الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وسبعين وتسعمائة
فيها كان سيل عظيم بمكّة المشرّفة بل سيول، فدخل السّيل الحرم الشريف، وعلا على الركن اليماني ذراعا، فقال مؤرّخا لذلك الأديب صلاح الدّين القرشي:
يا سائلي تاريخ سيل طمى
…
علا على الرّكن اليماني ذرا
وفيها توفي، تقريبا إن لم يكن تحديدا، برهان الدّين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم التّسيلي- بفتح المثناة الفوقية وبالمهملة وبعد المثناة التحتية لام- الصّالحي الشافعي [1] الإمام العالم المحدّث المسند العارف بالله تعالى.
أخذ عن الإمام محمد بن علي الحنفي الصّالحي الإمام، وسمع منه [2] ومن غيره [3] من الأعلام ما لا يحصى، ودأب وحصّل، وشاع ذكره، وبعد صيته بعلو الإسناد، وأخذ عنه الأعيان، منهم شيخ شيوخنا الشيخ إبراهيم بن الأحدب، وأثنى عليه بالعلم، ووصفه بالتصوف والولاية.
وبالجملة فقد كان آية من آيات الله تعالى، علما، وعملا، وزهدا، وورعا، وعلو سند، رحمه الله تعالى.
وفيها- تقريبا- شهاب الدّين أحمد بن أحمد بن حمزة الرّملي الأنصاري الشافعي [4] ، الإمام العالم العلّامة، شيخ الإسلام، تلميذ القاضي زكريا.
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 86) .
[2]
في «ط» : «منهم» .
[3]
في «آ» و «ط» : «ومن غيرهم» وما أثبته يقتضيه السياق.
[4]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 119- 120) و «الأعلام» (1/ 120) و «معجم المؤلفين» (1/ 147- 148) .
أخذ الفقه عنه، وعن طبقته، وكان من رفقاء البدر الغزّي، وأخذ عنه النور الزيّادي، والنور الحلبي [1] وأضرابهما، وأقرأ وأفتى، وخرّج وصنّف، ومن مصنّفاته «شرح الزبد لابن أرسلان» و «شرح منظومة البيضاوي» في النكاح، ورسالة في شروط الإمامة، و «شرح شروط الوضوء» وغير ذلك. قاله ولده. وقال: توفي في بضع وسبعين وتسعمائة.
وفيها حسين بن علي الحصكفي الشافعي [2] الإمام العالم.
قال في «الكواكب» : مولده سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ونظم «تصريف العزّي» وهو ابن أربع عشرة سنة، وقرّظ له عليه شيخ الإسلام الوالد. انتهى وفيها المولى عبد الباقي بن المولى علاء الدّين العربي الحلبي الحنفي [3] اشتغل بطلب العلوم، حتى وصل إلى مجلس المفتي علاء الدّين الجمالي، وصار ملازما منه، ثم تنقّلت به الأحوال إلى أن ولي قضاء حلب، ثم قضاء مكّة، ثم قضاء بروسة، ثم قضاء القاهرة، ثم قضاء مكة ثانيا.
وكان من أعلام العلماء، صاحب يد في العلوم، وربى أكابر من أعيان الرّوم.
وكان كثير العناية بالدرس، وجمع الأماثل، صاحب اشتهار كثير، حتى قيل لم يبلغ أحمد مبلغه في الاشتهار والظهور.
وكان يلقي مدة إقامته سبعة دروس أو ثمانية، لكنه كان في غاية الحرص على حبّ الرئاسة والجاه، وقد بذل في تحصيل قضاء العسكر أموالا عظيمة، منها أنه كان بنى زمن قضائه ببرسا حمّاما عاليا على ماء جار من غرائب الدنيا يحصّل منه مال عظيم في كل سنة، فوهبه للوزير رستم باشا فلم يثمر له بثمرة.
وتوفي بحلب في الطاعون ولم يعقب. قاله في «ذيل الشقائق» .
[1] كذا في «ط» و «المنتخب» لابن شقدة بنسختيه: «والنور الحلبي» وفي «آ» : «والبرهان الحلبي» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (2/ 143- 145) .
[3]
ترجمته في «درّ الحبب» (1/ 2/ 739- 743) و «العقد المنظوم» ص (360- 362) .
وفيها المولى عبد الرحمن بن جمال الدّين الحنفي، الشهير بشيخ زاده [1] الإمام العلّامة.
قال في «العقد المنظوم» : ولد بقصبة مرزيقون [2] ، وطلب العلم، وخدم العلماء، كالمولى حافظ العجمي، والمولى محمد القراباغي [3] ، وحصّل طرفا من العلم، ثم اتصل بخدمة عرب جلبي، فأخذ عنه، وأقام على قدم الإقدام، واهتم في تحصيل المعارف، فمهر في العلوم العربية، والفنون الأدبية، وتميّز في الحديث والتفسير والوعظ، ثم ولي مدرسة دار الحديث بقصبة أبي أيوب الأنصاري، وخطابة جامع قاسم باشا.
وكان حسن النغم، طيب الألحان. ومن جملة من يتغنى بالقرآن، ثم عيّن له وظائف الوعظ والتذكير في عدة جوامع، وتميّز على أقرانه.
وكان من جلّة العلماء وأكابر الفضلاء، ويكفيه من الفخر ما كتب له به أبو السعود أفندي المفتي في صورة إجازته، وهو هذا: اللهم ربّ الأرباب، مالك الرّقاب، منزل الكتاب، محقّ الحقّ وملهم الصواب، صلّ وسلم على أفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله الأوتاد وصحبه الأقطاب، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهّاب. وبعد: فلما توسمت في رافع هاتيك الأرقام زين العلماء الأعلام الألمعي الفطن اللّبيب، واللّوذعي اللّقن الأريب، ذي الطبع الوقّاد، والذّهن القوي النقّاد، العاطف لأعنّة عزائمه إلى ابتغاء مرضاة الله تعالى من غير عاطف يثنيه، والصارف لأزمة مراده نحو تحصيل زلفاه بلا صارف يلويه، الساعي في تكميل النفس بالكمالات العلية بحسب قوتيه النظرية والعملية، سليل المشايخ الأخيار، نجل العلماء الأبرار، مولانا الشيخ عبد الرحمن بن قدوة العارفين الشيخ جمال الدّين وفقه الله تعالى لما يحبه ويرضاه، وأتاح له في أولاه وأخراه ما هو أولاه وأحراه، دلائل نبل ظاهر في الفنون، ومخائل فضل باهر في
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (362- 364) .
[2]
في «ط» : «من زيقون» وهو من التحريف الطباعي.
[3]
في «ط» : «القراماني» وهو تحريف.
معرفة الكتاب المكنون، أجزت له في مطالعة الكتب الفاخرة واقتناص العلوم الزاخرة [1] التي ألّفها أساطين أئمة التفسير من كل وجيز وبسيط، وصنّفها سلاطين أسرة التقرير من كل شامل ومحيط، واستخراج ما في بطونها [2] من الفوائد البارعة، واستنباط ما في تضاعيفها من الفوائد [3] الرائعة، وسوغت له إفادتها للمقتبسين من أنوارها [الرائقة] تفسيرا وتقريرا، وإفاضتها على المغتنمين من مغانم آثارها عظة وتذكيرا، على ما نظمه بنان البيان في سمط السطور، ورقمه يراعة البراعة في طي رقها المنشور، حسبما [4] أجاز لي شيخي ووالدي المرحوم بحر المعارف ولجة العلوم، صاحب النفس المطمئنة القدسية، محرز الملكات الإنسية، المنسلخ من النعوت الناسوتية، الفاني في أحكام الشئون اللاهوتية، العارف لأطوار خطرات النفس، الواقف على أسرار الحضرات الخمس، مالك زمام الهداية والإرشاد، حجّة الخلق على كافة العباد، محيي الحقيقة والشريعة [5] والدّين محمد بن مصطفى العمادي، المجاز له من قبل مشايخه الكبار، لا سيما أستاذه الجليل المقدار، الجميل الآثار، الحبر السّامي والبحر الطامي، الصّنديد الفريد والنحرير المجيد، عمّ والدي علاء الملّة والدّين، المولى الشهير بعلي القوشجي، صاحب «الشرح الجديد للتجريد» وأستاذي العلّامة العظيم الشأن والفهامة الجلي العنوان الإمام الهمام السميدع القمقام، نسيج وحده ووحيد عهده، عبقري لا يوجد له مثال، أو حدي تضرب بمآثره الأمثال، المولى البارع الأمجد أبو المعالي عبد الرحمن بن علي المؤيد [6] المجاز له من قبل أستاذه المشهور جلالة قدره فيما بين الجمهور، المعروف فضائله لدى القاصي والداني، جلال الملّة والدّين محمد بن أسعد الدواني، المجاز له من قبل أساتذته [7] العظام، الذين من زمرتهم
[1] في «آ» و «ط» : «واختياض المعالم الزاخرة» وما أثبته من «العقد المنظوم» مصدر المؤلف.
[2]
في «آ» : «ما في مطلوبها» وفي «العقد المنظوم» : «ما في مطاويها» .
[3]
في «العقد المنظوم» : «من الفرائد» .
[4]
في «آ» و «ط» : «حيثما» والتصحيح من «العقد المنظوم» .
[5]
في «العقد المنظوم» : «محيي الشريعة والحقيقة» .
[6]
كذا في «آ» و «العقد المنظوم» وفي «ط» : «علي بن المؤيد» .
[7]
في «آ» : «أساتذة» .
والده العلي القدر سعد الملّة والدّين أسعد الصّدّيقي، المجاز له من قبل مشايخه الفهام، لا سيما أستاذه علّامة العالم مسلم الفضل بين جماهير الأمم، الغني عن التعريف على الإطلاق، المشتهر بلقبه الشريف في أكناف الآفاق، زين الملّة والدّين علي المحقق الجرجاني، وأستاذي الماجد الخطير النّقاب المحدّث النحرير، ذو القدر الأتم والفخر الأتم أبو الفضائل سيدي محمد بن محمد، المجاز له من قبل أستاذه الفاضل وشيخه الكامل، ذو النسب السّامي والفضل العصامي، المولى الشهير بحسن جلبي، محشّي «شرح المواقف» و «التلويح» و «المطول» المجاز له من جهة شيخه الأجل وأستاذه الشامخ المحل وحيد عصره وأوانه، وفريد دهره وزمانه، علاء المجد والدّين، المشهور بالمولى على الطوسي، صاحب كتاب «الذخر» وغيره، والله سبحانه أسأل مكبا على وجه الذل والمهانة ساجدا على جبهة الضراعة والاستكانة أن يفيض عليهم سجال عفوه وغفرانه، وشآبيب رحمته ورضوانه، ويهدينا سبل الهدى ومناهج الرشاد، ويقينا مصارع السوء يوم التناد، إنه رؤوف بالعباد. كتبه العبد الفقير إلى الله سبحانه [1] ، الراجي من جنابه عفوه وغفرانه، أبو السعود الفقير، عفى عنه.
وتوفي شيخ زاده في هذه السنة. انتهى وفيها بدر الدّين حسين بن السيد كمال الدّين محمد بن السيد عزّ الدّين حمزة بن السيد شهاب الدّين أحمد بن علي بن محمد السيد الشريف الحسيني الشافعي الدمشقي [2] .
ولد سنة ست وعشرين وتسعمائة، وأخذ عن والده وغيره، وكان مدرّسا في الشامية الجوانية والجامع الأموي، وفيه انحصر نسب هذا البيت من الذكور، وكانت وفاته بعد صلاة الجمعة سابع عشر [3] ذي القعدة، ودفن بتربة والده بالقرب من سيدي بلال الحبشي.
[1] في «آ» : «إليه سبحانه» .
[2]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 143) .
[3]
في «ط» : «سابع عشري» .
وفيها السيد وجيه الدّين عبد الرحمن بن حسين بن الصّدّيق الأهدل اليمني الشافعي [1] .
قال في «النور» : ولد سنة إحدى وتسعين وثمانمائة بمدينة زبيد، ونشأ بها، وقرأ القرآن، وصحب جماعة من المشايخ، ونصّبه الشيخ المعروف بابن إسماعيل الجبرتي شيخا وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وظهرت عليه آثار بركة المشايخ الصالحين، وفتح عليه فتوح العارفين، حتى لحق من قبله، وساد أهله، وتضاءلت عليه [2] المشايخ الأكابر، وشهدت له بالتقدم على الأوائل والأواخر، فأصبح فريد دهره ووحيد عصره، منقطع النّظير، متصلا بجدّه بالأثير، كثرت أتباعه وأصحابه من المشايخ والعلماء والقضاة والأمراء والوزراء والأغنياء والفقراء.
وكان كثير الإنفاق، ميسرة عليه الأرزاق، ما قصده سائل فخاب، ولا أمه وافد إلا ورجع بزلفى وحسن مآب، وهو مع ذلك على قدم التوكل والفتح الرّباني، وكان مشاركا في كثير من العلوم، وجمع كتبا كثيرة في فنون شتّى.
وكان إذا خرج من بيته تزدحم عليه الناس تلتمس بركته.
ومن كراماته أنه جاءه مريض قد عظم بطنه [3] من الاستسقاء فقرب إليه طعاما وأمره أن يأكله جميعه ففعل ما أمره فزال عنه ذلك المرض في الحال [4] .
وكراماته لا تنحصر.
وتوفي بزبيد في جمادى الأولى وقبره بها مشهور مزور، وعليه قبة حسنة.
انتهى.
وفيها علاء الدّين علي بن إسماعيل بن موسى بن علي بن حسن بن
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (275- 276) .
[2]
في «آ» : «له» وما أثبته من «النور السافر» وقد سقطت اللفظة من «ط» .
[3]
لفظة «بطنه» سقطت من «ط» .
[4]
في «النور السافر» : «فحسب إن فعل ما أمره زال عنه ذلك المرض في الحال» .
محمد الدمشقي الشافعي [1] الشهير بابن عماد الدّين، وبابن الوس- بكسر الواو وتشديد السين المهملة- الإمام العلّامة.
كان أبوه سمسارا في القماش بسوق جقمق، وولد صاحب الترجمة ليلة السبت خامس عشري رجب سنة سبع عشرة وتسعمائة، ولازم في الفقه الشيخ تقي الدّين القاري وغيره، وأخذ الحديث عن جماعات، منهم الشّهاب الحمصي ثم الدمشقي، والبرهان البقاعي، وأخذ العربية عن الشمس ابن طولون، والكمال ابن شقير، والأصول عن المولى أمير جان التبريزي حين قدم دمشق، والكلام والحكمة عن منلا حبيب الله الأصفهاني، والعربية أيضا والتفسير عن الشيخ مغوش المغربي، وأخذ عن خلائق، وحجّ، وقرأ على قاضي مكّة ابن أبي كثير، وولي نيابة القضاء بمحكمة الميدان، ثم نيابة الباب مدة طويلة، وأقامه بعض قضاة القضاة مقامه، وسافر إلى الرّوم، فعجب علماء الرّوم من فطانته وفضيلته، مع قصر قامته وصغر جثّته، وسموه كجك [2] علاء الدّين، وكانوا يضربون المثل به، وأعطي ثم تدريس دار الحديث الأشرفية بثلاثين عثمانيا.
قال ابن طولون: وهو درس متجدد لم يكن بالدار المذكورة سوى مشيخة الحديث، ثم أعرض عن نيابة القضاء، وأقبل على التدريس، وغلبت عليه المعقولات، وعمل حواشي على «شرح الألفية» لابن المصنّف.
وكان يقرئ، ويدرّس، ويفتي.
وكان يحفظ القرآن العظيم ويكثر تلاوته، وانتفع به كثيرون، منهم الشيخ إسماعيل النابلسي، والشيخ عماد الدّين، والشمس بن المنقار، والمنلا أسد، وغيرهم.
ومن شعره:
لولا ثلاث هنّ لي بغية
…
ما كنت أرضى أنني أذكر
عزّ رفيع وتقى زائد
…
والعلم عني في الملا ينشر
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 182- 186) و «معجم المؤلفين» (7/ 37) .
[2]
في «ط» : «جك» وهو خطأ.
ومنه:
قل لأبي الفتح إذا جئته
…
قول عجول غير مستأن
أدرك بني البرش على برشهم
…
قد منعوا من قهوة البن
وتوفي بدمشق بعد ظهر يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الآخر، وحضر جنازته قنالي زاده.
وفيها غرس الدّين جلبي بن إبراهيم بن أحمد الحنفي [1] الإمام العلّامة.
نشأ بمدينة حلب، وطلب العلم، وجد واجتهد، فبلغ ما قصد، وقرأ بحلب على الشيخ حسن السيوفي، ثم ارتحل ماشيا إلى دمشق، وأخذ فيها الطب عن ابن المكي، وانتقل إلى القاهرة ماشيا أيضا، فاشتغل بها على ابن عبد الغفّار، أخذ عنه الحكميات والرياضيات والعلوم العقلية، وأخذ علوم الدّين عن القاضي زكريا، وفاق أقرانه، وسار بذكره الركبان، ورفع منزلته الملك الغوري، ولما وقع بينه وبين سلطان الرّوم حضر الوقعة مع الجراكسة، إلى أن استولى السلطان سليم على الدّيار المصرية، وتم الأمر جيء بابن الغوري، وصاحب الترجمة أسيرين فعفا عنهما، وصحبهما إلى قسطنطينية فاستوطنها المترجم، وشرع في إشاعة معارفه، حتّى اشتغل عليه كثير من ساداتها.
وكان رأسا في جميع العلوم خصوصا الرياضيات، صاحب فنون غريبة.
وكان مشهورا بالبخل في التعليم، ولم يقبل مدة عمره وظيفة.
وكان يلبس لباسا خشنا وعمامة صغيرة، ويقنع بالنّزر من القوت، ويكتسب بالتطبب.
ومن مصنفاته «التذكرة في علم الحساب» و «متن» و «شرح» في الفرائض، و «حاشية على فلكيات شرح المواقف» و «حاشية على الجامي» إلى آخر
[1] مختلف في اسمه بين المصادر، وقد ترجم له صاحب «العقد المنظوم» ص (357- 360) و «درّ الحبب» (1/ 1/ 590- 594) و «إعلام النبلاء» (6/ 57- 62) .
المرفوعات، و «حاشية على شرح النّفيسي للموجز في الطب» و «شرح جزءين من تفسير القاضي البيضاوي» وكتاب في علم الزايرجة، و «شرح القصيدة الميمية» للمفتي أبي السعود، وأتي به إليه فعانقه، وأكرمه غاية الإكرام، ولما نظر إلى ما كتبه استحسنه وأعطاه جائزة سنية.
وفيها المولى محمد بن المفتي أبي السعود [1] .
ربّي في حجر والده، وأخذ عنه العلوم، حتى برع فيها، واستدل بطيب الأصل على طيب الثمر، ثم أخذ عن المولى محيي الدّين الفناري، ثم تنقّل في المدارس، إلى أن قلّد قضاء دمشق، فحسنت سيرته، ثم قضاء حلب، ثم بعد مضي سنة انتقل إلى رحمة الله تعالى في حياة أبيه وما أناف [2] عمره على أربعين سنة.
وفيها رضي الدّين أو عبد الله محمد بن إبراهيم بن يوسف بن عبد الرحمن، المعروف بابن الحنبلي الحنفي الحلبي [3] الإمام العلّامة المؤرّخ.
أخذ عن الخناجري، والبرهان الحلبي، وعن أبيه وآخرين، وقد استوفى مشايخه في «تاريخه» [4] وحجّ سنة أربع وخمسين وتسعمائة، ودخل دمشق، وانتفع به جماعة من الأفاضل بدمشق، كشيخ الإسلام محمود البيلوني، والشمس بن المنقار، وأخذ عنه جماعات، منهم العلّامة أحمد بن المنلا، والقاضي محبّ الدّين.
وكان إماما، بارعا، مفنّنا، مسندا، مصنّفا، وله مؤلفات في عدة فنون، منها «حاشية على شرح تصريف العزّي» للتفتازاني، و «شرح على النزهة في الحساب»
[1] ترجمته في «العقد المنظوم» ص (364- 366) .
[2]
في «ط» : «وما ناف» .
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 42- 43) و «إعلام النبلاء» (6/ 62- 72) و «الأعلام» (5/ 302- 303) و «معجم المؤلفين» (8/ 223- 224) .
[4]
المعروف ب «درّ الحبب في تاريخ أعيان حلب» وقد طبع في وزارة الثقافة بدمشق بين عامي 1972- 1974 بتحقيق الأستاذين محمود الفاخوري ويحيى عبارة، وهي طبعة جيدة متقنة نافعة.
و «الكنز المظهر في حلّ المضمر» و «مخايل الملاحة في مسائل المساحة» و «شرح المقلتين في مساحة القلّتين» و «كنز من حاجي وعمّى في الأحاجي والمعمّى» و «درّ الحبب في تاريخ حلب» .
ونظم الشعر فمنه قوله مضمنا:
بالله إن نشوات شمطاء الهوى
…
نشأت فكن للناس أعظم ناس
متغزّلا في هالك بجماله
…
بل فاتك بقوامه المياس
واشرب مدامة حب حب وجهه
…
كاس ودع نشوات خمر الطّاس
وإذا شربت [1] من المدام وشربها
…
فاجعل حديثك كلّه في الكاس
وله:
يا من لمضطرم الأوا
…
م حديثه المروي ري
أروي شمائلك العظا
…
م لرفقة حضروا لدي
عليّ أنال شفاعة
…
تسدى لدى العقبى إلى
وإذا شفعت لذنبه
…
ولأنت لم تنعت بلي
حاشا شمائلك اللطي
…
فة أن ترى عونا علي
وتوفي يوم الأربعاء [2] ثالث عشر [2] جمادى الأولى، ودفن بمقابر الصالحين بالقرب من قبر الشيخ الزاهد محمد الخاتوني بين قبريهما نحو عشرة أذرع.
وفيها شمس الدّين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن أبي اللطف الحصكفي الأصل المقدسي الشافعي [3] الإمام العلّامة، عالم بلاد القدس الشريف، وابن عالمها، وأخذ الخطباء بالمسجد الأقصى.
[1] في «إعلام النبلاء» : «وإذا جلست» .
[2]
ما بين الرقمين من «إعلام النبلاء» وفي «الكواكب السائرة» : «خامس
…
» وانظر تعليق محققة.
[3]
ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 10- 11) .
كان كأبيه وجدّه علّامة، فهّامة، جليل القدر، رفيع المحلّ، شامل البرّ للخاصة والعامة، كثير السّخاء، وافر الحرمة، ديّنا، صالحا، ماهرا في الفقه وغيره. تفقه على والده، ورحل إلى مصر، فأخذ عن علمائها، كالقاضي زكريا، والنّور المحلّي، ودخل دمشق بعد موت عمّه الشيخ أبي الفضل لاستيفاء ميراثه، فخطب بالجامع الأموي يوم الجمعة حادي عشري ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وتسعمائة.
وتوفي ببيت المقدس في رجب.