الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وسبعين وتسعمائة
فيها توفي المولى تاج الدّين إبراهيم المناوي الحنفي [1] .
قال في «العقد المنظوم» : قرأ على علماء زمانه، حتى اتصل بابن كمال باشا، فتقيّد به، وصار ملازما منه، وحصّل، وبرع، ودرّس بعدة من المدارس، إلى أن وصل إلى إحدى المدارس [2] الثمان، وتولى مدرسة السلطان سليمان بدمشق والإفتاء بها.
وكان عالما، ديّنا، فقيها، لين الجانب، صحيح العقيدة، حميد [3] الأخلاق.
وتوفي بدمشق. انتهى وفيها- أو في التي بعدها جزم بالأول في «النّور السافر» وبالثاني في «الأعلام» - السلطان سليمان خان بن السلطان سليم خان [4] الحادي عشر من ملوك بني عثمان. قال في «الأعلام» : كان سلطانا سعيدا ملكا، أيده الله لنصر الإسلام تأييدا.
ولي السلطنة بعد وفاة أبيه السلطان سليم خان في سنة ست وعشرين
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (383) .
[2]
لفظة «المدارس» سقطت من «ط» .
[3]
في «آ» : «جيد» .
[4]
ترجمته في «العقد المنظوم» ص (375- 381) و «النور السافر» ص (292- 298) و «تاريخ الدولة العلية العثمانية» ص (198- 251) .
وتسعمائة، وجلس على تخت السلطنة وما دمي أنف أحد ولا أريق في ذلك محجمة من دم، ومولده الشريف سنة تسعمائة، واستمر في السلطنة تسعا وأربعين سنة، وهو سلطان غاز في سبيل الله، مجاهد لنصرة دين الله، مرغم أنوف عداه بلسان سيفه وسنان قناه.
كان مؤيدا في حروبه ومغازيه، مسددا في آرائه ومعازيه، مسعودا في معانيه ومغانيه، مشهودا في مواقعه [1] ومراميه، أيّان سلك ملك، وأنى توجّه فتح وفتك، وأين سافر سفر وسفك، وصلت سراياه إلى أقصى الشرق والغرب، وافتتح البلدان الشاسعة الواسعة بالقهر والحرب، وأخذ الكفّار والملاحدة بقوة الطعان والضرب، وكان مجدد دين هذه الأمة المحمدية في القرن العاشر، مع الفضل الباهر، والعلم الزاهر، والأدب الغض الذي يقصر عن شأوه كل أديب وشاعر، إن نظم نضد [2] عقود الجواهر، أو نثر آثر منثور [3] الأزاهر، أو نطق قلّد الأعناق نفائس الدّر الفاخر، له ديوان فائق بالتركي، وآخر عديم النظير بالفارسي، تتداولهما بلغاء الزمان وتعجز أن تنسج على منواله فضلاء الدوران.
وكان رؤوفا، شفوقا، صادقا، صدوقا، إذا قال صدق، وإذا قيل له صدّق، لا يعرف الغلّ والخداع، ويتحاشى عن سوء الطباع، ولا يعرف المكر والنّفاق، ولا يألف مساوئ الأخلاق، بل هو صافي الفؤاد، صادق الاعتقاد، منّور الباطن، كامل الإيمان، سليم القلب، خالص الجنان:
وما تناهيت في بثي محاسنه
…
إلّا وأكثر مما قلت ما أدع
وأطال في ترجمته وترجمة أولاده، وذكر غزواته، فذكر له أربع عشرة غزوة انتصر وفتح في جميعها، وذكر كثيرا من مآثره، فمن ذلك الصّدقة الرّومية التي هي الآن مادة حياة أهل الحرمين الشريفين، فإنه أضاف إليها من خزائنه الخاصة مبلغا كبيرا، ومنها صدقات الجوالي وهي جمع جالية، ومعناه ما يؤخذ من أهل الذّمة في
[1] في «ط» : «في وقائعه» .
[2]
لفظة «نضد» سقطت من «ط» .
[3]
في «ط» : «منشور» .
مقابلة استمرارهم في بلاد الإسلام تحت الذّمة وعدم جلائهم عنها، وهي من أحلّ الأموال ولأجل حلّها جعلت وظائف للعلماء والصلحاء والمتقاعدين من الكبراء.
ومنها إجراء العيون، ومن أعظمها إجراء عين عرفات إلى مكّة المشرّفة.
ومنها بمكّة المدارس الأربعة السليمانية.
ومنها تكيته ومدرسته العظيمة الشأن الكائنة بمرجة دمشق [1] إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة. انتهى ملخصا، ومن أراد البسط الزائد فليراجع «الأعلام» .
[1] قلت: وهي قائمة إلى الآن وتعرف ب «التكية السليمانية» وتعدّ من أهم المعالم الأثرية العثمانية بدمشق.