بن ليل الزّعفراني التّونسي [3] القاطن بالقاهرة.
قال في «الكواكب» : كان يحفظ أنواع الفضائل، وكان يتأنق في إيراد أنواع التحميدات، والتسبيحات، والصّلوات، ويعرف الألسن العربية المتنوعة، والخواص العجيبة، وكان يذكر أنه عارف بالصنعة.
مات بالقاهرة يوم الأربعاء تاسع عشري جمادى الآخرة ودفن بتربة المجاورين.
[1] في «ط» : «التكثر»
[2]
ترجمته في «متعة الأذهان» الورقة (89/ ب) و «الكواكب السائرة» (1/ 56- 57) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 70) .
وفيها محيي الدّين محمد بن محمد بن محمد البردعي الحنفي [1] أحد موالي الرّوم العالم الفاضل.
كان من أولاد العلماء، واشتغل على والده وغيره، ثم دخل شيراز وهراة، وقرأ على علمائها، وحصّل علما كثيرا، ثم ارتحل إلى بلاد الرّوم، وصار مدرّسا بمدرسة أحمد باشا بمدينة بروسا ثم بإحدى المدرستين المتلاصقتين بأدرنة.
وتوفي وهو مدرّس بها، وله «حواش على تفسير البيضاوي» و «حواش على شرح التجريد» للسيد الشريف، و «حواش على التلويح» و «شرح على آداب البحث» للعضد. وكان له حظّ وافر من العلوم، ومعرفة تامّة بالعربية، والتفسير، والأصول، والفروع.
وكان حسن الأخلاق، لطيف الذات، متواضعا، متخشعا، له وجاهة ولطف، ويكتب الخطّ الحسن، مع سرعة الكتابة.
وتوفي بأدرنة في هذه السنة، رحمه الله تعالى.
وفيها الأمير مرجان بن عبد الله الظّافري [2] الذي عمّر قبة العيدروس بعدن، وهو مدفون معه فيها.
قال في حقّه العلّامة بحرق: الأمير المؤيد بتوفيق الله وعنايته، المسدّد بحفظ الله ورعايته، الذي فتح الله بنور الإيمان عين بصيرته، وطهّر عن سوء العقيدة باطن سريرته، وصار معدودا من الأولياء لموالاته لهم باطنا وظاهرا، وحاز من بين الولاة والحكّام من التواضع لله والرّفق بالفقراء والمساكين حظا وافرا، مرجان بن عبد الله الظافري لا زال على الأعداء ظافرا وإلى مرضاة مولاه مبادرا. انتهى.
وفيها نسيم الدّين قاضي مكّة الحنفي [3] .
[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (230، 231) و «الكواكب السائرة» (1/ 18) و «الأعلام» (7/ 55) .
[2]
ترجمته في «النور السافر» ص (132- 133) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (1/ 311) .
قال العلائي: كان فاضلا، ذكيا، مستحضرا لكثير من المسائل، حافظا لمتن المجمع، ديّنا فصيحا، لطيفا، عفيفا، لا يتناول على القضاء شيئا البتة، وأخذ الفقه عن الشمس بن الضّياء، وعن جماعة من المصريين وغيرهم.
وتوفي بمكة سنة سبع وعشرين وتسعمائة. انتهى