المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ١٠

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌سنة إحدى وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعمائة

- ‌سنة عشر وتسعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وتسعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وتسعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ست عشرة وتسعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وتسعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وتسعمائة

- ‌سنة عشرين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وتسعمائة

- ‌سنة أربعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وتسعمائة

- ‌سنة خمسين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وتسعمائة

- ‌سنة ستين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وستين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وستين وتسعمائة

- ‌سنة ست وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبع ستين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وستين وتسعمائة

- ‌سنة سبعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمانين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وتسعمائة

- ‌سنة تسعين وتسعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وتسعمائة

- ‌سنة ألف

- ‌خاتمة التحقيق

الفصل: ‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة

‌سنة أربع وخمسين وتسعمائة

فيها توفي القاضي برهان الدّين إبراهيم بن أحمد الأخنائي الشافعي الدمشقي [1] الإمام العلّامة.

كان من العلماء والرؤساء، ماسكا زمام الفقهاء، أحد قضاة العدل، يلبس أحمد الثياب وأفخرها، ويركب حسان الخيل.

اشتغل أولا على القاضي برهان الدّين بن المعتمد، ورافق تقي الدّين القاري عليه وعلى غيره في الاشتغال، وأخذ عن الكمال بن حمزة، وكانت له ديانة، ومهابة، ووقار.

وتوفي ليلة الأربعاء سابع رجب، ودفن بتربته المعمورة قرب جامع جرّاح [2] .

وفيها برهان الدّين إبراهيم بن العلّامة زين الدّين حسن بن عبد الرحمن بن محمد الحلبي الشافعي، الشهير بابن العمادي [3] الشيخ الإمام [4] شيخ الإسلام [4] .

ولد بحلب بعد الثمانين وثمانمائة، ونشأ بها، وأخذ العلوم عن جماعة من أهلها، وممن ورد إليها منهم والده، والشمس البازلي، والشيخ أبو بكر الحبيشي،

[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 78- 79) .

[2]

في «الكواكب السائرة» : «بغرب جامع جرّاح» .

[3]

ترجمته في «درّ الحبب» : (1/ 1/ 74- 83) و «الكواكب السائرة» (2/ 79- 80) .

[4]

ما بين الرقمين سقط من «ط» .

ص: 431

ومظفّر الدّين الشّيرازي نزيل حلب، وقرأ «المطوّل» وبعض العضد على البدر بن السيوفي، والفقه وغيره عن المحيوي عبد القادر الأبّار وغيرهم.

وجدّ واجتهد، حتى فضل في فنون، ودرّس وأفتى ووعظ، مع الدّيانة، والسكون، ولين الجانب، وحسن الخلق.

وحجّ من طريق القاهرة، وأخذ عن جماعة من أهلها، كالقاضي زكريا، والبرهان بن أبي شريف والنّور المحلّي، والشّهاب القسطلاني، وقرأ عليه «شرحه على البخاري» و «المواهب اللّدنية» وغيرهما، وأخذ بمكّة عن العزّ بن فهد، وابن عمّه الخطيب، وغيرهما، ولقى بها من مشايخ القاهرة عبد الحق السّنباطي، وعبد الرحيم بن صدقة، وأخذ عنهما، وأخذ بغزّة عن شيخها الشّهاب بن شعبان، ثم أكب على إفادة الوافدين إليه في العربية، والقراآت، والفقه وأصوله، والحديث وعلومه، والتفسير، وغير ذلك، وكان لا يردّ أحدا من الطلبة، وإن كان بليدا، وأفتى، وكان لا يأخذ على الفتوى شيئا، وانتهت إليه رئاسة الشافعية بحلب.

وتوفي يوم الجمعة في رجب، ودفن وراء المقام الإبراهيمي خارج باب المقام.

وفيها جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن محمد بن محمد بن فهد الهاشمي [1] المكّي الشافعي الإمام العلّامة المسند المؤرّخ.

ولد ليلة السبت العشرين من رجب سنة إحدى وتسعين وثمانمائة، بمكّة، ونشأ بها في كنف أبويه، فحفظ القرآن العظيم وكتبا، منها «الأربعين النواوية» و «المنهاج الفقهي» وسمع من السّخاوي، والمحبّ الطّبري، وأجاز له جماعة، كعبد الغني البساطي وغيره، ولازم والده في القراءة والسماع، وتوجه معه للمدينة وجاورا بها سنة تسع وتسعمائة، وسمع بها من لفظ والده تجاه الحجرة الشريفة

[1] ترجمته في «الضوء اللامع» (3/ 52) و «النور السافر» ص (241- 242) و «درّ الحبب» (1/ 1/ 434- 436) و «الكواكب السائرة» (2/ 131) و «الأعلام» (6/ 209) و «معجم المؤلفين» (3/ 107) .

ص: 432

الكتب الستة، و «الشفا» لعياض، وغيرها، وعلى السيد السّمهودي بعضها، وتاريخه «الوفا» و «فتاواه» وألبسه خرقة التصوف، ولما عاد إلى مكّة أكثر على والده من قراءة الكتب الكبار والأجزاء الصغار، وانتفع بإرشاده، وخرّج الأسانيد والمشيخات لجماعة من مشايخه وغيرهم، واستوفى ما عند مشايخ بلده من السّماع [1] ، ورحل إلى مصر، والشام، وبيت المقدس، وحلب، واليمن، وأخذ بها وبغيرها من البلدان عن نحو السبعين من المسندين، وأجازه خلق كثيرون جمعهم في مجمع حافل، ولازم الشيخ عبد الحق السّنباطي، وخرّج له «مشيخة» اغتبط بها، وكذا المحبّ النّويري وغيرهما، من الأكابر، وبرع في العلوم العقلية، والشرعية، ودخل بلاد الرّوم، ورزق الأولاد، وحدّث بالحرمين وغيرهما.

وتوفي ليلة الثلاثاء خامس عشر جمادى الآخرة.

وفيها- ظنّا- المولى داود بن كمال أحد موالي الرّوم [2] .

قال في «الشقائق» : كان عالما، فاضلا، ذكيا مدقّقا، له يد طولى في العلوم، كريم الطبع، مراعيا للحقوق، قوّالا بالحقّ، لا يخاف في الله لومة [3] لائم.

اشتغل في طلب العلم حتّى توصّل إلى خدمة المولى الفاضل ابن الحاج حسن، ثم انتقل إلى خدمة المولى ابن المؤيد، ثم ولي التداريس، ثم صار قاضيا بمدينة بروسا مرّتين، ثم اختار التقاعد، فعيّن له كل يوم مائة درهم عثماني، ولم يشتغل بالتّصنيف، ومات على ذلك.

وفيها شاهين بن عبد الله الجركسي [4] العابد الزاهد، بل الشيخ العارف بالله تعالى، الدّال عليه والمرشد إليه.

[1] في «آ» : «واستوفى ما عند مشايخه من السماع» .

[2]

ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (239) و «الكواكب السائرة» (2/ 142- 143) .

[3]

في «آ» : «لومة» ولفظة «لائم» لم ترد فيها.

[4]

ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 150- 151) و «الطبقات الكبرى» للشعراني (2/ 184) .

ص: 433

كان من مماليك السلطان قايتباي، وكان مقرّبا عنده، فسأل السلطان أن يعتقه ويخليه لعبادة ربّه ففعل، وساح إلى بلاد العجم وغيرها، وأخذ الطريق عن سيدي أحمد بن عقبة اليمني المدفون بحوش السلطان برقوق، فلما مات صحب نحو ستين شيخا ولما دخل العجم أخذ عن سيدي عمر روشني بتبريز، ثم رجع إلى مصر، وأقام بالمحل الذي دفن فيه من جبل المقطّم، وبنى له فيه معبدا. وكان لا ينزل إلى مصر إلّا لضرورة شديدة، ثم انقطع لا ينزل من الجبل سبعا وأربعين سنة، واشتهر بالصّلاح في الدولتين، وكان أمراء مصر وقضاتها وأكابرها يزورونه [1] ويتبركون به، وكان يغتسل لكل صلاة.

ومن كراماته أنه قام للوضوء بالليل فلم يجد ماء فبينما هو واقف وإذا بشخص طائر في الهواء وفي عنقه قربة ماء فأفرغها في الخابية ثم رجع طائرا نحو النيل.

وتوفي في شوال ودفن بزاويته في الجبل، وبني السلطان عليه قبّة، ووقف على مكانه أوقافا.

وفيها السيد عبد الرحمن بن حسين الرّومي الحسيني الحنفي [2] أحد الموالي الرّومية.

ولد سنة أربع وستين وثمانمائة، وقرأ في شبابه على المولى محيي السّاموني، والمولى على الفناري، وغيرهما، ثم صار مدرّسا بمدرسة جند بك بمدينة بروسا.

وكان بارعا في العلوم العقلية، مشاركا في غيرها من العلوم، محقّقا، مدقّقا، زاهدا، ورعا، راضيا من العيش بالقليل، ثم غلب عليه الانقطاع إلى الله والتوجه إلى الحقّ وترك التدريس، فعيّن له كل يوم خمسة عشر عثمانيا فقنع بها، ولم يقبل الزيادة عليها، وانقطع بمدينة بروسا، وحكى عن نفسه أنه مرض في مدينة أدرنة وهو ساكن في بيت وحده وليس عنده أحد، فكان في كل ليلة ينشقّ له

[1] في «ط» : «يزورنها» وهو خطأ.

[2]

ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (235- 237) و «الكواكب السائرة» (2/ 159- 160) .

ص: 434

الجدار ويخرج منه رجل يمرّضه ثم يذهب، فلما برئ من المرض قال له الرجل:

لا أجيء إليك بعد هذا.

وتوفي بمدينة بروسا.

وفيها محيي الدّين محمد إلياس الحنفي [1] أحد الموالي الرّومية، الشهير بجوي زاده، المولى العالم العلّامة.

قرأ على علماء عصره، ووصل إلى خدمة سعدي جلبي وبالي الأسود، وصار معيدا لدرسه، ثم تنقّل في المدارس حتى أعطي إحدى الثمان، ثم صار قاضيا بمصر، وعاد منها، وقد أعطي قضاء العساكر الأناضولية، ثم صار مفتيا بالقسطنطينية، ثم تقاعد عن [2] الفتيا، وعيّن له كل يوم مائتا عثماني، وكان سبب عزله عن الفتوى انحراف الملك عليه بسبب إنكاره على الشيخ محيي الدّين [بن] العربي، ثم صار بعد التقاعد مدرّسا بإحدى الثمان، ثم قاضيا بالعساكر الروم إيلية [3] ، وكان مرضي السيرة، محمود الطريقة، طارحا للتكلّف، متواضعا، مقبلا على الاشتغال بالعلم، مواظبا على الطاعات، مثابرا على العبادات، قوّالا بالحقّ، لا يخاف في الله لومة لائم، حافظا للقرآن العظيم، له يد طولى في الفقه، والتفسير، والأصول، ومشاركة في سائر العلوم، سيفا من سيوف الحقّ [4] قاطعا، فاصلا بين الحقّ [4] والباطل، حسنة من حسنات الأيام وله «تعليقات» ولكنها لم تشتهر.

مرض رحمه الله تعالى بعد صلاة العشاء فلم يمض نصف الليل حتّى مات.

وفيها المولى محمد بن عبد الأول التّبريزي [5] أحد موالي الرّوم الحنفي.

رأى الجلال الدّواني وهو صغير، وقرأ على والده قاضي حنفية مدينة تبريز،

[1] ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (265- 266) و «الكواكب السائرة» (2/ 28- 29) .

[2]

في «ط» : «من» .

[3]

في «الكواكب السائرة» : «الرومتلية» .

[4]

ما بين الرقمين سقط من «آ» .

[5]

ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (289) و «الكواكب السائرة» (2/ 39) و «معجم المؤلفين» (1/ 122) .

ص: 435

ودخل في حياة والده الرّوم فعرضه المولى ابن المؤيد على السلطان أبي يزيد لسابقة بينه وبين والده فأعطاه مدرسة، ثم تدريس إحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم بإحدى الثمان، وعزل ثم أعطي إحداهن ثانيا، ثم أضرّت عيناه، فأعطي تقاعدا بثمانين درهما.

وكان فاضلا، زاهدا، صحيح العقيدة، له «حاشية على شرح هداية الحكمة» لمولانا زاده.

وفيها شمس الدّين محمد بن علي بن عطية الحموي الشافعي [1] الإمام العلّامة الأوحد، المحقّق الفهّامة، شيخ الإسلام ابن شيخ الإسلام، العارف بالله ابن العارف بالله.

أخذ العلوم الظّاهرة والباطنة عن أبيه، وعن كثير من الواردين إليه، ولقّنه والده الذكر، وألبسه الخرقة، وكان قد ابتلي في صغره بسوء الفهم والحفظ، حتى ناهز الاحتلام، وفهمه في إدبار، فبينما هو ليلة من الليالي عند السّحر، إذا هو بوالده قد أخذته حالة، فأخذ في إنشاد شيء من كلام القوم، فلما سرّي عنه، خرج من بيته، وأخذ في الوضوء في إناء واسع من نحاس، فلما فرغ والده من وضوئه أخذ الشيخ شمس الدّين ماء وضوء والده وشربه فوجد بركته وتيسر عليه الفهم والحفظ من يومئذ، ولم يتوقف عليه بعد ذلك شيء من المطالب القلبية كما ذكر ذلك صاحب الترجمة في رسالته التي ألّفها في علم الحقيقة، وأكملها في سنة ثلاث وأربعين، وسمّاها «تحفة الحبيب» ، وكان يعظ بحماة بعد والده ويدرّس في العلوم الشرعية والعقلية، وتشتكي [2] إليه الخواطر فيجيب عنها.

وكان في وعظه وفصاحته وبلاغته آية.

وحجّ هو وأخوه أبو الوفا سنة ثمان وثلاثين، وعمل مجلسه بعد عوده في مجلس القصب خارج دمشق، وهرعت أهل دمشق إليه.

[1] ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 1/ 170- 177) و «الكواكب السائرة» (2/ 50- 52) و «الأعلام» (6/ 291- 292) .

[2]

في «آ» و «ط» : «وتشكي» وما أثبته من «الكواكب السائرة» مصدر المؤلف.

ص: 436

قال ابن الحنبلي [1] : ومما من الله به على صاحب الترجمة سرعة الإنشاء بحيث لو أخذ في وضوء صلاة الجمعة، وطلب منه أن يخطب لعمل على البديهة في سرّه خطبة عجيبة [غريبة] ، وخطب بها حالا، ولم يتوقف على رسمها ورقمها [2] مآلا.

قال: وكان دمث الأخلاق، جمالي المشرب، عنده طرف جذبة [3] .

وبالجملة فقد كان من خيار الأخيار [4] ، وآثاره من بديع الآثار [5]، ولله درّه فيما أنشدنيه من شعره:

تنفّس قلب الصّب في كلّ ساعة

لأكؤس همّ ذا الزّمان أدارها

إلى الله أشكو أنّ كل قبيلة

من الناس قد أفنى الحمام خيارها

وتوفي بمدينة حماة في أوائل رمضان، رحمه الله تعالى.

وفيها المولى شمس الدّين محمد بن العلّامة على الفناري الحنفي [6] أحد الموالي الرّومية.

قرأ على والده في شبابه، وبعد وفاته على المولى خطيب زاده، والمولى أفضل الدّين، وترقّى في المدارس حتى صار مفتيا أعظم، واشتغل بإقراء التفسير والتّصنيف، وألّف عدة رسائل، وحواش على «شرح المفتاح» للسيد، وغير ذلك.

وكان آية في الفتوى، باهرا فيها، وله احتياط في المعاملة مع الناس، متحرزا عن حقوق العباد، محبّا للفقراء والصلحاء، لا تأخذه في الله لومة لائم.

توفي بالقسطنطينية، ودفن بجوار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.

[1] انظر «درّ الحبب» (2/ 1/ 172) وقد نقل المؤلف عنه بتصرف وما بين الحاصرتين مستدرك منه.

[2]

لفظة «ورقمها» لم ترد في نسخة «درّ الحبب» الذي بين يدي.

[3]

في «آ» و «ط» : «جذب» والتصحيح من «درّ الحبب» مصدر المؤلف.

[4]

في «آ» و «ط» : «من أخيار الأخيار» وما أثبته من «درّ الحبب» .

[5]

في «درّ الحبب» : «من أثير بديع الآثار» وانظر حاشيته.

[6]

ترجمته في «الشقائق النعمانية» ص (229- 230) و «الكواكب السائرة» (2/ 52) و «معجم المؤلفين» (11/ 73) .

ص: 437

وفيها شمس الدّين محمد بن يعقوب الصّفدي [1] الشافعي، الشيخ الإمام شيخ الإسلام، عالم صفد ومفتيها، سبط ابن حامد.

قرأ، وحصّل في بلده وغيرها، ورحل إلى دمشق للطلب، فقرأ على الكمال بن حمزة، والكمال العيثاوي، وغيرهما، ورحل إلى مصر، فأخذ عن أكابر علمائها.

وكان كثير الرحلة إلى دمشق، شديد المحبّة لأهلها، عالما، عاملا، ذا مهابة، وجلالة، وكلمة نافذة.

توفي في أواخر ذي الحجّة بصفد.

وفيها شرف الدّين يحيى بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد العقيلي الحلبي الحنفي، المعروف بابن أبي جرادة [2]- نسبة إلى أبي جرادة، حامل لواء أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يوم النّهروان، وكان اسم أبي جرادة عامرا- كان صاحب الترجمة حسن الشكل، نيّر الشّيبة، كثير الرفاهية، ولي عدة مناصب بحلب.

مولده سنة إحدى وسبعين وثمانمائة ووفاته في هذه السنة.

[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 62) .

[2]

ترجمته في «درّ الحبب» (2/ 2/ 544- 545) و «الكواكب السائرة» (2/ 259) .

ص: 438