الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الارث الا الدية، فان القاتل لا يرث منها شيئا.
روي ذلك عن جماعة من التابعين، ومن جاء بعدهم؛ منهم: عطاء، ومكحول، والزهري، وهو رواية عن سعيد بن المسيب واليه ذهب مالك (1)، وحجتهم ما يأتي:
1-
عموم آيات المواريث، فانها أثبتت ميراث من ورثه الله تعالى فيها، فلا يستثنى منهم أحد الا بدليل، ولم يثبت في استثناء القاتل خطأ اجماع ولا دليل صحيح.
وحملوا حديث عمر على القتل العمد.
2-
ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال:((لا يتوارث أهل ملتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا، فان قتل أحدهما صاحبه عمدا لم يرث من ديته وماله شيئا، وان قتل صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته)) (2) . وذهب بعض الفقهاء الى أن القتل غير مانع وان كان عمدا.
روي ذلك عن سعيد بن جبير، وهو رواية عن سعيد بن المسيب (3)
وقد استدلوا بعموم آية المواريث؛ فانها تتناول القاتل وغيره. ولم تثبت عندهم أدلة تخص هذا العموم.
وقد عد بعض العلماء هذا القول شاذا مخالفا لاجماع الصحابة (4)
الفرع الرابع: زيادة رجل في أحد الأسانيد
اذا روي حديث بأسانيد متعددة، وكان مداره على رجل واحد، وزيد في أحد
(1) المغني 7/161، المنتقى 7/108، الاشراف 2/329 فقه الامام سعيد 3/156.
(2)
رواه البيهقي في السنن الكبرى 6/221.
(3)
المغني 7/161، فقه الامام سعيد 3/158.
(4)
أنظر المصدرين السابقين.
الأسانيد رجل ونقص من بقية الأسانيد، ولم نستطع الترجيح بين الروايات مما يدل على ان الخطأ من الذي دار عليه الاسناد فرواه مرة هكذا، ومرة هكذا، فتبين لنا ان هذا الراوي لم يضبط هذا الحديث فيحكم على الحديث بالاضطراب ويتوقف الاحتجاج به حتى نجد له ما يعضده من متابعات أو شواهد ترفعه من الضعف الى حيز القبول (1) .
مثال ذلك:
حديث: ((الفخذ عورة))
فالحديث يرويه: زرعة، عن جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ساق الزيلعي (2) الاختلاف في الحديث، ونقل عن ابن القطان قوله:((وحديث جرهد له علتان، أحدهما: الاضطراب المؤدي لسقوط الثقة به، وذلك أنهم مختلفون فيه: فمنهم من يقول: زرعة بن عبد الرحمن، ومنهم من يقول: زرعة بن عبد الله، ومنهم من يقول: زرعة بن مسلم. ثم من هؤلاء من يقول: عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول: عن أبيه، عن جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول: زرعة، عن آل جرهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وان كنت لا أرى الاضطراب في الاسناد علة، فانما ذلك اذا كان من يدور عليه الحديث ثقة فحينئذ لا يضره اختلاف النقلة عليه: الى مرسل ومسند، أو رافع وواقف، أو واصل وقاطع، وأما اذا كان الذي اضطرب عليه الحديث غير ثقة أو غير معروف فالاضطراب يوهنه أو يزيده وهنا، وهذه حال هذا الخبر وهي العلة الثانية: ان زرعة وأباه غير معروفي الحال ولا مشهوري العدالة)) .
والحديث أخرجه احمد (المسند: 3/479)، والطبراني (المعجم الكبير: 2138) من طريق سفيان، عن أبي الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن، عن جده جرهد:
(1) أنظر محاسن الاصطلاح ص204، توضيح الأفكار 2/35.
(2)
نصب الراية 4/241-242
((ان النبي صلى الله عليه وسلم مر به، وقد كشف فخذه فقال: غطها فانها عورة)) .
وأخرجه الطحاوي (شرح المعاني: 1/475) من طريق مسعر، عن أبي الزناد، عن زرعة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (المصنف: 19808) -ومن طريقه أحمد (المسند: 3/478)، والترمذي (الجامع: 5/103 رقم 2798) - عن معمر، عن أبي الزناد، قال: أخبرني ابن جرهد، عن أبيه، به. وحسنه الترمذي، وقال:((اسناده عندي ليس بالمتصل)) ، ولعله انما حسنه لما له من شواهد.
وأخرجه أحمد (المسند: 3/478)، والحميدي (المسند: 858) ، والدارقطني (السنن: 1/224) من طريق سفيان قال: حدثنا أبو الزناد، قال: أخبرني آل جرهد، عن جرهد.
وأخرجه أحمد (المسند: 3/479) من طريق أبي الزناد، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن جرهد جده ونفر من أسلم سواه ذوي رضى: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على جرهد
…
وأخرجه الطيالسي (المسند: 1176) عن مالك بن أنس، عن سالم بن النظر عن ابن جرهد: ان النبي صلى الله عليه وسلم مر به
…
وأخرجه أحمد (المسند: 3/478)، وأبو داود (السنن: 4014) والطحاوي (شرح المعاني:1/475)، والبيهقي (السنن الكبرى:2/428) من طريق مالك، عن أبي النظر: سالم بن أبي أمية، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، عن جده جرهد
…
وأخرجه الدارقطني (السنن: 1/224) من طريق سفيان، عن أبي النظر، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (المصنف: 9/118)، والحاكم (المستدرك: 4/180)
من طريق سفيان، عن سالم أبي النظر، عن زرعة بن مسلم بن جرهد، عن جده جرهد.
وأخرجه أحمد (المسند:3/478) ، والترمذي (الجامع 5/103 رقم (2797)) ، والطحاوي (شرح المعاني:1/475) من طريق محمد بن عقيل، عن عبد الله بن جرهد، عن أبيه.
وقد علقه البخاري (الجامع: 1/103 عقيب (370)) بصيغة التضعيف (1) .
فهذا الاضطراب الذي سبق بيانه قادح في صحته، ولكن هناك شواهد للحديث تجبره. منها حديث علي مرفوعا:
((لا تبرز فخذك ولا تنظر الى فخذ حي ولا ميت)) (2) .
وله شاهد آخر عن محمد بن عبد الله بن جحش مرفوعا: ((غط فخذك؛ فان الفخذ عورة)) (3) .
وله شاهد آخر عن ابن عباس مرفوعا: ((غط فخذك؛ فان الفخذ عورة)) (4) .
(1) وقال البخاري بعد أن ذكره وذكر حديث أنس: ((ان النبي صلى الله عليه وسلم حسر عن ساقه)) -قال: ((حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط، حتى يخرج من اختلافهم))
(2)
أخرجه أبو داود 3/196 رقم (3140) و 4/40 رقم (4015) واستنكره، وابن ماجه 1/469 رقم (1460) ، والحاكم 4/180، والطحاوي في شرح المعاني 1/474، وفي شرح مشكل الآثار 2/284، والدارقطني 1/225، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند 1/146، والبيهقي 3/388 وسنده ضعيف؛ فان فيه انقطاعا بين ابن جريج وحبيب، كما أعله أبو حاتم في العلل ج2/271 رقم (2380) ، وقد وجدت الرواية بتصريحه بالسماع منه كما في رواية عبد الله والبيهقي، لكنها معلولة بجهالة يزيد أبي خالد. وأنظر تعجيل المنفعة ص455
(3)
أخرجه أحمد 5/290، والحاكم 4/180. وقال عنه الزيلعي في نصب الراية 4/245 بعد أن ذكره بسند أحمد:((هذا مسند صالح)) .
(4)
أخرجه أحمد 1/275، والترمذي 5/103 رقم (2796) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/474، والبيهقي2/228 وسنده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات، لينه الحافظ ابن حجر في التقريب 2/489.