الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وثمانين وتسعمائة
فيها كما قال في «النور» [1] طلع نجم ذو ذؤابة كهيئة الذّنب طويل جدا له شعاع، ومكث كذلك يطلع نحو شهرين. انتهى.
قلت: قال السيوطي في كتابه «حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة» [2] ما لفظه: ذكر كوكب الذنب. قال صاحب «المرآة» : إن أهل النّجوم يذكرون أن كوكب الذنب طلع في وقت قتل قابيل هابيل، وفي وقت الطوفان، وفي وقت نار إبراهيم الخليل، وعند هلاك قوم عاد، وقوم ثمود، وقوم صالح، وعند ظهور قوم موسى وهلاك فرعون، وفي غزوة بدر، وعند قتل عثمان، وعلي، وعند قتل جماعة من الخلفاء، منهم الرّاضي، والمعتز، والمهتدي، والمقتدر.
قال [3] : وأدنى الأحداث عند ظهور هذه الكواكب الزلازل والأهوال.
قلت: يدل لذلك ما أخرجه الحاكم في «المستدرك» وصححه من طريق ابن أبي مليكة، قال: «غدوت على ابن عبّاس، فقال: ما نمت البارحة، قلت: لم؟
قال: طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدّجّال قد طرق [4] » . انتهى ما أورده السّيوطي بحروفه.
وفيها توفي المولى حامد أفندي المفتي [5] .
قال في «العقد المنظوم» : ولد بقونية، وطلب العلم في كبره بعد أن ذهب
[1] انظر «النور السافر» ص (358) .
[2]
انظر «حسن المحاضرة» (2/ 323) .
[3]
لفظة «قال» سقطت من «ط» .
[4]
رواه الحاكم في «المستدرك» (4/ 459) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه، غير أنه على خلاف عبد الله بن مسعود، وأن آية الدّجّال قد مضى.
[5]
ترجمته في «العقد المنظوم» ص (487- 489) .
شبابه، لكنه أكبّ على الطلب ولازم الأفاضل، وحصل له منهم قبول زائد، منهم المولى سعدي محشّي «تفسير البيضاوي» . وصار ملازما من المولى القادري، ثم تنقّل في المدارس من سنة أربعين وتسعمائة إلى أن قلّد قضاء دمشق فلم يمكث فيه سنة حتّى نقل إلى قضاء مصر، فأقام فيها ثلاث سنين، ثم قلّد قضاء برسه، ثم قضاء قسطنطينية، ثم قضاء العسكر بولاية روم إيلي، فاستمرّ فيه تسع سنين، سالكا أحسن مسلك وكان السلطان- لكثرة اعتماده عليه وحبه له- أراد أن يوليه الوزارة العظمى [1] ، فوافق موت المرحوم المولى أبي السعود أفندي المفتي، فأقيم مقامه، وسلّم إليه المجد زمامه، فدام في الفتوى إلى أن توفي، وذلك في أوائل شعبان، ودفن بجوار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
وفيها ميان عبد الصّمد الهندي [2] الرجل الصالح.
قال في «النور» : كان من الأخيار، عالما، فاضلا، محسنا، متواضعا، وحكي أنه كان إذا لم يكن على طهارة وثمّ أحد ممن اسمه اسم نبي لم يتلفظ باسمه تعظيما واحتراما لذلك الاسم الشريف، رحمه الله تعالى. انتهى.
وفيها شمس الدّين أبو النّعمان محمد بن كريم الدّين محمد الأيجي العجمي الشافعي الصالحي [3] نزيل صالحية دمشق، الإمام العلّامة العارف بالله تعالى.
قال في «الكواكب» : قدم دمشق وهو شاب في سنة عشرين وتسعمائة، وصحب سيدي محمد بن عراق سنين كثيرة، وتعانى عنده المجاهدات، واشتغل بالعلم قبل أن يدخل بلاد الشام، وبعده علي الشيخ الصّفوي الأيجي وغيره، وكان له يد في المعقولات، وتولى تدريس الشامية عن شيخ الإسلام الوالد، بعد ما كان بينهما من المودة والصّحبة ما لا يوصف، وانتقد على الأيجي ذلك، وعوّض الله على الوالد بأحسن منها. وكان الأيجي ملازما على الأوراد والعبادات، أمارا
[1] أي رئاسة الوزارة في أيامنا.
[2]
ترجمته في «النور السافر» ص (361) .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 37) .
بالمعروف، نهاء عن المنكر، وكان يتردد إلى الحكّام وغيرهم لقضاء حوائج الناس، وسافر إلى الرّوم مرتين. انتهى.
وكان إماما، عالما، عاملا، زاهدا، وليا من أولياء الله تعالى، له كرامات كثيرة شهيرة.
توفي بصالحية دمشق يوم الجمعة بعد الصلاة عاشر جمادى الأولى، وصلّى عليه بجامع الحنابلة قاضي قضاة دمشق حسين جلبي ابن قرا، ونائب الشام حسن باشا ابن الوزير محمد باشا، ودفن من الغد بمنزله بسفح قاسيون.
وفيها الشيخ مسعود بن عبد الله المغربي [1] المعتقد العارف بالله تعالى.
قال في «الكواكب» : صحب بدمشق الشيخ شهاب الدّين الأخ، وكان يجلس عنده في درسه عن يمينه فيقول له الأخ: يا سيدي مسعود احفظ لي قلبي [2] ، فإن جدّي الشيخ رضي الدّين كان يجلس إلى جانبه سيدي علي بن ميمون في درسه، فيقول له: يا سيدي على امسك لي قلبي، ولما دخل سيدي مسعود دمشق كان يقتات من كسب يمينه، فكان يضرب الأبواب المغربية جدرانا لبساتين دمشق، فكان يبقى ما يعمله خمسين سنة أو أكثر لا يتهدم من إتقانه لها، وأخبرت أنه عرض له جندي والشيخ في لباس الشغل، فقال له: خذ هذه الجرّة واحملها- وكان بها خمر- فحملها الشيخ معه، فلما وضعها له وجدها الجندي دبسا فجاء إلى الشيخ واعتذر إليه وتاب على يديه.
وكان لأهل دمشق فيه كبير اعتقاد، يتبرّكون به ويقبّلون يديه، وكان الشيخ يحيى العمادي يزوره.
قال النجم الغزّي: ولقد دعا لي ومسح على رأسي، وأنا أجد بركة دعائه الآن.
وتوفي- رحمه الله يوم الخميس رابع عشري شهر رمضان، ودفن بالزاوية.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 206- 207) و «جامع كرامات الأولياء» (2/ 252- 253) .
[2]
أقول: هذا من المبالغات في الكرامات، والله أعلم. (ع) .