الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وثمانين وتسعمائة
فيها توفي- ظنا- داود بن عمر الأنطاكيّ [1] الطّيب الأكمه، العالم العلّامة.
قال الطالوي في «السانحات» : داود بن عمر الأنطاكي نزيل القاهرة المعزّيّة، والمميّز على من له [2] فيها المزيّة، المتوحّد بأنواع الفضائل، والمتفرّد بمعرفة علوم الأوائل [3] ، سيما علم الأبدان، المقدّم على علم الأديان، فإنه بلغ فيه الغاية التي لا تدرك.
وأما معرفته لأقسام النبض فآية له باهرة، وكرامة على صدق دعواه ظاهرة.
ولقد سألته عن مسقط رأسه ومشعل [4] نبراسه، فأخبرني أنه ولد بأنطاكية بهذا العارض، قال: وقد بلغت سيّارة النجوم وأنا لا أستطيع أن أقوم لعارض، ريح تحكم في الأعصاب. وكان والدي رئيس قرية حبيب النجار، واتخذ قرب مزار
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 150) و «سانحات دمى القصر» (2/ 32- 52) و «البدر الطالع» (1/ 246) و «الأعلام» (2/ 333- 334) و «معجم المؤلفين» (4/ 140) .
تنبيه: هكذا كتب المؤلّف هذه الترجمة في هذه السنة وهو وهم منه، فالصواب- والله أعلم- سنة (1008) كما ذكره صاحب «كشف الظنون» (1/ 386) والزركلي في «الأعلام» (2/ 333) وجاء في هامش «ط» ما نصه:«قلت: وفاته سنة (1011) ألف وإحدى عشرة تحقيقا، كما في هامش الأصل. وفي «الكواكب» أنه مات في حدود التسعين وتسعمائة» .
[2]
لفظة «له» سقطت من «سانحات دمى القصر» فلتستدرك.
[3]
في «سانحات دمى القصر» : «والمتفرد بعلوم الأوائل» .
[4]
في «سانحات دمى القصر» (2/ 35) : «ومشتعل» .
سيدي حبيب رباطا للواردين، وبنى فيه حجرات للمجاورين، ورتّب لها في كل يوم من الطعام ما يحمله إليه بعض الخدام، وكنت أحمل إلى الرّباط فأقيم فيه سحابة يومي، وإذا برجل من أفاضل العجم يدعى محمد شريف، نزل بالرّباط، فلما رآني سأل عني فأخبر، فاصطنع لي دهنا مسّدني به في حرّ الشمس، ولفّني في لفافة من فرقي إلى قدمي، حتى كدت أموت، وتكرّر منه ذلك الفعل مرارا، من غير فاصل، فقمت على قدمي، ثم أقرأني في المنطق، والرياضي، والطبيعي، ثم أفادني اللغة اليونانية، وقال: إني لا أعلم الآن على وجه الأرض من يعرفها غيري، فأخذتها عنه، وأنا الآن فيها بحمد الله هو إذ ذاك، ثم سار [1] . فسرت إلى جبل عاملة، ثم إلى دمشق، واجتمعت ببعض علمائها، كأبي الفتح المغربي، والبدر الغزّي، والعلاء العمادي، ثم دخلت مصر وها أنا فيها إلى الآن.
قال وكان فيه دعابة وحسن سجايا، وكرم نجار [2] ، وخوف من المعاد، وخشية من الله. كان يقوم الليل إلّا قليلا، ويتبتّل إلى ربّه [3] تبتيلا.
وكان إذا سئل عن شيء من العلوم الحكمية، والطبيعية، والرياضية، أملى ما يدهش العقل بحيث يجيب على السؤال الواحد بنحو الكرّاسة.
ومن مصنّفاته «التذكرة» [4] جمع فيها الطب والحكمة، ثم اختصرها في مجلدة، وشرح «قصيدة النفس» لابن سينا شرحا حافلا نفيسا، وقرئ عليه.
قال: وأجازني إجازة طنّانة، ثم أوردها في «السّانحات» فراجعه.
وفيها المولى أحمد المشتهر بمظلوم ملك [5] .
[1] في «آ» : «ثم سافر» .
[2]
كرم نجار: أي كرم أصل. انظر «لسان العرب» (نجر) .
[3]
في «آ» : «ويتبتل إليه» .
[4]
واسمه الكامل «تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب» وهو مطبوع عدة مرات ويعرف ب «تذكرة داود» . انظر «كشف الظنون» (1/ 386- 387) و «معجم المطبوعات العربية» (1/ 491) .
[5]
ترجمته في «العقد المنظوم» ص (498) .
قال في «ذيل الشقائق» : اشتغل بالعلوم، وصار من ملازمي المولى جعفر، وتنقّل في المدارس، ثم قلّد قضاء بيت المقدس، ثم المدينة المنورة، ثم مكّة المشرّفة.
وكان- رحمه الله تعالى- عالما، فصيحا، حازما، جيد العقيدة، صاحب أخلاق حميدة ووقار واتّعاظ.
وتوفي بقسطنطينية [1] . انتهى وفيها المولى خضر بك ابن القاضي عبد الكريم [2] .
ولد بقسطنطينية المحمية، ونشأ في خدمة الفضل وذويه، وقرأ على علماء عصره، حتى صار ملازما من المولى أحمد المشتهر بمعلّم زاده، ودرّس بعدة مدارس، إلى أن قلّد المدرسة المشهورة بمناستر بمحروسة بروسة.
وتوفي مدرّسا بها، وكان من الغائصين في لجج بحار العلوم على درر دقائق الفهوم، مكبّا على الاشتغال، غير أنه لا يخلو عن القيل والقال، مطلق اللسان في السّلف، ومزدريا بشأن الخلف، مع غاية الإعجاب بنفسه، عفا الله عنه بلطفه في رمسه. قاله في «العقد المنظوم» .
وفيها باكثير عبد المعطي بن الشيخ حسن بن الشيخ عبد الله المكّي الحضرمي الشافعي [3] الإمام العلّامة [4] المحدّث المعمّر.
قال في «النور» : ولد بمكّة في رجب سنة خمس وتسعمائة، ونشأ بها، ولقي جماعة من العلماء، منهم الشيخ زكريا الأنصاري، سمع عليه «صحيح البخاري» بقراءة والده، فهو يرويه عنه سماعا كما في اصطلاح أهل الحديث، وأخذ عن
[1] أي باستانبول.
[2]
ترجمته في «العقد المنظوم» ص (502- 503) .
[3]
ترجمته في «النور السافر» ص (364- 370) .
[4]
في «ط» : «العالم» .
جماعة، وقرأ على بعض شيوخه كتاب «الشفا» في مجلس واحد من صلاة الصبح إلى الظهر [1] .
وكان عالما، مفنّنا، لطيف المحاورة، فكها، له ملح ونوادر، أديبا شاعرا، مصقعا.
ومن شعره:
قلت إذ أقبل الرّبيع ووافى
…
ورده الغض ليت ذاك نصيبي
فخدود الملاح تعزى إليه
…
وشذاه أربي على كلّ طيب
ومنه:
الورد سلطان الزّهو
…
ر وما سواه الحاشية
فللونه المحمرّ ين
…
سب حسن خدّ الغانية
وإذا تضوّع نشره
…
يهدي إليك الغالية
ومنه:
وميمات الدّواة تعدّ سبعا
…
وسبعا عدّهنّ بلا خفاء
مداد ثم محبرة مقصّ
…
ومرملة ومصمغة الغراء
ومكشطة ومقلمة مقطّ
…
ومصقلة مموّهة لماء
ومحراك ومسطرة مسن
…
وممسحة لختم وانتهاء
ومنه في القهوة:
أهلا بصافي قهوة كالإثمد
…
جليت فزينت بالخمار الأسود
لمّا أديرت في كؤوس لجينها
…
بيمين ساق كالقضيب الأملد
يحكي بياض إنائها وسوادها
…
طرفا كحيلا لا بكحل المرود
ودخل الهند بأخرة، وأقام بها إلى أن مات بأحمد أباد ليلة الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجّة.
[1] قلت: في هذا الكلام مبالغة، فقراءة التدبر والفهم والمدارسة لا تتم بمثل هذه السرعة التي ذكرها المؤلّف هنا نقلا عن «النور السافر» في كتاب ككتاب «الشفاء» الذي يحتاج إلى أيام عدة على أقل تقدير.
وفيها السيّد علاء الدّين علي بن محمد بن حمزة [1] الفقيه الشافعي المسند، قاضي القضاة الشافعية بدمشق، ونقيب الأشراف بها.
ولد يوم الخميس سادس ربيع الأول سنة ثمان وتسعمائة، وأخذ عن والده وغيره، وسمع على والده «المشيخة» التي خرّجها لنفسه بقراءة الشيخ شرف الدّين موسى الحجّاوي الحنبلي في مجلسين آخرهما يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة بمنزل والده شمالي المدرسة البادرائية، وأجازه أن يرويها عنه، وجميع ما يجوز له وعنه روايته، وقد تسلسل له فيها من المسلسلات قبل ذلك.
وممن أخذ عن صاحب الترجمة الشيخ زين الدّين الشهير بابن صارم الدّين الصّيداوي الشافعي، وروى عنه المسلسل بالقضاة.
وتوفي يوم الأحد سابع عشري القعدة الحرام، رحمه الله تعالى.
وفيها قطب شاه [2] سلطان كلكندة.
قال في «النور» : كان عادلا، كريما إلا أنه كان غاليا في التّشيّع.
وفيها- تقريبا- ولي الدّين محمد بن علي بن سالم الشّبشيري القاهري [3] الشافعي العالم الفاضل المعمّر.
قال في «الكواكب» : أخذ عن السخاوي، والديمي، والسيوطي، والقاضي زكريا، وآخرين.
وتوفي في حدود التسعين وتسعمائة، رحمه الله تعالى، انتهى.
وفي حدودها شمس الدّين محمد الصّفري القدسي [4] الشافعي الإمام العالم الواعظ بالجامع الأزهر.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 179- 180) .
[2]
ترجمته في «النور السافر» ص (371) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 66) .
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 80- 81) .
أخذ عن علماء عصره، ودأب، وحصّل، ووعظ، وأفاد، رحمه الله تعالى.
وفيها المولى محمد المعروف بصار كرز [أو غلي] زاده [1] نسبة إلى جدّه من قبل أبيه، الحنفي الرّومي.
قال في «العقد المنظوم» : نشأ في مجالس الأفاضل الأكارم، ومحافل الأماثل الأعاظم، مغترفا من حياض معارفهم، ومتأنّقا في رياض لطائفهم، إلى أن صار ملازما من المولى أبي السعود، وتنقّل في المدارس إلى أن قلّد قضاء المدينة المنوّرة، فتبرّم من ذلك، فبدّل بقضاء حلب فلم يبارك له في عمره، بل في مدة تقرب من سنتين توفي.
وكان- رحمه الله تعالى- عالما، عاملا، فاضلا، كاملا، حليما، سليما، لطيف الطبع، وقورا، صبورا، مهتما بدرسه، مشتغلا بنفسه، وله «تعليقة» على كتاب الصوم من «الهداية» و «حواش على المفتاح» من القانون الأول إلى آخر بحث الاستعارة، و «حواش على الهيئات من شرح المواقف» وله رسالة بليغة في وصف العلم مطلعها:
لك الحمديا من أنطق [2] النّون والقلم
…
فأوصافه [3] جلّت عن النّقص والعدم
وأضحك من طرس ثغورا [4] بصنعه
…
وأبكى به عين اليراع من السّقم
صلاة وتسليم على الرّوضة التي
…
تعطّر من أنفاسها المسك والشّمم
وبقيتها سجع في غاية البلاغة. انتهى
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (501- 502) وما بين الحاصرتين مستدرك منه و «معجم المؤلفين» (1/ 79) وقال حاجي خليفة في «كشف الظنون» (1/ 884) . «المتوفى سنة 990» .
[2]
في «آ» : «أطلق» .
[3]
في «آ» : «بأوصافه» .
[4]
في «العقد المنظوم» : «من ثغر طروسا» .