الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممن نفى جمع التقديم، والروايتان حجة على أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- ومن وافقه ممن نفى الجمع بسبب السفر أصلا.
نموذج آخر: الولي المجبر
(بمعنى هل يجوز للأب اجبار ابنته على الزواج؟)
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأول: ان البكر اذا كانت بالغة (1) فليس لأحد تزويجها بغير اذنها سواء في ذلك الأب وغيره.
نقله الترمذي عن أكثر أهل العلم، ونقله الشوكاني عن العترة، وبه قال الثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبو ثور وأبو عبيد. وهو رواية عن الشعبي، واليه ذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية. (2)
والحجة لهم:
ما رواه حسين بن محمد، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة عن
(1) أما البكر الصغيرة: فقد نقل بعض العلماء الاجماع على أن للاب تزويجها، وزاد أبو حنيفة غير الأب من سائر العصبات الا أنه جعل لها الخيار عند البلوغ اذا كانت قد زوجها غير الأب أو الجد أما الثيب اذا كانت كبيرة فقد اتفق العلماء - عدا الحسن والنخعي- على عدم جواز تزويجها بغير اذنها سواء في ذلك الأب او غيره وألحق الشافعي وأحمد - في رواية- بالكبيرة الصغيرة أيضا، والرواية الثانية عن أحمد وهي قول أبي حنيفة ومالك أن للاب تزويج الثيب الصغيرة بغير اذنها وزاد أبو حنيفة الجد وغيره من العصبات وجعل لها الخيار عند البلوغ اذا كان قد زوجها غير الاب والجد. أنظر فقه الامام سعيد 3/204.
(2)
جامع الترمذي 3/417، المغني 7/380-385، الهداية 1/44، نيل الأوطار 6/123، الجوهر النقي 7/115، المحلى 9/462، شرح السنة 9/31.
ابن عباس: ((ان جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم)(1)
وهذا اسناد صحيح. وقال الحافظ ابن حجر: ((رجاله ثقات)) (2) .
وأخرجه الدارقطني (3) ، وابن ماجه (4) من طريق معمر بن سليمان الرقي، عن زيد بن حبان، عن أيوب السختياني به.
وأخرجه البيهقي (5)، والدارقطني (6) من طريق عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري: قال حدثنا سفيان الثوري، عن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه أبو داود (7)، والبيهقي (8) من طريق محمد بن عبيد: عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا- قال أبو داود:((لم يذكر ابن عباس، وكذلك رواه الناس)) .
وقال البيهقي: ((وهذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم، عن أيوب السختياني
(1) أخرجه أحمد 1/283، وأبو داود 2/232 رقم (2096) ، وابن ماجه 1/603 رقم (1875) ، والبيهقي 7/117، والدارقطني 3/235، من طرق عن حسين بن محمد، بهذا الاسناد.
(2)
فتح الباري 9/196.
(3)
السنن 3/235.
(4)
السنن 1/603 رقم (1875 م)
(5)
السنن الكبرى 7/117.
(6)
السنن 3/234.
(7)
السنن 2/232 رقم (2097)
(8)
السنن الكبرى 7/117.
والمحفوظ: عن أيوب عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا)) .
وقال أبو حاتم الرازي -عن حديث حسين بن محمد-: ((هذا خطأ انما هو كما رواه الثقات عن أيوب، عن عكرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم -مرسلا- منهم: ابن علية، وحماد بن زيد: أن رجلا تزوج وهو الصحيح، قلت: ((يعني: ابن أبي حاتم)) . الوهم ممن هو؟ قال: من حسين ينبغي ان يكون، فانه لم يرو عن جرير غيره)) (1) .
والحاصل: أن الحديث أعل بالارسال، وبتفرد جرير بن حازم، عن أيوب، وبتفرد حسين، عن جرير:
فأما تفرد جرير، عن أيوب فمردود؛ فقد أخرجه الدارقطني (2) من طريق أيوب بن سويد: عن سفيان الثوري، عن أيوب السختياني، به. مرفوعا، فهذه متابعة والمتابعة الثانية: عند الدارقطني (3) أيضا من طريق زيد بن حبان، عن أيوب.
أما تفرد حسين بن محمد، عن جرير فمردود أيضا، فقد قال الزيلعي (4) :((وقال في التنقيح: قال الخطيب البغدادي: قد رواه سليمان بن حرب، عن جرير بن حازم أيضا، كما رواه حسين، فبرأت عهدته وزالت تبعته)) .
أما اعلاله بالارسال فقد أجاب عنه ابن التركماني بقوله: ((جرير بن حازم ثقة جليل، وقد زاد الرفع فلا يضر ارسال من أرسله كيف وقد تابعه الثوري وزيد بن حبان فروياه عن أيوب كذلك مرفوعا (5)) .
(1) علل الحديث لابن أبي حاتم 1/417.
(2)
السنن 3/235 رقم (58)
(3)
السنن 3/235 رقم (57)
(4)
نصب الراية 3/190.
(5)
الجوهر النقي 7/117-118، وبنحو هذا المعني في تهذيب السنن 3/40-41 لابن القيم
القول الثاني: ان للأب تزويج ابنته البكر بدون اذنها، ولا يجوز له تزويج الثيب الا باذنها.
وهو قول كثير من أهل العلم روي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والليث، وابن أبي ليلى، واسحاق، وهو رواية عن الشعبي.
واليه ذهب مالك والشافعي، وأحمد في رواية (1)
والحجة لهم: ما رواه ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((الأيم (2) أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها واذنها صماتها)) (3) .
وجه الدلالة:
ان الشارع قسم النساء الى قسمين: ثيبات وأبكارا، وخص الثيب بانها أحق بنفسها من وليها؛ فدل ذلك على: أن البكر بعكسها، والا لم يكن لافراد الثيب معنى.
وأجيب: بأنه لا دلالة في هذا الحديث على أن البكر ليست أحق بنفسها الا من جهة المفهوم، والمفهوم لا عموم له؛ فيحمل على البكر غير البالغة.
وأيضا: فان المفهوم عارضه منطوق الحديث نفسه، وهو قوله:((والبكر تستأذن))
(1) المدونة 4/8، الأشراف 2/90-91، مغني المحتاج 3/149، المغني 7/380- 385، شرح السنة 9/31.
(2)
الأيم في الأصل: هي التي لا زوج لها سواء في ذلك البكر والثيب والمطلقة والمتوفى عنها زوجها، والمراد بها هنا الثيب خاصة (النهاية في غريب الحديث: 1/54)
(3)
أخرجه عبد الرزاق (10283) ، والحميدي (517) ، وسعيد بن منصور (556) ، وابن أبي شيبة 4/136، وأحمد 1/219، والدارمي (2194) ، ومسلم 4/141 رقم (1421) ، وأبو داود 2/232 رقم (2098) ، وابن ماجه 1/601 رقم (1870) ، والترمذي 3/416 رقم (1108) ، والنسائي 6/84، وابن الجارود (709) .